الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قوة الأفكار . كيف يؤثرفينا المستقبل (3)

نبيل حاجي نائف

2007 / 8 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن كافة الأساطير والعقائد والفلسفات والأديان هى ناتج التصورات المستقبلية التى قامت بها عقول مميزة، وقام رفاقهم بتبنيها واعتمادها. إن غالبية المفكرين أو الكتاب "إن لم يكن كلهم" يميلون أو يسعون إلى فرض رؤياهم الخاصة عن المستقبل على غيرهم، إما أن يقولوا أن المستقبل سوف يكون رائعاً، أو مريعاً، أو غير ذلك، ويقوما بحشد البراهين التى تدعم وجهة النظر التى تبنوها، ويضعوا السيناريو الذى يدعم رؤياهم، ويفرضونه على المتلقين. فيقوم كل من هؤلاء بتبنى ما يتفق مع ميوله ودوافعه وقيمه ويرفض ما لا يتفق معها، وغالباً يسعى لتحقيق السيناريو الذى اقتنع به وتبناه.

إن الناس قسمان، الأول، هم المحافظون وهم الذين يحافظون على الموروث الفكرى أى كان ويعطونه الأولوية فى قراءة الحاضر والمستقبل، ويكون مفهومهم للحاضر والمستقبل منحازا للماضي.

والثاني، هم المجددون والمطورون وهم يسعون دائما للتغيير والتطور، ويكون مفهموهم للحاضر منحازا للمستقبل الذى يتصورونه، وحتى هذا المستقبل المتصور نفسه فانهم يغيرونه ويطورونه أحياناً. إن المستقبليين، وهم مقتنعون تماماً أن الأفكار تستطيع إزاحة الجبال، مهتمون جداً بالتنمية المنهجية للأفكار.

فتصورات المستقبل هى المخططات التى نستخدمها فى بناء حياتنا، وقد تكون أهم من المواد التى نعمل بها " أجسامنا وأسرنا ومواردنا....." فى تقرير نجاحنا وسعادتنا. فكما يمكن إشادة بناء إذا اعتقد الناس أنه سيشاد، فانه يمكن أيضاً إقامة عالم مستحب مرغوب فيه إذا أمكن تصوره بشكل صحيح. ويمكن للريادة المستقبلية أن تمنح الناس مجموعة مفيدة من المفاهيم يمكن أن تساعدهم فى التعامل مع عالم سريع التغيّر، وتشمل هذه المفاهيم على:

ا - المستقبل ليس ثابتاً فهو يشمل على مجموعة منوعة من البدائل نستطيع منها اختيار ما نريد أن ندركه ونفهمه،
ب - التغيرات الصغيرة تصبح بمرور الوقت كبيرة،
ج - عالم المستقبل على الأرجح مختلف جذرياً من نواحى عديدة عن عالم الحاضر،
د - الأساليب والطرق الناجحة فى الماضى ربما لا تفيد فى المستقبل بسبب الظروف المتغيرة. يمر العنصر البشرى الآن بأسرع تغيير فى تاريخه، إلا أن ثمة القليل من الاتفاق على "أين يقود هذا التغيير" أو "ماذا قد يكون معناه ونتيجته النهائية".

ولكننا نعلم مؤكداً، فقط، أن إعصاراً من التغير يجتاح المؤسسات الإنسانية كافة، وليس ثمة من قوة معروفة تستطيع إيقاف التحول الشامل.

إن التغير الهائل فى حياة الناس يبين سرعة هذا التحول. والكثير من المفكرين يعون وعياً تاماً أن الحياة الإنسانية تتغير الآن تغيراً جذرياً.

بعد نشر كتاب ألفين توفلر "صدمة المستقبل" عام 1970 دخلت ظواهر التغير الجذرى وعى الكثير من الناس فى جميع أنحاء العالم، ولكن الآن يظهر أن التغير الحاصل أكبر وأسرع وأشمل مما تصوره توفلر، فالتغير يتوالد ويتكاثر بنفسه، فيتسابق أسرع وأسرع فى حياتنا. واليوم يبدو التغير أنه الشيء الثابت الوحيد فى حياتنا. وباختصار، فإن التغير عملية تتغذى على نفسها، فكل تغير يقود إلى المزيد من التغيرات.

واليوم يعانى أناس كثيرون من صدمة المستقبل بسبب وتيرة التغير السريع، فهم انسحبوا من عالم بات غريباً عليهم ويستحيل فهمه "ماضيهم الموروث" وباتوا، إلى حد كبير، غير أكفاء للتعامل مع عالم اليوم، فإذا تسارعت وتيرة التغير "كما يبدو محتملاً جداً" فإن المزيد من الناس قد يصبح إلى حد ما غير كفؤ فى التعامل مع الحياة.

لذلك على الناس كى يعيشوا حياة ناجحة أن يتعلموا تقبّل حقيقة أن المجتمع يتغير، وأن الريادات المستقبلية وسائل فعل ذلك، فجعل الناس يألفون الأشياء التى قد يواجهونها مستقبلاً يساعد على توفير التهيئة النفسية.

دور التكنولوجيا

ويعزى التغير الشامل والسريع الذى نتعرض له الآن إلى تقدم التكنولوجيا. وكثيراً ما يظن أن التكنولوجيا تتألف من أشياء مثل الآلات والكيماويات، ولكنها، وبالمعنى الأوسع، تشمل كل المعرفة العلمية ومنها معلومات عن أى النباتات هى الأصلح للأكل، وأى الحشرات تحمل أمراضاً، وكذلك الكلمات والبنى القواعدية التى نتواصل بها، ونماذج الواقع التى نفكر بها، و الترتيبات الاجتماعية التى وجدناها فعالة. وبالمعنى الأوسع يمكن تعريف التكنولوجيا بأنها القدرة على فعل الأشياء، ولا يستثنى إلا المعرفة غير العلمية وقيمنا وتقييماتنا.

لقد كانت المهن التى يزاولها الإنسان بضع مهن، وكان يرثها من آبائه وأجداده، وصارت تتزايد خلال الزمن، وكان نشوء مهن جديدة قليل الحدوث، ويتم كل بضع عشرات من السنين أو حتى كل مئة سنة، فصار زمن نشوء المهن الجديد يتناقص وتزايد هذا التناقص، ونشأت وظائف متعددة والاختصاصات فى كافة المجلات، والآن أصبحت سرعة نشوء المهن الحديثة يستلزم أن يقوم العامل أو المهنى بتطور نفسه بواسطة التعلم والدورات كل بضع سنين ليواكب التغيرات السريعة الجارية إن تأثيرات التقنية أدت لتغير الكثير من المهن وخلقت مهن جدية لا حصر لها، فالنمو السريع فى التغيرات التقنية يجعل المهن القديمة شيئاً من الماضى لأن هناك مهناً جديدة ستحل محلها، وفى المتوسط سيغير الناس مهنهم أو يطوروها كل عشرة أعوام، وهذا لم تستوعبه الكثيرون منا، فما زالوا يعتمدون المفاهيم القديمة عن المهن التى يعرفونها.

يبدو أن العالم الآن مندفع إلى حالة يمكن أن يوصف فيها بأنه محفوف بالمخاطر.

وكثيراً ما يوصف العالم الحالى بأنه خرج على السيطرة، أو بأنه حالة فوضى عالمية، وهذه الرؤى المفزعة تبدو منحازة، لأننا نشهد أيضاً زيادة مستمرة فى التقدم التكنولوجى وفى مستوى التعليم على نطاق العالم، وكذلك نشهد تقدم بمستوى دخل الفرد بشكل عام، وثقة محدودة بالهياكل الاجتماعية المحددة، وصعود العقلانية فى تنظيم العمل والتمويل والسياسة والأخلاق والدين. وكان استخدام المنتجات التكنولوجية المختلفة على مستوى العالم هو اتجاه لتشكل ظاهرة العولمة التى باتت تحيط بكل شيء











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نواكشوط تعلن اقتناء جيشها مسيرات وأسلحة متطورة، لماذا؟


.. مندوبة بريطانيا بمجلس الأمن: نحن فى أشد الحاجة لتلبية الحاجا




.. الجيش الإسرائيلي ينشر مقطعا لعملية تحرير 3 رهائن من غزة| #عا


.. عاجل | مجلس الأمن يتبنى قرارا أمريكيا يدعو لوقف إطلاق النار




.. نتنياهو يلتقي وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في القدس