الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كركوك بين الحل الوطني ومخاطر التدويل

منذر الفضل

2007 / 8 / 3
القضية الكردية


-1-
تسلسل الاحداث التاريخية

لن نتطرق في هذه السطور الى تفاصيل موضوع كركوك تاريخيا وجغرافيا وقانونيا , فقد سبق ان بينا موقفنا هذا في مؤتمر لندن المنعقد عام 2001 والخاص بمدينة كركوك وتولت الجهة المنظمة للمؤتمر طباعة جميع البحوث والمداخلات في كتاب متخصص و طبع بحثنا في الكتاب كما نشر على مواقع متعدده على شبكة الانترنيت تحت عنوان (حقوق الانسان والتنوع الاثني في مدينة كركوك) ثم أكدنا موقفنا بوضوح أيضا في بحوث اخرى منها ( مدينة كركوك ..المشكلات الاساسية والحلول القانونية), وفي دراسة اخرى تخص الوضع القانوني لمدينة كركوك في ظل العراق الفيدرالي , ولذلك سيكون بداية التسلسل التاريخي الذي له صلة بموضوع الحل الوطني لملف كركوك منذ توقيع اتفاقية اذار عام 1970 باعتبارها وضعت اساسا لحل القضية الكوردية ولو طبقت هذه الاتفاقية في حينها بنوايا سليمة لتعززت فرص السلام بصورة أكبر وما حصلت هذه الحروب والكوارث على العراقيين .

إن مدينة كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها و التي تعرضت للتغيير الديموغرافي من وتعريب وتغيير في الهوية واقتطاعها من الحدود الادارية لكوردستان , إنما هي قضية عراقية , أي هي شان داخلي عراقي يتولى الدستور العراقي والقوانين العراقية حل جميع الاشكالات المتعلقة بها بطريق سلمي ومنصف من العراقيين والعراقيين فقط . والسبب في ذلك لانها تعد قضيتهم التي تمس سيادتهم الداخلية والخارجية . كما لا يجوز ان يلجأ أي طرف سياسي أو غير سياسي الى جهة أو دولة عربية أو أجنبية لحل أيه مشكلة صغيره أو كبيره لأن هذا اللجوء الى مرجعية خارج الحدود يشكل مثلبا كبيرا على الطرف الذي يتجاوز الحل العراقي ومساسا في جوهر المصلحة الوطنية العراقية وانتقاصا يمس الارادة الوطنية .

و يعرف الكثيرون من المتابعين كيف إن مفاوضات تطبيق إتفاقية أذار عام 1970 بين القيادة الكوردية وحكومة البعث في بغداد قد فشلت بسبب سياسة الغدر التي مارسها حكم البعث المعروف بعدوانيته ضد الكورد وغير الكورد أيضا وقد كان من بين اسباب إنهيار تطبيق اتفاقية أذار لعام 1970 هو التنصل من تنفيذ ما وعد به النظام السابق وفشل المفاوضات في حل قضية كركوك التي كانت إحدى العقد الاساسية لصنع السلام في العراق , مما أدى الى لجوء حكم البعث الى إرسال صدام الذي كان يشغل منصب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة الى الجزائر لتوقيع اتفاقية 6 أذار سيئة الصيت عام 1975 مع نظام شاه إيران وبرعاية الرئيس الجزائري هواري بومدين , ووفقا للاتفاقية فقد تنازل حكم البعث عن نصف شط العرب الى إيران لقاء وقف دعم الثورة الكوردية , حيث كانت هذه الاتفاقية المشؤومة وبالا على العراقيين وعلى دول الجوار والسلام العالمي .

إذ لو أستجاب نظام البعث لصوت الحكمة والعقل وحل قضية مدينة كركوك بنوايا حسنة وكذلك حل بقية المشكلات التي عرضها الوفد الكوردي المفاوض أنذاك , ما حصل الذي حصل من دورة كارثية للعنف والحروب التي ما يزال العراقيون ودول المنطقة يعانون منها . ولا ننكر إن هناك البعض من الشخصيات الحزبية في حكم البعث أنذاك ممن كان يسعى لحل القضية الكوردية وتامين حقوق الشعب الكوردي بصورة دستورية وسلمية وبنوايا صادقة مثل عبد الخالق السامرائي الذي أعدمه صدام فيما بعد باتهامات باطلة بعد محاكمة صورية .

لقد فرط صدام بالسيادة العراقية بتوقيعه على إتفاقية الجزائر حين تنازل عن نصف شط العرب فضلا عن بعض المناطق الحدودية وقد استشعر لاحقا هذا الخطأ الفادح , وحين تولى حكم العراق عام 1979وسنحت له الفرصه في عام 1980 , شن حربا ضروسا ضد إيران دامت 8 سنوات في محاولة يائسه لاسترجاع ما فرط به في إتفاقية الجزائر عام 1975 ومن ثم تبع ذلك بعد سنتين من وقف الحرب مع إيران إحتلال دولة الكويت في 2 أب من عام 1990 مما أضطر المجتمع الدولي الى إصدار قرار مجلس الأمن بتحرير الكويت من هذا الاحتلال والذي تم في 28 شباط من عام 1991 ومن ثم تبعه حصار إقتصادي دام ما يقارب 15 عام تضرر منه العراقيون بصورة بليغه حتى تم تحرير العراق في 9 نيسان من عام 2003 .

وهذا التسلسل التاريخي الموجز يشير الى توالي الكوارث واحدة بعد الاخرى بسبب انعدام حسن النوايا والبعد عن الحكمة والتعقل وعدم حل المشكلات الوطنية بالحوار وفهم الآخر ووفقا لقواعد العمل الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة , وبخاصه فهم حقوق الشعب الكوردي وضرورة إحترامها وتجنب العدوانية والغرور الذي خرب العراق ودمر ثرواته بسبب الحروب التي جاءت نتيجه لهذه السياسة الفاشلة الظالمة . فالكورد هم شركاء في الوطن وفي السلطة وهم يشكلون القومية الثانية في العراق وحرموا طوال سنوات من حقوقهم السياسية والثقافية والتاريخية وفي مقدمة هذه الحقوق حقهم في تقرير المصير , فالتعايش لا يفرض بالقوة وانما يبنى على اساس من التفاهم والتسامح واحترام الحقوق .

كما ان هذا التسلسل التراجيدي لآحداث كارثية سببتها السياسة العدوانية القائمة على الغدر وسوء التقدير والفردية في القرار من جانب حكم البعث المقبور يجب عدم تجاهلها أو تجاوزها وانما يجب الاتعاظ من دروسها والاستفادة من الاخطاء التي أرتكبها ذلك النظام لكي لا تتكرر المآسي التي لا يزال العراقيون يدفعون ثمنها غاليا .

فهل يتعظ الساسة العراقيون من أخطاء الماضي ويتجنبون الكوارث بحل قضاياهم بطريق الحوار الوطني وباحترام القانون وبالرجوع الى المرجعية الدستورية والقانونية ؟ وهل من المصلحة أن تحل قضايا وطنية جوهرية وحساسة من خلال طرف دولي أو إقليمي ؟

-2-
الحل الوطني والدستور العراقي


حددت المادة 58 من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية خارطة الطريق لحل قضية كركوك والمناطق المتنازع عليها مثل سنجار ومخمور ومندلي وزرباطية وخانقين وغيرها فضلا عن ان المادة المذكورة وضعت قواعد لحل الاشكاليات المتعلقه بعمليات تغيير القومية التي مارسها النظام المقبور ضد الكورد والتركمان وكل ما يتعلق بعمليات الصهر القومي وممارسات التعريب والتهجير . ومن ثم انتقلت هذه المادة الى نص الماده 140 من الدستور العراقي لعام 2005 باستثناء ما ورد في الفقرة أ من المادة 58 وهو أول دستور دائم من جمعية وطنية عراقية منتخبه من العراقيين وقد نجح الدستور بالاستفتاء عليه مما وجب إحترام نصوصه والا ما معنى كتابه الدستور ؟ وما معنى الاستفتاء ؟ ولماذا التعديل على كثير من نصوصه بينما الحبر الذي كتب به الدستور لم يجف بعد ؟ أليست هذه مهزلة الحكم في العراق ؟ أليس كثرة التعديلات على الدستور دليل على صراع سياسي للارادات من أجل مكاسب سياسية على حساب إرادة الملايين الذين قالوا نعم للدستور ؟

ففي ظل حكومة إبراهيم الجعفري , تم تشكيل لجنة لتطبيق المادة 140 من الدستور العراقي وقد اسندت رئاسة هذه اللجنة الى السيد حميد مجيد موسى وفعلا خصصت مبالغ قدرت ب 200 مليون دولار لاغراض عمليات التطبيع والاجراءات الاخرى , الا ان هذه اللجنة لم تستلم اي مبلغ من التخصيصات سالفه الذكر مما تعذر على السيد حميد موسى الاستمرار في هذه المهمة وحين شكلت حكومة السيد المالكي جرى تشكيل اللجنة برئاسة وزير العدل السابق السيد هاشم الشبلي الذي مارس عمله واصدر اربع قرارات على طريق تفعيل نص المادة 140 من الدستور ويمكن الاطلاع على هذه القرارات على الرابط التالي :
all_resolutions about kirkuk.pdf (888.0 KB)

وعقب صدور هذه القرارات , بينا موقفنا القانوني بان مصادقة السيد رئيس الوزراء تكفي لنفاذ هذه القرارات ولا حاجة الى عرضها على مجلس رئاسة الجمهورية ولا على مجلس النواب , اذ لا يوجد نص يوجب ذلك لا في الدستور ولا في القانون .وفعلا قام السيد نوري المالكي بالمصادقة على القرارات المذكورة دون عرضها على الاطراف سالفة الذكر وكانت بداية سليمة للمباشرة بالخطوة الاولى من خارطة الطريق وهو تطبيع الاوضاع غير ان هذه المسيرة تعثرت مرة أخرى .

فقد استقال السيد هاشم الشبلي من منصبه كوزير للعدل لظروف خاصة ومن رئاسة اللجنة 140 كذلك وظل منصب رئاسة اللجنة شاغرا حتى نهاية تموز 2007 حيث عين مجلس الوزراء السيد رائد فهمي رئيسا جديدا لهذه اللجنة وهو من الكوادر القديمة للحزب الشيوعي العراقي بينما لم يحظ ترشيح قائمة التحالف الكوردستاني للدكتور موفق الربيعي بالقبول لتولي رئاسة هذه اللجنة ويبدو ان اعتراضا حصل على اسم الدكتور الربيعي .

حصل تلكؤ كبير في أعمال لجنة تطبيق المادة 140 من الحكومات المتعاقبه ما بعد الحاكم المدني بول بريمر فلم يجر تطبيع ولا استفتاء ولا عمليات الاحصاء وفقا للبرنامج الزمني المطلوب كما لم تتمكن حكومة السيد المالكي من إحترام تنفيذ الفقره 22 من برنامج حكومته المتعلقة بالجدول الزمني لتطبيق المادة 140 الخاصة بمدينة كركوك والمناطق المتنازع عليها . فهل يجوز ان يجري تدويل كركوك والمناطق المتنازع عليها بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة الفيدرالية في بغداد ؟ وهل يصح ان تسيس هذه الماده الدستورية من الدستور العراقي وتذهب بعض الاطراف السياسية الى الاستنجاد بالاجنبي من اجل الحصول على مكاسب سياسية ؟ وهل يصح اللجوء الى تركيا او جامعة الدول العربية او مجلس الامن الدولي لحل هذه الاشكالية ؟

الجواب بكل بساطة , من الخطأ تدويل مدينة كركوك والمناطق المتنازع عليها لان هذا الموضوع إنما هو قضية عراقية داخلية يجب على جميع الاطراف المعنية إحترام الدستور وتطبيق خارطة الطريق وعند وجود خلافات في تفسير الدستور او تطبيق الماده او خلافات في تطبيق القانون العراقي فانه من الصواب الاتجاه الى الحل الوطني وذلك باللجوء الى المحكمة الاتحادية العليا لحل هذه الاشكاليات – إن وجدت الضرورة لذلك - لانها محكمة عراقية مشكلة من قضاة عراقيين ولان الحل الوطني يمنع اي طرف خارجي من التدخل بالشان الداخلي العراقي ولان هناك مخاطر كبيرة من الاتجاه الى التدويل سواء بتدخل طرف دولي او عربي او اسلامي او غير ذلك لانه سيزيد من تعقيد المشكلة ولن يحل الموضوع وعندها ستستمر دوامه العنف والعنف المضاد في وقت يوجب على كل الاطراف ذات العلاقة المزيد من الحكمة وبذل جهود الحوار وتوفير حسن النوايا لحل هذه الاشكاليات على الارض العراقية ومن عقول عراقية ووفقا للدستور والقانون العراقي وبخلاف ذلك فان قضية تدويل كركوك والمناطق المتنازع عليها ستشكل سابقة خطيرة تسمح بعرض القضايا الوطنية على مرجعيات غير عراقية في اية عقده من العقد السياسية او غير السياسية .هذا فضلا عن ان المادة 140 نصت على مراحل وخيارات حل المشكلات ومن بينها خيار اللجوء الى محكم غير اننا نفضل اللجوء الى القضاء العراقي بدلا من خيار التحكيم عدا حالة الضرورة .

-3-
موقف مجموعة حل الازمات الدولية
International Crisis Groupas

تعتبر هذه المنظمة غير الحكومية والمستقلة ليست ربحية يعمل بها عشرات الاشخاص المتخصصين في بحوث ميدانية في خمس قارات ولها مكاتب في واشنطن وبروكسل ولندن وروسيا والاردن ومناطق اخرى لبحث المشكلات الساخنة ومحاولة ايجاد الحلول لها بتقديم توصيات الى صناع القرار سواء في مجلس الامن الدولي أم الى واشنطن ام الى الاطراف ذات الشان في القضية موضوع البحث ومصدر تمويل انشطتها من أطراف دولية متعددة حكومية وغير حكومية .

ففي 8 نيسان من عام 2004 نشرت هذه المنظمة تقريرا عن كركوك – تقرير رقم 26 – وملخص التقرير جاء فيه مايلي : ان القيادات الكوردية اعترضت على قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية لانه اخرج مدينة كركوك من الحدود الادارية لاقليم كوردستان وان هناك صراعا سياسيا بينهم وبين العديد من العرب بخصوص موضوع كركوك التي تعتبرها تركيا خطا احمر بالنسبة لها لشكوكها بمطالبة الكورد بالاستقلال اذا سيطر الكورد على منابع النفط في كركوك وهو ما سيثير مشاكل لتركيا التي تعاني من مشكلات مع القومية الكوردية في تركيا , وقد اصدرت المنظمة توصيات الى الزعامات الكوردية والى الامم المتحدة والى حكومة الولايات المتحدة الامريكية .وللمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع الى الرابط التالي للاطلاع على تفصيلات التقرير باللغتين الانجليزية والعربية
http://www.crisisgroup.org/home/index.cfm?id=2584&l=6



في شهر حزيران من عام 2006 إستلمت رسالة شخصية من مجموعة حل الازمات الدولية
يطلب فيها رئيس المجموعة بيان موقفي القانوني من قضية كركوك , وقد بينت له الموقف من النواحي التاريخية والقانونية والجغرافية قائلا بأنها مدينة كركوك تقع ضمن حدود إقليم كوردستان الادارية وانها تعرضت لسياسة منهجية في التعريب وتغيير الهوية وتعديل الحدود الادارية من حكم البعث السابق وهي مدينة ذات اغلبية كوردية تاريخيا وانها تضم قوميات مختلفة متعايشة وان الحل الصحيح لهذه القضية يكون بتنفيذ أحكام المادة 140 من الدستور العراقي وتطبيق الجدول الزمني الوارد في الفقره 22 من بيان حكومة السيد نوري المالكي , علما إن الرأي القانوني الذي ارسلته للمجموعة اقتبسته من محاضرة كنت قد ألقيتها في لندن عام 2001 , وأساس الرأي منشور في محاضرة لي القيتها باللغة الانكليزية في الولايات المتحدة الامريكية عام 2005 ومنشورة على الموقع الشخص لي :
http://www.fadhal.net/6163/arte3.htm

فوجئت برسالة مع تقرير من السيد رئيس المجموعة يوم 18 تموز 2006 يوصي بها حل القضية وفقا للتوصيات التالية مع إدراكنا بأن هذه المنظمة ليس من اختصاصتها ان تتدخل في قضية عراقية رسم العراقيون حلولا لها في الدستور الجديد :
جاء في التقرير رقم 56 تحت عنوان ملخص العراق والاكراد : المعركة حول كركوك
(( تتجه الأنظار كلها نحو جهود تحقيق الاستقرار في العراق، النزاع الذي تلوح نذره في كركوك ما زال خطيراً، كما أنه مهمل بشكل خطير. ذلك الصراع الذي يدور بين أطراف متساوية حول الثروات النفطية، والتنافس العرقي حول الهوية بين الكرد والتركمان والعرب والطوائف الآشورية – الكلدانية، وصدامات كبيرة بين أمتين، العرب والأكراد. وبالنظر للمخاطر العالية، فليس في وسع المجتمع الدولي البقاء ساكناً، تاركاً الوضع ينزلق إلى الفوضى بتجاهل ما يجري، ويتعين عليه التقدم وطرح حل يرضي الاهتمامات الأساسية لجميع الأطراف ويمنع التعدي على الخطوط الحمراء التي تمس وجودهم. النتيجة الحيوية التي يمكن التفاوض عليها، والتي يتعين على مبعوث خاص للأمم المتحدة التوسط بها بين زعماء الطوائف التي تعيش في كركوك مع ممثلين عن الحكومة الفدرالية وحكومة إقليم كركوك، يمكن أن تعتمد على الشروط التالية:
• تأجيل الاستفتاء الذي ينص عليه الدستور حول الوضع الشرعي لكركوك، والذي يمكن أن يفاقم التوتر في ظل الأجواء السائدة اليوم؛
• تصنيف محافظة كركوك كمنطقة فدرالية قائمة بذاتها، لا تقع تحت حكم المنطقة الكردية أو مباشرة تحت سيطرة الحكومة الفدرالية لفترة مؤقتة؛
• ترتيبات لتقاسم السلطة بين طوائف كركوك الأربعة الرئيسية؛
• مواصلة تصحيح المظالم السابقة، بما في ذلك العمل على إعادة من تم طردهم بالقوة من قبل الأنظمة السابقة؛ وتقديم تسهيلات وتعويضات للذين جلبتهم الأنظمة السابقة (بما في ذلك ذراريهم) الذين يوافقون على المغادرة طوعاً؛ وحل النزاعات حول الملكيات عن طريق الآلية القائمة، وعملية يمكن بواسطتها إما إعادة مقاطعات كركوك إلى محافظة كركوك أو بقائها كما هي.))

ورفعت المجموعة هذه التوصيات الى كل من الحكومة العراقية ومجلس النواب وممثلي الطوائف في كركوك وحكومة اقليم كوردستان الاقليمية والى الحكومة التركية ومجلس الأمن وحكومة الولايات المتحدة الامريكية , ولا نعلم من الذي كلف هذه المنظمة تقديم مثل هذه التوصيات التي تنتهك الدستور وتعطل فقراته التي وافق عليها اغلبية العراقيين في استفتاء عام جرى تحت رقابة دولية ؟ أليس هذا تعقيدا للمشكلة وتدويلا لها باشراك بعض الدول التي لا علاقة لها في هذه القضية العراقية ؟
حسب علمي لم تكلف أية جهة عراقية هذه المنظمة لتقديم شروطها أو توصياتها بخصوص كركوك , فهل استحال الحل الوطني لهذه القضية حتى تلجأ الاطراف العراقية الى منظمة دولية لمساعدتها على الحل ؟ إذ إن أول نقد يوجه لهذا التقرير أو غيره هو أن يصار اولا الى تنفيذ أحكام الدستور العراقي وبخاصة المادة 140 واحترام خارطة الطريق فيها فضلا عن الفقرة 22 من برنامج حكومة المالكي فأن عجزت عن ذلك ربما يصار الى تنفيذ الخطوات الاخرى المرسومة في المادة 140 . أما تجاوز الدستور الوطني بتقديم حلول وشروط من طرف أجنبي لحل قضية وطنية فهو اسلوب غير سليم ولا يرضي أطراف الموضوع ويؤسس لسابقة تمس الارادة الوطنية .
وفي 19 نيسان من عام 2007 نشرت مجموعة حل الازمات الدولية تقريرها رقم 64 تحت عنوان : العراق والاكراد ..حل أزمة كركوك , وقدمت توصياتها الى الحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان والى جميع الاحزاب في كركوك والى حكومة الولايات المتحدة والى بعثة الامم المتحدة في العراق والى الحكومة التركية وكذلك حزب العمال الكوردستاني ...! وللمزيد من التفاصيل باللغتين الانجليزية والعربية عن هذه التوصيات ومنها توصية تأجيل الاستفتاء على كركوك راجع :
http://www.crisisgroup.org/home/index.cfm?id=4782&l=6
ولا نجد تفسيرا في اشراك حزب العمال الكوردستاني بقضية عراقية كفل الدستور حلها ؟
ثم صدر تقرير بيكر- هاملتون وقد تناولت الفقره 30 منه قضية كركوك , والتي اعتمدت على توصية مجموعة حل الازمات الدولية في تاخير الاستفتاء حول كركوك , مما يعد تعطيلا للدستور العراقي , حيث ورد فيها مايلي :
30 - في ضوء الوضع الخطير في كركوك، هناك ضرورة للتحكيم الدولي لتجنب العنف الطائفي. فكركوك يمكن ان تكون برميل بارود. وإجراء استفتاء حول مصير كركوك قبل نهاية عام 2007، كما يقضي الدستور العراقي، سيكون انفجاراً، لذا يجب تأخيره. وهذه مسألة يجب أن تدرج على جدول أعمال «المجموعة الدولية لدعم العراق» في اطار عملها الديبلوماسي.






-4-
الجبهة التركمانية ومؤتمراتها حول كركوك

أغلب الاحزاب والقوى الوطنية التركمانية هي مع تفعيل المادة 140 من الدستور لانهم يرون فيها الحل الصائب لحل المشكلات التي نصت عليها المادة المذكورة لاسيما وإن التركمان كانوا من ضحايا النظام السابق أيضا وتعرضوا الى عمليات الترحيل والتعريب , عدا جماعة منهم تتمثل بالجبهة التركمانية المرتبطة بتركيا والتي لها موقف مغاير يتمثل برفض تطبيق هذه المادة .

لقد عقدت في اسطنبول خلال الأعوام 2006 و2007 مؤتمرات متعددة وبحضور اطراف عراقية حول كركوك لدوافع عديدة , وفي الربع الأول من هذا العام 2007 وبدعم من الحكومة التركية ومشاركة الجبهة التركمانية عقد في واشنطن مؤتمر دولي حول ملف كركوك وكذلك إنعقد مؤتمر اخر في بروكسل باعتبارها عاصمة الاتحاد الاوربي , كما طلبت الجبهة التركمانية من جامعة الدول العربية ومن أمينها العام عمرو موسى التدخل لحل موضوع كركوك من خلال حل عربي للقضية وارسلت وفدا للجامعة العربية .
ولم يستقبل الامين العام لجامعة الدول العربية وفد الجبهة التركمانية وانما قابلت السيد على الجاروشي السفير في الجامعة في 26 تموز 2007 الذي استمع للوفد الذي سلمه رسالة من السيد سعد الدين أركيج مسؤول الجبهة التركمانية .
وكانت الجبهة التركمانية قبل هذه التواريخ قد عقدت مؤتمرات وندوات عدة في بعض الدول العربية منها مصر , وأهمها التي جرت في جامعة الزقازيق , كما وعقدت لقاءات مع بعض الصحفيين والكتاب المصريين أمثال فهمي هويدي ومصطفى بكري المعروف للجميع بعمالته للطاغية المقبور صدام , ومن الملاحظ إن الطابع الذي كان يسود معظم هذه المؤتمرات واللقاءات هو طابع عدائي واستفزازي للكورد ويبتعد عن اسلوب التآخي والتعايش السلمي المطلوب .

تسعى الجبهة التركمانية المدعومة من تركيا الى تدويل ملف كركوك وتمارس دورا يعكر الاجواء والظروف السياسية العراقية بهدف الحصول على مكاسب من خلال خلط الاوراق وتعطيل الدستور وتحاول بكل السبل جر تركيا الى مسرح المشكلة في كركوك , وقد أفصحت عن ذلك مرارا وتكرارا , وقد دعى علنا علي مهدي والذي يشغل وظيفة عضو مجلس محافظة كركوك ونائب رئيس تركمان ايلي المرتبط بالجبهة التركمانية من خلال قناة فضائية الحرة يوم 1 آب 2007 تركيا الى التدخل في كركوك بحجة حماية التركمان وعدم وجود ميليشيات تركمانية مسلحة تحميهم .



-6-
موقف الاحزاب والحركات العراقية

تباينت مواقف الاحزاب والحركات العراقية من قضية كركوك والمناطق المتنازع عليها , فالتصريحات الصادرة عن قادة الائتلاف العراقي مثل المجلس الاسلامي الاعلى العراقي وحزب الدعوة والتيار الصدري تشير الى إن قضية كركوك هي قضية عراقية تخضع للدستور العراقي الذي عالجها في المادة 140 وعلينا احترام الدستور , وهو ما ينادي به التحالف الكوردستاني الذي يتكون من الحزب الديمقراطي الكوردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكوردستاني والاتحاد الاسلامي الكوردستاني أيضا.

اما القائمة العراقية فان هناك مواقف فردية لاعضائها وليس هناك موقف موحد لها , فالبعض يرى بتطبيق المادة 140 من الدستور والبعض يدعو الى ربط مدينة كركوك مع حكومة المركز الفيدرالي ويذهب بعض الاعضاء الى المنادى باعادة ثقافة حزب البعث ويرددها في تصريحاته المتكرره حول ملف كركوك أو غيرها ويتهم الكورد بممارسة التكريد والانتهاكات لحقوق الانسان , ونشير الى ما صدر عن النائب عن هذه القائمة اسامة النجيفي من تصريحات تسئ للقائمة العراقية من خلال التهديد والوعيد للكورد .

وعلى الرغم من اشتراك العرب السنة في كتابة وصياغة الدستور من خلال جبهة التوافق العراقية ومجلس الحوار الوطني – وان كان كل من هذين الطرفين لا يمثلان كل العرب السنة -, إلا ان الجبهة المذكورة ومجلس الحوار يقفون موقفا مريبا من الدستور العراقي ويطالبون بتعديل معظم مواده ومنها المادة 140 منه التي تعالج ملف كركوك والمناطق المتنازع عليها , لا بل يتراجعون الى المربع الاول ويذهبون الى حلول اسوأ مما قدمها المقبور صدام في عام 1970 وعام 1975 , وهو موقف شوفيني يدل على قصر النظر ويحمل أوهاما بعودة البعث الى السلطة , ولايمكن للعراقيين قبول المعادلة السابقة الظالمة للشيعة وللكورد معا الذين يشكلون الاغلبية في العراق وتعرضوا للجرائم والظلم من النظام السابق , بل ان هذا الموقف ربما يؤدي الى تقسيم العراق .

خلاصة القول فأننا نرى بأهمية الحل الوطني في قضية كركوك وفق خارطة الطريق المرسومة لها في الدستور العراقي وبرنامج الحكومة وعدم جواز اللجوء الى تدويل موضوع كركوك بأي حال من الاحوال والا لن تبقى مصداقية لاحترام الدستور وبقية بنوده لاسيما وان التدويل يعني فتح الباب للتدخل الاقليمي والاجنبي وبخاصة من تركيا التي لها أجنده سياسية معروفه كما نعتقد بان تقرير بيكر – هاملتون الذي تضمن توصية بتاخير الاستفتاء حول كركوك فضلا عن توصيات اخرى تخص العراق انما هو تقرير لا يمكن ان تقبله قوى واحزاب عراقية فاعلة في العملية السياسية وجاء غافلا عن كثير من الحقائق الجوهرية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين