الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ندوة دولية:تقرير التنمية الإنسانية للعام 2005، نحو نهوض المرأة في الوطن العربي مراكش 19- 20 أبريل/ نيسان 2007

إدريس لكريني
كاتب وباحث جامعي

(Driss Lagrini)

2007 / 8 / 3
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


صدر في دجنبر/ كانون الأول من سنة 2006 تقرير التنمية الإنسانية: نحو نهوض المرأة في الوطن العربي، وهو لبنة جديدة أساسية تضاف إلى التقارير الثلاث التي سبقته والمرتبطة ب: (خلق الفرص للأجيال القادمة، دعوة للحرية وللحكم الصالح في العالم العربي، نحو إقامة مجتمع المعرفة) والتي أشرف على إعدادها مجموعة من الباحثين العرب بدعم من الأمم المتحدة، ويكتسي هذا التقرير الأخير أهمية كبرى بالنظر إلى معالجته لقضية حيوية تطرح العديد من الإشكالات الفكرية والسياسية في المنطقة العربية.
وضمن هذا السياق؛ وجريا على عادته في عقد لقاءات فكرية وعلمية لمناقشة التقارير السابقة ونشرها، نظم مركز الدراسات الدستورية والسياسية بمراكش ندوة علمية لمناقشة هذا التقرير؛ وتقييم جوانبه المفاهيمية والمنهجية والموضوعية والاستشرافية.. وذلك بمشاركة مجموعة من الباحثين والخبراء من مختلف الأقطار العربية.
وهذا ملخص لمجمل ما تضمنته مختلف المداخلات:
الجلسة العلمية الأولى: تقديم التقرير
استؤنفت هذه الجلسة بورقة تقديمية تتعلق بمحتوى التقرير؛ تم من خلالها تقريب المشاركين والحاضرين من مضمون التقرير والوقوف على أهم محاوره.
إن متابعة سيرة التقارير تؤكد أن هذه الأخيرة جاءت كمحاولة للمساهمة في مشروع فكري بالمنطقة العربية، من خلال إثارة الحوار حول قضايا محورية في "مشروع النهضة العربية".
والجدير بالذكر أن هناك تقاطعا وتكاملا وانسجاما بين التقارير الأربعة؛ ذلك أن مفهوم الحرية يشكل أساسا لهذه التقارير الأربعة مجتمعة.
ولعل ما يمنح هذه الأخيرة أهمية ومصداقية هو ذلك التنوع الشديد الذي يميز فريق التقرير؛ فزيادة على إلمامه؛ فهو متنوع من حيث السن والجنس وكذا من حيث الأقطار التي ينتمي إليها الباحثون..؛ أما طريقة العمل فتعتمد على البحوث والمسوح الميدانية والأوراق الخلفية للمواضيع ونتائج أبحاث ميدانية خاصة؛ كما أن بعض أعضاء الفريق يقدمون أوراقا حول الموضوع؛ مع وجود فريق مركزي متنوع يتولى صياغة المادة النهائية للتقرير.
ونظرا إلى أن غاية التقرير تركزت في إثارة حوار جدي حول قضايا مهمة مرتبطة بالنهضة في الأقطار العربية؛ فقد حاول فريق البحث أن يتصدى لمجموعة من المعيقات والصعوبات؛ كتلك المرتبطة ببعض القيود التي كان يفرضها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (الذي تمثل فيه الدول بصفة رسمية) بحكم رعايته للتقرير؛ أو تلك المتعلقة بمحدودية النشر؛ وبخاصة مع انخراط مجموعة من المنظمات في الترويج له بشكل فعال.
الجلسة العلمية الثانية: السياق العام لواقع المرأة العربية
أثيرت خلال هذه الجلسة مجموعة من الانتقادات التي وجهت إلى منهجية التقرير، فقد لوحظ أن هذا الأخير اعتمد على مقارنة بين وحدات متفاوتة ومتباينة، مع وجود حالات من تعميم الأوضاع والنتائج بشكل تعسفي على الدول العربية دون استحضار خصوصية وتميز بعضها عن الآخر؛ مما أدى إلى السقوط في منهج استنباطي تعميمي(مثلا ركز التقرير على الوضع الصحي المتدهور للمرأة؛ في حين أن الرجل يتقاسم معها هذه المعاناة أيضا).
فيما أشارت مداخلات أخرى إلى أن التقرير اعتمد في خلاصاته على معلومات غير دقيقة وعلى معطيات إحصائية لا تعبر حقيقة عن الواقع.
تحدث التقرير عن مجموعة من الأنماط الاجتماعية التي تساهم في تحديد وضعية المرأة في الأقطار العربية؛ وركز في هذا الشأن على ثلاثة عناصر اعتبرها أساسية ومؤثرة: "الموروث الديني والثقافة الشعبية والفكر العربي والفني والإنتاج الإعلامي".
حيث أشار إلى الآثار السلبية للموروث الثقافي والديني؛ ذلك أن العديد من الدول العربية لازالت تتحفظ على حقوق كثيرة للمرأة؛ مدرجة ضمن مجموعة من الاتفاقيات والمواثيق الدولية، مما يكرس الميز.
وعلى الرغم من أن العديد من الأقطار "المنفتحة"؛ اختارت الاتجاه الحداثي؛ فقد ظلت ترتبط بمظاهر كثيرة من الموروث الثقافي والديني التقليديين (في تونس وفي المغرب حيث استمرار المحافظة رغم صدور مدونة الأسرة؛ والحال أكثر سيادة في دول تقليدية خليجية عربية أخرى).
وضمن مقاربة أخرى؛ لوحظ أن التقرير تناول مختلف الصور التي تعرضها الرواية العربية النسائية: صورة المرأة المستلبة الحقوق (غياب حقوق أمام الرجل) وصورة المرأة المناضلة (مقاومة في فلسطين؛ العراق؛ لبنان..) وصورة المرأة المتمردة (صورة نمطية ماكرة، فاتنة..) ثم صورة المرأة المتعددة التي تؤدي جميع هذه الصور.
وقد أثير في هذا الصدد أن التقرير لم يشر سوى للرواية؛ على الرغم من أهمية دور الأدب بمختلف ألوانه وأجناسه في نشر ثقافة المساواة وحقوق الإنسان..
وقد أكد أحد المتدخلين على أنه وعلى الرغم من وجود مجموعة من المعطيات الواردة في التقرير؛ التي لا تتواءم والتصورات الأمريكية (حماس منتخبة ديموقراطيا، العراق محتل..)، إلا أن هناك نوعا من التواطؤ الذي يظهر عند عدم الكشف عن أسماء بعض الدول التي ينتقدها التقرير.
إن إصلاح قضايا المرأة لا يمكن أن يتم إلا في إطار إصلاح مجتمعي شامل (فالمجتمع من جهته لا يسمح بتطوير مشاركة المرأة..)، ورغم الضغوطات والإكراهات التي تفرضها الحكومات في هذا الشأن؛ فإن حراك المجتمع المدني في عدة دول عربية (مصر، ليبيا، اليمن..) يعد بالكثير من الانتظارات.
الجلسة العلمية الثالثة: المرأة العربية من خلال حالات قطرية
أسهمت المرأة القروية بشكل ملحوظ إلى جانب المرأة الحضرية في التاريخ الوطني للمغرب؛ وإذا كانت مرحلة الاستعمار قد تميزت بخلخلة المجتمع؛ والانشغال بأولوية الاستقلال؛ بالشكل الذي أعاق تبلور قضية المرأة بشكل جلي؛ فإن مرحلة بناء الدولة من (1956 – 1962) اتسمت بالتوتر بين طرفين لكل منهما مشروعيته، النظام الملكي من جهة والحركة الوطنية وأحزابها من جهة ثانية، قبل أن يتبلور الوعي النسائي الجديد، وقد كان للتحولات الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان أثر كبير في بلورة وتشكل الحركة النسائية بالمغرب.
يظل السؤال المرتبط بمدى توفق التقرير في الأخذ بعين الاعتبار مجمل الاختلافات والخصوصيات بين مختلف الأقطار العربية التي تعرف تباينات عديدة مطروحا بحدة؛ ويبدو أن التقرير لم ينجح بشكل كبير في إثارة هذه الفروقات بشكل صارم ودقيق، فقد تعامل مثلا مع مسألة التأثير الخارجي على الدول العربية في شأن قضايا المرأة بتعميم مفرط؛ على الرغم من أن الأمر يختلف من قطر عربي لآخر.
أما نظام الحصص الذي اعتبره التقرير وسع من مشاركة المرأة في المغرب؛ فلا نجد نصوصا قانونية تؤكده وتكرسه.
ومن جانب آخر؛ تقتضي الموضوعية الاعتراف بمساهمة المرأة في اقتصاديات الدول العربية؛ وفيما يخص تعامل التقرير مع واقع المرأة القروية في هذا الشأن؛ فقد اعتمد على إحصائيات وبيانات تتسم بعدم الوضوح؛ فهو لا يشير بتدقيق إلى المرأة العاملة القروية ولا يعترف بمساهماتها الاقتصادية؛ حيث نجده يدمجها في كلمة العالم القروي؛ كما أن القطاعات التي ركز عليها لا تعكس حقيقة القطاعات التي تشتغل فيها المرأة (مفهوم العمل في علم الاجتماع هو كل ما تقوم به المرأة من أعمال منزلية وغيرها.. وليس كمفهوم العمل الرسمي الذي تتبناه الحكومات)؛ ولا يوضح أيضا معنى المجال الخاص (مما يطرح معه سؤال: هل عمل المرأة القروية يندرج في إطار القطاع الخاص؟).
وبالعودة إلى الحالة المغربية، أكدت إحدى المداخلات أن المرأة ظلت مهمشة باستمرار في السياسات العامة للدولة، على الرغم من حضورها الفاعل في الأحداث والتحولات التي شهدها المغرب.
ففي بحث ميداني أنجز في مناطق محيطة بمدينة مراكش؛ لوحظ وجود نسب ضعيفة لتمدرس الفتاة؛ كما تبين أن الفتيات في هذه المناطق يتزوجن في سن جد مبكرة ومعرفتهن بالأحزاب السياسية ضعيفة وهامشية؛ فيما تنظرن للمنتخب أو المرشح في الانتخابات كممثل "للمخزن".
وفيما يخص واقع المرأة السورية؛ الذي لم يتناوله التقرير بالدراسة، وإسهاما منه في إثراء النقاش؛ ذكر أحد المتدخلين أن المرأة السورية تخضع إلى قوانين صدرت في الخمسينيات والستينيات من القرن المنصرم.
أما الحقوق المعترف بها لها؛ فهي حقوق شكلية ومع ذلك يتم انتهاكها في الكثير من الأحيان؛ وبخاصة في ظل حالة الطوارئ، التي امتدت لحوالي 40 عاما، وفرضت فيها قوانين وإجراءات ومحاكم استثنائية؛ مما أثر سلبا في مسار الحركة النسائية وتواصلها مع النساء السوريات.
وعلى الرغم من أن تمثيلية المرأة في مجلس الشعب السوري تصل إلى 12 بالمائة؛ مع وجودها كسفيرة في السلك الدبلوماسي، وحضورها داخل الأحزاب السياسية، فإن مجال العمل النسائي يتركز في الزراعة والخدمات؛ وهي إجمالا مجالات تقليدية ومتخلفة.
وضمن مداخلة أخرى ترتبط بالحراك الاجتماعي والمهني للمرأة في الجزائر؛ وتستهدف الوقوف على مدى تكافؤ الفرص في الجزائر، تم التأكيد على أن المعطيات الإحصائية تبرز ركوضا في وضعها المهني مقارنة مع الرجل الذي يبدو أكثر حراكا منها؛ وهو ما يترجم التهميش الحاصل للمرأة العاملة.
وإذا كان الحراك المهني للمرأة يظل مرتبطا سلبا أو إيجابا بمنطق الفقر والغنى، فإن المنظومة التربوية هي التي تؤثر في حراكها الاجتماعي.
الجلسة العلمية الرابعة: ما العمل للنهوض بالمرأة العربية؟
أبرزت دراسة قام بها أحد المتدخلين توصل بموجبها – وعلى عكس نتائج بعض الدراسات السابقة التي أجريت في هذا الشأن –أن المرأة التي تعيش في المناطق "البورية" الجبلية هي التي تعيش أوضاعا اجتماعية صعبة وقاسية.
وهو بذلك يسلط الضوء على الفئة الاجتماعية – الفلاحية - التي ينبغي أن ينصب عليها الاهتمام والاستفادة بالتالي من جهود التنمية.
وعلاقة بتمكين المرأة في المغرب؛ وضمن برنامج قبلي وآخر بعدي أجري بهدف الوصول إلى مدى استيعاب النساء الأميات للمدونة، تمكن أحد الباحثين المتدخلين من رصد صورة لعالم هؤلاء النساء الأميات سمته السكن الهامشي؛ وغياب الخدمات الاجتماعية والصحية، وارتباطهن بأزواج يشتغلون في مهن بسيطة ومتواضعة..
يظل الرجل كما المرأة غير منصفان (بفتح الصاد) في المنطقة العربية، على الرغم من أن السياق السياسي والقانوني يكرس التمايز بينهما استنادا إلى اعتبارات دينية وثقافية.. (مع استحضار الاختلاف بحسب الأقطار العربية).
إن الحركة النسائية العربية التي قدمت الكثير للمرأة واستفادت من التطورات الدولية الحاصلة في هذا الإطار؛ لا تزال بحاجة ملحة إلى بذل مجهودات جبارة أخرى؛ على طريق تحقيق المساواة (المطالبة بتطبيق بنود الاتفاقيات الدولية المرتبطة بهذا الشأن)؛ وبخاصة وأن الوضع العربي كارثي ويتطلب التدخل الفعال في هذا الصدد.
والحقيقة أن اتخاذ تدابير حقيقية وفعالة على طريق تمكين المرأة في الأقطار العربية هو مدخل مهم لمعالجة إشكالات ومعضلات سياسية واجتماعية واقتصادية.. كبرى.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحب وحده لا يكفي.. لإنجاح الزواج | #الصباح_مع_مها


.. ملكة جمال إسرائيل بين المتضامنين مع فلسطين: أنا أخدم بالجيش




.. ريهام بالشيخ وهي حرفية في تقطير الزهر والعطرشية والورد


.. رانيا منصور واحدة من نساء محافظة نابل




.. تمثال نهضة مصر