الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحزب الوهابي ؛ دعوة إصلاحية أم حركة يهودية ؟ - 3

علاء الزيدي

2007 / 8 / 12
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


قص ّ شولمان قربوزي تلك الرؤيا المختلقة على أعراب نجد واليمن ، ليهيـّىء الأجواء لدعوة حفيده المستقبلية ، فيما كان يزقـّه بدهيات التخريب والانقلاب زقـّا ً .
إن الدوائر اليهودية العالمية ( 1 ) لم تنقل هذا الرجل إلى شبه الجزيرة العربية إلا ليتناسل هناك ، ويخرج من صلبه حفيد ينمو لحمه وعظمه من ماء الجزيرة وعشبها وأنعامها ، فتألفه نفوس البسطاء ، ويكون واحدا ً منهم ، ويكون - بالتالي – قادرا ًعلى تنفيذ الوصية التالية :
(( لن نبيح قيام أي ّ دين غير ديننا ، ولهذا السبب يجب علينا أن نحطـّم كل ّ عقائد الإيمان ))(2) ، ولكي يساهم - وقد ساهم بدور كبير فعلا ً – في إعداد الجو الملائم (( ليبتهج بنو صهيون بملكهم ، وليصنعوا نقمة على الأمم وتأديبات في الشعوب ))(3)
ويتأكد لمن يتابع بعين التمحيص والتدقيق حياة محمد بن عبد الوهاب ، مذ أبصر النور في بادية نجد ، وحتى هلاكه بعد عمر مديد ( 96 عاما ً ) (4) أنه كان أهلا ً للمهمة التي أ ُنيطت به . فقد عكف منذ صغره على إعداد نفسه من جميع النواحي ، الفكرية والحركية والتعبوية ، لجولات طويلة من الصراع والحرب الطاحنة مع المسلمين ، مستهدفا ً أهم أركان حياتهم وكيانهم ، أي العقيدة ، بالنسف والتخطئة والتدمير . ولانغفل هنا بالطبع ، عما ذكرناه في السطور السابقة من استنتاجات ، تقضي بأن الحفيد قد ارتضع بدهيات التخريب والانقلاب من جده غريب الأطوار ، لكننا نضيف إلى ذلك ، أيضا ً ، أنه أخذ تلك الأمور منه بشكل إجمالي ، ثم طوّرها وتوسـّع فيها ونقلها إلى حيز التطبيق ، فيكون بذلك قد استقى ممن بعث بهذه السلالة إلى أرض الجزيرة العناوين الرئيسية للمهمة ، وأجاد هو في ملء الفراغات ، والاجتهاد في العناوين الثانوية !

دورة تدريبية على الدجل !

إستهل ّ محمد بن عبد الوهاب شبابه بدراسة العلوم الإسلامية ، وهو أمر طبيعي تماما ً . فالإسلام ، بعلومه وعقائده وكتابه وسنـّته ، هو ميدان صولاته المقبلة . وليس من الطبيعي أن يذهب ليرعى الغنم مثلا ً ، أو يقطع الطرق على القوافل - وإن كانت هذه " المهنة " جزء ً من نشاطه وأتباعه في المستقبل ! –
وقد خدمته بعض الظروف في هذا الإتجاه ، لعل ّ من أبرزها كون أبيه وأخيه رجلي دين . من هنا ، فقد درس علوم الإسلام على يد أبيه ، وتلمـّذ أيضا ً على علماء مكة والمدينة . وكان هؤلاء يتفرّسون فيه الضلال والإضلال . ولاحظ أخوه سليمان أن أفكاره تتـّسم بالغرابة والخروج على المألوف ، فألـّف كتابا ً في الرد ّ عليه (5)
كان هذا الرجل المريب ، مولعا ً ، في أول أمره ، بمطالعة أخبار مدّعي النبوة ، مثل مسيلمة الكذّاب ، وسجاح ، والأسود العنسي ، وطليحة الأسدي (6) ومما يثير العجب والاستغراب ، عكوف طالب علوم دينية مبتدىء ، على دراسة أخبار وأحوال (( الأنبياء )) المزيفين . إلا أن يكون ذلك جزء ً من دورته التدريبية ، التي قضت اليهودية العالمية بأن تتضمن فصولا ً من البحث الموثق في أساليب الدجل !
ثم قرأ على أبيه الفقه على مذهب أحمد بن حنبل ، وتأسيسا ً على أوليات هذا المذهب ، الذي يعتبر أكثر المذاهب الإسلامية سطحية ً (7) وانطلاقا ً من أفكار ابن تيمية وتلميذه ابن القيـِّم الجوزية ، راح يتكلم بكلمات لايعرفها المسلمون ، وينكر عليهم أكثر الذي اتفقوا على فعله (8) . لكن أحدا ً لم يساعده . فسافر من العيينة إلى مكة ، ثم إلى المدينة ، وشدّد النكير على الاستغاثة بالنبي (ص) عند قبره الشريف . ثم رحل إلى نجد ، ثم إلى البصرة يريد الشام . فلما ورد البصرة أقام فيها مدة ، وأخذ فيها عن الشيخ محمد المجموعي (9) وأنكر على أهلها أشياء كثيرة . فأخرجوه منها فخرج هاربا ً ، ثم جاء بعد عدة تحولات إلى بلد (( حريملة )) في نجد (10) .
ولما عرف أبوه عبد الوهاب - كان من علماء الحنابلة – بأن ولده هذا منحرف عن الدين ومتمرد على المذهب ، جعل ينصحه ويرشده ، فلم يزده ذلك إلا عنادا ً . فطرده وقاطعه ، وكان يذمـّه كثيرا ً ويحذ ّر الناس منه (11)
ولاأكتم عدم اتـّفاقي مع الرأي الذي يقول (12) بأن محمد بن عبد الوهاب كان مكروها ً لدى الناس مبغوضا ً عندهم ، وكانوا يتنفـّرون منه ويحذرونه ، إلا إذا كان الناس المعنيون بقية القبائل من غير أعراب نجد . إذ أن هولاء احتضنوه ، وآمنوا بدعوته منذ اللحظة الأولى لإشهارها من قبله . وقاتلوا تحت لوائه المشترك مع ابن سعود بضراوة ، لعوامل منها :
1- تعبـّدهم بالمذهب السطحي المشار إليه آنفا ً .، والذي لايمنح أتباعه المناعة من الإختراق الفكري .
2- جفافهم ، تبعا ً للطبيعة القاسية التي يعيشون فيها ، وخشونتهم وحبهم للغارات والغنائم والتمدد هنا وهناك ، وهو ما أحسـّوا بفراستهم الصحراوية أن دعوة ابن عبد الوهاب غير العادية ، والمتأبـّطة شر ّا ً ( كل ّ المسلمين مشركون إلا ّنا ) ستوفـّره لهم لامحالة .
ومهما يكن من أمر ؛ فلما توفي عبد الوهاب العام 1153 الهجري ، تجرّأ ابنه محمد على إظهار عقائده ، والإنكار على المسلمين فيما اتـّفقوا عليه ، وتبعه على ذلك حثالة من الناس (13) .


(1) لانقصد من التطرّق إلى الإنتماء اليهودي الأصلي لآل عبد الوهاب ، إهانة أي دين . وإنما نقصد التدليل على أن هذه الأسرة اعتنقت الإسلام ، بشكل ظاهري ، لتخريبه ونسفه من الداخل . فقد أسلم قربوزي لاكما أسلم يهود كثيرون مسالمون وحـسـُن إسلامهم . بل أعد ّ حفيده لتأسيس حركة هد ّامة كبرى أراقت على طريق نشرأفكارها وترسيخ دولتها دماء مئات آلاف المسلمين وغيرهم . هذا ، ولو كان بقي على ديانته اليهودية القديمة ، أيضا ً ، فلاتثريب عليه ولا لوم ، فلا إكراه في الدين ، لكنـّه تحوّل وأنكر أخلافه هذا التحول ، كون الموقف يثير المزيد من الشك . فكيف ليهودي - حتى لو أسلم وحسـُن إسلامه - أن تصبح سلالته حماة الحرمين الشريفين ، والذابـّين عن عقيدة التوحيد ، ولماذا ؟ فهل ثمة نقص في الآخرين من المسلمين أبا ً عن جد ! ولماذا أبى القدر - كما يريدون أن يصو ِّروا – إلا أن يختار هذه السلالة الباحثة عن الشر ّ ، والباعثة على الريبة ، لرئاسة أمور وشؤون المسلمين في الحج ، من بين كل هذه السلالات والأسر والعائلات والأصول . لقد اتــّهم الحزب الوهابي الشيعة بأنهم من سلالة رجل مختلق هو عبد الله بن سبأ اليهودي ، دون تقديم دليل مقنع واحد على وجود ابن سبأ هذا . وصدق على هذا الحزب المثل الشهير (( رمتني بدائها وانسلـّت )) !
(2) بروتوكولات حكماء صهيون ، محمد خليفة التونسي ، ص152 .
(3) العهد القديم ، سـِفر المزامير ، المزمور 149 .
(4) ورد في (( خلاصة الكلام في أمراء البلد الحرام )) لمفتي مكة الشافعي السيد أحمد بن زيني دحلان أن محمد بن عبد الوهاب ولد سنة 1111 ومات سنة 1207 الهجرية . وذكر الآلوسي في تاريخ نجد أنه مات سنة 1206 الهجرية . أنظر : كشف الإرتياب ، ص 3 .
(5) المصدر السابق ، ويقول السيد ابن زيني دحلان (( فتنة الوهابية ، ص4 )) : (( كان في ابتداء أمره من طلبة العلم بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة و السلام ، وكان أبوه ومشايخه يتفرسون فيه أنه سيكون منه زيغ وضلال ، لما يشاهدونه من أقواله وأفعاله ونزعاته في كثير من المسائل )) .
(6) كسف الأرتياب ، ص3 .
(7) الحركات الإسلامية في القرن الأخير ، مرتضى مطهـّري - الطبعة الفارسية – ص50 .
(8) تاريخ نجد لمحمود شكري الآلوسي ، نقلا ً عن كشف الإرتياب ، ص 5 .
(9) لم أجد نسبا ً لهذا الشيخ ، إلا في هذا الموجز .
(10)تاريخ نجد .
(11)هكذا رأيت الوهابيين ، عبد الله محمد ، ص10
(12) المصدر نفسه .
(13 ) راجع : كشف الإرتياب ، فتنة الوهابية ، الآيات البينات في قمع البدع والضلالات لكاشف الغطاء ، الوهابية على حقيقتها لعبد الله علي ، وهابيان - بالفارسية - لعلي أصغر فقيهي ، هذه هي الوهابية لمحمد جواد مغنية والتبرّك لعلي الأحمدي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيلينسكي يحذر من خطورة الوضع على جبهة القتال في منطقة خاركيف


.. لماذا يهدد صعود اليمين مستقبل أوروبا؟




.. بيوت منهوبة وافتقار للخدمات.. عائلات تعود لمنازلها في أم درم


.. زلزال قوي يضرب غواتيمالا




.. ترقب في إسرائيل لقرار محكمة العدل الدولية في قضية -الإبادة ا