الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إمتحان أم إنتقام

سميرة الوردي

2007 / 8 / 12
التربية والتعليم والبحث العلمي


كثيرة الأفكار والأحلام التي تراودني ، قليل منها أكتبه .
كثيرة العبارات التي بجزالتها تخاطرني ، وقليل منها ما يبقى في لحظة التدوين .
سنوات استقرت وستستقر في وجدان الكثيرين الذين يخطون خطواتهم الأولى في الحياة وستظل ترافقهم احباطاتها ونجاحاتها فيهم ، وكثيرون سـترسم مصائرهم .
سنوات التعلم هي التي ترسم مستقبل آلاف الأجيال من البشر ، هذا الميدان الذي يدرك أهميته الملايين ، الخطوات الأولى هي اللبنة الأولى في ذلك البناء المتصاعد والتي ستُغير أنظار وملامح الطفولة وستشذب تلك الرغبات العفوية في اللعب والعبث وتحويلها الى خبرات وثقافات ومعارف تُنمي المواهب والقدرات لتأتي أُكلها ونتاجاتها البناءة والمثمرة في حياة الإنسان أولا والبشرية تالياً .
عالم التعلم المتناهي في تعقيداته تقع مسؤولياته الكبرى على عاتق معلميه ومدرسيه أي التربويين، فهم وحدهم من يمتلك كسب ود طلابهم وإمتاعهم بما يحصلون عليه من قيم تعليمية خيرة وبناءة لمجمل الحياة الإنسانية، فكم من معلم متفتح أنار الطريق لطلابه وأفادهم ! وكم من معلم أساء لدوره التربوي وجعل قسم كبير من طلابه يعافونه ويعافون درسه !.
لا أريد هنا أن أبحث في دور المربي الجيد ودفعه للعملية التربوية باتجاهها الصحيح ولا أبحث في دور المربي غير الواعي لمهمته وإنعكاساتها في تأخير وتدهور عمليته التربوية والتي تؤدي نتائجها السلبية على العملية التربوية عموما ومستقبل طلابه .
للطفولة كينونتها الخاصة لا تحدها سوى أعراف وتقاليد موروثة في المجتمع ، يتبناها الطفل كأي موروث ، ما إن يدخل الطفل المدرسة حتى تنقلب نواميس حياته فمن حالة اللهو والعبث الطفولي الى الإنتظام بمواقيت الدوام والطعام ومن الإنفلات بالزمن الى الإلتزام بأداء واجبات المدرسة والدراسة، وهنا يأتي دور المدرس في تحبيب أشكال الحياة الجديدة وجعل الطفل يتقبلها بل ويرغب بها ، كي تكون هذه الرغبة والمحبة عونا له على مواصلة دربه الشاق .
خلال عقود طويلة من عالم التدريس والتعليم لم يجد المربون وسيلة أكثر جدوى لمعرفة مدى ما أثمرت به جهودهم في إكساب طلابهم للمعرفة والمهارات سوى الإمتحان ، ومهما تطورت أساليب الإمتحانات كإن أُضيفت اليه الإمتحانات الشفوية أو النشاطات اليومية ، ولكن يبقى لورقة الإمتحان القدح المعلا ، والقول الفصل في حياة الطالب العلمية ، قد لا يدرك المربون إن ورقة الإمتحان هذه ليست معيارا للطالب وحده بل هي بالأساس يجب أن تكون معيارا لثمرة جهود المربيين الذين ساهموا في عملية التعليم . ولكن سرعان ما يتخلى المربون عن طلابهم تاركيهم لمصيرهم ، غير آبهين بما قدموه خلال سني كفاحهم لتنشئة وتعليم هؤلاء الطلاب . غير مبالين بما تصل اليه نتائج الإمتحانات ونسبها المتدنية وردودها غير السليمة على الطلاب ومستقبلهم المهني والنفسي .
في كثير من الإمتحانات العامة وبالخصوص في إمتحانات المرحلة الثانوية هناك تعمد مقصود في الإتيان بأسئلة يصعب حتى على المدرسين الإجابة عنها لولا قراءتهم للأجوبة المرافقة للأسئلة ، فقد يعمد واضعوا الأسئلة وبالتأكيد هم من ذوي الباع الطويل والعريض في هذا الميدان الى البحث عن أسئلة بين السطور وليس عليها ، أو المزاوجة بين فصلين لا يجمعهما الباب الواحد ، أو الأتيان بأسئلة مناقضة لمعلومة تعلمها الطلاب ، أو الإتيان بأسئلة من مناهج ملغاة ، وهي أسئلة لم يعتد الطالب عليها خلال مراحله الدراسية ، فيتفاجأ بها ، وقد يكون هو الخاسر الوحيد من مثل هذه الإمتحانات ،أما كان الأجدر أن ُيخلق اسلوب ديناميكي حيوي بين الطالب والمادة المعطاة له والمدرس، وخلق عالم من المعرفة محاط بالترغيب والتأهيل الفعلي لا بالترهيب ، فعلى مر سنوات من الملاحظة ما زالت فلسفة الإمتحانات لا تتغير ولا تتماشى مع الروتين المحاط بالعملية التربوية بل تشط عنها ولا تساعد الطالب على الخروج منها دون خسائر، بل تخرج الى ما ليس في منهج أو حوار مدرسي مما يؤدي الى تبادر السؤال التالي :
أهو إمتحان أم إنتقام ؟ !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هو محمد مخبر الذي سيتولى رئاسة إيران موقتا بعد وفاة رئيسي


.. فرق الإنقاذ تنقل جثامين الرئيس الإيراني ورفاقه من موقع تحطم




.. هل ستكون لدى النائب الأول للرئيس صلاحيات الرئيس رئيسي؟


.. مجلس صيانة الدستور: الرئيس المقبل سيتولى مهام الرئاسة لأربع




.. ماذا سيختل بغياب الرئيس رئيسي عن السلطة؟