الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يهاجم العلمانيون الحقيقيون الإسلام؟

محمد الفخاري

2007 / 8 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


منذ أول لحظة بدأت فيها التنقل بين شوارع وحارات الشبكة العنكبوتية ممتطيا صهوة فأرتي، لا أكاد أتصفح موقعا علمانيا إلا وأجد فيه مقالا أو موضوعا ينتقد الإسلام أو يهاجمه وكأن الإسلام دين غير مقدس لا يستحق أن يعتنقه أحد في حين أن الديانات الأخرى تتمتع باحترام وتقديس منقطعي النظير. ومن سخرية القدر أن أناسا يدعون الحضارة والاعتدال ويعتبرون أنفسهم دعاة للتحرر في العالم العربي ومتحدثين باسم النخبة المثقفة التي تنشد الديمقراطية وحقوق الإنسان - مع العلم أن احترام مشاعر الناس وعقائدهم من أهم وأقدس الحقوق الواجب مراعاتها - هؤلاء الناس الذين يتبجحون بعلمانيتهم ويجاهرون بعدائهم للإسلام ليسوا سوى شرذمة يحاولون عبثا استخدام العلمانية كذريعة لنفث سمومهم في عقول القراء آملين أن ينالوا نصيبا من الرضا أو قدرا من الشهرة من باب "خالف تعرف" ليس إلا.

إن من أهم مبادئ العلمانية الصحيحة كإيديولوجية تقوم على المساواة والتسامح أن يفصل الدين عن الدولة يعني أن يكون الدين لله والدولة للكل وهذا في جوهره اعتراف بحرية الفرد في اعتناقه لأي دين يرى فيه مخرجا روحانيا وتعهد باحترام هذه الحرية التي لا نراها للأسف تترسخ في ذهن هؤلاء "المتعيلمون" ولا أقول علمانيون لأن العلمانية الحقيقية منهم براء. لكن لماذا يصر هؤلاء الناس على مهاجمة الإسلام؟ هل العيب في الإسلام حقا أم في عقول "المتعيلمين"؟ أعتقد أن الإسلام كدين سماوي حنيف لم يبشر إلا بالحب والسلام ويكفيه شرفا اشتقاق اسمه من كلمة السلام التي رضيها الله له كإسم من أسمائه المقدسة. ألم يبشر به المسيح عليه السلام في مضمون حديثه عن الرسول الأكرم محمد (ص)؟ ثم المسلمون الذين ينعتون بالأصولية والتطرف، ألا يؤمنون بالأنبياء والرسل كلهم بدون تمييز أو تجريح؟ ألا يحترمون معتقدات الشعوب الأخرى والدليل على ذلك الكنائس والمعابد التي توجد في البلدان الإسلامية؟

لقد عاش المسلمون على مر الزمن في حب ووئام وسلام مع كل الأمم باختلاف دياناتهم وأعراقهم حتى مع العلمانيين الحقيقيين منهم ولعل أبرز مثال على ذلك روح المحبة والتسامح في لبنان وتركيا وما يزال دينهم يركز على القيم الإنسانية والأخلاق الحميدة النابعة من فلسفته الواضحة والحكيمة التي تمقت العنف وتقدس الحياة. أنأخذه بذنب فئة من المغرر بهم أخطؤا في تقديره حق قدره نتيجة ظروف مختلفة؟ لماذا لا يهاجم إذا المتطرفون من الديانات الأخرى والذين يعيثون في الأرض فسادا دون أن يردعهم أحد؟ ثم لو كان الإسلام دينا سيئا لما اعتنقه أكثر من مليار ونصف من البشر ولما استطاع البقاء ما يقارب خمسة عشر قرنا بل على العكس كل يوم نسمع زيادة في عدد معتنقيه.

الإسلام في الواقع يتعرض لكل هذه الهجمات لا لشيء سوى لكونه دينا عادلا لا يفرق بين الكبير والصغير،بين القوي والضعيف، بين الغني والفقير بل على العكس يأمر الكبير بالحلم بالصغير والغني بالعطف على الفقير والقوي بالرأفة بالضعيف ولا يخدم مصالح من تبنوا قانون الغاب وجعلوا أنفسهم سادة العالم وصادروا حقوق الناس ولبسوا الحق بالباطل. وبما أن الإسلام يقف حاجزا يحول دون تحقيق مآربهم، فإنهم يسعون ليل نهار لتدنيسه ويسخرون جهودهم وإمكانياتهم لزرع الفتنة بين الناس وتشكيكهم في معتقداتهم حتى يتأتى لهم بث شرورهم في نفوس الأبرياء الذين لا حول لهم ولا قوة.

ما يحز في النفس وللأسف أن أشد الناس انتقادا للإسلام عرب يعيشون في بلاد الغرب. فعندما يهاجم الغربيون الإسلام قد يبدو ذلك عن جهل به وبلغته ماداموا لا يهتمون حتى لدياناتهم بعد أن انغمسوا في مادية أدت بعدد كبير منهم إلى الانتحار بسبب الفراغ الروحي الذي يعانون منه، أما الأخطر، أن يهاجمَ الإسلامَ من عاشوا في بلاده وتعلموا لغته ثم ارتموا في أحضان الغرب، فبدل أن يكونوا سفراء النوايا الحسنة ينشرون ثقافة التسامح والحوار بين الأديان، تراهم سفراء النوايا الخبيثة يسارعون إلى توسيع الهوة بين المسلمين والغرب. كيف لهؤلاء الناس أن يدعون إلى التسامح وهم أصلا لا يملكونه وصدق من قال: "فاقد الشيء لا يعطيه".









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مشروع علم وتاريخ الحضارات للدكتور خزعل الماجدي : حوار معه كم


.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو




.. 70-Ali-Imran


.. 71-Ali-Imran




.. 72-Ali-Imran