الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعادة إبداع الإنسانية

محمد سمير عبد السلام

2007 / 8 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


خصصت مجلة الفلسفة الآن Philosophy Now في عددها الصادر شهري مايو ، و يونيو 2007 محورا ، تنوعت فيه الأسئلة التي تجمع بين حقول الأدب ، و الفلسفة ، و التكنولوجيا ، و هو الإنسانية ، و مسارات المستقبل Human Futures ، و يتضمن توقعات تفاعل الحياة الإنسانية مع تكنولوجيا ، و خيارات تحسين الحياة البشرية ، و تجديدها ، و حدود مسألة الهوية ، و إمكانات تجاوزها معا .
يكتب ريك لويس Rick Lewis محرر الافتتاحية حول ارتباط مستقبل البشرية ، بالخيارات التي يمكننا أن ننتجها ، أو نبدعها كمسارات للمستقبل ؛ فالمستقبل لا يشكل وفق الصدفة ، و العمليات الميكانيكية وحدها ، و إنما بما يمكن أن نصنعه من خيارات إبداعية.
لقد استبدل الكاتب الحديث حول إشكاليات المعرفة بالمستقبل ، بإبداع مسار يعاد فيه تعريف المستقبل كمجموعة من الاحتمالات الإنسانية الممكنة ، و التي تحمل بحد ذاتها تجاوز الحدود التقليدية للحياة الإنسانية .
و أرى أنه لا يمكن للخيار الإبداعي أن يتحقق كبديل عن التنبؤ الحتمي ، إلا بوجود لغة تجريبية تخييلية جديدة تسمح ، بإعادة بناء مستمرة لمدلول الحياة الإنسانية بحيث تجمع بين المسار ، و إمكانات التحول الداخلية الكامنة فيه .
أما الباحث ، و الروائي رايموند تاليس Ray Tallis فيجمع بين أنساق الأدب ، و التكنولوجيا ، و الفكر في تناوله لإمكانات تحسين الحياة الإنسانية ، فيستشهد بأخيلة شخصية تريزا في رواية خفة الكائن لميلان كونديرا – حول الكبر المحتمل لأنفها بقدر ملليمتر واحد يوميا ، حتي يمكن تخيل وجهها في المستقبل فاقدا لملامح تريزا ، و هويتها ، كما يرى أنه لا داعي للقلق من فقدان الذات المماثل لأخيلة تريزا ، أو مسخ فرانز كافكا المفاجئ ، فهو يرجع للحدس الوجودي في الفلسفة الذي يحول الأجسام قبل – الشخصية ، إلى هوية قيد التشكل لأنها ترفض التغير المباغت ، لأن التحول المستمر للهوية يبعدها عن العالم المادي لكي تكتسب تميزها الإنساني ، دون محو للذاكرة .
و نلاحظ أن جمع تاليس بين ضرورة التحول الحامل لأخيلة الأدب ، و الذاكرة التي تميز حدس الذات بوجودها في الفلسفة ، و سرعة التغير في عالم التقنية ، يدل على وعي منتج للتفاعل و التداخل بين المادي ، و التخيلي ، و التقني دون انعزال لتحقيق التحسين ، و التجديد في شروط الإنسانية فيما يتجاوزها .
إن بطل كافكا أيضا لم يتخل عن وعيه عند معاينة التحول ، لكنه دخل سياقا حتميا تحوله الفلسفة هنا إلى نزوع نحو اختيار لسياق إبداعي تبنى فيه الذات .
و يحيلنا المحور القديم المتجدد بمجلة الفلسفة الآن إلى نقطتين :
الأولى :
تجدد الأسئلة حول التجاوز النيتشوي ، و أسئلة الخلود في ملحمة جلجامش ، و اكتساب قوة أوزوريس عند المصريين ، و النار لدى زرادشت مثلا ، ثم في الفكر المعاصر نجد اختلاط الهوية بالسرد عند ريكور ، و الدال باللعب الإبداعي عند جاك دريدا ، مثل هذه الأفكار تتحول الآن للغة إبداعية فريدة تتجاوز المعرفة الشمولية في تحديد خيارات المستقبل ، و تفيد من أخيلة الأدب ، و الأساطير في ضرورة التغير ، و التبديل ضمن الشرط الإنساني .
الثانية :
لم تتحدث المجلة عن مستقبل واحد ، أو نسق معرفي واحد ، و لكن عن مسارات تولد ، و تستمر وفق الاختلاف ، الذي يميز المنتج المتغير الذي يحسن شروطه ، أو يتجاوزها من خلال الاختلاف ، و احتمالية نقطة البدء الإنتاجية .


محمد سمير عبد السلام – مصر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معدن اليورانيوم يتفوق على الجميع


.. حل مجلس الحرب.. لماذا قرر نتنياهو فض التوافق وما التداعيات؟




.. انحسار التصعيد نسبيّاً على الجبهة اللبنانية.. في انتظار هوكش


.. مع استمرار مناسك الحج.. أين تذهب الجمرات التي يرميها الحجاج؟




.. قراءة عسكرية.. ما مدى تأثير حل مجلس الحرب الإسرائيلي على الم