الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماس بين مأزق المقاومة وأزمة التحول الديمقراطي !

عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)

2007 / 8 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أذكر أنني قد وقفت بقوة ضد الاعتقالات التي مارستها سلطة فتح بحق أعضاء حماس في 1996، وأذكر أن منظمات حقوق الإنسان لم تدخر جهداً في الدفاع عن معتقلي حماس، تلك المنظمات لعبت دوراً مؤثراً في استقطاب الشارع الفلسطيني لصالح حماس والمعارضة عبر إصدار آلاف المنشورات والبيانات التي تستنكر التعذيب بحق مناضلي حماس ومجاهديها. في تلك الأثناء قام الأمن الوقائي بحملة إرهابية ضد الصحف المعارضة مثل البلاد والرسالة، كما قام الجهاز المذكور بقمع تظاهرة سلمية لأعضاء المجلس التشريعي في 1997، وقد شهدت السنوات ما بين 1996 ولغاية 2000 حملة شعبية واسعة مناهضة للقمع الفتحاوي بحق حماس والفصائل التي عارضت اتفاق أوسلو سيء الصيت.

لم يخطر ببال عدو أو صديق، أن تستغل حماس اللعبة الديمقراطية لتكشف عن الوجه الآخر المناهض لحقوق الإنسان، فهل يجوز أن تهتم جريدة الرسالة الإسلامية بحقوق الإنسان حينما كانت حماس تحت التعذيب، فيما تشن حماس نفسها الآن حملة منظمة ضد الصحافة والتجمعات السلمية ؟؟! هل يتقبل عاقل أن تتعامل حماس مع سلاح العصابات والعشائر المجرمة بنفس الطريقة التي تتعامل فيها مع التجمعات السلمية ؟! هل انقلبت حماس على الديمقراطية كما توقع من قبل العديد من الكتاب العرب المتابعين لظاهرة الإسلام السياسي ؟؟! لماذا يصر الإخوان المسلمون على مناكفة النظم العربية المستبدة إذا كانوا هم أنفسهم قوة غاشمة مستبدة ؟!

إن مأزق خطاب المقاومة الذي وصل إلى نهاية غير حميدة، يجب أن يدفع حماس لبداية التحول الديمقراطي كبداية للتغيير والإصلاح، لا أن يستمر الاستبداد تحت عنوان فتح مرة وحماس مرة ثانية. هنا يجب التذكير بأن حماس لم تكن لولا الأخطاء الفادحة التي وقعت فيها سلطة فتح، وأنها هي المطالبة بالتغيير وفقاً لشعارها في الحملة الانتخابية، سيما وأن شرعية حماس هي شرعية المقاومة لا شرعية منهاج الحاكمية ومعالم الطريق التي لا يعرف المقاومون عنها شيئاً ! أما إذا لم تعترف حماس بمأزق المقاومة الواضح من جهة، ثم لم تقم بإرساء قواعد المجتمع المدني الديمقراطي من جهة أخرى، فنحن إذن أمام الحلقة المفرغة التي تعيشها ظاهرة الإسلام السياسي، وهو إحلال الاستبداد الديني بدلاً من الاستبداد السياسي، ومزيد من العزلة الدولية، ومزيد من الانفصام عن شعوب العالم ( الكافرة )، ومزيد من الصدام الحضاري مع الأمم الأخرى دون مقومات، ومزيد من المرض والفقر والجهل والخرافة، وصولاً إلى عصر الظلام الدامس الذي نعيشه منذ نهاية الحقبة الأولى لحكم العباسيين.

لا جديد إذن في جعبة الإخوان المسلمين، ولا مخرج لنا من دائرة التخلف وقمع الحريات التي تفرضها النظم العربية، ولن يكون بإمكان الأجيال القادمة إرساء ثقافة العلم والتربية الإنسانية الخلاقة للحاق بركب الأمم، بل سيوصلنا الإخوان وامتدادهم الوهابي إلى نهايات أكثر قمعاً وأكثر تخلفاً واستبداداً وسوءاً وظلامية، أما إذا افترضنا أن الشرعية الثورية في بنية حماس ستكون معارضة بصورة حقيقية للاستبداد العربي، فأول ما ينبغي عليها فعله، هو الاعتذار للشعب الفلسطيني عن قمع التظاهرة السلمية، واعتذار آخر للصحافيين وإرجاع الكاميرات والأفلام التي تمت مصادرتها، ثم التعميم على القوة التنفيذية أن تعي الفرق جيداً بين منظمات حقوق الإنسان والصحافة الحرة التي وقفت إلى جانب حماس في محنتها - وبين تجار المخدرات، وإذا كانت جماهير غزة تحترم قصة إنهاء الفلتان الأمني ومحاربة تجارة المخدرات وجمع سلاح العشائر، فإنها لن تحترم بالمطلق قمع الحريات والاعتداء السافر على حقوق الإنسان الفلسطيني، وإلا فإن حماس تعيش المأزقين معاً، مأزق المقاومة ومأزق التحول الديمقراطي، الأمر الذي يمهد السبيل أمام انهيار اجتماعي وسياسي شامل، لكي يجدد أولمرت ( ومعه العالم الغربي ) بكل ثقة عدم جهوزية الفلسطينيين لدولة فلسطينية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التركمان والمسيحيون يقررون خوض الانتخابات المرتقبة في إقليم


.. د. حامد عبد الصمد: الإلحاد جزء من منظومة التنوير والشكّ محرك




.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا


.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن




.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة