الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اهل الكهف والصحوة الاسلامية

مهدي النجار

2007 / 8 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


استفاقت المجتمعات الاسلامية في الهزيع الاخير من القرن العشرين ، مثلما استفاق اهل الكهف فوجدوا انفسهم في صحوة مترنحة خلف اسلاك الحداثة لايصلحون الا للفرجة، فعملتهم النقدية الساقطة هي نفسها عملة اهل الكهف بائرة في سوق المعاملات والبورصات والمضاربات لا احد يسال عنها او يشتريها ولا احد ُيقلبها او يتداولها ورصيدها من الانهيار والتضخم يصل حد الفضيحة والخزي وبالتاكيد فان حيوية العملة النقدية او خمولها تمثل (او تعكس) اوجه النشاط الاقتصادي والانتاجي للمجتمعات، الا ان مجتمعات اهل الكهف تعزف عن الاعتراف بذلك ولا تقرّْ بخراب اقتصادها وهشاشة انتاجها. واذا كان منوال نقد اهل الكهف على تلك الشاكلة من البوّر والكساد فان خطابهم هو الاخراصابه الاندراس والتاكل بعد نومتهم العميقة والطويلة واصبح من الصعب (او المستحيل) ان يفهمه العالم لذا باتوا يرطنون به فيما بينهم، والخطاب كما هو معروف التعبير الجلي عن الافكار والاراء والمعتقدات الا ان اهل الكهف يعتزون بما لديهم وبما َورَثه لهم اسلافهم فلا يقرون بتخلف معارفهم وتقهقر افكارهم فهم يعتقدون ان تلك ابدية وازلية لا تتاثر باي شئ انما تؤثر في كل شئ وان معتقداتهم ثابتة لا تخضع للتاريخية مثل اي شئ على وجه الارض لذا تخندقوا فيها واغلقوا الابواب امام كل مختلف، بمعنى ان جمهور الكهف حولوا اسلامهم اثناء الصحوة (الاسلام هو الحل) الى اقنوم ضخم ومضخم قادر على كل شئ ويؤثر في كل شئ دون ان تهزه الهزائز، لا يتاثر بالزمان ولا بالمكان ولا يرتبط بالظروف والتقلبات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثورات المعرفية والعلمية. والافجع من ذلك ان اهل الكهف حين غمرتهم الصحوة (او خيل لهم ذلك) وجدوا معهم كلبهم ( قوتهم القتالية والدفاعية) لاحول له ولا قوة يطقطق بفكيه عاجزا عن حماية اهله او حتى الدفاع عن نفسه امام ضرب هائل من القوى العسكرية الفتاكة والجبارة والمتغطرسة.
ان مشكلة اهل الكهف تتلخص برفضهم الاندماج في عصر الحداثة والتكلم بخطابه ومصطلحاته والتعامل بمفاهيمه والاشتغال بالياته فعلى سبيل المثال يقول علي بلحاج احد اقطاب الصحوة الاسلامية في الجزائر: " الديمقراطية شكل من اشكال الجاهلية، تسرق السلطة من الخالق وتمنحها للمخلوق".



يريد اهل الكهف اخضاع العالم (كل العالم) لمعتقداتهم وارائهم ويروّن الحل باستبدال الحداثة بالتراث كما لو كانوا امام بضاعة وليس امام ستراتيجية شمولية يتبعها العقل من اجل السيطرة على كل مجالات الوجود والمعرفة والممارسة عن طريق اخضاعها لمعايير الصلاحية او عدم الصلاحية، الحداثة لحظة تاريخية وعرة لا تمتلك الامم امامها الخيارات (رفضها او عدم رفضها) انما عليها ان تفهم بان الحداثة نظام صارم شديد التعقيد فيه من النصح والرشد بقدر ما فيه من التوحش والظلم لذا فالذين يريدون خدمة اوطانهم ويسعون لبناء مستقبل شعوبهم ان لا ينشغلوا بسب الحداثة وشتم اهلها ليل نهار، الاحرى ان يكدوا بتفاني ليتداركوا عجزهم وما فاتهم وان ينخرطوا في مسارها بمسؤلية وشجاعة ووعي حتى لا يتركوها للاشرار والمفسدين وحدهم لان بشر المجتمعات الاسلامية كبقية البشر، ليسوا مسجونين في خصوصية التخلف الابدية ولا يتحولوا الى شئ اخر، ولكن اذا استمروا في صيغتهم الراهنة فسيتعرضون لانتهاكات اشد ويكونوا عرضة للانقراض وسيخسر الناس دنياهم واخرتهم لان " من كان في هذه اعمى فهو في الاخرة اعمى " الاسراء/72 .
يا اهل الصحوة ان كنتم طلاب اخرة وطلاب نجاة وفوز عظيم وكفى فدعوا الناس لحالهم فلستم انتم عليهم بوكلاء ولا تحولوا دنياهم الى طقوس بكاء على حظ عاثر، او انخرطوا في الحياة بوعي حضاري وفعل اخلاقي وانساني نبيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah