الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ٱلطبيعة

سمير إبراهيم خليل حسن

2007 / 8 / 19
المجتمع المدني


ٱسم طبيعة مصغّر من ٱلاسم طَبعة ودليلُه من دليل ٱلفعل طَبَعَ. وقد ورد ٱلفعل طبع فى كتاب ٱللّه "طَبَعَ وطُبع ونطبع ويطبع على قلوبهم" ليبيّن أن ٱلذين طُبِعَ على قلوبهم ممنوعون من ٱلسّمع وٱلبصر وٱلإدراك وٱلفهم وٱلعلم وٱلفقه:
"فبما نقضهم مِّيثٰقهم وكفرهم بـءَـايٰتِ ٱللَّهِ وقتلهم ٱلأنبيآءَ بغير حقٍّ وقولهم قلوبنا غُلُف بَل طَبَعَ ٱللَّهُ على قلوبهم وسَمعِهِم وأبصٰرهم وأُولٰۤئك هُمُ ٱلغٰفلونَ" 108 ٱلنحل.
"ونطبعُ علىٰ قُلوبهم فهم لا يسمعونَ" 100 ٱلأعراف.
"وطُبِعَ علىٰ قلوبهم فهم لا يفقهونَ" 87 ٱلتوبة.
"كذٰلك نطبعُ علىٰ قلوبِ ٱلمعتدينَ" 74 يونس.
"كذٰلك يطبعُ ٱللَّهُ علىٰ قلوبِ ٱلَّذين لا يعلمون" 59 ٱلروم.
"كذٰلك يطبع ٱللَّهُ علىٰ كُلِّ قلبِ متكبِّرٍ جبَّارٍ" 35 غافر.
فٱلبلاغ يبين أنَّ ٱلفعل طبع يختم ويكتم ٱلقلب بمنهاج مغلق لا يسمح بتنزيل. فَمَن طُبع على قلبه يبقى غافلا جاهلا لا يسمع ولا يبصر فلا يدرك ولا يفهم ولا يعلم ولا يفقه ولا يؤمن. وهذا ٱلحال ينطبق على كلِّ يهودىّ سوآء ءَكان مأمورُ ٱلنفوس هو ٱلذى حمّل شهادة ميلاده ٱسم مسلم أو ٱسم مسيحى أو غيرهما من ٱلأسمآء. أم كان هو ٱلذى ٱكتسب ٱلاسم من تعلّمه وطباعته عقيدة صنعها كهنوت واحدةٍ من طوآئف تلك ٱلأسمآء على قلبه.
وبٱلعقل مع وسآئل علمية من أعمال ٱلإنسان ٱليوم كصناعة ٱلسليكون وٱلطباعة ٱلحجرية عليه للمناهج ٱلسلوكية ٱلإلكترونية أفهم أنّ ٱلقول "طبع على قلوبهم" هو فى جعلها خاضعة لمنهاج مطبوع لا يتجدد ولا يتغيّر ولا يسمح لغيره من ٱلمناهج. فٱلذين طُبع على قلوبهم يقولون ويفعلون بردود أفعال تسلك وفق مسالك ما طُبع من منهاج مغلق على قلوبهم. وما يفعلونه ويقولونه يشبه ما تفعله مناهج ٱلسليكون ٱلمطبوعة. لذلك فهم لا يسمعون ولا يبصرون ولا يدركون ولا يفهمون ولا يفقهون أفعالهم وأقوالهم كما هو ٱلحال فى ٱلمطبوعات ٱلسليكونية. وأفعالهم وأقوالهم تتكرر فى دآئرة مغلقة مع كلِّ إثارة لطبيعتهم. وهذا يبيّن مسألة ٱلعادة وهيمنتها علىۤ أفعال قلوب ٱلذين طُبع على قلوبهم. كما تبين مسألة ٱلتقاليد ٱلتى تظهر فى ٱنتقال منهاج طبيعة مغلقة من ٱلأبآء إلى ٱلأبنآء يجعلهم ديارين كافرين وفاجرين يدورون فى دآئرة مغلقة فيمتنع عليهم إدراك وفهم وفقه كلّ ما هو خارجها.
منذ فترة بعيدة من وقتنا كان قد قال محبُّ ٱلمعرفة (the philosopher) أرسطوۤ أنّ "ٱلعادة هى طبيعة ثانية". وهو بقوله يشير إلى منهاجين فى نفس ٱلإنسان وكلاهما طباعة تشبه ٱلطباعة ٱلحجرية على ٱلسليكون. واحد منهما طباعته مفتوحة للتغيير وٱلمَحى وٱلتطوير وٱلتغيير من قبل صاحب ٱلنفس. وٱلثانى طباعته ثابتة مغلقة لا تتغيّر ولا تُمحى ولا تتطور. وهذا ما يبيّنه كتاب ٱللّه بقوله ٱلعربىّ:
"ونَفسٍ ومَا سَوَّـٰها(7) فَأَلهَمَهَا فُجُورَها وتَقوَـٰها(8) قَد أَفلَحَ مَن زَكَّـٰها(9) وقَد خَابَ مَن دَسَّـٰها(10)" ﭐلشّمس.
فٱلنفس ذات منهاجين. ٱلأول ثابت ومغلق يتعلّق بطور ٱلوحش قبل نفخ ٱلروح وهو منهاج ٱلفجور. وٱلأخر مفتوح على ٱلتَّلقِّى وٱلتغيير يتعلّق بٱلروح وهو منهاج ٱلتّقوى. وبعلم ٱلشخص لما فى نفسه من منهاج وبإدراكه لما عليه من مسئولية فى ٱختياره يتبع ٱلتقوى ويدرك حاجته للتغيير وٱلتطوير وٱلإصلاح وبها يكون سبيله إلى ٱلفلاح ٱلذى يأتى به فعل تزكيته لنفسه بصيطرته على منهاج ٱلفجور ومنعه من ٱلفعل. فيصدّق مسألة ٱلهلاك للأشيآء وٱلمفاهيم وتجددها ويعمل وفقها ولا يخالفها:
"كل شىء هالك إلاّ وجهه" 88 ٱلقصص.
كماۤ أنّه يصدّق قول ٱللّه عن نفسه:
"يَسئَله مَن فى ٱلسَّمٰوٰت وٱلأرض كلَّ يومٍ هو فى شَأنٍ" 29 ٱلرّحمٰن.
هذا ٱلشخص يعلم أنّ نفس ٱلبشر مخلوقة ومصنوعة بطبيعة مغلقة كبقية ٱلدّوآبّ وقد جرى فتحها بٱلنفخ فيها من رّوح ٱللّه ٱلذى يتغيّر شأنه كلّ يوم. وهو يعلم أنّ ٱلبشر حتى يصير خليفة للخالق وشأنه ٱلمتغيِّر عليه إدراك وفهم أفعال منهاج ٱلطبيعة ٱلمغلق وأفعال منهاج ٱلروح فى نفسه. وهو يعلم أنه يستطيع ٱلاختيار بين ٱلمنهاجين وإن ٱمتنع عن ٱلاختيار خضع لمنهاج ٱلفجور. فإن سار فى عيشه بقوّة منهاج ٱلفجور ٱلمطبوع وٱلمغلق يبقى كٱلدّوآبّ وكأنّ نفسه فقدت قدرة ٱلمنهاج ٱلمفتوح وهو ما نفخه ٱللّه فيها من روحه. أمآ إن سار بقوّة منهاج ٱلروح ٱلمفتوح على ٱلتغيير من شأن إلىۤ أخر كما هو شأن صانعه فيكون له شأن كلّ يوم ويصير إنسانا يتطور علمه وفهمه وفقهه وعمله وعيشه ويعلو فى ٱلأرض. وإن أدرك منهاج ٱلروح ٱلقدس وسعىۤ إلى تنزيله فى نفسه وإلى تثبيت فؤاده به يكون ٱبنًا للّه وإلٰها مؤيّدا منه بٱلروح ٱلقدس.
هذه ٱلمقدمة هى من أجل فهم مسألة ٱلعادات وٱلتقاليد وتأثيرهما فى سلوك ٱلناس فى بلادنا ٱلشاميّة. فهى تبيّن أنّ أكثرهم يخضع إلى صيطرة منهاج ٱلطبع ٱلمغلق ٱلذى يقعدهم عن إدراك أىِّ جديد وعن فهمه وفقهه. وبقعودهم يقعد عيشهم عن ٱلتطور فى وسآئله فيخيبون ولا يفلحون. فحال شعوبنا ٱلشاميّة يبيّن تمسّكها بٱلعادات وٱلتقاليد وهى تقتل أنفس أبنآئها من أجلها. وما تفعله وتقوله يبيّن صيطرة ٱلطبيعة ٱلثابتة ٱلمغلقة فىۤ أنفس أبنآئها وهى طبيعة ٱلفجور وٱلتّدسية وٱلخيبة ٱلتى تعيدها إلىۤ أصلها ٱلوحش. فتفكير أكثر أبنآئها ٱلمرتبط بمفهوم ٱلدين لا يخضع إلى عقل مع كتاب ٱللّه ليصدّقه. وما طُبع فىۤ أنفس أكثرية أبنآئها من منهاج تحت ٱسم دين هو طبعة مغلقة ٱنتقلت إليهم من ٱلأبآء لا تترك صاحبها يسمع ولا ينظر ولا يدرك ولا يفهم ولا يفقه ولا يؤمن بدين ٱلحقِّ. وهذا يظهر مع ردود ٱلفعل على ما يقوله ذو منهاجٍ مفتوح من أبنآء شام فى كتاب ٱللّه يختلف عمّا طُبع فىۤ أنفسهم من دين. ويوصل ردّ ٱلفعل لديهم إلى قتله بٱسم ٱلدين ٱلذى يظنون.
لقد كتبت وقلت أنّ للّه أبنآء من ٱلناس وهم أَلِهة بتأييد ٱللّه لهم بما نفخه فيهم من روحه وبٱلروح ٱلقدس ٱلذى ظهر لهم فىۤ أعمال وأقوال ٱلمثل عيسى. ومن بعد عيسىۤ أرسل ٱللّه لهم ٱلروح ٱلقدس وحيا وتنزيلا على قلب رسوله محمد وجعله يقرأه من قلبه إلى لسانه ويخطّه بيده كما نزل عليه. وبذلك يكون ٱلروح ٱلقدس ٱلذى قرأه محمد من قلبه وبلّغه للناس نسخة أصلية محفوظة بما فيها من رموز وخطٍّ وقوى فعل يجهلها ٱلمحرّفون إلى يومنا هذا. وقلت أنّ ٱلروح ٱلقدس هو وسيلة ٱلإنسان للخلافة فى ٱلألوهة. وقد أرسله ٱللّه للناس وجعله فى قرطاس بيد رسوله ليسمح لهم بتنزيله فىۤ أنفسهم وبه يتألهون. ورأيت ردود أفعال على قولى ظهرت فى مواقف ٱلذين طلبوا حذف قولى عن موقع "أهل القرآن". وفىۤ أفعال تصويت على ما قلته خفّضت درجة قبولهم له على موقع ٱلحوار ٱلمتمدّن. ولم أرَ ردّا أو قولا من ٱلطرفين يستند إلى كتاب ٱللّه ويجعلنىۤ أفكر فى شأنٍ وفى قولٍ مختلف عمّآ أدركته وفهمته من كتاب ٱللّه. فقولى يتبع مفهوم كلّ شىء هالك. وٱلهلاك يصيب أقوال ٱلناس بما فى ذلك أقوال أصحاب ٱلنّبىّ وٱلفقهآء وٱلمجتهدين مهما كان شأن تقديس ٱلناس لهم ولأقوالهم.
وبما وصلت إليه من فهم وعلم أقول عن أصحاب ردود ٱلأفعال على ما قلته من خلافة للإنسان وألوهته أنّ ردود أفعالهم تظهر أنّهم من ٱلذين قال ٱللّه عن قلوبهم "طُبع عليها". ومع ذلك فأناۤ أحرضهم على ٱلتفكير فى قولى عن ٱلألوهة وعن قلوبهم ٱلمطبوع عليها ليردّوا عليه بسند من كتاب ٱللّه. وأقول لهم أنّ حال أبنآء قومى هذا لا يترك نفسى تغرق فى حزن عليهم. فكلّ نفس بما كسبت رهينة. وقد بيّن ٱللّه أنّ قوم ٱلرّسول وهم قومى قد هجروا كتابه وأنّ أكثرهم لا يؤمنون. فأعلم أنّ هذاۤ أمر أراده ٱللّه من صناعته للنفس ذات ٱلمنهاجين ٱلفاجر وٱلتّقى. فأكثر قومى بمنهاج ٱلفجور ٱلمصيطر على قلوبهم يُثيرون مسألة ٱلدين ويدافعون عمّا ورثوه من عادات وتقاليد بقوّة ظنٍّ لا تقبل بقول جديد فى ٱلدين. وبعضهم بمآ فىۤ أنفسهم من طبيعة مغلقة يأجّون أبنآءهم ليفجروا فى ٱلأرض ويرجفوا فيها فيفسدون فيها ويقتلون. وستكون أفعالهم ٱلفاجرة سببا فى دفع ٱلمفتوح منهاجهم مِنَ ٱلناس إلى ٱلنظر فى كتاب ٱللّه للعلم وللمعرفة بأسباب ثورة وفجور ورجفة مَن يزعمون أنّهم أتباعه. وهم بنظرهم ٱلمفتوح فى كتاب ٱللّه سيعلمون لاحقا بٱلحقَّ وبدينه وسوف يؤمن منهم كثيرون ويصيرون أبنآء للّه وبتأييده يتألّهون. وسيكون لهم علم يقين أنّ أكثر قوم ٱلرسول كافرون بفعل ما طُبع على قلوبهم. وسيكون لهم حكم على فاعل ٱلأجّ وعلى ٱبنه ٱلمأجوج ٱلفاجر يستند إلى كتاب ٱللّه:
"لئن لم ينتهِ ٱلمنافقون وٱلَّذين فى قلوبهم مرض وٱلمرجفون فى ٱلمدينة لنغرينّك بهم ثمّ لا يجاورونك فيهآ إلا قليلا(60) ملعونين أينما ثُقفوا أُخذوا وقتّلوا تقتيلا(61) سنّة ٱللَّه فى ٱلذين خَلَوا من قبل ولن تجد لسنّّة ٱللَّه تبديلا(62)" ٱلأحزاب.
ٱلمرجفون هم ٱلذين يفعلون ٱلرجفات. وهم ٱلذين يعرفون بوسآئل لغو ٱللّغة بٱسم إرهابيين وأفعالهم تعرف بٱسم ٱلجهاد. أما ٱلمدينة فهو ٱسم للمجتمع ٱلذى يدين أهله لميثاق ديمقراطىّ مدينى. وهذا ٱلمجتمع يستمدّ ٱسمه وشرعته من ٱلمثل ٱلذىۤ أقامه ٱلرسول محمد فى يثرب ليكون منارة لِلديمقراطية ٱلمدينية فى ٱلأرض كلها.
أما ٱلمنافق فهو كل مَن يقول قولاً يأجوجا لا تصدّقه بيّنة علمية. وهو ٱلذى يعتمد فى قوله على مَن طُبع على قلبه يأجّه ويدفعه إلى فعل ٱلرّجف فى ٱلمدينة.
هذا ٱلحكم سيكون لمن ينظر فى كتاب ٱللّه بفعل ما يثيره قوم ٱلرّسول من صراخ ورجف وقتل بزعم دفاع عن ٱلدين وعن دياره. وهو سيكون له شأن جديد بما يعلمه من كتاب ٱللّه. أما قوم ٱلرّسول فٱللّه يعلم أنّ أكثرهم لا يؤمنون وسيكون للناظر فى كتاب ٱللّه علم بحالهم ٱلكافر وعلم بسبيله إلى وقف فجورهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة بإطلاق سراح ا


.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - استشهاد طفلين بسبب المجاعة في غزة




.. أمريكا.. طلاب مدرسة ثانوي بمانهاتن يتظاهرون دعما لفلسطين


.. وفاة 36 فلسطينيا في معتقلات إسرائيل.. تعذيب وإهمال للأسرى وت




.. لاجئون سودانيون عالقون بغابة ألالا بإثيوبيا