الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هى ..اشياء.لا..تشترى!!

شهد أحمد الرفاعى

2007 / 8 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


سمعت كثيرا عن اشياء ثمينة ، رخيصة تسرق، واناس وطائرات .. تخطف ولكن لم اسمع عن حرية رأى تخطف أو تسلب او يتم الحجر على قائلها بمقابل مادى أو بضعة دنانير.

هل يمكن ان يتحول المجتمع الى غابة يحكم فيها القوى الضعيف..ويسود فيها الغنى الفقير؟
هل يضيع من لا يملك ويكون البقاء لمن يملك ؟؟؟
لا ادرى حقا !! هل وصلنا الى هذا المستوى من الارهاب الفكرى والروحى ؟

تساؤلى هذا أعرف أنه ليس بالجديد ولكنه الحّ عليّ عندما قرأت فى جريدة الرأى الكويتية مقالا لكاتبة كويتية.. لا اعرف ان كانت مشهورة او غير ذلك ولكن الذى وصلنى من المقال انها تحتاج الى تجبير أخلاق.. وانها ايضا تملك الكثير من المال والقليل من اشياء اخرى تلزم الانسان كأنسان..

الكاتبة كتبت انها تتبرع بمبلغ الغرامة المفروضة من القضاء المصرى على الكاتب المصرى الكبير احمد عبد المعطى حجازى.. (عشرين ألف جنيه مصري )..ولكن ..مقابل ان يتوارى الكاتب المذكور ويحتجب تماما عن الظهور حيث ان وجهه ومظهره يسبب لها اشمئزازا وإزعاجا.
فكتبت تقول ( ورغم اختلافي الكامل والتام مع فكر وتوجهات حجازي، إلا إنني من باب درء الفتنة ورغبة في المساعدة على المستوى الإنساني، ..وووو..على استعداد للمشاركة في دفع مبلغ الغرامة لحجازي على أن يتعهد لي بالتالي: ألا يعود مجدداً لشتم الآخرين والتطاول عليهم تحت أي ظرف كان، ...والأهم من ذلك كله ألا يكثر من الظهور لأنني فعلا أرتعب من صوره المنشورة في كل مكان)*

وبذلك تكون الكاتبة الكويتية المتبرعة قد حققت باب الصدقة وباب الوصاية معا.. وتكون ايضا قد ألجمت الحقيقة والابداع من أولوية الظهور العلنى مقابل ( عطية ) من كيس دنانيرها الخاص ذو العطر النفطى.

ألم تقرأ الكاتبة قول الله سبحانه وتعالى: "يا ايها الذين امنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى" ؟ إعلمى ان الله سبحانه وتعالى هو من يعطى وهو من يأخذ وما عندك من عند الله ولا تملكين فيه شيئاً.

بل أعتقد ان الكاتبة يبدو وكأنها متأثرة الى حد ما بنظرية الاقتران الشرطى لبافلوف..وكأن وجه عبد المعطى حجازى يذكرها بشىء ما لا يعجبها ولا يتفق وروحها الحساسة فقررت أن تحرمه هذا الحق ..أو انها اطلقت مبادرتها الخجولة هذه معتقدة ان حجازى كائن مادى وليس جمالى.

لا اعرف حقيقة..شىء لم يحدث حتى فى العصور الوسطى!!.هل اصبح المثقف فى هذا العصر لا قيمة له الى هذه الدرجة ام هى نعرة التعصب الاقليمى بين دول الجوار ..الا يكفينا التشرذم السائد بين افراد الشعب الواحد فى سائر الاقطار العربية حتى تأتى الكاتبة وتزرع بذور حقد من نوع مخالف وجديد بين ابناء الوطن الواحد؟؟!!

الا تعرف هذه الكاتبة ان هناك شىء اسمه الرأى والرأى الاخر المخالف ؟؟!!

هل اصبح الابداع يشترى بالمال وهل اصبح من يملك المال فى استطاعته امتلاك حياة ومقدرات وافكار الاخرين؟؟!!

ام هو نوع من الاستعلاء الخفى المتحكم فى سلوكيات بعض دول الدولار النفطى..؟

أو لعل الكاتبة أرادت اختبار روح الدعابة السمجة لديها فأرادت المزح قليلا ..وربما ارادت ترطيب الجو من موجة الارهاب السائدة الان فى عالمنا العربى بأنواعه المختلفة

ام انها اصبحت وقاحات تبحث عن الشهرة والبطولة الواهية المبتذلة على انقاض قلم كاتب كتب يقول رأيه ؟

هل تحولت حياتنا الى مزاد نباع فيه ونشترى لمن يدفع اكثر؟

وهل من يملك المال والجاه من حقه التصرف بهذا القبح تجاه من لا يملك؟

ان احمد عبد المعطى حجازى المصرى غنى بقلمه وغنى بفقره وهيئته التى وصفتها الكاتبة قائلة..( كلما شاهدت صورته ارتعبت! ملامحه الكئيبة ونظراته الحادة المليئة بالسخط والغضب. المتهافت على البروز كحال أغلبية نجوم الثقافة لدينا، جاءته فرصة سانحة لأن تتصدر أخباره من جديد الصفحات الثقافية ويعود- وهو في شيخوخته- للعب دور البطولة بعد انحسار الأضواء عنه لسنوات.)
يا سيدتى.. هذا الوجه قد خلقه الله تعالى كما خلقك تماما ..هناك شىء يسمى الذوق والحرية .وهما توأمان لا ينفصلان ، فمن لا يملك أحدهما لا يعرف الاخر. واعتقد أنكِ تفتقرين الى احدهما
واذا كانت الكاتبة لم يعجبها ان يستفيد عبد المعطى من قضيته إعلاميا واتهمته بانه يلعب دور المناضل بتحدى القانون فبماذا تفسر موقفها هذا والصدقة المشروطة هذه ، وكأننا فى غابة والبقاء فيها لمن يملك اكثر؟؟
واذا كانت وصفته بالصنم الكبير القديم فبماذا نصفك يا سيدتى الفاضلة؟
شىء مؤسف ما وصلنا اليه من وضع متدنى فى كل شىء . انه انسلاخ اخلاقى مفزع يصيب حياتنا من كل جانب.
الاخلاق تنهار والمادة تستعمر كل شىء من حولنا والمبادىء تندثر نتجه الى تقديس الفردية والذاتية.
الحقيقة انا لا الوم هذه الكاتبة قدر ما ألوم الجريدة التى سمحت بنشر هذا المقال وقدر ما ألوم ايضا دور النقابات العربية المختلفة وفى بلدى خاصة ودورها الكبيرفى توفير حياة كريمة لأعضائها .. وقدر ما ألوم على المثقفين المصريين القادرين ماديا وفرارهم وقت الحاجة وتركهم الأقلام والافكار المصرية عرضة للبيع فى المزاد العربى.
هذا الكاتب هو مواطن مصرى دافع للضرائب و له حق العيش بكرامة فى بلده وليس التسول من الغير.ولابد من العمل على تحسين اوضاع المواطن المصرى ايا كان عمله ومركزه
اين دور الدولة والمجتمع بمؤسساته المختلفة واين دور صناديق التكافل الاجتماعى.لابد من ان تأخذ على عاتقها تحسين حالة المواطن العربى حتى لا يكون هناك حجازى اخر فى مجالات اخرى وربما تكون قائمة من المقامات الفكرية الرفيعة لن تنتهى.
الكاتب المصرى احمد عبد المعطى حجازى ليس الاول ولن يكون الاخير فى قائمة المقايضة والحياة المشروطة ..ساحة المال مقابل الفكر والكرامة للوصول الى هدف ما..فى نفس يعقوب.
يا سادة ما يحدث على الساحة الثقافية يصف لنا حال المثقفين الان فى عالمنا العربى وكيفية النظر اليهم ..وتدق نواقيس الخطر بقدوم فئة جديدة من سماسرة تملكهم الدولار قبل ان يملكوه فتحولوا الى اباطرة ارهاب فكرى ذميم ظنا منهم ان الكلمة رخيصة عند الجميع وفى كل الاحوال ومتناسين ان الله بدأ الكون بكلمة وكانت قبل كل شىء ( إقرأ ) واقسم بالنون والقلم..وما يسطرون.
واخيرا همسة فى اذن كاتبة المقال .. أتمنى لو إستعاذت من شيطان دينارها وأرضت ضميرها بصرف دنانيرها هذه التى تحيرها على المشاريع الخيرية ويا حبذا لو أعطت الجزء اليسير منها لبعض الخدامات السنغاليات فى الكويت اللاتى يخرجن من بيوت الخدمة ولا يعدن خوفا من ( ....) .
خير الكلام:
هى مطالب قليلة لكنها غالية القيمة والمعنى..الذل ابشع من الموت والعذاب افضل من العيش بدون كرامة ..والافضل الحياة بشرف وأنف والموت فى كفن .............هى اشياء لا تشترى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المرشد الأعلى في إيران هو من يعين قيادة حزب الله في لبنان؟


.. 72-Al-Aanaam




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تدك قاعدة ومطار -را


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في العراق تنفّذ 4 عمليات ضد




.. ضحايا الاعتداءات الجنسية في الكنائس يأملون بلقاء البابا فرنس