الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هوبز المفتري عليه

عصام عبدالله

2007 / 8 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


عبارة " الإنسان ذئب لأخيه الإنسان ".... التي غالبا ما يتم الاستشهاد بها لتلخيص مذهب هوبز في هذه الصيغة . تستحق وقفة ومراجعة ، ف" هوبز " ليس فقط هو مخترع هذه الصيغة ، وإنما النظرة المدققة لمجمل فلسفته ، تجد انها تتعارض بوجه خاص مع ما يشكل جوهر تفكيره . فليس ثمة من مجال للمقارنة بين الإنسان والحيوان ، بخصوص السياسة ، وبخصوص ما يشكل قاعدتها . والحال ان هذه الصيغة جاءت من التقليد المثلي الإغريقي ومن أفلاطون . واستشهد بها إرازموس ، وهو ما أمن لها انتشارا واسعا بين الإنسانيين في عصر النهضة ، كما ان هوبز يستشهد بها بدوره ، مع الصيغة المناظرة لها وهي " الإنسان إله للإنسان " .
الأمر الثاني أن ما جاء في كتبه من أفكار وتبصرات في صلب نظرية " العقد الاجتماعي " ، مهم جدا الآن بالنسبة لما يجري وما سوف يحدث في المستقبل المنظور ، في العراق وأفغانستان وفلسطين ، وهي تبصرات لا تخرج في النهاية عما قاله معظم الذين كتبوا في السياسة في العصر الكلاسيكي ، ومفادها : أن الفرد وحده ، أو علي الأقل الجزء الأساسي من الفرد - الذات القانونية تحديدا - هو شئ قابل حقا للتصور .
ان تصور الدولة سيكون إذا إرجاع هذا التصور إلي الفرد بصورة ما . وتحل نظريات العقد الاجتماعي هذه المشكلة بتعيين أصل قانوني للمجتمع ، هو العقد الاجتماعي الذي يتخلي بواسطته الأفراد ، مصدر السيادة ، عن كل حقوقهم أو عن جزء منها لتشكيل كائن جديد ، يستمد قوته وقوامه من هذا السلطان الذي يجري التخلي له عنه ... ثمة إذا ، في مرحلة أولي ، حالة الطبيعة أو الفطرة ، حيث يكون الأفراد أحرارا ، ثم لحظة العهد ، وفي النهاية المجتمع المدني .
معني ذلك ان ما تعطيه الأفراد للسيد الأعلي أو السيادة - Sovereigntyهو الثمن الذي يجب دفعه للخروج من حاله الطبيعة أو الفطرة . ينبغي إذا تكوين المجتمع المدني للإفلات من الحرب المهددة باستمرار . ولايكفي مجرد الأتفاق ( إذ يمكن الإخلال به في أي وقت وهو ما حدث بين فتح وحماس ) : يجب إعطاء القوة للسلطة المتشكلة هكذا ، أو بالأحري الحيلولة دون تمكن قوة أخري من الوقوف في وجه قوتها .
إن فرادة هوبز – حسب بيير فرانسوا مورو - لا تكمن إذا في كونه أسس علم السياسة ، بل كذلك في كونه بحث في الفيزياء وفي علم الجسم الانساني عن أساس له ، أو في كونه أعاد تنظيم مجمل المعرفة لتصبح مقروءه فيها المعرفة الاكثر ضرورة : معرفة الدولة . بعبارة أخري ، لا تتشكل المعرفة عبر الثورة فحسب ، بل ان هذه الثورة مستحيلة الا في منظومة للمعرفة وبها .... واذا لم تكن الثورة النظرية ممكنة الا عبر منظومة للمعرفة وفيها ، فهذه المنظومة بحد ذاتها هي معرفة الثورة .
ان جوهر فلسفة هوبز هذا السؤال : ... كيف يتوصل هذا الكائن الطبيعي بكامله الي تكوين دائرة واقع ثانية ، طبيعة مضادة ؟....... الجواب : ينبغي اذا ان يقصي الانسان نفسه من الطبيعة ، وان يندمج فيها بادئ ذي بدء ، في الوقت نفسه . ان توتر هذين الاشتراطين هو الذي يكون قلب فلسفة هوبز . أو بالأحري ان المنظومة بحد ذاتها ليست سوي جهد هائل للتفكير بهما معا ، احدهما بواسطة الآخر ، من أجل انتاج سلسلة المفاهيم التي سوف تجعل منهما قابلين للتمفصل ومن أجل استخلاص نتائج هذا التمفصل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجات.. مقارنة بين الأمثال والأكلات السعودية والسورية


.. أبو عبيدة: قيادة العدو تزج بجنودها في أزقة غزة ليعودوا في نع




.. مسيرة وطنية للتضامن مع فلسطين وضد الحرب الإسرائيلية على غزة


.. تطورات لبنان.. القسام تنعى القائد شرحبيل السيد بعد عملية اغت




.. القسام: ا?طلاق صاروخ ا?رض جو تجاه مروحية الاحتلال في جباليا