الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صفحات مجهولة من تاريخ الرقة: أرتين مادويان

اسماعيل خليل الحسن

2007 / 8 / 26
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


مقدمة عن الرقة*:
" هي مدينة في شمال شرق سورية على الضفة الشمالية لنهر الفرات, و هي عاصمة المحافظة المسماة باسمها, بناها الإمبراطور اليوناني سلوقس نيكاتور و أسماها نيكتوريوم في العصر الهيليني3000ق.م حتى نهاية القرن الأول ق.م وهي تحت انقاض العهدين الروماني و البيزنطي حيث سميت كالينكوم و ليونتوبوليس" و توتول.
" كانت الرقة مسرحا للنزاع بين الروم و الفرس إلى أن استقرت بيد الروم و كان أهلها من العرب الذين يدين أكثرهم بالدين المسيحي.
انتقلت الى حكم المسلمين بين 17- 18 هـ وفي عهد واليها سعيد بن عامر بن حذريم بدأت حركة إعمار, فبنى فيها جامعا من الآجر, أما في العصر الأموي فقد مرت على الرقة فترات ذهبية حيث انشأ هشام بن عبد الملك فيها قصورا وجسرا على الفرات".
"أما العباسيون فقد اهتموا بالرقة لأهميتها كمركز اقتصادي و تجاري., وخاصة لموقعها العسكري كثغر يواجه الخطر البيزنطي, وبعد بناء بغدد أرسل المنصور ابنه المهدي فبنى إلى جانبها مدينة الرافقة وجعل لها سورا على شكل نعل فرس ما زالت أطلاله ماثلة إلى اليوم , و قد اتخذ الرشيد الرقة عاصمته الصيفية فأصبحت جنة الشعر والأدب" ويقال إن الطريق كانت تظله الأشجار من الرقة حتى بغداد.
ونذكر من الشخصيات التي قدمت الى الرقة أو ولدت فيها: (مسلمة بن عبد الملك) وله حصن, و (ابن تيمية) الفقيه المعروف المولود في باجدة (سلوك) حاليا, (لا يبعد هذان الموقعان عن مسكن كاتب هذه السطور مئات الأمتار), و( ربيعة الرقي الشاعر المعروف), و (عبد الحميد الكاتب) وهو كاتب الدولة العباسية الأهم فقد ولد في الرقة الحمراء (الحمرة اليوم), و( محمد ابن أبي الحسن الشيباني) حيث كان يرافق الرشيد كرئيس للقضاء و هو تلميذ أبي حنيفة النعمان و مطور مذهبه, وقد زار الرقة أبو تمام و البحتري و الصنوبري شاعر الطبيعة الأهم في الشعر العربي.
وردت الرقة في الشعر العربي كثيرا, مما لا تتسع هذه المقالة لذكره.
تم أقفرت الرقة بسبب عوامل شتى كالزلازل و الإمراض الجائحة, و العوامل السياسية كالحروب و الفتن, فأصبحت الرقة منفى إجباري للمنشقين و العصاة و المعارضين.
آرتين مادويان:
كتب الأستاذ إبراهيم الخليل نقلا عن مذكرات آرتين مادويان في كتابه (حياة على المتراس) وهو احد قادة الحزب الشيوعي السوري اللبناني الذي يذكر فيه قصة نفيه إلى الرقة في عهد الانتداب الفرنسي مع زملائه في العام 1926م :
"وصلنا إلى الرقة في ساعة متأخرة أخذونا إلى مركز للشرطة بقيادة ضابط فرنسي سلمنا بدوره إلى رئيس بلدية الرقة الذي قادنا إلى خان** ووضعنا في غرفة تعج بالعناكب قائلا دبروا أنفسكم, أخذنا نتجول في المدينة فتعرفنا إلى بعض الأرمن, وبمساعدتهم استأجرنا غرفة لتمضية فترة الصيف لحين عودة أصحابها, وكنا نزور يوميا مكتب المسؤول الفرنسي لتأكيد وجودنا ,وبدأنا نعاني صعوبات مالية , خاصة مع تقلص المبلغ المتواضع الذي كنت قد حملته, طعامنا الأساسي كان اللبن مع المقثى (القثاء), قدمنا رسالة احتجاج إلى المفوض السامي الفرنسي طالبين منه أن يؤمن لنا وسيلة العيش.
وبعد انقضاء شهرين بدأنا نتسلم من السلطة المحلية في الرقة ستين غرشا يومياًَ لكل شخص, من هذا المبلغ كنا نقتصد شهريا خمس ليرات و ندفعها لصندوق الحزب".
ويذكر الكاتب في موقع آخر عطف الأهالي و محاولة مساعدتهم للمنفيين فيقول:
"في الواقع كانت رقابة الفرنسيين شبه معدومة, أما مركز البريد فقوامه غرفة واحدة بإدارة موظف واحد متقدم في السن ولا يلم بالفرنسية, و كان بحاجة لمساعدتنا كيما نقرأ له عناوين الرسائل المكتوبة بالفرنسية, ولم يكن محبا لفرنسا, و بفضل صداقتنا له كنا نعرف موعد وصول البريد ونتسلم جميع الرسائل و الصحف و المطبوعات الموجهة إلينا لحظة وصولها إلى المركز، يتردد العجوز أحيانا لكنه في النهاية يسلمنا المطبوعات كلها".
جريدة سبارتاك:
أما الحدث الأهم في ذلك فهو صدور أعداد جريدة سبارتاك الأولى من الرقة, و في ذلك يقول مادويان:
"بعد أن تسلمنا ورقا للطباعة الجلاتينية أصدرنا عددين من جريدة سبارتاك, صدر الأول في كانون الثاني عام1927م بمناسبة ذكرى الثورة الروسية الأولى عام1905م, و صدر الثاني قي أواخر كانون الثاني من العام نفسه بمناسبة ذكرى وفاة لينين وكان عنوان العدد الثاني "مات لينين فلتحيا اللينينية" ونشرت الجريدة مقالا مكتوبا بعث به الرفيق فوسفان هوفانسيان من بيروت, ومقالا حول إضراب عمال النسيج في حمص وحلب, أرسلنا جميع أعداد سبارتاك إلى حلب, كما استطعنا إرسال قسم منها إلى بيروت"
هذا غيض من فيض من مجهول التاريخ في الرقة, وأجمل ما في التاريخ هو كشف أوراقه المنسية المبعثرة هنا و هناك, فإلى صفحات أخرى و شخصيات أخرى متى يتسنى لنا الوقت و المعلومة الدقيقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كل ما بين هلالين عن بحث للأستاذ إبراهيم الخليل بعنوان أحداث لها تاريخ
** هو خان الشيوخ: منزل مازال قائما حتى اليوم وكان يستخدم مركزا لشركة السوس الانكليزية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟