الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صوفية نجديه .. لكنها متوحشه

ابراهيم سليمان

2007 / 9 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قال لي أن والده يكاد لا يفارق المسجد في رمضان فبعد صلاة الفجر يبقى في المسجد يصلي ويقرأ القرآن إلى طلوع الشمس .. وبالكاد ينام ثم يستيقظ ليذهب لعمله ويعود قبيل العصر , وبعد صلاة العصر يظل في المسجد إلى قريب المغرب يتعبد ويقرأ القرآن ..
قلت .. متى ينام إذا ..؟
قال : بعد صلاة التراويح يجلس معنا بالكثير ساعة وهو شبه نائم .. ثم يذهب لفراشه مثل الغريق ..
وأضاف انه في العشر الأواخر يستيقظ بعد منتصف الليل ليصلي التهجد .. فيقل نومه ويخف وزنه لان أكله قليل ويسود لون وجهه من التعب ..!
بعد هذا الحوار أصبحت صورة والده لا تفارقني أتأمل فيه وأفكر في هذا الإنسان العابد الزاهد .. وأنا اعلم انه ليس بدعا من الناس فهناك كثيرين يشبهونه وبنفس حالته وطريقته .. الحقيقة إنني حسدته على روحانيته وزهده وتصوفه , وعشقه ل الله وللعبادة , وتأمله الوجودي في كتاب الله , كنت أقول لنفسي ما أسعده .! كم هو جميل أن يكون في حياتنا مثل هؤلاء , يخففون من اللهاث على المال والمظاهر والأراضي و الأسهم .. أناس يحبون المثل العليا ويزهدون في وسخ الدنيا , وربما يشيعون بسلوكهم هذا قيم الزهد والطيبة واللين بدلا من التعصب والتزمت .
لكني بعد فترة من التأمل في ظاهرة العباد الزهاد في مجتمعنا اكتشفت أن هذا العابد الزاهد لا يحمل من التسامح عشر ما احمله أنا الذي لا أقارن به زهدا وعبادة وحبا للطعام والتلفزيون ..! تذكرت انه نفسه هذا الزاهد العابد لن يتردد في كراهية كل من يختلف معه في التفاصيل الدينية والفقهية , ولن يتردد في التبليغ للجهات المسئولة عن أي مخالفة شرعية يلاحظها مثل صورة في جريدة , أو صوت موسيقى ينبعث من محل , أو جار لا يؤدي الصلاة جماعة في المسجد , وانه سيردد من أعماق قلبه / الرقيق / أمين .. أمين .. أمين .. والدموع تكاد تفر من عينيه عندما يدعو الإمام في صلاة الجمعة على تسعين في المائة من البشرية بمن فيهم جيرانه و أقاربه الذين يعتبرهم ضالين مضيعين للدين , لمجرد أنهم يطالبون ببعض العدل والإنصاف والحريات , أليس أبطال الهيئات .. وأبطال القاعدة .. ينقطعون أيضا للعبادة والزهد .. الم يقل الرسول انه سيخرج قوم في أخر الزمان تحقرون صلاتكم عند صلاتهم وصيامكم عند صيامهم .. ثم قال عليه السلام .. إنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية , إن هؤلاء الزهاد العباد في بلادي منبع // تصوفهم // ليس محبة الله ولا محبة الرسول .. ولكن المنبع هو الهستيريا التي صنعها تكرار سماع الأحاديث التي موضوعها العذاب وصوره .. إن منبع عبادتهم هو الأقرع والمرزبة والدابة والحيات والجلود التي تتبدل كلما احترقت .. لذا هم لم يستطيعوا أن ينشئوا قيما راقيه إنسانيه لأن زهدهم صنعته النار وخيالات جهنم وليس الجنة ونعيمها .. لذا لن يتردد واحدهم في الفرار من تلك الخيالات المرعبة بأن يقذف بغيره في جهنم الأخرى .. إن منبع عبادنا وزهادنا هو الفتاوى وكلام الوعاظ والمخوفين .. وليس التأمل في الخلق وليس كلام الصوفيين في حب الحياة والخالق ورسوله .. إنهم عباد وزهاد الأنانية بل إنهم مسامير وصواميل في ما كينة الإخوة الكبار مهما ترقرقت الدموع في العيون .. ومهما تهجد الصوت وهو يقرأ القران .. ففي الأعماق الوحش الذي ربته العقود الطويلة من التعصب والتزمت .بعد هذا التأمل تبدلت نظرتي و أصبحت ارثي لحال هؤلاء .. لم اعد أجد فيما يفعلون إلا كما يقول الحديث كم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش .. لأنهم بقوا عند القشرة و لم يقتربوا من جوهر الدين الذي اسر قلوب الملاين .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي