الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنظمات الحقوقية ودورها الريادي في عالمنا الأمني

محي الدين عيسو

2007 / 9 / 18
المجتمع المدني


إن مدى وجود المجتمع المدني وفعاليته تشكل الحد الفاصل بين الدولة التي تحترم خيارات شعوبها وبين الدولة غير العابئة بهذه الخيارات، كما تحدد الفارق بين الدولة التي اندرجت في مسار احترام وتعزيز الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان وبين الدولة التي ما تزال تشكل عائقا أمام هذا المسار، أمام هذا الفارق يمكننا التكلم على أهمية المنظمات الحقوقية التي تدافع عن إنسانية الإنسان المغيب عن الساحة السياسة وممارسة حقوقه الأساسية عبر المشاركة الفعالة في طرح معاناة المواطنين والدفاع عن قضاياهم السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والمهنية وكل ما يتعلق بالحقوق المشروعة .
فقد وهب الله تعالى الإنسان العقل وكرمه بالضمير والأخلاق ليكون بالمستوى الذي يدافع به عن أخيه الإنسان في وجه من يعتدي على كرامته ويحجز حريته في التعبير عن آرائه ويكون السبب في آلامه وأزماته من خلال قول الحق والوقوف في وجه من يتطاول على القانون وكذلك الدفاع عن المواطن في وجه الأجهزة التي تسعى إلى قمعه والضغط عليه من أجل إبعاده عن دائرة القرار السياسي عبر تأسيس منظمات حقوقية تدافع عن إنسانية الإنسان المغيب عن الساحة السياسة وممارسة حقوقه الأساسية عبر المشاركة الفعالة في طرح معاناة المواطنين والدفاع عن قضاياهم السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والمهنية وكل ما يتعلق بالحقوق التي وهبها الله له .

حيث تلعب المنظمات الحقوقية أو حركات حقوق الإنسان دوراً في تغيير الثقافة السائدة بين السياسيين والمثقفين والصحفيين في المجتمعات النامية عبر فكر جديد يتلائم مع المتطلبات العصرية لحياة أفضل ومستقبل أفضل لإنسان قابل على التطور وتقبل الآخر عبر طرح مشاريع دستورية, ثقافية، اجتماعية، حقوقية، خدمية، وناضلت على كافة المستويات لخدمة الإنسان فقد أصبحت قضية حقوق الإنسان في القرن الواحد والعشرين من أهم القضايا السياسية والثقافية على حد سواء وتشغل بال الجميع باعتبار أن الدولة التي لا تحترم حقوق الإنسان أصبحت مهددة بالعقوبات وبمقاطعة المجتمع الدولي وحتى بالحرب، بينما الدولة التي تحترم حقوق الإنسان ووقعت على الاتفاقيات الدولية وتحترم توقيعها تعمل فيها المنظمات الحقوقية بشكل سلس وتتفاعل مع المجتمع وتلعب دوراً مهماً فيه، كما توجد فيها وزارة حقوق الإنسان تفضح الانتهاكات، وتكون مستقلة عن السلطة الحاكمة ، بحيث تدافع عن الإنسان لتصبح حقوق الإنسان حقوقاً عالمية بعيداً عن الدين أو الجنس أو اللغة أو الطائفة أو الأصل القومي، وتكون غايتها الأساسية إنسانية الإنسان، ورفع شأنه في المجتمع وتعليم مبادئ حقوق الإنسان عبر كوادر متخصصة ودورات منتظمة في هذا المجال ، ولكنه في العالم العربي ما تزال السلطات الحاكمة تمارس التضييق واعتقال كوادر المنظمات الحقوقية، والتعذيب في السجون، والاختفاء القسري، وعدم الاعتراف بحرية الفكر والتعبير عن الرأي، وبحقوق الأقليات ، والتدخل في أبسط تفاصيل الحياة الإنسانية ، وكذلك نمو مظاهر التطرف الديني التي تقمع بشدة وترفض حقوق المرأة ومساواتها مع الرجل .

فكرة حقوق الإنسان، أو إنشاء منظمات حقوقية تدافع عن الإنسان وتناضل في سبيله في العالم العربي هي فكرة جديدة لا تتجاوز عمرها الأربعة عقود، وكان الانطباع السائد في الأوساط السياسية والثقافية، بأن هذه المنظمات هي منظمات ذات طابع أجنبي مرتبطة بالمصالح الأجنبية وضد كل ما هو عربي أو مسلم، وتغير الموقف في الآونة الأخيرة وأصبحت الدولة التي تستمر في انتهاك حقوق الإنسان تبدو أكثر فأكثر وكأنها تعبر عن وحشية وهمجية الحكم القائم، وتعاظمت المنافسة على الظهور بمظهر المحترم لحقوق الإنسان من أجل تقديم صورة حسنة عن البلاد، إلا أنه ما زالت في البلاد العربية ومعظم البلدان النامية انتهاكات حقوق الإنسان تتفاقم يوماً بعد يوم، بسبب همجية النظام الحاكم في أغلب الدول العربية وأنانيتها، والنظرة الدونية إلى الشعب، وعدم وجود قوانين صارمة تحاسب السلطة الحاكمة في حالة الاعتداء على كرامة المواطن وسلب حقوقه، واعتقال العديد من المناضلين في مجال حقوق الإنسان، والضغط على كوادر الحركات الحقوقية، مع أن معظم المنظمات الحقوقية في العالم العربي عملت على تكريس مبادئ حقوق الإنسان دون أن تنخرط في العمل السياسي، ولم تكن غاياتها السيطرة على نظام الحكم أبداً وإنما حاولت أن تفضح الانتهاكات التي تحصل في المجتمع بالطرق السلمية، من بيانات واعتصامات ومظاهرات وتوعية الجماهير بضرورة الدفاع عن حقوقهم وعدم السكوت عن الجرائم التي ترتكب بحق قيمهم ومبادئهم وأخلاقهم ، وتمارس الضغط على السلطات الحاكمة من أجل وضع قوانين تتماشى مع المبادئ السامية والقيم النبيلة للإنسان، وتناضل في سبيل رفع مستوى الوعي السياسي والثقافي لعامة الناس دون أن تكون طرفاً في الصراع السياسي القائم على المكاسب السلطوية، وبهذا المعنى يمكن القول أن منظمات حقوق الإنسان تشكل مرجعية أخلاقية في تطوير أداء الأحزاب السياسية، وتقف على خط متساوي بين السلطة الديمقراطية حصراً وبين الشعب بحيث تفضح انتهاكات حقوق الإنسان من أي طرف، وتعمل على تقديم المشاريع الحقوقية التي ترفع من قيمة الإنسان وتزيد قدرته على الإبداع في كافة المجالات.

فالغاية النبيلة والتحدث بضمير عامة الناس يؤدي إلى استقطاب المثقفين والسياسيين وكافة شرائح المجتمع للعمل في المنظمات الحقوقية، لا بل تزيدهم إصراراً على جعل مبادئ حقوق الإنسان سلوكاً لهم في الخطاب والممارسة، وبالتالي تنخفض نسبة الانتهاكات سواء من المجتمع أو من السلطة الحاكمة في حال ديمقراطيتها وشفافيتها في التعاطي مع هذه المنظمات الحقوقية وتعاملها الأخلاقي مع مناضلي حقوق الإنسان وإفساح المجال لهم لممارسة دورهم في المجتمع، بحيث يصبحوا العين الساهرة على أمن وسلامة المواطن .
فقد جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ثمرة جهد كبير من أشخاص تفانوا في خدمة الإنسانية، حيث أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 كمجموعة من المبادئ العامة التي يجب أن تلتزم بها الدول التي توقع على هذا الإعلان، وتحترم خصوصية حقوق الإنسان بعيداً عن الجنس أو الدين أو اللغة أو الانتماء القومي أو الطائفي، ولكنها لم تلزم الدول الأطراف قانونياً بضرورة الالتزام ببنود هذا الإعلان وإنما كان الإلزام أدبياً وأخلاقياً فقط ، مما ولد الكثير من الانتهاكات التي ارتكبتها الأنظمة الحاكمة بحق المواطن ، وفي عام 1966 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان، التي تفوق بأهميتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إذ تفرض على الدول الموقعة على الاتفاقية التزاماً قانونياً بوجوب احترام حقوق الإنسان، فتتعهد الدول الموقعة على الاتفاقية بحماية شعوبها بالقانون ضد المعاملة القاسية، والمهينة ، وتعترف بحق الإنسان في الحياة والحرية والأمن ، وتحرم العبودية وتضمن الحق في محاكمة عادلة وتحمي الأشخاص من الاعتقال والحجز التعسفي ، وتقر حرية التفكير والضمير والديانة وحرية الرأي والتعبير والحق في التجمع السلمي والهجرة وحرية الارتباط بالآخرين

لقد دافعت المنظمات الحقوقية والعاملين في مجال حقوق الإنسان عن الشعوب التي تتعرض للظلم وتُسلب منها الحقوق، وأقرت أن يكون لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها، ولها بمقتضى هذا الحق أن تحدد بحرية مركزها السياسي وتسعى بحرية إلى تحقيق إنمائها الاقتصادي والاجتماعي ، حيث دافعت المنظمات الحقوقية عن حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على أرض فلسطين وحقه في تقرير مصيره وعودة جميع اللاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم ووقفت إلى جانبهم في وجه الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق أطفال فلسطين العزل، كما أقر مؤتمر دار البيضاء لحقوق الإنسان بحق الشعب الكردي الذي يبلغ تعداده قرابة الأربعين مليون بتقرير مصيره بنفسه .وهو الذي يتعرض لأبشع أنواع الظلم من جراء سياسة التميز العنصري والممارسات الاستثنائية المطبقة بحقه من قتل وتشريد وتجريد من الجنسية ومجازر جماعية . ونددت المنظمات الحقوقية بالمجازر التي ترتكب في جنوب السودان ودارفور وطالبت مرات عدة بضرورة تحقيق السلام وإيقاف الحرب الدائرة في السودان وغيرها الكثير من المطالب والتقارير التي كانت ترفعها إلى هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن بضرورة تنصيف الشعوب المضطهدة وإعادة الحقوق إلى أصحابها، وعملت على تحرير الإنسان من الخوف والظلم والاستبداد، عبر المطالبة بحقوقه وعدم السكوت عن الجرائم التي ترتكب بحق إنسانيته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس...منظمة مناهضة التعذيب تحذر من تدهور الوضع الصحي داخل ا


.. الأونروا مصممة على البقاء..والوضع أصبح كارثي بعد غلق معبر رف




.. كلمة أخيرة - الأونروا: رفح أصبحت مخيمات.. والفلسطينيين نزحوا


.. العضوية الكاملة.. آمال فلسطين معقودة على جمعية الأمم المتحدة




.. هيئة التدريس بمخيم جباليا تنظم فعالية للمطالبة بعودة التعليم