الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحزب الوهابي ( 8 ) دعوة إلى مناهج السلف الاستعماري الصالح !

علاء الزيدي

2007 / 9 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقول الجاسوس البريطاني المستر همفر في مذكراته (1) :
" تعرّفت ُ على شاب يعرف اللغات الثلاث التركية والفارسية والعربية . كان في زيِّ طلاب العلوم الدينية وكان يسمّى محمد بن عبد الوهاب . كان شابـّا ً طموحا ً للغاية ، عصبيّ المزاج . وكان يقلـِّد نفسه في فهم القرآن والسنـّة ، ويضرب بآراء المشايخ ؛ ليس مشايخ زمانه والمذاهب الأربعة فحسب ، بل بآراء أبي بكر وعمر أيضا ً عرض الحائط . لقد وجدت فيه ضالـّتي المنشودة ، وعقدت بيني وبينه أقوى الصلات والروابط . وكنت أنفخ فيه باستمرار ، وأبيـّن له أنه أكثر موهبة من عليّ وعمر ، وأن الرسول لو كان حاضرا ً لاختاره خليفة ً له . وكنت أعبـِّر له عن أملي بأن يكون تجديد الإسلام على يده .
وقد قرّرت معه أن نناقش القرآن على ضوء أفكارنا الخاصة . وكنت أقصد إيقاعه في الفخ . وأخذت أسحب رداء الإيمان عن عاتق الشيخ شيئا ً فشيئا ً ، وأخذت في إذكاء روحه في أن يكوِّن لنفسه طريقا ً ثالثا ً غير السنـّة وغير الشيعة . وكان يستجيب لهذا الإذكاء لأنه يشبع غروره .
وذات مرة ، دعوته للتآخي فيما بيننا ، فتآخينا . ومنذ ذلك الحين ، كنت أتبعه في كل سفر وحضر . وكنت أهتم بأن تؤتي الشجرة التي غرسها ثمارها التي صرفت لأجلها أثمن أوقات شبابي . وكنت أكتب بالنتائج إلى لندن كل ّ شهر ٍ مرّة ، وكان الجواب يأتيني بالتشجيع .
كانت مهمّتي أن أربـّي فيه حالة التشكيك ، وكنت أبشِّره دائما ً بمستقبل زاهر . ولما كان لايريد الإقامة في البصرة ، فقد أشرت عليه بأن يذهب إلى إيران . وقلت له اتـّقِ الشيعة وتمتع ببلادهم ، فإن ّ ذلك ينفعك أكثر النفع في مستقبل حياتك .
ثم أتتني الأوامر بضرورة التوجه إلى لندن فورا ً . فتوجهت إليها . وهناك أبدى وزير المستعمرات ارتياحه الكبير من السيطرة على محمد ، وقال إنه ضالة الوزارة . وحينما أعربت عن قلقي على مصيره بعدي طمأنني الوزير وقال إن الشيخ لايزال على مافارقته عليه من الآراء والأفكار ، وقد اتـّصل به عملاؤنا في أصفهان . وتبيـّن لي فيما بعد حين التقيت بالشيخ أن شخصاً اتـّصل به في أصفهان وقال إنه أخ ٌ للشيخ محمد ، يقصدني أنا ( 2 ) .
وبقيت في لندن ، مدّة ً ، حتى أتتني أوامر الوزارة بالتوجه إلى العراق ثانية ً لتكميل الشوط مع محمد بن عبد الوهاب . وا ُمـِرتُ من قبل الوزارة بأن أتكلم مع الشيخ بصراحة . وقالوا إن عميلنا في أصفهان تكلم معه وقبـِل الشيخ العرض ، على شرط أن نحفظه من الحكومات والعلماء الذين لابد وأن يهاجموه بكافـّة السبل ، حينما يبدي آراءه وأفكاره ( 3 ) وأطلعتني الوزارة على خطتها الدقيقة التي يجب أن ينفذها الشيخ وهي :
1- تكفير كل المسلمين وإباحة قتلهم وسلب أموالهم وهتك أعراضهم وحلـّية جعلهم عبيدا ونسائهم جواري .
2- هدم الكعبة باعتبارها أثرا ً وثنيا ً إن أمكن ومنع الناس عن الحج وإغراء القبائل بسلب الحجاج وقتلهم .
3- هدم القباب والأضرحة والأماكن المقدسة عند المسلمين في مكة والمدينة وسائر البلاد التي يمكنه ذلك فيها بحجة أنها وثنية وشرك والاستهانة بشخصية النبي محمد ورجال الإسلام بما يتيسـّر .
4- نشر الفوضى والإرهاب في كل مكان .
وحينما عدت إلى الشرق الأوسط والتقيت بالشيخ وعدني بتنفيذ مايمكنه تنفيذه من الخطة . وبعد سنوات من العمل تمكنت الوزارة من جلب محمد بن سعود إلى جانبها . وأبلغتني بوجوب التعاون بين " المُحَمـَّديْن " فمن محمد بن عبد الوهاب الدين ، ومن محمد بن سعود السلطة . وهكذا اتخذنا من الدرعية ( 4 ) عاصمة ً للحكم والدين الجديد . وهكذا أيضا ً كان " المُحـَمّّـدان " يسيران على مانضع من خطط .
أصبح واضحا ً ، بعد هذا الإستعراض الوثائقي لحياة وسيرة محمد بن عبد الوهاب ، أنه كان تلميذا ً مجتهدا ً ومطيعا ً للدوائر الكولونيالية واليهودية العالمية ، التي أخذ عنها ، بشكل مباشر ، منهجه الفكري- السياسي ، وإن غلـّفه بقشور وأغطية من فكر ابن تيمية .
ولاريب في أن الدوائر وجدت في هذا الفكر السطحي ومفرداته وتخريجاته واستدلالاته واستنتاجاته خير غطاء ويافطة لدعوتها الوهابية الجديدة ، التي أسمتها – اعتمادا ً على مصطلحات ابن تيمية نفسه – الدعوة إلى مناهج السلف الصالح ، إستدراجا ً للبسطاء ، وقد حقّـقت في هذا الإتجاه نجاحات باهرة .

************************************

إبن عبد الوهاب وابن سعود : تحالف السيف والفكر السقيم

************************************

شتاء عام 1904 ، تمكـّن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود من إلحاق الهزيمة بالقوات المشتركة التابعة لآل رْشـَيد ، في معركة عنيزة . وبعد أن وضعت الحرب أوزارها ، استطاع أمير عنيزة ، مجيد بن حمود آل رشيد ، أن يهرب قبل أن تقبض عليه قوات ابن سعود ، فيما وقع اخوه عبيد أمير بريدة في أسرها . ونـُقـِل َ عبيد آل رشيد مكتوف الأيدي ليمثل امام الخصم العنيد لآل رشيد ، أي عبد العزيز آل سعود ، وليواجه مصيره المحتوم ، على يد من يدّعي إمامة المسلمين ، في الوقت الذي لايجيز الإسلام قتل الاسير .
لنستمع إلى عبد العزيز نفسه ، وهو يروي – بنشوة بالغة – كيفية قتله عبيد آل رشيد ( 33 ) ، بعد مضي ّ عدة عقود على الحدث التراجيدي :
" ضربت ُ إحدى ساقيه أولا ً ، فعقرتـُها . ثم ملت ُ بسيفي على رقبته فقطعتها . ووقع رأسه جانبا ً ، فتدفـّقت دماؤه كالعين الفوّارة . وأهويت بضربتي الثالثة على قلبه .. صدّقني [ يخاطب روبرت لاسي صديق آل سعود ومؤلف كتاب المملكة ] .. لقد رأيت قلبه وقد انفلق ، وكانت كل من الفلقتين مازالت تنبض .. كانت لحظة مفعمة بالسرور .. لقد قبـّلت سيفي حينها " !
إنه السيف ، رمز الإحتلال السعودي - الوهابي للأرض المقدسة ، والشعار الذي يزيـّن علم السعودية ، وهو فوق ذلك الإرث الذي كان هؤلاء أوفياء له إلى أبعد الحدود .
يخاطب القطب الصهيوني فلاديمير جابوتنسكي عامـّة اليهود مؤكدا ً على هذا الجانب ، بالقول :
" بإمكانكم أن تلغو كل شيء : القلانس والأشرطة والشارات الملوّنة ، الشراب المفرط والأناشيد .. كلّ .. شيء .. ماعدا السيف . يجب أن تحتفظوا بالسيف . فالقتال بالسيف يرجع تاريخه إلى أجدادنا القدامى . وعنهم أخذنا التوراة والسيف " ( 34 ) .

______________________________________________________________________________________________________


1- مذكرات مستر همفر ، الجاسوس البريطاني في البلاد الإسلامية – ترجمة الدكتور ج . خ – ص 30 – 85 ، باختصار وتصرُّف يسير .
2- ألا يمكن أن يكون المستر همفر هو الشيخ محمد المجموعي نفسه ؟
3- " حاولت جهات كثيرة ، والقبائل العربية قتل ابن عبد الوهاب ، لكنه كان ينجو كل مرّة من الموت بسبب أطراف سرية كانت تحميه وتعدّه لأهداف معينة " – سياست وإستعمار در خاور ميانه – د. عبد الصاحب يادگاري – ص99 .
4- ليس صدفةّ أن تكون الدرعية بلاد مسيلمة الكذ ّاب ( كشف الإرتياب – ص6 ) وعاصمة آل وهاب وآل سعود في آن ٍ واحد !
5- سرزمين سلاطين ( أرض السلاطين ) الترجمة الفارسية لكتاب : The Kingdom , Robert Lecey , London , 1980 .
6- لورنس العرب – زهدي الفاتح – ص 22 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنيش: صاروخ الشهيد جهاد مغنية من تصنيع المقاومة الإسلامية وق


.. الأهالي يرممون الجامع الكبير في مالي.. درّة العمارة التقليدي




.. 121-Al-Baqarah


.. 124-Al-Baqarah




.. 126-Al-Baqarah