الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بدون تحقيق العقد الاجتماعي في العراق لن تعود اواصر الاخوة بيننا من جديد

علي جاسم

2007 / 9 / 18
المجتمع المدني


الكل ينظر الى الوضع في العراق من زاويته الخاصة التي تتناغم وتنسجم مع ما تحتويه مخيلته وذهنيته من اهداف متعددة يسعى الى تحقيقها بكل الوسائل المتاحة سواء كانت اهدافه نابعة من الروح الوطنية الخالصة او تسعى لتحقيق مشروعاً تأمرياً يروم الى افشال التجربة الديمقراطي العراقية حتى لوكان ضحية هذا المشروع ارواح الملايين من الابرياء.
وكلا الهدفين لهما من يبشرلهما ويدافع عنهما فالصراع بين مفهومي الخير والشر بدأ منذ انزل الله خليفته في الارض ومازال مستمر على نحو متفاوت فتارة نجد وتيرة الخير تزداد هنا وتارة اخرى قوى الشر تزداد هناك وهكذا ، لكن المتتبع لوضع العراق يجد ان عناصر الشر وقوى الظلام هي التي تفرض سيطرتها الاان على واقع شعبنا المبتلى بالرغم من ان عمليات تطهير البلد من انجاسهم مستمرة وبوتائر متصاعدة في حين ان جانب الخير لدى الفرد العراقي بات يضمحل ويتلاشى مع ازدياد تعرضه للحرب النفسية المفتعلة والموجه نحوه من دول متعددة .
ولوفرضنا ان القوى الخيرة في البلد استطاعت ان تستفيق من جديد وتمكنت من اعادة الهيبة لسلطة القانون وقضت على جميع الاحالم الوهمية لافشال التجربة وترجحت كفة الساعيين الى بث الروح الوطنية ممايعيد العراق الى محيطه العربي والدولي لاسيما ان مقومات النهوض جاهزة وفرص الاستثمارالاقتصادي والعمراني تنتظر من يفتح امامها الابواب الموصودة ،فهل يستطيع المجتمع العراقي ان يعود الى ماكان عليه قبل ثلاثة عقود اي فترة السبعينات والثمانينات عندما كانت وشائج الاخوة الاجتماعية في ذروتها؟
الجواب على هذا السؤال يحتاج الى تفكير معمق ودقيق لان قوى الشر تحركت خلال الثلاثة سنوات الماضية بشكل سريع جداً وعملت على تهديم كافة الاواصر الاجتماعية فهناك الاف العوائل المشردة ومثلها مهجرة قسراً وتحولت مناطق العراق الى احياء طائفية يعادي بعضها الاخر ولايستطيع احد ان ينكر تلك الحقيقة المرة لان الجميع يعيشون في اتون الصراعات الطائفية المقيتة،صحيح انها قلت بعض الشيء في الاونة الاخيرة الاانها موجودة ومازلت ترعب الابرياء بكافة انحاء بغداد.
ان الوضع الامني المستقر والتطور الاقتصادي المنتعش لايعيدان وحدهما العراق لوضعه الطبيعي مع غياب اللحمة الاجتماعية لان المشكلة الحقيقية التي تواجه العراق تكمن في تفكك المجتمع العراقي على اساس عرقي وطائفي وقومي وهذا التفكك جاء نتيجة القتل العشوائي المستمرعلى الهوية والتهجير القسري وعمليات التفجير اليومية ..لذلك فان اية نظرة لمستقبل العراق ينبغي ان تضع في حساباتها العنوان التفكيكي والتمزيقي للمجتمع العراقي، ففي السابق كانت الاواصر والروابط الاخوية سمة اساسية للمجتمع واليوم نخرت عظام تلك الاخوة حتى النخاع فلم يعد الشعب العراقي يتمسك بعاداته ولاتقاليده فابن هذه الطائفة لم يشارك صديقه من طائفةٍ اخرى في احياءِ طقوسه الدينية كما كان يفعل في السابق بل انه وبجهود الافكار التكفيرية الهدامة التي تتبناها القاعدة اصبح يسخر من تلك الطقوس ويعتبرها كفراً برغم من كونه الى حدٍ قريب احد المساهمين في اقامتها، ولم تعد هذه الطائفة تقبل زواج ابنتهم من ابن طائفة اخرى رغم ان شقيقاتها متزوجات من نفس طائفة هذا الشاب العراقي الذي يحاول كسر قيد الطائفية ويريد ان يزرع الورود حتى لو في ارض قاحلة .
لذلك اصبح بالضرورة تطبيق نظرية العقد الاجتماعي في العراق لان الجميع يتصور وهاماً ان مشكلتنا هي الامن والاقتصاد.. لقد عشنا خلال العقد الماضي حصاراً اقتصادياً مريراً وطرقنا ابواب جميع الصناعات الشعبية فتارة تجدنا حمالين في اسواق جميلة او الشورجة اوساحة السباع وتارة اخرى مهنة البناء احنت ظهورنا وخدمة المطاعم اذلة عراقيتنا لكن بنيتنا الاجتماعية كانت قوية وغير مفككة ولم نختلف يوماً على فسيفساء الامور ولم نفكر ونحن نتقاسم رغيف الخبز باننا من طائفتين اوقوميتين مختلفتين ،اذن لم يكن الفقر اوالعوز يوماً عاملاً للفرقة والتفكك بل على العكس اصبح عاملاً للتوحد والتماسك لان الشعب العراقي معروف بنخوته العشائرية التي تكاد تميزه عن محيطه العربي.
قد يكون للامن والفقر اثر على استعداد المواطن العراقي في تقبل المفاهيم الدخيلة الداعية الى التفرقة والتمزق لكن تبقى المشكلة المركزية للتفكك الاجتماعي متعلقة بشخصية الفرد العراقي نفسه وبمدى مايمتلكه من قابلية على تجاوز افرازات المرحلة الراهنة التي ادت الى زيادة معاناته ومشاكله ،لذلك فان اية محاول لقوى الخير للملمت البيت العراقي من جديد واعادته بنيته التكوينية والاخلاقية لانشاء مجتمع رصين متماسك يتطلب جهود استثنائية يكون للفرد العراقي الدور الابرز في نجاحها من خلال تجاوزه لكافة الخلافات الطائفية والعرقية التي يدفع ضحيتها المجتمع يومياً اما بخسارة ابنائه بسبب القتل على الهوية او بخسارة رومزه العلمية والاجتماعية والدينية التي اخذت تترك العراق بحثاً عن ملاذٍ امن.. وعلى الشخصية العراقية ان تتعامل مع يجري من حولها بوطنية عالية وحرص كبير وان تتجنب الوقوع في مطبات الاقتتال والتفرقة الطائفية التي زرعها الاغراب بيننا وينبغي ان ننسى مساوئ المرحلة الماضية و نؤسس مجتمعاً قوياً قادراً على النهوض من جديد.
فعندما نتحدث عن العقد الاجتماعي فاننا نحاول ان نؤسس مجتمعاً يحذو حذو الدول الاوربية في انتهاجها المبدأ العلماني لان كلا المفهومين يرتبطان ببعضهما ارتباطا بنيوياً واحداً، لكن نحن لانريد ان نؤسس لمفهوم البيعة الذي يتجسد في الفهم الاسلامي للعقد الجتماعي بل نؤسس لدولة مؤسسات مدنية يتنازل فيها الفرد للجماعة التي ينتمي لها عن بعض حقوقه مقابل حصوله على مكاسب اخرى تضمنها له الدولة وتمهد الى تكوين مجتمع مترابط ومتماسك .
فبالرغم من الاخفاقات الكبيرة التي حصلت خلال الاربعة سنوات الماضية في الجانب الاجتماعي والامني والاقتصادي الاان المشهد السياسي العراقي سجل تغيرات وتطورات كبير وواضحة وعلى كافة الصعد سواء في مايتعلق باجراء الانتخابات لتشكيل اول برلمان واول حكومة منتخبة دون وصاية اوضغوط فضلاً عن وضع دستور جديد يؤسس لاقامة دولة ديمقراطية مؤسساتية تضمن الحقوق العامة والخاصة للشعب العراقي اضافة الى تبني الحكومة لمشروع المصالحة الوطنية الساعي الى توحيد الصفوف ، وكل تلك الامور هي قريب جداً من مفهوم العقد الاجتماعي وتكاد تكون احدى ركائزه .
ان المجتمع العراقي يحتاج الى صحوة كبيرة تنقله من حالت الفوضى والتفرقة الى حالت النظام والتوحد وعندما نقول المجتمع فاننا اصبنا عين الحقيقة ،لان المجتمع بكافة طوائفه وقومياته لابد ان يتجرد من كافة الافكار الرجعية التي اوصلته الى هذا الوضع المرزي ،وعلى المجتمع ان يتبنى فكرة انشاء وطن واحد يتساوى فيه ابنائه ويكون التعامل بين الافراد قائماً على اساس المواطنة فيما اذا اردنا ان نعيش معاً تحت عنوان العراق الموحد والا سنسير نحو الهاوية التي لاتحمد عقباها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. مؤتمر لمنظمات مدنية في الذكرى 47 لتأسيس رابطة حقوق ال


.. اعتقالات واغتيالات واعتداءات جنسية.. صحفيو السودان بين -الجي




.. المئات يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة بإقالة نتنياهو ويؤكدون:


.. موجز أخبار السابعة مساءً - النمسا تعلن إلغاء قرار تجميد تموي




.. النمسا تقرر الإفراج عن تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفل