الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الاعتدال

فاضل عباس
(Fadhel Abbas Mahdi)

2007 / 9 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من الخطأ الاعتقاد بان جميع مشاكل الشرق الأوسط لا تحل إلا عن طريق العنف ، وهو ما يعنى تأصيل ثقافة العنف في المجتمعات تحت مبررات ليس لها علاقة لا بالإسلام ولا بالأعراف الدولية ، فعلى الرغم من أيماننا بحق الشعوب في التحرر من الاحتلال كما نص على ذلك ميثاق الأمم المتحدة إلا إن تحول التحرر في بعض الدول إلى حالة من الإرهاب والعنف التي تقتل الأبرياء وتقطع الرؤس يستوجب معه أعادة النظر في فهمنا لبعض المفاهيم ووقف هذا الخلط .
فعندما ننظر إلى حالة العنف في المنطقة فإننا نجد إن دعاة العنف يتمسكون به لأسباب باطلة تماماً ومن ضمنها محاولتهم الربط بين العنف والإرهاب والإسلام واعتبارهم للتفجيرات التي تقتل الأبرياء هي الطريق إلى الجنة !! ، وهنا نؤكد على إن الإسلام كمنهج قد رفض الغلو والعنف ودعاء إلى الاعتدال لان الغلو في الدين والتفسير المتشدد للقران الكريم قد ولد الانحراف والإرهاب ومن ثم إضعاف المجتمع ، كما إن الإسلام عندما يحث على الاعتدال أنما يؤكد على الطبيعة السوية للانسان ، فالعنف لا يحقق العدالة بل على العكس ففي الإسلام الاعتدال والعدل يكملان بعضهما بعضاً وهو إن الاعتدال فيه العدل والعكس صحيح .
كما إن الإسلام قد حث على الاعتدال وشدد على رفض التنكر للطيبات أو محاولة تحريمها قال تعالى : " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبت من الرزق " وقال تعالى : " يأيها الذين امنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم " لذلك فان هذه الآيات تؤكد على رفض الغلو حتى داخل الأسرة وداخل المجتمع وبالتالي فان الغلو ليس من الإسلام .
ومن هنا فان التشدد والغلو في اللبس والأكل وغيرها وبالتحديد ما يتعلق بالمرأة لا يجب إن يستمر بل علينا إذا كنا نؤمن بالاجتهاد إن نستمع أيضا إلى الاجتهادات المعتدلة التي ترفض التزمت وفرض قيود على المرأة في كافة ميادين الحياة وحتى في مجال اختياراتها الشخصية .
فالإسلام ليس دين عبادات فقط بل حتى العبادات هي لغايات محدده لذلك لا يجب التركيز على كم العبادات بل على النوع وهنا توقف النبي (ص) إلى هذه المسالة المهمة ، حينما رأى شاباً منشغلاً في العبادة ومنقطعاً يستكثر منها ، فسأل عمّن يعوله ، أي مَنْ يتولى شؤون حياته ومعيشته ، فقيل له : أخوه ، فقال : أخوه أعبد منه ! الأمر الذي يدلل على اهتمام الإسلام بالعمل ونظرته إلى العبادة الصحيحة .
لذلك فان قيام بعض الشباب بالسفر إلى افغانستنان أو العراق أو أية دولة أخرى بهدف القيام بعمليات إرهابية وتركهم لأسرهم وأطفالهم وشيوخهم من كبار السن وإخوانهم بدون رعاية هو ليس عباده بل هؤلاء الإخوان والأطفال الذين يكافحون في سبيل لقمة العيش وبناء وطنهم هم خيراً منه .
لذلك فمن الأهمية إن يركز خطباء المساجد على نشر مفاهيم الاعتدال في الإسلام ورفض الغلو والتطرف في العبادة ، فالتقرب لله لا يكون بتفجير الإنسان لنفسه ولا بقتل الابراياء في المقاهي والشوارع بل يكون بالعمل على بناء الأوطان وتعليم الأبناء وصناعة الإنسان الصالح السوي القادر على مواجهة أعباء الحياة فهذه هي العبادة التي تقربك إلى الله .
وهنا فان الخطباء والمشايخ الذين يدعون إلى التطرف والغلو والتكفير فهم يتحملون وزر هؤلاء الأبرياء الذين يقتلون في الشوارع في العراق والدول الأخرى بدون سبب فقال النبي ( ص ) " من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص من أوزارهم شيئاً " .
وفى العالم الحديث ، فان الأمم التي تحقق التقدم هي الأمم المعتدلة التي تتجه نحو الديمقراطية والتنمية البشرية ولنا في تجربة كوريا الجنوبية واليابان العبرة فهذه الدول عندما كانت متشددة ويسودها الغلو الحزبي والعرقي كان مصيرها التدمير والفقر وعندما توجهت نحو الاعتدال وتوقفت الإيديولوجية المتشددة ، أصبحت من الدول الكبرى الاقتصادية في العالم وهو ما نأمل إن يسود مجتمعاتنا في الدول العربية والشرق الأوسط .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا