الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الحوار هى الحل

فاضل عباس
(Fadhel Abbas Mahdi)

2007 / 9 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


المجتمعات العربية بحاجة هذه الأيام إلى ترسيخ ونشر ثقافة الحوار كبديل عن ثقافة العنف السائدة في بعض هذه المجتمعات ، فقدرة الإنسان على التواصل العاطفي والسلوكي مع الآخرين وهم شركاءه في الوطن والإنسانية هو عمل حضاري ومشروع يحتاج إلى إن تبدل من اجله الجهود في وزارات التربية والتعليم والإعلام في الدول العربية .
والحوار هو حاجة ضرورية للإنسان فليس صحيح ما يدعيه المتشددون من احتكارهم للحقيقية ، فدائماً المواطن بحاجة إلى أخوانه المواطنون لأنه لا يملك الحقيقة كاملة ، ومن هنا فان على القيادات السياسية والحزبية في الوطن العربي وغيرها إن تقتنع بان " نصف الحقيقة عند أخيك الإنسان " و" قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب " هذا الإنسان الذي قد يكون هو شريكك في الوطن أو في الإنسانية ، فإذا اقتنعت الأجيال القادمة بهذه المبادئ فإنها سوف تكرس الحاجة إلى الحوار بين المواطنون داخل الشعب الواحد والشعوب في المجتمع الدولي ، فالأمم التي انغلقت على نفسها وادعت احتكار الحقيقية بنظريات فلسفية أو دينية ورفضت الحوار كان مصيرها الزوال .
لذلك فان ما تعلنه التنظيمات المتطرفة كتنظيم القاعدة من تهديدات للأمم الأخرى بشن الحرب عليها تحت شعارات إسلامية هو عمل مرفوض وليس له علاقة بالإسلام ، الذي دعا إلى الحوار بين المسلم وغير المسلم بهدف تنمية الأرض وليس الحروب والدمار التي تنتج عن غياب الحوار قال تعالى : " وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ" البقرة 251 .
فإذا كان الله تعالى قد دعا الأنبياء والرسل إلى الحوار مع أقوامهم الذين شدوا عن الطريق القويم ومن ذلك ما أمر الله به النبي موسى وهارون في مخاطبة فرعون: " اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى 43 فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى " طه 44 ، ومن هنا فان دعوات تنظيم القاعدة لقتل المسيحيين واليهود هو تحريض على العنف وهو خارج عن الإسلام ، كما إن الحوار صفة تلازم الإنسان وتتفق مع طبيعته البشرية وجزء من هذا الحوار هو مع النفس ، قال تعالى : "يَوْمَ تأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا".
لذلك فان ما نشاهده من سباب وشتائم في بعض المنتديات لمن يختلف مع توجهاتها هو عمل لا يتفق مع الإسلام ولا يؤدى إلى بناء الوطن بل إن الحوار الحضاري القائم على الاحترام هو السبيل للوصول إلى القواسم المشتركة ولكن الحروب الكلامية وثقافة الشتائم تؤدى فقط إلى العنف والإرهاب ، ونشر ثقافة الحوار واحده من المهمات الرئيسية للخطباء في المساجد فإذا كان بعض الخطباء جادون في وقف مسلسل العنف والقتل فهذا لا يكون إلا بالدعوة إلى الحوار مع الآخرين ورفض استخدام القوة لفرض الأفكار أو الرؤى على الآخرين .
والتخلص من ثقافة العنف يبدأ أولا بالأسرة فتكريس العنف ضد المرأة ورفض الحوار أو الاستماع لها يخلق جذور العنف داخل الأسرة التي تمتد إلى المجتمع ، لذلك فان احترام المرأة وإعطائها حريتها هو يؤسس للحوار ، الذي عليه إن ينتقل بثقافة الوعي البشرى إلى احترام الحقائق ومن ضمنها انجازات الحضارة الغربية وضرورة تذكر الإغريق ومساهماتهم عند تذكر الحضارة الإسلامية ، فقراءة التاريخ بعيون الحوار والاحترام يخلص الإنسان من القراءة الأحادية التي تتحدث عن الأمجاد في الأمة ولكنها تغض الطرف عن دور الآخرين في البناء التراكمي للحضارات ، وقراءة التراث الديني بلغة الحوار يعطى دلالات واستنتاجات سليمة وغير ذلك كالذين يدعون الحقيقية دائماً يفسرون كل شيء وفق منطق الثقافة الأحادية.
فثقافة الحوار تخلق الإنسان المنتج القادر على العمل داخل الوطن بعيداً عن الإقصاء والتفرد والهيمنة والقوة لفرض الرؤى على الآخرين الذي هو بعيد عن المنطق ، وهى كذلك محور هام في بناء الديمقراطية القائمة على التعددية في الفكر والتنوع في السياسية والاختلاف في السلوك الاجتماعي ، فالحوار يمثل الأرضية لقيام وطن لجميع أبنائه وهو وسيلة للعيش المشترك رغم الاختلاف المذهبي والطائفي والفكري والعرقي كما نشاهد ألان في العديد من الأمم المتقدمة في العالم ، لذلك نقول بان الحوار هو الأساس " لنشأة مواطن صالح " وهو الأساس " لبناء الأوطان " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟