الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحوار المتمدن ...والمشروع الحضاري

فواز فرحان

2007 / 9 / 23
المجتمع المدني


يشكل الاحساس بالمواطنه الحقيقيه الدافع الفعلي لبلورة أفكار جديده والعمل على تطبيقها على ارض الواقع ، كما ان الشعور بالانتماء الحقيقي لهذا الوطن يأتي دائما عبر تمتع المرء بوعي عميق بالمسؤوليه حيال الواجبات الواقعه على عاتقه تجاه وطنه وابناء شعبه ويتعزز هذا المفهوم بأمتلاك المرء لافكار انسانيه اكثر شمولا تجعل من شعوره بالانتماء لوطنه مكملا للانتماء للمجتمع الانساني ، وتحويل الافكار الى برنامج عمل على ارض الواقع ليست بالمهمة السهله وكثيرا ما واجه حاملوا هذا الرأي مصاعب جمه ادت في النهايه الى تخليهم عن طموحاتهم وبالتالي التراجع الى الوراء بحجه ان الارض او المجتمع غير مهيأ في الظروف الحاليه ، مما لا شك فيه ان لكل فكرة سبب معين يدفع بأتجاه معالجته من خلال ابتداع فكرة تسهم في العلاج وتنتقل لطور افضل من معالجة المشاكل وتصب في النهايه ودون شعور بها في بعض الاحيان في تقدم المجتمع وتطور الافكار السائده فيه ، وفي اليومين الماضيين اطلعنا على مشروع مؤسسه الحوار المتمدن كمشروع لمنظمة المجتمع المدني التي تعمل على المشاركه الفعاله في الحياة المدنيه بكل تشعباتها السياسيه والتعليميه والقضائيه والاجتماعيه والكثير من الفروع الاخرى التي تشكل الاطار العام لتكوين المجتمع وتفاعلات خطوطه .
وهي في الحقيقه فكرة بناءه لا أشك في انها ستحقق الكثير من الانجازات اذا ما كتب لها النجاح بتظافر جهود الجميع ، ولا بد ان تكون هناك اسباب حقيقيه دفعت القائمين على طرح هذا المشروع الى تبنيه من اجل الاسهام الفعلي والممارسه العمليه للاشتراك في وضع حلول لها وهو ما يسهم في ارساء اساسا جديدا في نشر ثقافه قائمه على الاصغاء للغير ومحاورته بشكل متحضر تبتعد فيه لغة المخاطبه عن اجواء العنف والتشكيك والاقصاء ، وتوجه اليوم الكثير من الاتهامات للعلمانيين من اللبراليين واليساريين تهمه الوطنيه المنتقصه بفعل عدم مشاركتهم الفعاله في الحياة السياسيه على ارض الواقع او لمشاركاتهم من خلال الكتابه وتشخيص الاخطاء عن بعد دون تحويل افكارهم تلك الى برامج على ارض الواقع لتعطي أفكارهم المزيد من المصداقيه وهو ما استمعناه او قرأناه في الكثير من وسائل الاعلام المرئيه والمسموعه في الفترة الاخيرة ، وبذلك تتحول المشاركه في القضايا التي تشغل ساحتنا اليوم الى مشاركه سلبيه اكثر مما هي عمليه وايجابيه ولكي نكون صادقين مع انفسنا نقول ان رأيا كهذا يحمل في طياته شيئا من المصداقيه لان الكتابه وحدها عن مشاكل المجتمع وهمومه لا تكفي لكي يكتسب المرء فينا صفة المواطنه البناءه بل تحويل الافكار والطروحات الى مشاريع على ارض الواقع تحمل معها حلولا للكثير من المشاكل التي يعاني منها مجتمعنا وهو ما اراه مناسبا في الظروف الحاليه في انشاء مؤسسه تقوم بالاستفاده من تلك الطاقات وتحول افكارها وجهودها الى برنامج عمل للتأثير في الواقع وتغييره من خلال الطروحات التي يتبناها ويدافع عنها ..
ان تشجيع الحوار بين الاطراف وخاصة الحوار القائم على الاحترام المتبادل لا يمكن ان يترسخ الا من خلال وجود جهات قادرة على التأثير في المجتمع وطريقه ادارة الحياة السياسيه في البلاد الى حد ما تتحكم فيها الحكومه التي تسيطر على الوضع في اي ظرف من الظروف وتمتلك الوسائل التي تسهل عملها في ذلك كوسائل الاعلام بكل فروعها لكن فشل الحكومه في جعل المجتمع يتجه بهذا المنحى سببه عدم ايمان افرادها بحوار من هذا الطراز لهذا يمكن ان تلعب مؤسسات المجتمع المدني دورا مؤثرا في ذلك اذا ما عملت بتفاني ونكران ذات لهذا الغرض بالتحديد ، لان تشجيع الحوار يجب ان يستند الى اسس تسهم في جعل البلاد تعيش حاله حضاريه مختلفه عن السائده حاليا وبالتالي تجعل من المواطن يفهم حقوقه وواجباته جيدا اذا ما اراد المشاركه الفعليه في الحياة المدنيه في بلاده ، فمن واجبات منظمات المجتمع المدني العمل على تجاوز حالة الغبن التي تحدث في المجتمع ايا كان شكلها ومصدرها ولو اخذنا على سبيل المثال ما يمكن ان تفعله مؤسسة الحوار المتمدن في الجوانب التعليميه في العراق فأنه يؤشر الى حاله من المشاركه في الحياة لا يمكن تجاهلها اي عندما تقوم مؤسسه بالاتصال بمجموعه من المتخصصين في المناهج التعليميه وتعقد مؤتمر لهم وتناقش حالة المناهج التعليميه في العراق ومدى مواكبتها للعصر الذي نعيش فيه وتضع حلولا لها وتخرج بنتائج تستطيع عرضها فيما بعد على منظمه اليونسكو والطلب منها مشاركتها في تصحيح مسار هذه المناهج من خلال ابعاد الافكار المتطرفه الدينيه والقوميه عن هذه المناهج فأنه سيؤدي بلا ادنى شك الى احداث تغيير في المناهج التعليميه يصب في نهاية المطاف في خدمه الاجيال المقبله ...
قد لا نلتمس تلك التغييرات بتلك السرعه التي نتمناها لكنها ستحدث بطريقه ما مواكبه للاهداف التي نطمح لتحقيقها وغيره من الامثله التي قد تجرنا الى عمل مكثف ربما يصعب السيطرة عليه في بعض الاحيان الا بالاراده الصادقه للقيام به، وكل ذلك يعني عمليا ممارسه المرء لواجبه تجاه وطنه والمجتمع الذي جاء منه وتصل به الامور للتفكير بطريقه تجعله مؤثرا وبناءا وهذا ما يعزز في نظري مفهوم المواطنه ، ان مشروع انشاء مؤسسه من هذا الطراز ونجاحها لا يعتمد بالدرجه الاساس على القائمين على تشكيلها ومؤسسيها فحسب بل يعتمد اكثر على الوعي الذي نتمتع به للاسهام بشكل فعال في انجاح مساعيهم وبالتالي تحقيق النجاح لطروحاتهم وهو في تقديري جهد جماعي ينبغي العمل على بلورته بشكل فعال من اجل نجاح المشروع . ربما سنكون بحاجه لبعض الوقت لكن ذلك ايضا يعتمد على نوع الجهد المبذول وطبيعته ، اي ان مدى النجاح يتوقف على جديه الاعضاء في تقديم جهودهم في هذا المجال ، لقد اثبتت تجربة مؤتمر حرية العراق الناجحه في امكانيه تحويل البرامج السياسيه على ارض الواقع وتطبيقها وخلق الاسس الكفيله بنجاحها ان منظمات المجتمع المدني هي الاخرى قادرة على ان تضاهي كبرى الاحزاب السياسيه خاصة في ظل الظروف التي يعيشها العراق والعوائق الكبيرة التي تحاول الحكومه الحاليه وضعها امام عمل هذه المنظمات والتيارات لعدم خلق مجتمع مدني عراقي يحمل هويه وطنيه حقيقيه وانسانيه لا ان يحمل هويه طائفيه ودينيه تبقي المجتمع غارقا في ظلامه وتخلفه ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان ضد الحرب الإسرائيلية على ق


.. كيف يمكن وصف الوضع الإنساني في غزة؟




.. الصحة العالمية: المجاعة تطارد الملايين في السودان وسط قتال ع


.. الموظفون الحكوميون يتظاهرون في بيرو ضد رئيس البلاد




.. مؤيدو ترامب يطالبون بإعدام القاضي وبحرب أهلية