الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وا أسفاه يا طالباني

بولات جان

2007 / 9 / 26
القضية الكردية


عودنا الأستاذ جلال الطالباني على الظهور بشتى المظاهر و إبداء مختلف المواقف و التعبير عن الكثير من الآراء و التي تكونها برمتها متناقضة مع بعضها البعض. و كأنه ينسى أو يتناسى ما صرح به البراحة فيقوم اليوم الإدلاء بتصريح مغاير تماماً. أحياناً تراه حازم و صارم جداً فيما يتعلق بالقضية الكردية و خاصةً في الأجزاء الأخرى فيدلي بتصريحات تفرّح البعض و لكن لا يلبث عن يتغير دورة كاملة فيقف موقفاً لا يقفه حتى اعتى العتاة المعاديين لكل ما يمت بالكرد من صلة. عجيبة حالة الأستاذ طالباني و أجوائه المنقلبة هذه! تارة نراه يدلي بتصريحات شديدة اللهجة ضد التدخلات التركية في الشؤون الكردية و يدعوها إلى حل المسألة الكردية سياسياً، و مرة أخرى نراه يبارك الدولة التركية على إنجازاتها الخرافية التي يتصورها الأستاذ طالباني و كأنها ذروة الديمقراطية.
الموقف التركي من المسألة الكردية معروف منذ قيام جمهورية أتاتورك من بذرة الرجل المريض و في أرضية موبوءة بتطعيمها غربياً و ماسونياً. هذا الموقف لم يتغير في جوهره مع بعض التحولات الطفيفة في طراز حل المسألة بالقضاء النهائي و صهرهم في البوتقة الطورانية حتى لا يبقى هنالك شيء أسمه "كرد" و لا موضوع أسمه " القضية الكردية". طبعاً المواقف التي أبدتها بعض التيارات الرجعية الكردية قد أثرت سلباً على القضية الكردية و صورتها و كأنها حركة ارتجاعية مناهضة للتقدم الحضاري.
هذه السياسة لم تتغير مع حكومة طيب أردوغان. هذه الحكومة التي تسلمت سدة الحكم منذ سنة ألفين و أثنين وحتى الآن لم يتخطى التصريحات الكلامية البالية. فقول اردوغان في عاصمة كردستان دياربكر بـ" هنالك مسألة كردية" إذا كانت هنالك مسألة كردية فيجب أن يتم حلها. لكن كما قلت بأنها لم تتخطى الكلمات الجوفاء التي يرددها كل من هبّ و دبّ من الساسة الأتراك قُبيل الانتخابات عندما يزورون المدن الكردية و خاصة قلب كردستان دياربكر. و اليوم كذلك هذه السياسة مستمرة و قد اتفقت حكومة اردوغان مع الطغمة العسكرية على إطلاق يد العسكر في القضاء بأي شكلٍ كان على الحركة الكردية. فالحرب الدائرة في كردستان قد اشتدت كثيراً و حملات الجيش التركي مستمرة على قدم و ساق و التضييق السياسي على المؤسسات الكردية الرس/ية قد حطمت الرقم القياسي في هذا العقد الأخير. إنها سياسة تركية منهجية يتبعها حكومة طيب أردوغان و صاحبه عبدالله غول.
مع كل هذه الحقائق الواضحة وضوح الشمس نرى الأستاذ طالباني يبارك هذه الحكومة التركية التي تستغل الدين الحنيف في مساعيها و آمالها السياسية المشبوهة. لا يكتفي الأستاذ بمباركة هذه الحكومة ، بل يتغنى بإنجازاتها العظيمة على طريق الديمقراطية و التنمية و الرفاه في تركيا. و يتحدث كذلك عن كل ما فعلته هذه الحكومة -التي لا تختلف عن سالفاتها بشيء- للشعب الكردي في شمالي كردستان. فجأة ينسى الأستاذ بأنه سياسي و رئيس لدولة و يتحول إلى (حكواتي) يسرد علينا مغامرات الشاطر غول و صديقه أردوغان.
يا ترى أين هي إنجازات هذه الحكومة في شمالي كردستان؟ إن كان الأستاذ يعتبر استشهاد الشبان الكرد يومياً في جبال كردستان إنجازاً يدعو للمفخرة و مباركة اليد القاتلة و تقبيلها حينها سنقول " واأسفاه يا طالباني"!.
الأستاذ لم يقف عند هذا الحد بل خطى خطوة ثورية و أدلى بفتوة هي الأولى من نوعها و متناقضة مع الكثير من مواقفه السابقة. فهذه المرة تحول الأستاذ إلى مفتى عام و أفتى بفتوة مفادها أن الحركة التحررية في شمالي كردستان بقيادة حزب العمال الكردستاني و في شرق كردستان بقيادة حزب الحياة الحرة لا تمثل إرادة الشعب الكردية. و بأنها لا تمثل المصالح الكردية و إلى ما هنالك من أقاويل لا يقولها حتى يشار بيوك آنيت. طبعاً من يعرف الأستاذ لن يتفاجئ عند سماعه لهذه الأقوال. فهذا الأستاذ الذي كان الحليف الرئيس لحزب العمال الكردستاني و كان الزائر الدائم لمقام القائد أوجلان، نراه اليوم يعلن هذه الحركة على أنها لا تمثل السياسة و المصلحة الكردية. هذا الشيء لن يعلنه الأستاذ، بل هو شأن وطني يعلنه الأكراد بأنفسهم.
يحاول بعض القادة الكرد في جنوب كردستان مغازلة الدولة التركية و مداهنتها و التملق إلهيا لبعض مصالحهم الحزبية أو حتى الشخصية الضيقة. و الجميع يعرف بأن الطريق الوحيد إلى إرضاء الدولة التركية العمياء هو إدلاء تصريحات ضد الأكراد و ضد حزب العمال الكردستاني و القائد أوجلان. كنّ من تكون و من أين تكون فقط أشتم حزب العمال و الأكراد فسوف ترى الأتراك قد أفردوا ذراعهم لاحتضانك. طبعاً الاستاذ طالبناني و أمثاله يدركون هذا الأمر جيداً حيث لهم باع طويل في مثل هذه الأمور المشينة.
ففي وقت يكون الأكراد أحوج من أي وقتٍ آخر إلى الاتحاد و التماسك و الدفاع المشترك ضد المآرب الإقليمية و الهجمات الرجعية الآتية من كل حدبٍ و صوب، نرى الأستاذ طالباني و كذلك الناطق باسم حكومة إقليم كردستان العراق بتصريحات معيبة ضد الحركة التحررية في شمالي كردستان و التي تمثل الإرادة الحقيقية و الوحيدة للشعب الكردي، حيث يعترف بهذه الحقيقة القاصي و الداني. فما معنى دعوة حزب العمال الكردستاني إلى إلقاء السلاح؟ فهل هنالك أية ضمانات في حال حدوث ما يدعو إليه الاستاذ طالباني؟ الجميع يعرف جيداً بأن الحزب قد أعلن أكثر من خمس مرات الهدنة من طرف واحد، فلم يحدث أي تقدم يذكر، بل استغلت الدولة التركي و الجيش هذه الهدن في زيادة حملاتها التعسفية ضد الشعب الكردي. فهل الشعب الكردي و حركته التحررية دون عقل كي يرتموا في أحضان الموت و حياة العبودية و يتخلى عن ثورتهم دون تحقيق أية من مطالب الشعب الكردي في الحرية؟
يا أستاذ طالباني! قل بحق السموات. هل تقبل أنت أن تنسى الأنفال و حلبجة و كل المجازر الأخرى و دماء كل رفاقك الذين استشهدوا في نضالهم ضد الفاشية الصدامية؟ هل تقبل أن يقول أحد قياديي حزب العمال الكردستاني أو أي شخصية كردية بأن كل تضحياتكم كانت خاطئة و كان يجب أن تقبلوا يدي صدام و تقبلوا العيش تحت كنفه الرحيم؟ هل تقبل أنت أن يصرح حزب العمال الكردستاني تصريحاً مفاده بضرورة التخلي عن كركوك و خانقين و إعطائها لخلفاء الزرقاوي و التركاوي؟
طبعاً لن تقبل بذلك و سوف تعلن منابرك الإعلامية و الحزبية حرباً شرسة ضد القائلين بذلك. إذاً يا استاذ طالباني إذا كنت تريد أن تمارس سياسة كردية سليمة كن مبدئياً قبل كل شيء. لا تنسى ما قلته البارحة لإن الرأي العام الكردي ليس عديم الذاكرة فهم يتذكرون جيداً ما قلته البارحة. و كذلك لا تتاجر بدماء و تضحيات آلاف الشهداء الكرد في سبيل الحرية. لا تساوم مع أية دولة كانت على نضال حزب العمال الكردستاني و أنت تعرف جيداً بأنهم لن يقبلوا بذلك بتاتاً، فأهل مكة أعلم بشعابها! و لا تنسى بأن السياسة ليست ألعاباً بهلوانية و لا عروض (سيرك) حتى لا تفقد القليل الباقي من سمعتك السياسية و الوطنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقرير: شبكات إجرامية تجبر -معتقلين- على الاحتيال عبر الإنترن


.. عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة: إما عقد صفقة تبادل مع حما




.. للحد من الهجرة.. مساعدات أوروبية بقيمة مليار يورو للبنان


.. حرارة الجو ..أزمة جديدة تفاقم معاناة النازحين بغزة| #مراسلو_




.. ميقاتي: نرفض أن يتحول لبنان إلى وطن بديل ونطالب بمعالجة ملف