الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعوب تمتهن التصفيق

واصف شنون

2007 / 9 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


منذ أن برز الضابط (الأحراري) القومي المصري جمال عبد الناصر كقائد لبلده ،حتى إنتعشت ظاهرة عربية قديمة مذمومة وهي (التصفيق ) لذي الشأن إن كان ملاكا ً أو شيطانا ً سواء،ولكي لا أغمط عبد الناصر حقه فان الظاهرة انتشرت في بلده ليس بسبب ظهوره ،بل بسبب أغاني مواطنته الكبيرة السيدة أم كلثوم التي أطلق عليها لقب كوكب الشرق ،فكان التصفيق لها بعض الأحيان يعلو الغناء والموسيقى المخدرة التي تبعث على النوم والكآبة ،لكن عبد الناصر كقائد عروبي فذ ّ كان أكثر من حكم العروبة حبا ً بتصفيق الجمهور والشعب ،ثم تبعه الذين نعرفهم على بيان ،من الذين توفاهم العزيز بقدره الأبيض والأسود ،أو الذين لا يزالوا يتوسمون عبد الناصر في تصفيق الشعب العروبي ومظاهراته المليونية وهم يطلون من الشرفات أو في المؤتمرات ، ولايمكن التيقن ما إن كان عبد الناصر والذين تبعوه في حبهم للتصفيق يعرفون كيف يحتشد الشعب لكي يصفق ويهتف ،خاصة وعلى ما أذكر في العراق إن المعامل تتعطل والمدارس وتغلق الشوارع ويراقب من لا يصفق وأحيانا يعتقل لكي تتم إجراءات الخيانة الوطنية ضده فيما بعد ،ليس لأن قائد الشعب سوف يظهر بل لأن ممثل حزب القائد في مدينة تبعد عن العاصمة 400 كم سيتحدث بمناسبة ذكرى ميلاد القائد (حفظه الله) ،لذا فوجب الحضور والتصفيق والهتاف وإغلاق الحياة العملية والعلمية والمنزلية ،وللعراقيين نوادر ونكات حول موضوعة التصفيق لرئيسهم البكر ونائبه صدام ..!!

*****

كتب حيدر حيدر في روايته الملعونة والمحرمة " وليمة لإعشاب البحر " واصفا ً القادة والشعب العراقي على الخصوص (مجازيا ً ) في فترة الستينيات من القرن المنصرم (( كما الأقراش والقراصنة ،كان العسكريون يلعبون لعبة النار على أرض التأريخ والبحر ، ومن الثكنات إلى الإذاعة فالقصر الجمهوري فوزارة الدفاع كانت تتحدد ساحة اللعب ، ومسرح العبث ،وميدان الصراع ، كان المشهد في أوج تجليه المسرحي يشبه إلى حد ٍ بعيد ستادات صراع الثيران أو الوحوش الكاسرة أو المصارعين في الإمبراطورية الرومانية القديمة ، بينما الشعب يتفرج ويصفق ويصرخ من الشرفات ))....
والناس على نفس منوالهم ،يتفرجون ،ويصفقون ،ويصرخون ،ولكن يجب إضافة ويصمتون وينتحر بعضهم ويموت غيضا ً وببطيء ِ أشرافهم ، كذلك إستعاض الشعب عن التصفيق السياسي ليردد النواح والبكاء التاريخي في إنتظار الغائب مرحبا ًبالمعمم الأسود بديلا ً عن الدكتاتور المزركش .

*****
حينما تستقر الشعوب الناضجة وتترسخ دساتيرها التي تكتبها يبطل التصفيق المكلف المفروض للسياسي ،فالأخير هو خادم الشعب ويتم توظيفه حسب ما قرره الناس واتفقوا عليه ،لكن التصفيق الحر يستمر في دور الحضانة والمدارس و الجامعات والمعاهد العلمية ودور الموسيقى والرقص والسينما والمسابح والملاعب الرياضية والنقابات ،ويبلغ أحيانا ً تطرفا ً كبيرا َ فيتم التصفيق لصاحب مطعم أو مقهى معين حصل على جائزة أفضل طبخة أو أفضل قهوة ،ناهيك عن جوائز الإبداع في معالجة السرطان والسكر والأمراض الأخرى ..الخ،ورغم ذلك فبعض الناس لا يصفقون على الإطلاق .

*****
كل صباح ،يهرول جون هاورد رئيس الوزراء الأسترالي( 67 عاما ً) حول بيته الحكومي ،بدون هرج أو مرج أو تصفيق حر أو متملق ، بل يرد تحياته على الناس الذين يهرولون ليس معه بل في نفس الطريق ، كيف حالك ،جيد شكرا ، صباح الخير جون ،صباح الخير صديقي ،ويستمر بالهرولة ،ويستمر الناس بالهرولة ولكن بلا تصفيق حر أو منافق ..لرئيس وزراء استراليا !!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ندوة توعية للمزارعين ضمن مبادرة إزرع للهيئه القبطية الإنجيلي


.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا




.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج


.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان




.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل