الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرية التعبير والتفكير في عالمنا العربي..أزمة تناطح السحاب ..

عبده جميل اللهبي

2007 / 9 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يؤسفني الإقرار بألفة قديمة بين عالمنا العربي والتعاسة المستديمة ، وتحالف عريق وقسري مع التخلف والماضوية ، إلى المستوى الذي لم تعد فيه أية آمال للانفراج تظلل علينا ..
تتوالى علينا الأزمات والنكبات من جميع الاتجاهات وتتناول كل مناحي الحياة بدون استثناء. و تنعكس مضاعفاتها على حياتنا الثقافية والاجتماعية فشكلت بذالك حاجزاً ضيقاً يحجب عنا الرؤية الحقيقية لمعرفة أسباب النكسة التي تواجه العقل العربي. والتي تحول بينه وبين معرفة أسباب تقدم الغرب أو حتى مسايرة هذا التقدم والرضوخ تحت وطأته والاستفادة من مستوياته ..
فالأزمات التي تهبط من السماء تلتف حول أعناقنا وتشكل معوقات جوهرية وأزمات ثقافية وفكرية حادة..
تتقاطع فيها حرية الفكر والإبداع مع القيود والمعوقات الاجتماعية، وتتصادم فيها حقوق الأفراد مع السلطات المستديمة بعقليتها المحرضة على العنف والقوة والتصادم والبطش والقمع الفكري والسياسي..
الأمر الذي شكل اتجاهات ثقافية متضاربة ، لاتقدر على الحوار والجدل البناء تغص في أوحال اليأس والاغتراب عن الحياة الحديثة والمعاصرة بكل مقوماتها ..
والنتيجة المترتبة على ذالك أنك تجد نفسك بإزاء حالة من التشرذم الثقافي ، والتخبط الفكري في اتجاهات متصارعة فقدت القدرة على تجاوز المرحلة الماضية إلى مراحل أعلى أكثر تطوراً وأقدر على الإحاطة بما جد على العالم من تطورات علمية وتكنولوجية تكاد تغير وجه الحياة على الأرض تغييراً كاملاً يما فيها المعتقدات الدينية ..
فمع دخول القرن الواحد والعشرين وقد حقق الإنسان نقلة نوعية في إطار ثورة معلوماتية تفتح أفاق المعرفة بلا حدود، وتحرر العقل البشري من قيود كثيرة أخلت به، فرضتها الأوضاع الجغرافية والتاريخية والاجتماعية. والتي خلقت بدورها أزمات متتالية ثقافية وحضارية عنيفة في عالمنا العربي..
بل وتتفجر أعتا المشاكل في وجه بعض الشباب المثقف ، بسبب سلوكهم طرق غير محمودة ، وشعاب موحلة ، تحيطها تقاليد جامدة وعقول مغلقة واجتهادات موروثة..
فتبدءا المواجهة مع الدولة أولا ثم مع المجتمع بكل فصائله بسبب موقف الدولة بالبراءة منهم ومصادرة إبداعاتهم واخذ موقف المتحفظ من أعمالهم وابتذالا تهم الغير مشروعة..
أصبح هذا المشهد المأساوي يتكرر بين وقت لآخر في مختلف الأقطار العربية من اجل طمس الكلمة المكتوبة وتجريم حرية التعبير..
وقد شهدت بعض الأقطار العربية مؤخراً أزمات مبدعين صودرت أعمالهم وحكم على بعضهم بالسجن بتهمة التطاول على الذات الإلهية (حكام الأرض والسماء) .
كما صودرت بعض الصحف وتم إغلاقها في معظم الدول العربية بتهم شتى البعض متهم بالتطاول على الملك والبعض الأخر سب رئيس الجمهورية والأخر أساء للإسلام وبالبساطة التي يتم فيها إغلاق محل يبيع مواد فاسدة تتساوى معه صحف وكتابات يتهم أصحابها بالابتذال والفسوق..
أزمة الثقافة في العالم العربي ، أزمة في حرية التفكير والتعبير والاعتقاد ، إلى الآن لازالت الحرية محصورة في قوالب جامدة ، تستند إلى مرجعيات مطلقة ، يعطى لأصحاب السلطان الحق في تفسيرها وتطبيقها ، وسواء كان أهل السلطان من رجال الدين أو رجال السياسة ، فأن الفرد في مجتمعاتنا لازال محروم من التفكير لمجرد التفكير بحرية مطلقة دون أن يصطدم بغايات مطلقة أو غيبيات مفروضة أو ينظم لسياسات ذات سلطات ليبرالية لاحدود لها على المستوى الواقعي والمادي ..
فالنهضة الأوربية لم تتحقق إلا بعد أن تمردت شعوبها على هذه القيود، التي كانت تفرض على الفرد من قبل التحالف العريق بين الكنيسة والدولة، إلى أن جعلت حرية الفرد في التفكير والاعتقاد من أهم ممارساته المشروعة..وجعلت من أهم حقوق الفرد أن يمارس حريته الطبيعية في التفكير والتعبير داخل إطار الجماعة. فليست هناك حقوق مطلقة للجماعة على حساب حرية الفرد. كما انه ليست هناك حقوق مطلقة للفرد على حساب الجماعة..وكلها تخضع لمعايير نسبية تتغير بتغير الزمان والمكان والتطور العلمي والاجتماعي والسياسي.
وللعلم أيضا أن رواد النهضة وعباقرة التنوير في أوروبا قد خاضوا صراعات شرسة من اجل تثبيت الأسس العلمية التي تضمن للفرد حقه في ممارسة حريته في التفكير والتعبير. وقد تمخضت هذه الصراعات ببناء حضارة قوية وحديثة ذات التطور الملحوظ بكافة المجالات التي نشهدها اليوم ،بعد أن تم الفصل بين الدين والدولة بين الموروث والعلم والتخلص من رقابة السلطة الدينية وتعسف السلطات والإمبراطوريات الحاكمة ..
ولم تكن هذه النهضة لتجتاح أوروبا لولا الإدراك العميق لمفهوم الحرية على جميع مستوياتها. بما في ذالك الحق في الاعتقاد الديني واللاديني للأفراد والاعتراف بكيانه المستقل عن الجماعة وضمانة حقوقه في الحفاظ على كرامته وإنسانيته كركيزتين أساسيتين لمفهوم الحرية والديمقراطية ..
إذن.. ماهي الأسباب التي حالت دون تقدم العرب وبقائهم معلقين بين عمامة الفاروق وعصا ابن تيمية، لماذا تغيبت الدول العربية عن النهضة بعد أن طرقة أياديها بوابة مصر بداية القرن العشرين على أيدي محمد عبده ورشيد رضا ..؟
ولماذا عجزت على أيجاد توازن بين الحرية الفردية والحرية الاجتماعية ؟ ولماذا تعثرت أقدامنا وعجزت عن السير في طريق التقدم العلمي والسياسي والاجتماعي، بحيث أصبح الضيق يلاحقنا بأزماته المتعددة من كل الاتجاهات..
فضاقت الحياة السياسية علينا من جميع الاتجاهات، وفرضت علينا أجهزة القمع والتسلط، فيما أفاق الديمقراطية تتسع على الشعوب من حولنا وتتزايد الأصوات المنادية بحرية التعبير والمعتقد..
ولماذا يظل التخلف حليفنا الوحيد على مر العصور هل له علاقة بماضينا الذي نتشبث به كما لو انه مستقبلنا المشرق..
وهكذا وبدون الدعوة إلى حرية التعبير لن نخرج من أزماتنا الثقافية المتعددة ولن نفلح في تخطي العقبات التي تلاحقنا من أزمة الثقافة إلى ثقافة الأزمة.وستضل تسيطر علينا روح العصبية والغرور التي لن تمكث طويلاً امام متغيرات العصر التي قد تحدث هي الاخرى تغييرا جبرياً في عالمنا العربي . من يدري ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah