الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
دعوة إلى التغيير المتنى
فدوى أحمد التكموتي
شاعرة و كاتبة
2007 / 9 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عندما تأكل الحيتان الكبيرة في بحر الحياة السمك الصغير , وعندما تطغى أنانية الذات وتسيطر على الكون أجمع , مقابل سطوتها وغزوها وسيطرتها على كل شيء في
الحياة , ماذا بقي لنا , نحن الذين كنا خير أمة أخرجت للناس جميعا, وماذا سيقولون عنا الآخر بكل المقاييس ؟! أمة تجتمع على طاولة المفاوضات واتخاذ الآراء
وتوحيدها في جامعة الدول العربية , وعندما تخرج تكون هناك عدة آراء مشتتة , وإن وجد رأي موحد , يكون هناك إما التحفظ أو الانسحاب , وفي الأخير يكون عدم
تطبيق ذاك القرار الذي من المفروض تم الإجماع عليه , يتساءلون عن السبب الذي جعلهم يبدون بهذا الصورة , الجواب بسيط موجود لديهم , في كونهم كل واحد يريد
تطبيق رأيه , كأنه هو الوحيد على الصواب , فتشد الحبال على أشدها بينهم حتى يصلوا في النهاية إلى تبادل الشتائم وفي أحسن الأحوال السخرية فيما بينهم , فعندما
يرى الآخر هذه الصورة , ماذا سيقول عنا ؟ وماذا سيفعل بنا ؟ أمة تجتمع على التفرقة , هكذا نحن الآن , وبذلك نستحق كلما يفعل بنا من الآخر بكل المقاييس , وما
يقال على طاولة جامعة الدول العربية , يقال كذلك على الدولة , المجتمع , الأسرة , الفرد , فأين يكمن الخلل ؟ وهل هناك أمل في تغيير هذا الواقع الكائن الذي نعيشه ؟
فقد طالبت منا الولايات المتحدة الأمريكية التغيير , وتطبيق الديموقراطية والعدالة , في أي شيء يجب أن نغيره ؟ وبالتالي نطبق الديموقراطية والعدالة , هل فقط نغير
في أجندة جدول جامعة الدول العربية , أم في القوانيين والدساتير يكتبها حبر حتى تصبح الورقة بعد مرور الزمن فاتية وتتمزق ! أم في الفكر الذي يطوي ما خفي من
تقاليد وأفكار رجعية , لامغزى منها سوى الحفاظ على التراث من الخارج , أما في الداخل فقد تآكلت أسنانه من التسوس حتى تهارأت وتساقطت , فأي تغيير يراد به ؟
فقد ذكر القرآن الكريم * لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم * , فإذا كنا نقول أننا خير أمة أخرجت للناس , ونؤمن بها فعلا بالفعل لا بالقول , بداخل النفس لا
من خارجها , فإن التغيير سيكون ممكنا بدون أن يوحى إلينا من أية جهة , وبما أننا نريد أن نكون زجاجا لامعا براقا من الخارج ومسوسا من الداخل فلا وجود مطلقا
للتغيير , وسيبقى فقط على الأوراق التي تبقى هي الاخرى مجرد حبر , يأكله الدهر بتعاقب الأيام ويزول .
أما التغيير الذي يكون نابعا من النفس والذات, فلا بد من أن يدحض كل فكر رجعي , وكل التقاليد الخرافية ليس المغزى منها سوى الحفاظ على التراث , وما سلكه
السلف , فإذن التغيير لابد أن يطال أولا وأخيرا الفكر , وهذا الفكر يبتدأ من الفرد فالأسرة , فالمجتمع فالدولة , حتى يتحقق التغيير , ولكن مادام الفرد تطغى عليه لغة
الذات , ولغة السيطرة , وأكل الحيتان الكبيرة السمك الصغير , من أجل أن يسيطر ويجلس على مقعد الريادة واتخاذ القرار وصنعه , فلن يكون هناك مطلقا شيء اسمه
التغيير , بل وجود الذات الواحدة والوحيدة القوية المسيطرة , خارجها براق لامع , داخلها مسوس تهارأت أسنانه حتى سقطت .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. 155-Al-Baqarah
.. 156-Al-Baqarah
.. 157-Al-Baqarah
.. 158-Al-Baqarah
.. 159-Al-Baqarah