الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الغوغاء و مفهوم الدين

محمود الزهيري

2007 / 10 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هي كلمات يرددها الضعفاء , منعدمي الرؤية , ضعيفي المهارات , قليلي الحظ من الثقافة والمعرفة , أناس منعزلين عن المجتمع والناس , لهم لغتهم الخاصة بهم , ومفرداتها الغير شائعة في الأوساط الدينية المعتدلة والواقفة علي حقيقة التصورات والمتغيرات الدولية و العالمية , يعتقدون في أنفسهم الوصاية علي آحاد الناس , ويريدون أن تنسحب وصايتهم علي المجتمع , ليس المجتمع المحلي فقط , بل وعلي المجتمع الدولي من خلال رؤاهم الضيقة المنحصرة في البيئة الأولي لمجتمع الدعوة والرسالة , فهم لايقبلون برأي , ولايستمعون لمشورة , إنهم أناس جعلوا من انفسهم ظلُ الله في أرض الله , يلتبسون بأثواب المقدس , وهم ليسوا بمقدسين , بل بشراً ينعقد في نواصيهم الصواب كما ينعقد الخطأ , أزمتهم في تفعيل نصوص الدين , دون معرفة بالمتغيرات , ومصيبتهم منحصرة حسب رؤيتهم في البعد عن الله , ومرجعية المصائب عندهم في غيبة أحكام الشريعة الإسلامية , وغياب الحكومة الإسلامية , ومن ثم كانت الكلمات ومترادفاتها ومرادفاتها العديدة المنسحبة علي المجتمع أفراداً وجماعات , بل هيئات ومؤسسات , بل تجري كذلك علي الحكومات وتدور حول الدول من حيث بنية الإيمان وبناء الكفر , فكان مصطلح الكفر , والتجهيل والتفسيق , والزندقة والإلحاد , وكان مصطلح الردة والإرتداد والمرتدين لها آثر في عقياتهم وبنيتهم التصورية في إجراء الأحكام علي الأفراد والهيئات والدول , كماتجري هذه الأوصاف علي الأفراد تنسحب كذلك علي الهيئات والدول , فمن السهل إتهام فرد بالكفر أو بالردة , أو الإتهام بالفسق والجاهلية والزندقة , وكذلك الدول تتهم كالأفراد , ومعها الحكومات !!
وهم في ذلك ينصبوا شباك الوصاية الدينية بمنظومتها المتهيئة لديهم لتحل محل وصاية القانون والمؤسسات , في إختزال مخل ليقوم الأفراد بما تقوم به الدول من مهام قانونية وتشريعية يتم إتهامها بالجاهلية من قبل هؤلاء الأفراد أو الجماعات الدينية علي مرجعية أن هذه الدول بعيدة عن دائرة الشرعية الدينية المستبدلة بالمشروعية القانونية والدستورية التي هي من صناعة البشر ناقص الفهم والوعي والإدراك لمرادات الله , والتي هي في حقيقة الأمر لم يصل إليها بعد , هؤلاء البشر الذين يبتغون الوصاية ومصلحة الشرع ليست هي المبتغاة , وإنما المصلحة الشخصية هي التي في الغالب الأعم تكون من وراء القصد !!

بيت الله يعلوه بيت لأحد البشر :
حسب المفاهيم الدينية الموروثة هل يجوز أن يعلو بيت علي بيت الله في البناء ؟
هكذا أراد أصحاب المصلحة الدينية المدجنة بسيل من النصوص الدينية المفسرة علي مسطرة المصلحة الشخصية البحتة , ففي القري كان إذا أراد آحاد الناس بناء ماتم التعرف عليه بإسم الزاوية أو المصلي والتي تقام باليقين عليها عمارة سكنية من عدة طوابق لصاحب الأرض , والذي تقف أمامه القوانين التي تجرم البناء علي أرض زراعية , كان صاحب الأرض يلجأ لحيلة بناء زاوية أو مصلي بالدور الأرضي تقام علي مساحة شقة سكنية أو علي مساحة شقق العقار , وذلك هروباً من جريمة من الجرائم القانونية التي أساسها الإحتيال بإسم الله وبإسم الدين وراء هدف بناء مصلي أو زاوية في الدور الأرضي , ومن ثم لايستطيع القائمين علي تنفيذ القانون مواجهة صاحب الأرض بالرغم من مخالفته الجنائية للقانون , وهكذا تتحصن المصلحة الشخصية من وراء الإحتيال علي القانون بإسم الله وبإسم إقامة شعائر دينه وعبادته !!
وهذا أمر حاصل !!
كهرباء المسجد وشحن المحمول :
هذا موضوع يبين مدي التناقض المحمول في العقلية الدينية التي اصبحت تمثل حالة هيستيرية تشبه هيستيريا الجنون حتي في أدق الأمور تفاهة ومثالها عن حكم الدين في شحن التليفون المحمول من كهرباء المسجد .
وهذا هو السؤال ونص الفتوي التي أجابت عليه بما تحمله من غرابة وإذدراء للعقل المتوجب فيه الطاعة لفتوي المفتي صاحب الإجابة عن التساؤل , أو السؤال أو الفتوي والتي وردت في أحد المواقع الدينية : يقول السائل: كنا نعتكف في أحد المساجد في العشر الأواخر من رمضان وكان جماعة من المعتكفين يقومون بشحن التليفونات( التليفون المحمول ) من كهرباء المسجد فما حكم ذلك؟

الجواب:
لا يجوز شحن التليفون من كهرباء المسجد لأن كهرباء المسجد لا يصح أن تستغل في الأمور الشخصية فلا يجوز لشخص مثلاً أن يمد خطاً من كهرباء المسجد إلى بيته والأصل عند العلماء أن المال الموقوف يستعمل حسب شرط الواقف إن كان هنالك شرط له فإن لم يكن له شرط فيستعمل المال الموقوف حسب ما تعارف الناس عليه وينبغي التنبيه إلى أن وجود الوصلات الكهربائية التي توصل بها التليفونات لشحنها لا يدل على أن الأوقاف قد أذنت في شحن التليفونات فهذه الوصلات إنما وضعت لخدمة المسجد من استخدام المكنسة الكهربائية أو مكبر الصوت ونحو ذلك ولا يصح القول بأن وجودها إذن للناس باستعمالها. كما أن فتح هذا الباب للناس يعني تحميل المساجد مصاريف عالية ولا يقولن أحد إن شحن التليفون ليس مكلفاً وعليه أن ينظر إلى كثرة التليفونات مع الناس .
وإذا كان يحرم الإنتفاع بكهرباء المسجد في شحن تليفون محمول , أو الهاتف كما يحب أن يسميه المتأسلمين , بالرغم من أنهم ليس لهم دور في إختراعه أو تسميته , فكيف بالإنتفاع بمياه المسجد في الوضوء والإغتسال , واستخدام دورات مياهه في غير الوضوء , أو كيف الحال بإستخدام المسجد في عقد القران والإنتفاع بكهرباء المسجد في ذلك , أو كيف إستخدام كهرباء المسجد في تسجيل الحلقات الدينية بواسطة أجهزة التسجيل والفيديو ؟!!
إنها أزمة الإنفصال عن الواقع والهروب بالمجتمع إلي الماضي !!
وإذا كان لايجوز الإنتفاع بكهرباء المسجد في شحن التليفون المحمول , فهل يجوز للمسجد أن تمتد أرصفته والسلالم الخاصة به لمسافة أربعة أمتار في الشارع العام بدعوي أن هذا بيت الله , وأن من حق بيت الله أن يخالف القوانين والنظم واللوائح التنظيمية المعمول بها في التراخيص الهندسية , وأن يتم الإستفادة بالتبعية لصاحب المبني الموجود به بيت الله بالأدوار العليا , ومن ثم فلايجوز لأحد أن يتقدم ضده بشكوي لأن من يتقدم ضد صاحب العقار بشكوي , فكأنما تقدم بها ضد الله ؟!!
وإذا كان هذا ماهو حادث بالفعل من إنتهاك القائمين علي أمر أحد الزوايا أو المصليات والمقامة تحت أحد الأبنية المملوكة لأحد المواطنين والذي خالف شروط الترخيص للمبني المقام علي أرضه المصلي , ليمتد في الشارع العمومي مسافة أربعة أمتار منتهكاً الطريق العام ومتعدياً عليه في دوره الأرضي المقام به المصلي , والمقام أعلاها في الأدوار العليا وحدات سكنية خاصة بالمالك , ولما كان هذا الفعل يمثل مخالفة قانونية يتوجب إزالتها وتم التراخي عنها فما كان إلا أن تقدم أستاذ جامعي ببلاغ لحي شبرا يطالب فيه بإزالة درجات من سلم زاوية مسجد مواجهة لمنزله حسبما ورد في صحيفة صوت الأمة العدد 356 :
وهذا السلم مخالف للمواصفات الهندسية وأدي إلي تضييق عرض الشارع , وقد أدي ذلك إلي إثارة خطيب المسجد الذي نادي في الأهالي يوم الجمعة بمحاربة الأستاذ المرتد علي حد وصفهالذي يريد هدم بيت الله .
وتسرد صوت الأمة القصة الأزمة من خلال التفاصيل التي حصلت عليها من واقع البلاغات الرسمية التي تقدم بها الدكتورأحمد فهمي المدرس بقسم الدراسات اليونانية واللاتينيةبكلية الآداب جامعة سوهاج والذي تقدم بمذكرة إلي حي شبرا الخيمة قيدت تحت رقم 395 بتاريخ 27 مايو الماضي تؤكد مخالفة سلالم الزاوية المواجهة لمنزله هندسيا وتعديها علي أربعة أمتار من عرض الشارع .
وبناء عليه قام رئيسالحي بإحالة المذكرة إلي قسم الإشغالات والتنظيم وثبت صحة مضمون المذكرة وبدأت الإجراءات القانونية لإزالة تلك التعديات وتم إخطار صاحب الزاوية ( الذي ليس هو الله !! حاشا لله وعظمت قدرته) بعملية الإزالة وإعادة إنشاء السلالم بشكل مطابق للمواصفات الهندسية حتي لاتضر الشارع ومن هنا إنفجرت الأزمة من علي منبر الزاوية بتوجيه إتهامات الردة للأستاذ الجامعي مما أثار الفتنة والشغب الذي إستمر حتي الآن وكاد يؤدي إلي مذبحةمما إضطر الأستاذ الجامعي للتوجه إلي قسم الشرطة لتحرير محضر بالواقعة ذكر فيه مافعله صاحب الزاوية والخطيب إلا أن مأمور القسم رفض تحرير المحضر فقام بإخطار مديرية الأوقاف بأمر هذه الزاوية خاصة أن صاحبها يدعي ناجي يوسف السيد الذي يقوم بجمع التبرعات في صندوقين أحدهما للأيتام ةالآخر للجنة الزكاة , كما هو مدون عليهما وتم إخطار أمن الدولة بتفاصيل ماحدث وعندما وجد الأستاذ الجامعي عدم إهتمام في معالجة الأزمة توجه لنيابة شبرا الخيمة وتقد ببلاغ رسمي يحوي تفاصيل المشكلة فحولته النيابة إلي قسم شرطة ثان شبرا الخيمة فقام المأمور با لإتصال بمكتب أمن الدولة وتحديداً بمقدم يدي ياسر منصور والذي حدد ميعاداً لمقابلة الدكتور أحمد فهمي وإستدعاء صاحب الزاوية ومعه إثنان آخران واتفقوا في مكتبه علي حل الأزمة بشكل ودي ودون أي تصعيد إلا أنه لم يحدث شئ , واشتعلت الأزمة مرة أخري يوم 19 سبتمبر المنصرم قبل الإفطار بربع ساعة حيث تحرشت زوجة صاحب الزاوية وإبنها بوالد الدكتور الجامعي وعندما حضر نجله لإغاثته فوجئ بصاحب الزاوية ناجي يوسف يردد في مكبرات الصوت ويستنجد بأهالي المنطقة قائلاً : الكفار يريدون هدم بيت الله , وأخذ يستصرخهم .....) فظن أهالي المنطقة أن هناك مسيحيين أشعلوا فتنة وقاموا بالإعتداء علي الدكتور الجامعي ووالده وإبن خاله وزميله في بالجامعة الدكتور ( أ . ع ) والذين اصيبوا جمياً بجروح متفرقة واستطاع الأستاذ الجامعي الإفلات من بين المتجمهرين والتوجه إلي قسم شرطة شبرا إلا أنه فوجئ بضباط القسم يرفضون تحرير محضر حتي جاء المأمور وتم إخطار صاحب الزاوية ونجليه وتم وضع الجميع أمام غرفة الحجز حتي الحادية عشرة مساءً وبعدها تم تحرير محضر برقم 27242جنح شبرا الخيمة إلا أن ضباط القسم رفضوا إحالة المبلغ وذويه المصابين إلي المستشفي وتم إدخال الجميع الحجز بما فيهم الأستاذ الجامعي وزميله لحين عرضهم علي النيابة .
وهذه هي القصة المؤلمة كما وردت بصحيفة صوت الأمة .
ولكن الملاحظ في هذا الأمر أنه تم إستخدام الدين من باب المصلحة الشخصية , لأن المساجد أو الزوايا المقامة تحت العمارات السكنية ماكان لها أن تتعدي علي الطريق العام لمصلحة أصحاب العقارات الذين هم في الأساس المنتفعين بهذه التعديات , وماكان الله ودينه هما المستفيدان من هذه التعديات , لأن الله مع النظام , ومع مصلحة خلقه , حينما يدعي آحاد الناس بأن التعدي علي الشارع العام من أجل مسجد أو زاوية بدعوي أن هذا بيت الله , فذلك مما لايرضي الله , وإنما يرضي أصحاب المصلحة في التعدي علي القانون واللوائح والأنظمة المتبعة في دولة من الدول , وإلا مامعني الصراخ بأن أبرهة يريد هدم بيت الله ؟!!
وهل كان صاحب الزاوية هو عبد المطلب ؟؟!!
وإذاكان هو عبد المطلب فلماذا لم يرتكن إلي الله بالدعاء , تاركاً أبرهة , ومتتنجداً بمقولة : لله رب يحميه ؟!!
إنها المصلحة الشخصية التي كانت من وراء القصد , ولم تكن مصلحة الله , أو مصلحة دينه , فالله ليس منحازاً لأحد !!
والملاحظة الأخري وجود صناديق التبرعات في المساجد والزوايا والمصليات , والتي يتم فيها جمع التبرعات دون رقابة من الجهات المسؤلة بما فيها وزارة الأوقاف أو المؤسسة ألأزهرية , في حالة غياب وكـأنه متعمد من الأجهزة المسؤلة في الدولة !!
وكذلك إختزال دور القانون في جهاز أمن الدولة الذي يعهد إليه غالباً بحل مثل هذه الأزمات التي يكون فيها طرف من الأطراف يمثل أزمة أو مشكلة دينية , وغياب دور ومؤسات الدولة الإدارية , وعجزها أمام طوفان الجهل بالدين وترك مسألة إستثمار الدين للتخديم علي المصلحة الشخصية , لأن الدولة المصرية أصبحت توظف الدين للتخديم علي مصلحة الحزب الحاكم المختزل لشخصية الدولة في شخصية الحزب الحاكم , وعدم قدرة الدولة بأجهزتها في التصدي لمثل هذه المشاكل التي من الممكن أن تنذر بكارثة إجتماعية علي خلفيات دينية بغيضة , يؤسس لها الجهلاء والأغبياء من المواطنين أدعياء التدين المغلوط .
وملمح آخر من الملامح الغبية , والذي جعل الفتنة في أساليب إشعالها مرهونة بإرادة المسيحيين فقط , من غير أن يكون للمسلمين دور في إحداثها , وذلك أثناء النداء بمكبرات الصوت علي المواطنين .
والملمح الأخطر :
يتلخص في حال كون من قام بهذه التعديات علي الطريق العام بالمخالفة لشروط الترخيص حال بناء دار عبادة أو كنيسة من الكنائس في أي حي أو منطقة من مناطق مصر أو حي من أحيائها , فكيف يكون حال المسلمين تجاه هذه الكنيسة والقائمين علي أمر بنائها وتشييدها , فماذا سيكون رد فعل المسلمين تجاه هذه الكنيسة والقائمين عليها ؟!!
فهل المطلوب من المسيحيين أن يقوموا بدور عبد المطلب , و يقولوا للبيت رب يحميه , و المسلمين سيقوموا بدور الطير الأبابيل !!
الإجابة متروكة لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تمنع أطفالا من الدخول إلى المسجد الأقصى


.. رئاسيات إيران 2024 | مسعود بزشكيان رئيساً للجمهورية الإسلامي




.. 164-An-Nisa


.. العراقيّ يتبغدد حين يكون بابلياً .. ويكون جبّاراً حين يصبح آ




.. بالحبر الجديد | مسعود بزشكيان رئيساً للجمهورية الإسلامية الإ