الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بين التكفير و التخوين شعرة: في السجال حول مقالة ياسين الحاج صالح

اسماعيل خليل الحسن

2007 / 10 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ألقت مقالة الكاتب ياسين الحاج صالح " قضية محمد حجازي وحرية الاعتقاد الديني" حجرا في مياه راكدة و حركت المشهد الثقافي في سوريا خاصة, عبر سجال بين عقليتين طالما تساكنتا و تطامنتا حفاظا من كل طرف على عدم تعكير الجو مع الطرف الآخر.
فكان تعقيب من الكاتب الطاهر إبراهيم من التيار الديني وتعقيب على التعقيب من كتاب اليسار تم جرى تقاذف كرة البينغ بونغ كل في مرمى الفريق الثاني و دخل لاعبون كثر من الفريقين.
قال اليسار إن اليمين كفره و هذا خروج عن الديمقراطية
و قال اليمين أن اليسار خونه و هذا خروج على الديمقراطية
هل الديمقراطية أن أكون أنت؟
ليسمح لي أصدقائي من اليسار, لأقول لهم , ليست من التقاليد الديمقراطية أن اخفي أفكاري أو أخففها أو أتخلى عنها لكي أرضيك, إنما الديمقراطية تقتضي بأن نتحاور ليقنع كل منا برأي الآخر كاملا لكن دون تعصب و قد تقنعني وقد أقنعك و قد نصل إلى تفاهمات بحيث تتكون قناعات جديدة, مفادها أن لدى كل منا جزءا من الحقيقة و إلا سنترك للحياة أمر إثبات صحة أي من الموقفين, و إلى حين ذلك سيحترم كل منا حق الاختلاف.
لازلت أذكر كيف كنا في اليسار نظن أن هنالك حربا ضروسا تجري إلى الأبد بين المثالية و المادية, علما أن فلاسفة الفريقين الأوائل ما كانوا بمثل هذه الذهنية, إنما انطلت علينا حدة التفنيد و حرارة الجدل لدرجة التهكم, لنظنها معارك إفناء و سحق لا يرحم, و أنهم كانوا يضربون بعضهم بالقباقيب.
و في التيار الديني, لم يفرق كثير من العامة فيه, بين آيات الجدل في القرآن مع اليهودية و النصرانية و اعتباره أولئك من الضالين وأنهم ليسوا على شيء, و بين النظرة العملانية, تجاههم ( كأهل كتاب وأهل ذمة) من حيث حسن المعاملة, وان من يؤذيهم يؤذي الرسول, لغاية جواز التزوج منهم, وهنالك اليوم من يفتي بتزويجهم, بخلاف الأمر في العراق اليوم من إحراق للكنائس و قتل للرهبان.
لا شك أن ما فعله الصربيون المتطرفون في البوسنة, و ما يفعله اليهود في فلسطين و ما فعله المسلمون المتشددون في العراق, ليس سببه الله أو أي من الرسل, لكنها الحروب الدينية التي هي من أفظع الحروب و أبشعها قاطبة.
و الآن امضي إلى مناقشة أفكار الأستاذ طاهر:
في رد الطاهر على ياسين هنالك الكثير مما هو غير مقبول بالنسبة لي:
* لأن آراء ياسين " تعتبر سقطة كبرى، ما كان لمثله أن يتورط في مثلها ". انتهى الاقتباس
فهل السقطة تعبير مخفف عن التكفير و عليه ألا " يتورط" في مثلها و ماذا إذا تورط مرة أخرى و أظنه سيتورط, ربما سيكون الجواب عند الطاهر: يسامحه الله, ولكن متشددا يقرأ مقالته بسطحية لا أظنه سيسامح.
إذا كنا نقف ضد التشدد فعلينا ألا نثيره أو نغذّيه أو نبسط الذرائع أمامه, و المتشددون اليوم هم أعلى صوتا و أقوى فعلا.
يستشهد الطاهر بآية من سورة البقرة لا تفيد قتل المرتد في الدنيا و إنما يرجئ الله أمره إلى الآخرة ليعذبه, ولكن الله ليس حاكما شموليا فقد يصدر عفوا, و يدخل من يشاء إلى الجنة رغم غيظ المتشددين.
أما الحديث الصحيح فكان الإمام مالك يقصيه إذا عنّ له دليل عقلي لأن الحديث صحيح على شروطهم و ليس صحيحا أن الرسول تلفظ به.
إن رأيي في مسألة فقهية بحته ليس على درجة من الدقة, ولكن لا بد من مجتهدين يمتلكون الجرأة لدرجة إيقاف العمل بالنص إذا تعارض و مقتضيات الحال أو سدا للذرائع, كما فعل الخليفة الخطاب غير مرة وبخاصة عام الرمادة. ألسنا في رمادة سياسية؟
ولا أريد أن اذكّر الطاهر باجتهادات من عصر ابن تيمية تحرج التيار الديني إذا ما أراد أن يقنعنا بأنه ركب قطار الحداثة والديمقراطية والاعتراف بالآخر.
مازال كثير من الفقهاء يتمثل حروب الردة, كحالة ذهنية لا خروج منها, علما أن تلك الحروب كانت غايتها عند أبي بكر رد الزكاة و لو كانت عقال بعير, كما أن شروط العصر مختلفة, فما يجيزه منطق الثورة و بناء الدولة لا يجيزه منطق الدولة.
* أما أم الخطايا!! (التعجب لي) فهو موقف ياسين من حق الطلاق للمرأة, فـ "المصلحة" اقتضت حرمان المرأة من حق الطلاق لأن "المرأة سريعة التأثر تثور وتغضب، فتبادر لإيقاع الطلاق على زوجها لأتفه الأسباب فيما لو كانت العصمة بيدها". انتهى الاقتباس
إننا نقف إجلالا لرباطة الجأش التي تتحلى بها أمهات الشهداء الفلسطينيات, حيث لم يبقين لرجال العالم الإسلامي شيئا يفتخرون به!, هل هذه حالة شاذة؟ أم ان المصلحة انتفت يا أخي الطاهر؟
هذا إذا كنا نعبد الله, أما عبادة النص فأمر آخر, لأنه يعيش بين ظهرانينا من يماهي بين الله وكلماته التي هي مجرد حروف وألفاظ, فليفسر لي ألئك إذن كيف يتم التماهي بين الذات ألاهية و " يسألونك عن المحيض" .
يقول الأستاذ الطاهر في معرض رده على الأستاذ ياسين:
"استطرادا، فقد ابتدعت هذه الأيام لغة في التعبير جديدة، نقف منها على حذر. وإذا قبلناها على "مضض" في مقالات تكتب، فلا نقبلها عند التطرق إلى الشأن الذي يتناول أمر العقيدة. وللأسف فإن مقال الأستاذ ياسين مليء بأمثال هذه التعبيرات، التي لنا مآخذ عليها، ليس من حيث اللغة فحسب، بل من حيث الدلالة". انتهى الاقتباس
هل أصبح للإسلام لغة كهنوتية, لا يجوز التحدث بغيرها وهي ترفض دخول عناصر جديدة و دلالات جديدة, و هل أصبح الإسلام عصيا على دخول الحداثة, و أنه يسير باتجاه تطويب كنسي لاهوتي بالمعنى السلبي للكلمة؟ وهل أصبح الفقه طلاسم لا ينبغي لغير السدنة و المطوبين الدخول إليه,كما أن القداسة انسحبت على لغة الأقدمين ولا يحسن سوى تقليدهم واقتفاء أثرهم حذو النعل بالنعل, في حين أن مستشرقين قرأوا الفقه و فهموه وحللوه ولم يكونوا بحاجة إلى شفرة, لكن المثل السائر يقول: مزمار الحي لا يطرب.
على كل فالأستاذ الطاهر مشكور على العبارة التالية:
"غير أننا لا نتهمه ولا يحق لنا أن نخرجه عن الإسلام لأنه كتب ما كتب". انتهى الاقتباس
فهو في حل إذن من تطليق ياسين لزوجته.
غير أن ردا آخر كتبه الدكتور منير الغضبان بأدب جم اعتبر (أخيه) ياسين نصف مؤمن, يعني ذلك انه نصف كافر وأنه تمنى الإسلام لأربعة من المواطنين السوريين يعز بهم الدين.
و أنا أقترح على من بيده أمر العقيدة الأمر التالي:
إطلاق فترة زمنية يسمح للمسلمين مراجعة أنفسهم: فمن يلتمس في نفسه أنه مكره على الإسلام فليغيره إلى دين آخر يناسبه, دون أن يتعرض لآذى, فيكون الإسلام قد تخلص من هذا الكم البشري المهمل الذي ألحق به الضرر وأعاقه و أخرجه من دائرة الفعل و التأثير.
و أخيرا أقول لأخي الطاهر:
إن هذا مجرد جدل فكري أدعوكم فيه إلى التحريض على التحديث في الفقه و الفكر الدينيين و مقولاته و دلالاته. التحديث بقناعة لا لمجرد استجابة لمصالح آنية و سياسية. وان لم تقتنع فإني أكبر فيك ثباتك على مقولاتك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah