الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا و من ورائها أمريكا تقترحان كونفدرالية تركية- كوردية والكورد يرفضون ويتمسكون بعراقيتهم

ناجي عقراوي

2003 / 10 / 28
القضية الكردية


             

في خضم الأحداث السياسة العاصفة و التصريحات النارية لهذه الجهة أو تلك ، يجري في الدهاليز عن سابق تصميم  تهميش رأي الشعب العراقي ، هذا الشعب المثخن بالجراح و سكاكين القريب و البعيد تنهش في جسده ، و المزايدات تجري على معاناته بمسوغات و مبررات  نعرف سلفا دوافعها ، و في مقدمة هؤلاء بعض دول الجوار ، كأن أساليب القمع و التهميش التي جرت في عهد النظام السابق ، لا تشفي غليل هؤلاء البعض .

 

سربت بعض الدوائر الأمريكية ، إلى بعض الشخصيات الكوردية المتجنسة بالجنسية الأمريكية ، ضرورة قيام الكورد بتعاون اكبر مع الأمريكان ، و عدم عرقلة جهودها باستقدام قوات تركية إلى العراق ، مقابل أن يصار في المستقبل القريب ، إلى قيام كيان كوردي يضم أكراد العراق و أكراد تركيا ، وربط المنطقة الكوردية في ( ولاية الموصل )  مع تركيا على أسس اتحاد كونفدرالي ، في حين لم تسرب هذه الدوائر هذا المشروع المقترح ( أو هي في الأجندة الأمريكية للمنطقة ) ، إلى القوى السياسية الكوردية المؤثرة مباشرة ، رغم العلاقات الأمريكية – الكوردية الظاهرة للعيان ، و كذلك لم تحدد هذه الدوائر إلى تلك الجهات الكوردية التي سربت الخبر إليها ، كيفية تنفيذ مشروعها هذا .

 

قلت لمحدثي الذي سرب لي النبأ ، مع إيماني المطلق بحق الكورد في حق تقرير المصير ، و حقهم في إقامة كيانهم القومي ، إلا أنني أرى استحالة  تنفيذ مثل هذا المخطط ، ليس عراقيا و إقليميا فقط ، بل أن هذا المخطط سوف يرفضه الأكراد قبل الآخرين ، حتى إذا فرضها الأمريكان و الأتراك بالقوة ، لأسباب عديدة منها ، إن الكورد لا يريدون جسدا بلا رأس ، و لهم دروس وعبر مع العثمانيين و الدولة التركية لاحقا ، والعلاقات التاريخية بين الكورد و العرب ، متجذرة في التاريخ المشترك ، رغم ما اعتراها من مد و جز في مراحل عديدة ، إلا أن الأكثرية  الصامتة  من الطرفين كانوا حريصين على عدم التفريط بهذه العلاقات ، و الخيرين منهم حاولوا و يحاولون إزالة الشوائب والعراقيل في طريق تمتينها ، استجابة إلى نبض الشارع في كلا الطرفين ، لأن  العلاقات الروحية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية بين مكونات الشعب العراقي ، لا يمكن شطبها بجرة قلم ، و الأمريكان يخطئون في فهم قوتهم ، متصورين بأن الكورد تعاونوا معهم خوفا من قوتهم ، و لم يستوعبوا بأن غرض الكورد من التعاون معهم ، كان من أجل إسقاط نظام أذاقهم العلقم و السم الزعاف ، و تعاونهم كان على أساس انهم عراقيين وليسوا بنادق للإيجار ، و تعاونهم كان مثل تعاون  جهات عربية و إقليمية و عراقية أخرى معهم ، لان الطاغية صدام حسين كما كتب أحد الإخوان ، كان عادلا في توزيع ظلمه على كل الطيف العراقي ، في الوقت الذي لا ننسى نحن الكورد ، بأن  السياسة العنصرية و المذهبية الأحادية الجانب للكيان العراقي الحديث ، والتي جسدها الطاغية في ابشع صورها ، لم تكن إلا امتداد للسياسة المذهبية للإمبراطورية العثمانية .

 

قال محدثي بان الأتراك لم يضربوننا الكيماوي  و لا الغازات السامة ، و إن هناك عرب يدعون الأتراك للدخول إلى العراق نظرا لكرههم للكورد ، قلت له بأن الأتراك مارسوا نفس الظلم مع الكورد ، وان لم يكن ظاهرا للعيان بسبب انحياز الغرب للأتراك ، و قلت له من هم هؤلاء العرب الذين يؤيدون الأتراك ، هم ليسوا سوى  نفر مغمور أو ضال أو مأجور ليس لهم وجود أو تأثير في الساحة السياسية ، أو عاطفيون جاهلون للعبة السياسية  ، ألم يكن هناك عرب و مسيحيون يقاتلون النظام جنبا إلى جنب مع الكورد ، لكي لا ننظر إلى الأمور نظرة أحادية الجانب ، ألم يقتل الطاغية الشيعة والسنة والمسيحيين  مثلما قتل الكورد  ، و إن أتت بدرجات متفاوتة و بوسائل مختلفة ، ألم يكن تحصيل الحاصل لظلمه هو القتل للجميع .

 

إن السمو في التعامل شاهدته عند رجل عجوز مؤنفل ، قتل صدام جميع أفراد عائلته أثناء غيابه ، و هدم قريته و حرق بستانه و مواشيه ، عندما سألته لغرض معرفة رد فعله ، قلت له سقط صدام و قتل ولديه ، هل تريد أن تنتقم من العرب ؟ !! ، أجابني بدون أي تحفظ  و ما علاقة العرب بما جرى لي ، صدام كان مجرما وكذلك ولديه و فرحت لما حصل لهم ، و إن الله يمهل و لا يهمل ، و أضاف قائلا و لكن ثق حينما عرض جثة ولديه في التلفاز ، تأثرت حينما شاهدت جثتهما ، لا حبا لهما بل من الناحية الإنسانية ، أتوجد إنسانية و خلق ارفع من هذه المشاعر ، لا يريد أن يشاهد جثث من قتلوا أهله و هدموا داره و أحرقوا أملاكه .

 

قال محدثي أن أحد الذين يشاطرني الفكرة الأمريكية ، و قريب جدا من القيادات الكوردية ، سرب الخبر إليهم ليعرف ردود فعلهم ، فوجد بأنهم لا يرفضون الفكرة فقط  ، بل يرفضون حتى  مجرد مناقشتها .

 

قلت أن الذي يعرف ألف باء السياسة ، كان عليه أن يعرف ، بان مثل هذه الفكرة مرفوضة من القيادات الكوردية ، لان أمريكا تريد إعادة ترتيب خريطة الشرق الأوسط ، لا حبا في سواد عيون الكورد ، بل لأجندتها الخاصة ، وان هذه الفكرة  تدخل ضمن الفصل الأول ، في فكر المخططين الأمريكان للقرن الواحد و العشرين  ، فالعاقل الفصيح يعرف بان أمريكا في سبيل مصالحها ، تحاول الجمع بين الذئب و الحمل في زريبة واحدة ، وهذا منطقيا غير ممكن ، وبسبب العقلية الأمريكية و نظرتها للأمور واجهتها اخفاقات كثيرة ، و على اكثر من جبهة و منها العراق .

 

و قلت له إن سياسة القوة و الردع بين الدول و الحكومات يمكن أن تأتي بنتائج ، مثلما كان يحصل أثناء الحرب الباردة ، لكن لا توجد أية قوة تستطيع لجم إرادة الشعوب ، و كلنا شاهدنا ما قام به نفر قليل في 11/  سبتمبر/ 2001 م  في أمريكا ، رغم أدانتنا لتلك الحادثة الإجرامية ، ولكن ما قام به هؤلاء الأفراد ، لم و لن تستطيع أية دولة القيام بها .

 

و شرحت له بأن جهات عراقية و إقليمية و دولية دخلت إلى حلبة الصراع على ارض العراق ، كأن  الهدف و الغاية لدى  البعض من هؤلاء  كان فقط هو  سقوط النظام العراقي ، أما مستقبل الشعب العراقي و مصير وطنه لا تهمهم من قريب أو بعيد   ، فكل طرف من هؤلاء دخل الحلبة بثوب معين  مع شعار براق ، ومنهم من دخل العراق  بتوجيه من هذه الجهة الإقليمية أو تلك ، راغبين حصول زواج قسري بين التوجهات الأمريكية ، و مصالح بعض القوى الإقليمية ، بالرغم من التطلعات العراقية ، متجاوزين التوازنات و التأرجحات المتغيرة في السياسة و في مجريات الأحداث ، متصورين الإدعاء بلعبة الديمقراطية ، و طرحهم بعض الأفكار سوف تقنع شعبنا بصحة توجهاتهم ، و كأن القوى الحية في المجتمعات العراقية ، الموجودة على الأرض لا تعرف أهدافهم و أبعادها .

 

كان محدثي يلمح إلى سايكس بيكو جديد ، وقراءة أمريكية جديدة للمعاهدات السابقة ، نتيجة عوامل عديدة منها أمريكية و منها دولية ، و في معرض حديثه أشار بان المشكلة الكوردية كانت موجودة قبل قيام هذه الكيانات في الشرق الأوسط ، و أشار إلى المادة (62) من معاهدة سيفر الموقعة في آب 1920 ، و التي تطالب بتشكيل لجنة ثلاثية لوضع مشروع لحكم محلي للمناطق التي تسكنها أغلبية كوردية ، الواقعة شرق نهر الفرات و جنوب حدود تركيا مع سوريا و ما بين النهرين ، و ذكر بان المعاهدة أشارت أيضا بان الحلفاء لا يعارضون ، الاتحاد الطوعي بين الدولة التركية المرتقبة وبين مناطق الأغلبية الكوردية من ولاية الموصل ،  وأشار إلى المادة ( 16) من الانتداب البريطاني للعراق نيسان 1920 ، لا يمانع الانتداب من تأسيس حكومة مستقلة إداريا في المقاطعات الكوردية ، و ذكر أيضا من أن المادة ( 64 ) من معاهدة سيفر يبقي على الاتحاد الطوعي لسكان ولاية  الموصل مع ولايتي بغداد و البصرة .

 

قلت لمحدثي وهو أكاديمي في إحدى الجامعات الأمريكية ، وكان في طريقه إلى الشرق الأوسط ، إذا كان الاختيار طوعيا ، لماذا لا تصبح الآية بالعكس ؟ قال كيف تنقلب الآية ؟ قلت له بدلا من أن تلحق ( ولاية الموصل ) بالمناطق الكوردية في تركيا تحت العلم التركي باسم الكونفدرالية ، ليصار إلى إلحاق المناطق الكوردية التركية ( بولاية الموصل ) تحت العلم العراقي ، قال محدثي قبل أن يختتم كلامه ، الأمريكان هم الذين يخططون ولسنا نحن ، قلت له مع أهمية أمريكا إلا أن الشعوب هي التي تقرر في النهاية . ....

 

إن  العبء التركي على أمريكا يجري حثيثا لتحويلها إلى ورقة سياسية ، لكي يصار إلى ترتيبات لصالح الدولة الطورانية ، و لم  تكن الترتيبات الأمنية إلا تمهيدا لذلك ، و موضوع الكونفدرالية الكوردية – التركية ليست بنت يومها ، حيث ترجع الفكرة إلى سنة 1965 م ، حينما عرضت أمريكا الفكرة على الأتراك ، في حينها اعترض على الفكرة قادة الجيش التركي ، خوفا من عدم تمكنهم السيطرة على كماشة  كوردية  كبيرة ، و لا سيما أن لكورد العراق تجارب عديدة  في المقاومة ، وان ظروف الحرب الباردة كانت في صالح الأتراك برفض الفكرة .

 

 في الوقت الذي يرفرف العلم الإسرائيلي في أنقرة ، و تغلغل الدولة  العبرية  في مفاصل الدولة التركية و مجتمعاتها منذ تشكيلها سنة 1948 م ، حيث كانت تركيا أول دولة مسلمة  وثالث دولة في العالم بعد روسيا و أمريكا  تعترف بإسرائيل ، مع كل ذلك تفاقمت الكتابات و بتحريض من الميت التركي بالهجوم الشرس على ما هو كل كوردي ، بتضخيم الخطر الكوردي بطريقة مدروسة ، بالإدعاء إلى تغلغل يهودي مزعوم في شمال العراق ، كأن اليهود لم يدخلوا في عواصمهم وبيوتهم أو لم يتغلغلوا في ثيابهم و أفكارهم و عقولهم ، و كان في مقدمة هؤلاء بعض ضعاف النفوس من المأجورين العرب العنصريين  ، الذين لا وزن  لهم و لا لون ، من الذين تفوح منهم  رائحة جادة التقسيم في استنبول ، و اصطف إلى جانبهم بعض الذين يعيشون في الخيال ، من  التيارية و الآثوريين ناكري الجميل الذين طردوا من تركيا في العقود القريبة ، وبالطبع استجاب لهم بعض التركمان من الطورانيين أحفاد جحا و هولاكو و أيتام الجندرمة العثمانية الذين بقوا في العراق ، و بعد  أن علم القادة الكورد بما يجري من مخططات ، بادروا إلى وضع الدول العربية و الإسلامية أمام الواقع .

 

لمعرفة أسباب تراجع الأتراك و قبول فكرة  الكونفدرالية  بعد أن رفضوها سابقا ،هناك أسباب عديدة و مستجدات و تطورات اضطرتهم إلى قبول الفكرة منها ، يعلم الكثيرون من أن الأتراك باقتصادهم المتهالك لا يخفون مطامعهم في ( ولاية ) الموصل الغنية بالنفط ، بعد شعورهم صعوبة الدخول في النادي الأوربي ، و انهم عن طريق الكونفدرالية الصورية سوف يستطيعون لجم طموحات الكورد ، و من ثم يسهل تدخلهم في مستقبل العراق  بإبعاد الشيعة عن أية ترتيبات للتحكم في مستقبل العراق ، و النقطة الأخطر في مثل هذا السيناريو هي رغبتهم و مطامعهم  للتحكم  في مياه الزابين و روافدها  في كوردستان العراق ، بعد أن سيطروا على منابع دجلة و الفرات ، بذلك سيتحكمون في مياه منطقة الشرق الأوسط ، و يتصرفون وفق مشيئتهم ، و خاصة بعد  أن تتفاقم مشكلة المياه في المدى المنظور ، و لا ننسى الطموحات الطورانية باسترجاع أمجاد الدولة العثمانية ، و لا ننسى خريطة الطورانيين الأخيرة التي تريد قضم أراضي العراق و أذر يبجان أولا ، و التي يشار إليها بالخط الأحمر، و من ثم يشار إلى العالم العربي و الإسلامي بالخط الرمادي .

 

الغاية عندهم تبرر الوسيلة ، و المراقب المحايد يتذكر المعاهدات الأمنية و العسكرية  بين تركيا و النظام العراقي  الساقط ، و مشاركة الميت التركي بتسميم اللاجئين الكورد العراقيين ، و تسليم الدولة التركية للمعارضين العراقيين بالعشرات إلى النظام السابق و الذين جرى إعدامهم ، و عدم شجبهم لممارسات النظام العراقي السابق  ضد التركمان ، و عدم تقديمهم تسهيلات إلى أمريكا أبان حملتها لإسقاط النظام صدام حسين الديكتاتوري  ، و فجأة تتذكر التركمان و تطالب الدفاع عن حقوقهم ، و من ثم  توافق بإرسال الجيش التركي إلى العراق .

 

أما بالنسبة لأمريكا فلها أيضا أجندتها الخاصة ، و لها أسبابها العديدة لمجاملة تركيا في مساعيها منها ،  أوربا مهمة جدا في نظر السياسة الأمريكية ، و بعد قيام بعض الدول الأوربية التغريد خارج سربها ، بذلك تضغط عن طريق الدولة التركية على الحلف الأطلسي ، و كما رأينا قام الأتراك بالموافقة على إرسال جيشهم إلى العراق ، رغم تحفظات الحلف الأطلسي ، و عن طريق الأتراك سوف ترسخ  أمريكا أقدامها في أواسط آسيا و تطوق روسيا الاتحادية ،  وتتخلص أيضا من العبء الاقتصاد التركي بعد أن يصار نفط الشمال العراقي للدولة الطورانية  ، و تتخلص من المشكلة الكوردية المزمنة في المنطقة بكيان شبه هش ، و سوف تتدخل عن طريق الضغط التركي لتطويق إيران و سوريا ، بما يخدم سياستها الجديدة في الشرق الأوسط لصالح الدولة العبرية ، مما يسهل توطين اللاجئين الفلسطينيين في هذه الدولة أو تلك ، وكذلك تقوم بتسويق النظام التركي العلماني الذي يتحكم فيه العسكر، و التي هي  بواجهة إسلامية نموذجا للمنطقة ، و الأخطر هو جعل إسرائيل تتحكم في اقتصاد الشرق الأوسط ، عن طريق شركات التركية التي تتحكم فيها إسرائيل ، عن طريق اليهود الدونما الذين يسيرون اقتصاد تركيا ، و كلنا نتذكر تعيين كمال درويش ( من يهود الدونما )  و استدعائه من البنك الدولي بحجة إنقاذ الاقتصاد التركي ، و دوره في إسقاط حكومة أجاويد العنصرية ، و عدم ممانعة جنرالات الجيش التركي بوصول حكومة إسلامية إلى الحكم ، بالعكس من موقفهم من حكومة أربكان السابقة ذات التوجه الإسلامي ، و كان الغرض  من الأكاذيب التي روجتها الاستخبارات التركية ، بشراء اليهود الأراضي في كوردستان العراق هو لجس النبض و معرفة ردود الفعل ، و قطع الطريق عن التوجه الكوردي نحو العرب ، حتى وان افترضنا دخول اليهود إلى العراق أو شماله هل دخلوها عن طريق سوريا أم إيران أو السعودية أم الكويت ، حيث لا يمكنهم الدخول من هذه المنافذ إلا عن طريق الخابور ، و هنا نقول لماذا لم تمنعهم تركيا من الدخول إن كانت صادقة ؟ !!! 0

 

التصريحات الوقحة السابقة لأركان النظام الطوراني ضد العهد الجديد في العراق ، مصورين إرادة العراقيين في التغيير ، مجرد تخيلات لا وجود لها على ارض الواقع ، في حين راهنت القوى الوطنية العراقية المخلصة ، بان هذه الإرادة موجودة على ارض الواقع ، و خرجت إلى السطح و بقوة ، حينما رفضت الإرادة العراقية أية تدخلات إقليمية و منها التواجد التركي في العراق ، لذا نقول لتركيا و من تكون ورائها  ، بأنها مهما حاولت من عمليات الضغط و الابتزاز ، لا تستطيع فرض أجندتها على العراقيين ، و تحت أية يافطة أتت ، لأن تحت الرماد كميات هائلة من التراكمات المأسوية ، التي مارسوها مع شعوب المنطقة ، من عهد إمبراطوريتهم المقبورة مرورا إلى عهد كيانهم الطوراني ، و لا يمكنهم لجم المارد العراقي حتى وان دعمت أمريكا مطامعهم أو قسم منها ، لأن الكعكة العراقية ليست سهلة الهضم ، و لدينا حساباتنا منذ أن وضعوا ( ولاية الموصل ) في ميزانيتهم السنوية الخاوية .

 

إن الشمال العراقي زاهي بأهله و معزز بعراقيته ، وليس هو شمال قبرص يستوجب الوصاية عليهم ، من قبل أحفاد هولاكو و جنكيزخان ليحكموه على طريقة قرقوش ، و الشيء الذي نعرفه بان بطش الدولة الطورانية ، هي نتيجة لبطشها السياسي و لعقليتها العنصرية ، لذا نحن لا نحتاج إلى جمال سفاح آخر ، والى بكر صوباشي مدير شرطة بغداد على عهد المغول ، الذي كان يتفنن في القتل ، الذي احرق منافسه محمد قنبر و أولاده ، في نهر دجلة عن طريق زورق مملوء بالكبريت ، و لا نحتاج إلى ساحة (أودت قابي ) ووضع الناس فيها على حقول الخوازيق و الأنصال ، و لا نريد مثل متحف ( طوب قابي ) لغرض عرض الرؤوس المقطوعة للمعارضين للطورانية ، و لا رغبة لنا لحمامات الغلمان و الجواري ، أو جامخانات شارع التقسيم في استنبول .

 

 على أمريكا إسقاط موضوع خلط الأوراق في معادلاتها ، لان العنف يولد العنف ، و القوة مهما كانت لا تصنع السلام ، وإذا أرادت الاستقرار للعراق عليها تهيئة الظروف الذاتية و الموضوعية ، لقيام العراقيين بحكم أنفسهم في أجواء الحريات و الديمقراطية ، بذلك سوف تقلب الطاولة على كل الإرهابيين إن أرادت القضاء على الإرهاب في منطقتنا الإقليمية .

 

من المقرر أن يزور الزعيمين الكورديين أنقرة ليعرض الأتراك عليهما فكرتهم  و مخططهم  ، عليهما و كما هو عهدنا بهما بان يتكلما بصوت عالي ، و رفض أية فكرة أو مشروع  أو اقتراح لا يصب في مصلحة العراق و شعوبه المتآخية ، و لا سيما تلك المخططات التي تسئ إلى وحدة العراق أرضا و شعبا ، بعد أن تراجعت  أمريكا جزئيا عن استقدام القوات التركية ،  و لا سيما انهما محصنين بموقف مجلس الحكم الانتقالي الرافض للتواجد التركي في العراق ، و محصنين أيضا بنفسهم العراقي و نسيمه العليل ، و ما يزيد من ثقتنا من حصانتهما ، ما يعرفون تاريخيا من الجرائم التي حصلت للعراقيين بصورة عامة ، و للكورد بصورة خاصة من على يد الأتراك ، و انهم حتما يتذكرون أيضا  الأعمال الإرهابية التي جرت في الآونة الأخيرة في كركوك و أطرافها ، و التي كانت للميت التركي اليد الطولي فيها ، حسب اعترافات الإرهابيين الذين تم القبض عليهم ، و منهم رئيس تلك العصابة المدعو محمد علي ، و هنا نكشف عن سر سكت عليه المجلس الانتقالي وكذلك الحكم المدني الأمريكي السفير بول بليمر ، وهو بأن ممثلي التركمان قبل تشكيل المجلس الانتقالي ، ابدوا معارضتهم الشديدة أن يكون في المجلس أي عضو يمثل القوميين العرب أو من يكون ذو ميول ناصرية في المجلس ، و اجتمعوا عدة مرات مع الحاكم المدني و هددوا بعدم الاشتراك في المجلس في حالة عدم تنفيذ مطلبهم ، في الوقت الذي كانت تركيا تستقطب أصحاب هذه الاتجاهات في أنقرة !!! ، و نحن نصر على معلوماتنا و نطالب المجلس والحاكم المدني بالكشف عن هذه الملابسات و التناقضات 0

 

على مجلس الحكم العراقي الانتقالي ، محاسبة عضوة المجلس ممثلة التركمان ، القريبة من الجبهة التركمانية بسبب تصريحاتها إلى تلفزيونTRT-int  التركي قبل أسبوع  ، و التي تصب في خانة مصلحة تدخل الأتراك في العراق و مستقبله ، و استبدالها بعضو من التركمان الشيعة الذين يرفضون التواجد الإقليمي في العراق ، و على المجلس إلغاء المعاهدات الأمنية و العسكرية التي أبرمها النظام الساقط مع النظام الطوراني ، و المطالبة بانسحاب جيشها المتواجد على ارض العراق و المتمركزة في شماله ، أما في حالة  عدم استجابة الأتراك إلى توزيع عادل للمياه مع الدول المتشاطئة معها العراق و سوريا ، على المجلس غلق أنبوب نفط كركوك – جيهان بصورة نهائية ، و بخصوص الشركات التركية العاملة في العراق يجب إعادة النظر في تواجدها ، لأن هذه الشركات أكثرها برأسمال إسرائيلي و يديرها اليهود الدونما الأتراك ، و ذلك استنادا للمقاطعة العربية لإسرائيل .

 

على النخبة المثقفة العراقية و الواعية العمل على ترسيخ الوحدة الوطنية ، و العمل باتجاه تفعيل حقوق جميع العراقيين المذهبية و الدينية و القومية ، حيث ليس من المعقول أن يمثل هذا الكم الهائل من المسيحيين ممثل آشوري و تعدادهم لا يتجاوز بضعة آلاف في العراق ، في حين القومية الكلدانية تعتبر ثالث قومية في العراق ، و يحرمون من التمثيل في المجلس الانتقالي  ، و كذلك من الإجحاف أن لا يمثل الكورد الشيعة الفيلية و الصابئة أحفاد سومر وأكد وكذلك الكورد اليزيديين في المجلس ، في حين تتربع ممثلة عن التركمان في المجلس وتعدادهم يكاد أن يكون بحدود 1 % من نفوس العراق .

 

على النخبة الواعية من الكورد و الشيعة  تحويل التفاهمات بينهما  إلى تحالف استراتيجي ، لإجهاض المخططات التركية ، ومنها تدخلاتها للتأثير في رسم مستقبل العراق ، و محاولاتها لإرجاع  صيغة الحكم المذهبي الأحادي إلى العراق الجديد ، النخبة العراقية  بالوعي  بهذه التفاهمات و بهذه الرؤية  ، سوف يجعلون من  وطننا العراق  بلدا  ديمقراطيا تعدديا برلمانيا فدراليا ، عندئذ نكون قد رسخنا و حدتنا الوطنية على أسس سليمة ،  حينئذ نستطيع أن نقف بوجه الرياح العاتية من أية جهة أتت 0

  








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. South Korea must do more to support LGBTI rights and legalis


.. اعتقال سوري هاجم السفارة الإسرائيلية بزجاجة مولوتوف في بوخار




.. جدل في العراق عقب إعلان الأمم المتحدة إنهاء مهمة (يونامي) نه


.. الإعلام الحكومي: توقف المساعدات يعني حكما بالإعدام على سكان




.. الأونروا: التهجير القسري دفع نحو مليون شخص للفرار من رفح| #ا