الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد إخفاق حرية الصحافة ... حرية الإبداع أمام القضاء مجدداَ

خالد الكيلاني

2007 / 10 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الشهاوي يقاضي شيخ الأزهر ووزيري الثقافة والداخلية
تقرير: خالد الكيلاني

يبدو أن شهر أيلول ( سبتمبر ) الماضي صار أيلولاَ أسود صحفياَ في مصر، فبعيد الإحكام القضائية التي توالت تباعاَ بحبس أربعة من رؤساء تحرير كبريات الصحف الخاصة، ثم الحكم بحبس رئيس تحرير جريدة الوفد واثنين من محرريها والذي اختتمته محكمة العجوزة مجدداَ بحبس وائل الإبراشي رئيس تحرير صوت الأمة وثلاثة من محرريها، ثم قرار النيابة بإحالة إبراهيم عيسى رئيس تحرير الدستور إلى المحاكمة يوم الاثنين الماضي أمام محكمة أمن الجنح في القضية التي اشتهرت إعلاميا بإشاعة مرض الرئيس، ليس هذا فقط، ولكن طبقاَ لمصادر مطلعة في نقابة الصحفيين المصرية فإن هناك أكثر من 30 قضية رأي منظورة أمام المحاكم من المنتظر الحكم فيها قبل نهاية العام الجاري. مما يجعل شهر أيلول ( سبتمبر ) هو الأكثر خلال العام في عدد الأحكام الصادرة بالحبس في حق صحفيين.

أيلول لم يضف بظلاله الرمادية القاتمة على حرية الصحافة فقط، إنما تجاوزها إلى حرية الإبداع، حيث عاد الأزهر مجدداَ إلى مناوئة الشاعر المعروف أحمد الشهاوي وأوصى مجمع البحوث الإسلامية الذي يترأسه الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر مؤخراَ بمصادرة الجزء الثاني من كتاب " الوصايا في عشق النساء " وهو كتاب صدر للشاعر في القاهرة منذ أكثر من عام يتضمن ما يمكن أن يطلق عليه مدونة في الحب والعشق والتصوف يستخدم فيها الشاعر أدواته التراثية المعتادة في الاقتباس من القرآن والسنة، والتضمين الذي يستدعي بعض المقولات البشرية.

ولم تكن تلك هي الموقعة الأولى بين الشهاوي والأزهر فقد أثار الجزء الأول من كتاب الوصايا في عشق النساء الصادر عام 2003 ضمن مطبوعات مكتبة الأسرة معركة انطلقت رحاها من البرلمان المصري حين هاجم عضوان من جماعة الإخوان المسلمين بالمجلس الكتاب ما دعا الأزهر إلى التوصية بمصادرته بعد تقرير من مجمع البحوث الإسلامية برئاسة شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي رأى آنذاك في الكتاب "تمجيدا للذة الجسدية بين المعشوقة وعاشقها وإساءات كثيرة", وأضاف التقريرأن الكتاب يسوق آيات القرآن الكريم في غير موضعها, ويستشهد بها في عبارات الفجور والعشق والعري، فضلا عن "استعمال أوصاف الله تعالى في وصف المعشوقة، مما يشكل كفرا صريحا".إلا أن الإعلام الرسمي وأجهزة الدولة دافعا يومئذ عن حرية التعبير، وهو الأمر الذي يرجعه الشهاوي إلى أن الكتاب كان صادراَ عن مكتبة الأسرة التي تشرف عليها السيدة سوزان مبارك.

وفيما يقر عدد كبير من المشايخ وبعض المنتمين لتيارات الإسلام السياسي حق الأزهر كمؤسسة دينية في مصادرة الكتب التي لا تتفق مع ما يعتقدون أنه من أصول العقيدة الإسلامية، يرى دعاة حرية الفكر والرأي والتعبير أن فتوى الأزهر تؤسِّس لفقه المصادرة والإلغاء والنفي معتبرين أن خطورة القراءات المتعسفة أنها لا تمتلك القدرة على فهم اللغة فهماَ صحيحاَ، لأن فهم مفرداتها لا يكون إلا من خلال السياق الذي يعطيها معناها، وهذا هو ما أكد عليه التقرير الصادر عن الهيئة العامة للكتاب حول الجزء الأول من الوصايا حين أورد أن " قراءة النصوص الأدبية يجب ألا تتعامل مع ألفاظها على أنها حقائق مباشرة، وتنسى المجاز والتوسع الذي أعطانا القرآن الكريم مفاتيحه في مثل قوله تعالى (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)، وقوله (يد الله فوق لأيديهم).

إلا أن الأزهر نفى إصداره قراراَ بتكفير أحمد الشهاوي بعد اطلاعه على الجزء الثاني من كتابه (الوصايا في عشق النساء)، بينما صرح الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن كتاب الشهاوي رديء جدا وتم فيه الاستعانة بالآيات القرآنية الكريمة أو أجزاء منها في أبيات شعره وهذا يمثل استهانة بالقرآن وهو حرام شرعا، وأكد عثمان أنه لا يجوز شرعا استعمال بعض ألفاظ القرآن الكريم الواضحة في تعبيرات جنسية ومثيرة للغرائز مثلما فعل أحمد الشهاوي في كتابه.

ولكن أحمد الشهاوي وفي تحد واضح للتقرير الأول الصادر عن الأزهر عام 2003 ضمن غلاف كتابه الثاني مقتطفاَ من فتوى الأزهر، ومقاطع مما كتبه ثلاثة من أبرز نقاد الأدب في مصر هم الدكاترة صلاح فضل، ومحمد عبد المطلب، ومحمد حافظ دياب.

ولم يكتف الشهاوي بذلك بل أنه وكل عدداَ من المحامين في إقامة دعوى أمام القضاء الإداري ضد كل من شيخ الأزهر ووزيري الثقافة والداخلية طعناَ على قرار مصادرة كتابه، ودعوى أخرى ضد شيخ الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية يتهمهم فيها بالسب والقذف فيما تضمنه التقرير الصادر عن الكتاب.

ويستند الشهاوي في دعوييه القضائيتين إلى أن القانون رقم (103) لعام 1961 الذي ينظم عمل الأزهر واللائحة التي تنظم عمل مجمع البحوث الإسلامية لم تعطيا للأزهر حق الرقابة على الكتب أو مصادرتها، وإنما يقتصر دوره على مراقبة طباعة المصحف الشريف وكتب السنة النبوية المطهرة.

وعلى الرغم من أن الشهاوي ومناصريه من الكتاب والمفكرين لا يأملون في كسب أي من الدعويين بسبب المناخ العام في مصر حالياَ، والتوجهات التي سادت مؤخراَ في أحكام محكمة القضاء الإداري في قضايا الردة وغيرها، فضلاَ عن الأحكام الصادرة من محاكم الجنح في قضايا الرأي، إلا أنهم يعتبرون أن القضاء ساحة من ساحات النضال ضد ما يسمونه محاكم التفتيش الدينية، بجانب ساحات أخرى لن يتقاعسوا – على حد قولهم - من طرقها، مثل منظمات حقوق الإنسان ونادي القلم الدولي وغيرها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah