الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعليم غير قابل للمحاصصة

تركي البيرماني

2007 / 10 / 17
التربية والتعليم والبحث العلمي



إن دراسة النظم التربوية في دول العالم المختلفة تظهر لنا إن التعليم غير قابل للمحاصصة فهو حصة المجتمع ككل عندما يتحول التعليم إلى أداة بيد حزب أو فئة أو دكتاتور تكون النتيجة كارثية على الوطن والمواطن وعلى التعليم فلسفته وأهدافه وبنيته فعلى سبيل المثال عند سيطرة الكنيسة على التعليم في أوربا حولته إلى أداة لخدمة أهدافها الكنسية وعاشت أوربا في ظل القرون الوسطى بظلام دامس وتخلف بكل مجالات الحياة فكريا ومعرفيا وتقنيا إضافة إلى الحروب والصراعات وعندما استولى النازيون على التعليم في ألمانيا عسكروا التعليم والحياة وكانت نتيجة ذلك الحرب العالمية وما أفرزته من ماسي على العالم وعند سيطرة الشيوعيين على التعليم في الاتحاد السوفيتي سابقا أتمتوا الإنسان وسيجوا تفكيره والنتيجة تفكك الاتحاد السوفيتي وفي العراق كان للدكتاتور دور سيئ في تخريب التعليم بنية وفلسفة وأهدافا والنتيجة هي حروب عبثية وفقر متقع وأمية تضرب إطنابها في مؤسسات الدولة المختلفة إضافة لظهور وانتشار ظاهرة الصمت واللامبالاة وقلت الاهتمام بالعمل وضعف الشعور بالانتماء للدولة ومؤسساتها شجع النظام هذه الظواهر ظنا منه أنها تخدمه في البقاء في السلطة ولم يدر بخلده أنها ستكون أحد عوامل سقوطه لهذا يمكن القول إن التعامل مع التعليم من منظور أحادى الجانب فئوي النزعة ضيق الأفق أدى ويؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها على المجتمع وعلى الدولة إن أصحاب الاتجاه الفئوي والدكتاتوري يؤمنون بنظرية الكل بالواحد فالدكتاتور والفئة هي الشعب والحزب هو الآمة والطائفة هي المجتمع .إن نظرية الكل بالواحد لا يمكنها إن تسهم في بناء مؤسسات تربوية فاعلة قادرة على تطوير المجتمع وتحقيق أهدافه بل العكس هو الصحيح وقد أثبتت التجارب إن النظم الديمقراطية التي تضع الشخص المناسب في المكان المناسب اكثر فاعلية وتأثيرا من الاتجاهات الفئوية والدكتاتورية. إن ما يعانيه المجتمع العراقي من أزمات وكوارث ما هو إلا نتاج ثلاث عقود من النضرة الأحادية ضيقة الأفق فبناء النظم التعليمية وتطويرها لم يعد نتاج أهواء حزبية أو فئوية بل هناك قوانين وأسس علمية تتحكم في بناء النظام التربوي والمتخصصون في هذا المجال أدري بأبعادها واصبح ينظر إلى التعليم كنظام وجزء من نظام له مدخلاته واجر ائته منها على سبيل المثال فلسفة التربية والتي يعرفها البعض بأنها النظرة والطريقة الفلسفيتين في مجال التربية والتعليم وهي انعكاس لفلسفة المجتمع وليس لفلسفة حزب أو فئة.والتعليم في الدول المتقدمة خير شاهد على ذلك فالفلسفة البراجماتية هي المعيار والمحك والموجة لنظام التعليم في أمريكا بغض النضر عن الحزب الحاكم سواء كان جمهوري أو ديمقراطي وكذلك الحال في النظم الأوربية المتطورة.وتعد الأهداف المدخل الهام في النظام التربوي فهي التي تحدد نوع الخبرات التي يجب إن تقدم وطبيعة المناهج التي تعرض هذه الخبرات وكيفية تنفيذها إن معرفة أسس بناء الأهداف ومعايير صلاحيتها يبدو لنا إن التعليم غير قابل للمحاصصة وانه عمل مهني تخصصي لا يتمكن من أدائه إلا المختصون في هذا الحقل
ويعد المنهج الواسع المخطط والمختبئ المدخل الثالث من مدخلات النظام التربوي إن بناء وتطوير هذا المدخل يتطلب وجود متخصصين تفتقر المحاصصة إليهم لا بل تعمل على إبعادهم.لهذا انزلقت الوزارتين إلى تبني مفهوم خاطئ وتقليدي للمنهج ويتضح ذلك من خلال المراسلات والممارسات فهم يتعاملون مع المنهج وكأنه المواد المقررة أو عدد الساعات أو الكتاب المنهجي. لهذا بد أو في تنقيح الكتب المنهجية باعتبارها المنهج ناسين أو متناسين إن تطوير مدخل من المدخلات لا يؤدي إلى تحسين أداء النظام ولا يطور كفاءة مخرجاته.إن عملية الترقيع هذه إهدار للجهود والإمكانات إذا لم يأخذ بنظر الاعتبار المحاور الأخرى. يمكن الرجوع إلى أدبيات بناء المناهج وتطويرها.والمدخل الأخير الذي نرى ضرورة إلقاء الضوء علية إجراءات التنفيذ إن لهذه الإجراءات أهمية كبيرة في تسهيل أو اعاقت تحقيق الأهداف من متطلبات هذه العملية وجود كادر إداري متخصص في العمل الذي يؤديه مبدأي علمي إن وجود مثل هذا الكادر سيسهم في بناء وتطوير هذا النظام فللإدارة دور فاعل في بناء المؤسسات لابل في بناء الحضارة ويؤكد وجهة النظر هذه د محمد جواد رضا بقولة إن الثورة الإسلامية في القرن السابع كانت ثورة إدارية نقلت العرب من نظام قبقراطي مفكك إلى حكم المدينة الموحد. وان تحول أوربا من نظام الإقطاع إلى نظام الدولة القومية في مطلع العصر الحديث هو نتاج للثورة الإدارية في الصناعة.وان التقدم الذي حققته الولايات المتحدة وأوربا في القرن العشرين نتاج للإدارة الديمقراطية. الديمقراطية لاتعني صناديق الاقتراع فحسب بل وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.علما إن الفرق بين التقدم والتخلف مردة إلى قدرة الإدارة على تعبئة الموارد واستغلالها الاستغلال الأمثل لصالح المجتمع. التقدم بمفهومة العام والضيق مردة إلى إمكانات الإدارة وقدراتها وهناك من يعزو الفرق في تقدم الولايات المتحدة وأوربا وبين الأخيرة والعالم الثالث مردة إلى النظام التربوي في المقام الأول والى تخلف التنظيم الإداري ونقصد بالتنظيم هنا وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وهو اتجاه يتعارض مع المحاصصة فالمتحاصصون ميالون إلى تقريب الأنصار والمؤيدون وماسحي الأكتاف. أما الكفاءات العلمية القادرة على حمل أعباء المسؤولية فهي بعيدة عن تفكير المتحاصصين ولاتدر بخلدهم لا بل ينظرون إليها نظرت شك وارتياب لمبد أيتها ولأنفتها من ممارسة مسح الأكتاف والتسكع على أبواب الأحزاب والمسؤولين. والنتيجة ما نراه من إدارة تسير لاتطوير لان الغالبية العظمى منهم تنقصهم التخصصية في العمل الذي يؤدونه ويعوزهم الإيمان بالديمقراطية كفلسفة وتقنية ألا أن اغلبهم متفانون في الاحتفاظ بالكرسي بغض النظر عن مخرجات العمل الذي يؤديه.إذن ليس مستغربا أن يقول أحد المدراء العامون في التربية لمشرفيه إن له عين وإذن في كل مكتب من مكاتبهم. هذا التصرف ليس مستغربا على إداري عين في عمل لا يفقه فلسفته وأهدافه وتقنياته.أما المدخل الآخر الذي لايقل أهمية عن سابقة في تطوير النظام التربوي وتنفيذ اجر ائته. التدريسيون هم القادة الميدانيون والثروة الحقيقية للمجتمع واثمن موارده ومصدر العطاء والإبداع المعرفي والتقني وأداة للتثوير.هذا الكادر المهم والأساس في أي عملية تغير أو تطوير لايمكن إعداده أو الاحتفاض به بهذه الطريقة السائدة وبهذا الإهمال المتعمد الذي أدى إلى إفقارهم بمفهوم الفقر الشمولي كما عمل النظام المباد.النظام الحالي لم ينصف هذه الشريحة ولم يعطها حقها. سواء في إعدادها أو تدريبها أو تهيئة متطلبات عملها.موئسات الإعداد دون المستوى المطلوب والقبول في هذه المؤسسات يقع في اسفل السلم الهرمي للمتنافسين على المقاعد الجامعية. الغالبية العظمى التي تتولى إدارة هذه المؤسسات لا تمتلك تخصص في المجال الذي تعمل فيه –الإدارة التربوية- والتدريسيون في هذه الموئسات ليسوا افضل كفاءة ومقدرة من إدارتهم أو حتى مقارنتا بكليات أخرى.العمل في المعاهد التربوية يتطلب كفاء أكاديمية ومهنية وقيمية التدريس في هذه المؤسسات ليس وظيفة لمن لا وظيفة له وليس أداة للتخفيف من حجم البطالة.العراق بحاجة إلى تعليم عالي الجودة. إن تحقيق مثل هذا الهدف يتطلب وجود تدريسين على درجة عالية من الكفاءة الأكاديمية والمهنية والقيمية.لسوء الحض نجد الجامعات العراقية تفتح أبوابها على مصارعها للتعين في هذه المهنة وكأنها تقتفي اثر النظام المباد الذي فتح أبواب المؤسسات التربوية لازلام النظام ولكل من يجيد مسح الأكتاف. هذا الزرع الخبيث نحصد نتائجه السيئة من التخلف الأكاديمي والمهني والقيمي.ومن المؤسف إن هذا الاتجاه مازال قائما وبطرق مختلفة ولأهداف لا تخدم العملية التربوية ولا تسهم في تطوير المجتمع .ويمكن أن نعزو هذه الظاهرة إلى المحاصصة ومحاولة الكسب الشخصي والحزبي والفئوي.فأفواج المتدفقين على الدراسات العليا مستمر دون وجود ضوابط علمية حقيقية ودون توفر ابسط مستلزمات هذه الدراسات من تدريسي كفء ومرجع حديث ومشرف مبدأي علمي ولجان مناقشة موضوعية بعيدة عن المحاباة والعلاقات الشخصية اسندني وأسندك. هذا الجيش الجديد من الخريجين هم قادة المستقبل وبناة الضمير الوطني إذا كانوا على مستوى المسؤولية ومعدين إعدادا جيدا وبعكسه فهم أداة للهدم والتخريب والإعاقة وهناك من يرى إن عدم وجود تدريسي افضل من وجود تدريسي غير مؤهل يتسم بالأمية الوظيفية.إن ما يحدث للتعليم بصورة عامة والتعليم العالي على وجه الخصوص هو إعادة تجهيل وتغريب وسيبقي الجامعات مهمشة غير مؤثرة في مجريات الأحداث. إن التغيرات الراديكالية التي يشهدها العراق وما يتعرض له من هجمة شرسة يتطلب وجود نظام تربوي يتجاوز الاتجاهات التقليدية في العمل وينفتح على حركة التجديد والتطوير في العالم ويعتمد الأسلوب العلمي في بناء مؤسساته التربوية وان يجيد اختيار القيادات الإدارية والتدريسية بعيدا عن المحاصصة والمحسوبية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟