الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى رحيل -سنكارا-...-تشي جيفارا افريقيا-...!

صلاح عودة الله

2007 / 10 / 21
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


في التاسع من تشرين أول/ أكتوبر الحالي صادفت الذكرى الأربعون لرحيل الثائر الأممي "تشي جيفارا"..هذا الثائر المناضل الذي قلما تنجب الأرحام مثله..الثائر الذي صرخ وباعلى صوته:"تجدوني اينما يوجد الظلم"..وفي الخامس عشر من هذا الشهر ايضا صادفت الذكرى العشرون لرحيل الثائر الافريقي "توماس سنكارا" والذي لقب وباستحقاق وجدارة"تشي جيفارا افريقيا"..فهو يستحق التمجيد كيف لا وهو القائل:"الحريّة تؤخذ ولا تعطى"..!
ولد سنكارا في عام 1949، عندما كانت بوركينا فاسو- فولتا العليا سابقا – لا تزال تحت الاستعمار الفرنسي. كان والد سنكارا قد حارب إلى جانب الفرنسيين خلال الحرب العالمية الثانية، واقتفى ابنه آثار خطواته بالالتحاق بالقوات المسلحة الوطنية، التي لعبت الدور القيادي في الحياة السياسية للأمة التي فازت باستقلالها من فرنسا عام 1960 وفي عام 1980، في الوقت الذي رقي فيه سنكارا إلى رتبة رائد، كانت فولتا العليا بلدا مضطربا، حيث يعقب الانقلاب بشكل سريع انقلاب آخر. في ذلك الوقت تورط سنكارا في السياسة، ولكنه لم يكن راضيا على قادة البلاد السياسيين.
عرف بسياساته المناهضة للاستعمار, وفي عهده تأسست اول حكومة افريقية قامت بمكافحة مرض فقدان المناعة المكتسبة"الأيدز" باعتباره خطرا يهدد القارة السمراء برمتها.آمن بمبادئه ايمانا عميقا لا حدود له وهو القائل:"اذا اردت ان تحدث تغييرا اساسيا فعليك بشيء من الجنون والشجاعة لابتكار المستحيل وانا واحد من هؤلاء المجانين"..!
لقد كان سنكارا واحدا من ابرز قادة الضباط الشيوعيين وهي المجموعة التي قامت بالاستيلاء على السلطة عام 1983 بانقلاب عسكري والذي على اثره تم تعيين كنسارا رئيسا ل"فولتا العليا" ليصبح بذلك الرئيس الخامس لها. وبعد استلامه مهام منصبه, قام بتغيير اسم بلاده وعلمها معتبرا الأسم من صنع الاستعمار, واصبح اسمها"بوركينا فاسو" اي ارض الشعب الصادق.
وسرعان ما بدأت الثورة الشعبية الديموقراطية بقيادته وهو واضع اركانها, ومن اهمها:مناهضة الامبريالية, مكافحة الفساد والمجاعة وجعل الأولوية لقطاعي الصحة والتعليم.والجدير بالذكر ان حكومته احتوت على عدد كبير من النساء وكما اسلفت فهي اول حكومة افريقية تجعل مكافحة الايدز من اولوياتها وكذلك تعدد الزوجات وختان الفتيات, وفي هذا السياق يقول:"هناك محاولة للحط من المرأة بجعلها تحمل هذه العلامة التى تنقص من وضعها والتى تشعرها دائماً بأنها ليست إلا إمرأة ناقصة عن الرجل، لا يحق لها حتى الإستفادة من جسدها وأن تفرح وتُفرح جسدها وكل كيانها، فلها حدود فرضها عليها الرجل، لذلك فالختان وسيلة لإذلالها".
في تشرين أول/أكتوبر عام 1984 القى سنكارا خطابا مؤثرا في الأمم المتحدة انهاه قائلا: "اجتزت آلاف الكيلومترات وجئت إلى هنا لأدعو كلٍّ منكم إلى توحيد جهودنا لوضع حدّ لعجرفة من لا عقل لهم، وكي نمحو مشهد الأطفال الذين يموتون جوعاً، وكي يزول الجهل وينتصر التمرّد المشروع للشعوب، ولكي تسكت قوقعة السلاح...".
خلافا للكثير من الرؤساء الأفارقة, كان سنكارا متواضعا في عيشته, فقام ببيع السيارات الحكومية الفاخرة واستبدالها بسيارات ارخص ثمنا. وعندما كان وزيرا تنقل على دراجة هوائية وقد انسحب من الحكومة حينها قائلا مقولته الشهيرة:"تبا لمن يكمم افواه الشعوب".
كان طبيعيا ان يبني سنكارا لنفسه ارثا كبيرا من محبيه الفقراء, لكنه وفي الوقت نفسه اثار سخط الأثرياء ونقمة اقطاعيي القبائل,فقام بسحب امتيازاتهم واجبر موظفي الدولة الميسورين على التبرع بمرتب شهر للمشاريع العامة.سنكارا ايضا اثار حفيظة خصوم كثيرين بدعوى التخطيط لاغتيالهم وتوطيد العلاقات مع الخارج لا سيما الدولة المستعمرة فرنسا.
إلى جانب مواقفه الايجابية، كانت ثمة ظلال لمواقف أخرى.. كان سنكارا ثوريا، جاء من نفس الجذع الذي جاء منه فيديل كاسترو. هذا يعني أنه كان يرغب في تقييد سلطات الزعماء القبليين في بلاده. كان يؤمن أنه حان الوقت لوضع حد للأشكال البدائية والمنتهية الصلاحية للسلطة. ولكن سياسته كانت تنفذ باستخدام القوة والإجبار، والتي ووجهت بمقاومة، وخاصة من الأرياف.
جاءت نهاية سنكارا بعد أربعة أعوام من وصوله إلى السلطة، يوم 15 أكتوبر 1987، عندما انقلب عليه شقيقه في السلاح، وحليفه بيليز كمباوري الذي يحمل رتبة رائد أيضا، والذي أعدم رفيقه وقائده السابق. يقال أن كمباوري كان المنفذ واما المخطط فكان عبارة عن مؤامرة افريقية بزعامة المخابرات الليبية والفرنسية, التي كانت مهتاجة منذ بعض الوقت بسبب سنكارا وشعاراته المناهضة للإمبريالية بالعكس من بديله كمباوري أثبت أنه شريك أكثر مرونة بكثير.
ذهب سنكارا لكن بلاده ما زالت تغنيه فهو كاتب نشيدها الوطني, وهو الذي قال وقبل اسبوع من رحيله:"يمكن قتل الثوار, لكن افكارهم لا يمكن ان تقتل".
يمكن القول ان سنكارا كان بحد ذاته ظاهرة يندر ان تجدد في زمن قصير..كان بطلا افريقيا من ابطال التاريخ المعاصر في بلاده مثلما كان عبد الناصر في مصر.
لا يزال الرئيس كمباوري قائد بوركينا فاسو. ولا يزال ولاؤه باقيا مع فرنسا، وأثبت أيضا أنه يرغب في لعب دور السياسي المفكر، حتى ولو لم يمتلك المؤهلات الشخصية لذلك.
في غضون ذلك، أصبح توماس سنكارا رمز المقاومة، والخطيب الذي يستحوذ على مخيلة الشباب الإفريقي. وكبطل للثورة، وقائد المناوئين للاستعمار الغربي. بالنسبة للكثير من الأفارقة يحتل سنكارا نفس المكانة التي يحتلها تشي جيفارا في أمريكا اللاتينية..كم نحن بحاجة لأمثالهم في زمننا هذا..زمن اصبحت فيه الخيانة مجرد وجهة نظر..زمن يأكل فيه القوي الضعيف ..زمن اختفى فيه الحسيب والرقيب..المجد والخلود لهما ولشهدائنا ولكل شهداء الحركات الثورية العربية والعالمية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. اليمين المتطرف يتصدر استطلاعات الرأي| #مراسلو_سكاي


.. الفريق الرئاسي قبيل الانتخابات التشريعية: هجوم مزدوج على أقص




.. حظوظ تحالف ماكرون تنهار أمام تيار لوبان.. اليسار يعد بزيادة


.. طرد المسلمين والأقليات.. خطاب اليمين المتطرف في الانتخابات ا




.. فرنسا.. اليمين المتطرف يتصدر استطلاعات الرأي في الانتخابات ا