الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحل الاسلامي .. حقيقة أم وهم ؟؟

شهاب الدمشقي

2003 / 11 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقولون : الإسلام هو الحل .
 
ولما كنا نبحث عن حل ، اي حل ، فاننا نقبل ونصدق .

ولكن ما أن نتجاوز دائرة التنظير ونقف على أرضية صلبة من العقلانية والموضوعية حتى تصدمنا اشكاليات عدة يثرها الحل الاسلامي ، فالاسلام دين غني بالتنوع الفكري ، واذا كنا نتحدث عن حل اسلامي فان من حقنا أن نتساءل :

أي اسلام يعنون ؟ الاسلام السني أم الاسلام الشيعي ؟ الاسلام السلفي أم الاسلام الصوفي ؟ اسلام الجماعات المسلحة أم اسلام الأحزاب الاسلامية ؟

وحتى اذا تجاوزنا هذه ( الشبهة الوهمية ) كما سيصفها بعض الاسلاميين فان السؤال الذي يطرحه الواقع هو :

ما المقصود بالحل الاسلامي ؟.

الجواب ببساطة : تطبيق الشريعة الاسلامية في شتى مناحي الحياة.

نسأل مرة أخرى :

وهل يمتلك الاسلام نظرية متكاملة في السياسة والاقتصاد والتربية ؟
الجواب : نعم .

اذن ما هي ملامح هذا الحل الاسلامي ؟ ما هي تفاصيله ؟ وكيف سيحل مشكلاتنا المستعصية ؟؟

مرة اخرى نغرق في دوامة من الافكار المتنافضة وكلها تزعم أنها تمثل الاسلام :

ففي الميدان الاقتصادي يرى بعض الاسلاميين ان الاسلام دين اشتراكي يؤيد عدالة توزيع وسائل الانتاج بين افراد الشعب ويحارب تركيز الراسمالي،في حين يرى البعض أن الاسلام دين راسمالي يرفض التأميم ونزع الملكية الخاصة ويشجع الحريات الاقتصادية .
وفي الميدان السياسي يرى البعض ان الاسلام يرفض النظام الملكي ويؤيد النظام الجمهوري الانتخابي، في حين يرى البعض أن الاسلام يقبل بالنظام الملكي الوراثي بلا تحفظ .
وقل مثل ذلك في علم الاجتماع والتربية والقانون .
فما هو الحل الاسلامي ؟؟ لا أحد يملك الجواب .

مرة أخرى لنتجاوز هذه الأشكالية ، فهي في نظر المنظرين الاسلامين ( شبهات واهية واراجيف
حاقدين )

ولنتساءل ببراءة كيف سيحل الاسلام مشكلاتنا السياسيةوالاقتصادية والاجتماعية من الاستبداد والقمع والفساد الاداري والبطالة والفقر وانخفاض مستوى المعيشة ......

الجواب ببساطة : ما أن تطبق الشريعة الاسلامية حتى تزول جميع مشكلات المجتمع العربي ، هكذا وبسرعة سحرية .ومن حسن الحظ أننا نملك تجربة تاريخية لتطبيق الشريعة الاسلامية وهي تجربة الخلافة الاسلامية التي يجمع الاسلاميون على أنها شهدت تطبيقا كاملا للشريعة الاسلامية ، والسؤال الذي يفرضه العقل هنا : هل حقق تطبيق الشريعة في حقبة الخلافة المجتمع المثالي الذي يحلم به الاسلاميون ؟ وهل تشكل تجربة الخلافة الاسلامة نموذجا اسلاميا يُحتذى به ؟؟؟ وهل يمكن ان نسترشد به في حاضرنا ومستقبلنا ؟؟

هل كفل تطبيق الشريعة حماية أرواح الناس واموالهم واعراضهم ؟.

كل من قرأ التاريخ بتجرد وموضوعية سيجيب بالنفي ، اذ تفيض كتب التاريخ بروايات ضرب الأعناق وهتك الأعراض والتنكيل بالبلاد والعباد ونهب أموال المسلمين وقمع الحريات واغتصاب حقوق الانسان ، وكل هذا في دولة الخلافة التي تطبق الشريعة الاسلامية !!!

في العصر الراشدي :  ان تطبيق الشريعة لم يحقق الأمن والاستقرار للمجتمع ، اذ ان الحقبة الراشدية شهدت مقتل ثلاثة خلفاء من اصل اربعة وفي ظروف قلاقل وفتن : اولهم قتل على يد غلام مجوسي ، والثاني قتل في ثورة شعبية ، والثالث اغتاله تنظيم اسلامي متطرف !!!، هذا فضلا عن الفتنة الكبرى التي اندلعت في تلك الحقبة ، اذ اقتتل رجال خير القرون وسلو سيوفهم على بعضهم وكانت لحصيلة : ثمانية الاف قتيل من اصحاب عائشة وقتل الف من اصحاب علي !!!! رغم انهم يحفظون حديث محمد  : " اذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار " .
كل هذا في ظل تطبيق الشريعة الاسلامية !!!.

في العصر الاموي : تفيض كتب التاريخ بمآسي العصر الاموي والجرائم التي ارتكبت فيه:
- قتل الحسين وثلة من اصحابه بوحشية ..
- يوم الحرة عندما استباح جيش امير المؤمنين يزيد رضي الله عنه مدينة الحرة في حرم الرسول فقتل رجالها وهتك اعراض نسائها بلا خجل ، ويقول ابن كثير عن وقعة الحرة : " ..حتى انه قيل انه حبلت الف امرأة في تلك الايام من غير زوج "
- ضرب الكعبة المشرفة بالمنجنيق

ويختزل ابو الأعلى المودودي عصر بني امية بقوله : غشي العالم ظلام حكومة بني امية اثنتي وتسعين سنة " ( الخلافة والملك : 124 )

في العصر العباسي  : فاقت جرائم العباسيين سابقيهم من الأمويين ، اذ بدؤوا عهدهم باستباحة دمشق حتى هلك من اهلها خمسون الفا كما ذكر ابن الأثير ( 4/333 )

وبقي الجامع الأموي اصطبلا لخيولهم سبعين يوما !!!وقتلوا كل طفل من بني امية ثم بسطوا فراشهم على جثثهم التي كانت لا تزال تتلوى وتنتفض وقعدوا يأكلون !!! ( راجع : ابن الأثير : 4/333 - البداية : 10/345 )

ناهيك عن قمع الثورات ونهب الأموال والاسراف والتبذير والانحلال الأخلاقي الذي تفشى في ذاك العصر ( الف احد الباحثين كتابا ضخما عنوانه " المتعة المحظورة : الشذوذ الجنسي في التراث العربي" ، وقد عالج فيه ظاهرة اللواطة التي تفشت بشكل مخيف في العصر العباسي )
كل هذا بالطبع في ظل تطبيق الشريعة 

أما في العصر الحالي فهناك أربع تجارب أسلامية هي : ايران والسودان وافغانستان والسعودية ، وكلنا يعرف السجل السئ لحقوق الانسان في تلك الدول .

هذه هي التجربة التاريخية لتطبيق الشريعة الاسلامية ، اذن متى طبق الاسلام بشكل صحيح ؟؟؟؟

يجيب الاسلاميون :

ان ما حدث في الماضي ويحدث اليوم هو خطأ في التطبيق ، والاسلام بريء من كل هذه الانحرافات .

ونحن نوافق على هذا الكلام ، ولكن ، يحق لنا ان نتساءل : الا يجوز ان نستخدم ذات المنطق في تقييم التجربة العلمانية سواء اكانت يسارية ام قومية ام ليبرالية بحيث نعتبير فشلها مجرد خطأ في الممارسة لا خطأ في الفكرة ذاتها ؟؟؟

ولنكن اكثر صراحة :

ما الفارق الحقيقي بين شرع الله وشرع الناس اذا كان كل منهما عرضة لخطر الانحرف في التطبيق والاساءة في التنفيذ والتلاعب بالقيم النبيلة ؟؟؟مع ملاحظة ان شرائع الناس تسجل نجاحات ملموسة في الغرب في حين ثبت فشل التجارب الاسلامية في الماضي والحاضر ؟؟؟؟

ألم تنجح الديمقراطيات الغربية العلمانية في بناء مجتمع متحضر يحفظ كرامة الانسان وحقوقه ؟؟؟؟

ألا تبدو المجتمعات الغربية - قياسا بالمجتمعات الاسلامية - أكثر شفافية وتحضرا ورقيا ؟؟؟ لماذا ؟؟؟

لماذا يتصيد الاسلاميون أخطاء الغرب ويعتبرونها دليلا قاطعا على فشل الديمقراطية الغربية في حين لا تخلو تجارب الاسلاميين أنفسهم ( في الماضي والحاضر ) من الأخطاء والأنحرافات ؟؟ بل ربما فاقت اخطاء الغرب !!!

لماذا تكون اخطاء الاسلاميين ( مجرد خطأ في التطبيق والممارسة ) في حين تُضخم أخطاء الغرب لتصبح انحرافات خطيرة تهدم الفكرة الغربية من اساسها ؟؟؟

اذا كانت القضية : تجربة قابلة للخطأ في التطبيق مقابل تجربة اخرى قابلة للخطأ في لتطبيق ايضا فكيف نختار بينهما ؟؟

لاشك أن الشريعةالاسلامية تنطوي على مفاهيم عادلة ومثالية، لكن المشكلة فيمن سيطبق هذا المنهج ، فهم في النهاية بشر محكومون بكل عوامل الضعف الانساني من غلبة الأهواء والأطماع ، فاذا قامت الدولة الاسلامية فما الذي سيضمن الا ينحرف الحكام ؟ ما الضمانة في ان لا تتكرر ذات الأخطاء والانحرافات التي حدثت في الماضي وتحدث اليوم ؟؟

اعتقد أن الحرية والديمقراطية هي الضمانة الحقيقية .

اعتقد أن الحرية هي الحل .

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي