الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-باب الحارة-: انتصار العقلية الماضوية!

عمران الرشق

2007 / 10 / 22
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


يكشف الإقبال الجماهيري على مسلسل "باب الحارة"، بما يحمله هذا الإقبال من شوق عارم للماضي، الهيمنة الطاغية للنزعة الماضوية على التفكير العربي، وهي النزعة التي باتت تتعدى حنينا طبيعيا إلى زمن رومانسي، إلى الرغبة الجامحة في الرجوع للزمن الغابر والبقاء فيه.

المسلسل يفعل ما يفعله الاصوليون: فهو مثلهم يبتكر "تاريخا مقدسا" تسوده الفضيلة التي تفتقدها الجماهير، وهو مثلهم كذلك يوهم الجماهير بأن الجواب على مشكلات الحاضر هو بمزيد من التوغل في الماضي، لا بمحاولة البحث عن المشكلة وحلها في الحاضر، وكأن قدر العرب وخلافا للمنطق أن يستمروا في السير إلى الخلف، لا البحث عن التقدم الذي يعني بالضرورة الحركة نحو الإمام.

وهكذا تلوذ الجماهير المرهقة من الواقع وتعقيداته، والمصدومة من العولمة وما تحاول فرضه عليها من قيم وعادات جديدة غريبة، بالماضي الذي تجد به ملاذا لهويتها الممزقة، بل ويصبح التماهي مع الماضي مدخلا لشعورها بالأمان، فهي وإن كانت تحن إلى العصر الحديث وما يحمله من قيم الديمقراطية والحرية والمساواة، إلا أنها مستعدة للتخلي عن هذه القيم التي لم تنتجها ولم تختبرها جدية، طالما أن العودة توفر لها راحة البال.

إن هذه الهيمنة للعقلية الماضوية هي ما يفسر إقبال النساء العربيات والفلسطينيات على مشاهدة المسلسل، رغم تصويره المرأة بصورة سلبية على الدوام، فهي: إما مستكينة ضعيفة تطيع الرجل دونما أي اعتراض حتى لو قرر الزواج بأخرى، أو خبيثة يجرها تفكيرها إلى الوقوع بالمصائب، أما من شذ عن القاعدة فكانت المرأة المتحكمة في زوجها، ولكن لضعفه لا لقوتها.

وغني عن البيان أن المرأة العربية والفلسطينية لم تحقق حقوقا جدية لتستميت في الدفاع عنها، وتستنكر بالتالي محاولات المسلسل سلبها منها، فما حصلته رغم سنين النضال، اقتصر على قشور زادتها إرباكا فوق إرباكها، وبما أننا عادة ما نرمي القشور مهما نصحنا البعض بفوائدها، فقد تخلصت المرأة من هذه القشور، واشتاقت للأيام الخوالي ولسان حالها يقول:

رب يـوم بكيت منه ولما صرت في غيره بكيت عليه

بل إن الحاضر زاد العبء الملقى على كاهلها، فصحيح أن نساء عربيات وفلسطينيات كثر قد حطمن بعض قيود الماضي وخرجن للعمل، ولكنهن عندما يرجعن إلى المنزل يعدن للقيام بذات الدور التقليدي الذي يفرضه الرجل عليهن أي الاعتناء بالبيت والأولاد.

إن ما يجري يتطلب وقفة جادة تعيد الاعتبار للحاضر بكونه الدرب الذي يمكن عبره الدخول إلى المستقبل، أما استمرار التمسك بالماضي فلن يعني إلا مزيدا من التقهقر، حتى لو هذا الماضي بمثالية زمن "باب الحارة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الهرب من الزواج.. ينتشر بقوة.. وقد يستدعي تدخل طبيب!


.. 16 امرأة يتهمن الساحر الشهير ديفيد كوبرفيلد باعتداءات جنسية




.. لا تشكو المهر وغلاء الأسعار قد تكون مصابا بفوبيا الزواج | #ا


.. مصر.. سائق يحاول اغتصاب فتاة في القاهرة • فرانس 24 / FRANCE




.. يارا لابيدوس: قصّة امرأة عبّرت الموسيقى عن حنينها وعن جذورها