الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصطفى عنترة، باحث مهتم بشؤون الحركة الأمازيغية، في تصريح لجريدة -العالم الأمازيغي-

مصطفى عنترة

2007 / 10 / 24
المجتمع المدني


يطرح تعيين عباس الفاسي على رأس الحكومة القادمة سؤال طبيعة وحجم انتظـارات الحركة الأمازيغية كجزء من الحركة الديمقراطية خاصة وأن هذا التعيين يأتي في سياق سياسي يتميز باشتداد الأزمة الاقتصادية الهيكلية الحادة والأزمة الاجتماعية الخانقة ومحدودية الاختيارات وانسداد الأفق السياسي.. ولعل الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة صفرو على وجه الخصوص إثر الارتفاع الصاروخي للأسعار..، وقبلها عزوف المواطن على المشاركة في الانتخابات السابقة، إذ سجلت نسبة ضعيفة رغم المجهود الكبير الذي قامت به الدولة من أجل دفع المواطنين إلى الذهــاب إلى صناديق الاقتراع ـ مع العلم أن الملك ناشد في خطاب موجه إلى الأمة المواطنين للمشاركة فـي انتخابات السابع من شتنبر2007 ـ تؤكد هذا القول. فما هي إذن إنتظارات الحركة الديمقراطية من الحكومة القادمـة؟

إن الحكومة المقبلة مدعوة إلى اتخاذ إجراءات جريئة وملموسة من أجل إعـادة الثقة والأمل إلى المغاربة، وهذا لن يتأتى إلا إذا تم تسطير برنامج طموح يستهدف فتح أوراش الإصلاح والتغيير، محاربة الفساد والإفساد والتصدي إلى أهله وفق مرجعية قانونية واضحة، بناء مؤسسات قوية قادرة على أن تشكل الدعامة الأساسية لدولة المؤسسات بدل دولة الأشخاص، محاربة اقتصاد الريع، تقليص الفوارق الاجتماعية الشاسعة والنهوض بالأوضاع الاجتماعية المقلقة وخلق تكافؤ الفرص بين المواطنين...
ونعتقد أن أول محك لهذه الحكومة هو طبيعة تركيبتها ومضمون تصريحها، بمعنى هل سيتم فرض وجوه سئم منها المواطن ولعبت دورا في عزوفه عن المشاركة السياسية الذي أكدته بالملموس نسبة المشاركة المسجلة..، وهل ستتحكم عوامل الكفاءة والمصداقية والأهلية.. أم أن الارتباطات القبلية والعائلية والــولاءات الحزبية الضيقة والسلطوية المخزنية.. هي التي ستنتصر؟ وهل سيتضمن تصريحها شعارات فضفاضة وكلاما فارغا موجها للاستهلاك الرخيص..؟

إننا نؤكد على ضرورة هذه الخطوات مع العلم أننا نعرف أن طبيعة النسق السياسي يعطي للملك كفاعل سياسي رئيسي مكانة متقدمة في اتخاذ القرار السياسي. فالملك هو الذي يرسم الاختيارات الكبرى للأمة، ويعين الوزير الأول وباقي أعضاء الحكومة التي تعمل على تنفيذ برامجه، وكل اختلاف داخل مكوناتها ( أي الحكومة) يكون حول آليات وسبل ترجمة محتويات البرنامج الملكي... ومن هذا المنطلق يجعل الحديث عن برنامج حكومة عباس الفاسي مجرد كلام لا أساس له من الواقعية ما دام أن الملك هو الذي يتحكم في اللعبة السياسية بشكل مركزي. ولهذا فالإصلاح الدستوري أصبح يفرض نفسه من أجل تنازل الملك عن بعض الصلاحيات وتنظيم العلاقة بينه وبـين باقي السلطات وتدعيم سلطة الوزير الأول والبرلمان وتقوية استقلالية ونزاهة القضاء، وجعل الشعب مصدر كل السلط.

أما بخصوص الحركة الأمازيغية، فخصوصيتها تجعلها كحركة ثقافية، اجتماعية، هوياتية، حقوقية وسياسية تتوفر على مطالب محددة، كما أن انتظاراتها تبقى كبيرة نظرا لما عاشته الثقافة الأمازيغية منذ استقلال المغرب، أكثر من ذلك أن الحكومة الحالية يقودها حزب سياسي له سوابق تاريخية معروفة مع هذا المكون الثقافي وأهله.

ومن هنا نعتقد أن حكومة الاستقلالي الفـاسي يجب:
أولا أن يخرج تصريحها الحكومي عن الإشارة السريعة إلى الأمازيغية كما حصل مع الحكومتين السابقتين اللتين اكتفتا بالإشارة إلى تعـابير من قبيل إنعاش الثقافة الأمازيغية أو العناية والنهوض بهذه الثقافة..فالحـركة الأمازيغية تنتظر التزاما واضحا وصريحا من قبل حكومة عباس الفاسي بالنهوض بالثقافة الأمازيغية وإدماجها في منظومة الدولة.
ثانيـا أن يتم إدماج الأمازيغية ضمن وزارة أو كتابة الدولة تعنى بالتعددية والهوية والهجرة وإدماج الثقافات كما هو الحال في بعض الديمقراطيات الغربية المتقدمة؛
ثالثـا إلزام القطاعات الحكومية بتنفيذ مقتضيات الشراكة المبرمة مع المعهد الملكي للثقافة الأمـازيغية خاصة وأن بعض القطاعات الحكومية كالتعليم والاتصال والقضاء والثقافة.. لم تبد إرادة سياسية قوية لإدماج الأمازيغية في المجتمع ومؤسسات الدولة.
فالمعهد الملكي قد عانى من ازدواجية الخطاب السياسي للحكومة، إذ في الوقت الذي يرفع فيه بعض مسؤولي بعض القطاعات الحكومية بشعارات إيجابية حول إدماج هذا الموروث الثقافي الأمازيغي نجد "بلوكـاجا" واضحا من طرف أطر هذه القطاعات كما حصل في التعليم عندما رفضت بعض الأكاديميات توزيع الكتاب المدرسي الأمازيغي. ولعل رسالة المنسحبين من مجلس إدارة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية تتضمن عدة رسائل وإشارات تفيد نـوع "البلوكاج" الذي عاشته الأمازيغية في علاقتها مع قطاعي التعليم والاتصال على وجه الخصوص.
ومن هذا المنطلق فإن "المقاربة التشاركية" يحب أن يعاد النظر فيها لكون التجربة السابقة أبانت أنها ساهمت في تعطيل مسلسل إدماج الأمازيغية في المجتمع ومؤسسات الدولة؛
رابعا العناية بالمناطق التي يتكلم أهلها باللسان الأمازيغي، ذلك أن فشل المقاربات التنموية التي اعتمدتها البلاد منذ الاستقلال جعلت الفاعل الأمازيغي يبحث عن بدائل تنموية واقعية، وهو الأمر الذي دفع العديد من الإطارات المدنية إلى تأسيس حركة للمطالبة بالحكم الذاتي سواء في الريف أو سوس الكبيرين.
خامسا توفير شروط إيجابية للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية قصد الإسراع في تأهيل الثقافة الأمازيغية وإحلالها المكانة الطبيعية داخل المجتمع، ذلك أن بعض الإجراءات التي تتخذها مصالح وزارة الداخلية كمنع بعض الآباء من تسمية أبنائهم بأسماء أمازيغية أو ترفض منح الشرعية القانونية لبعض الجمعيات الأمازيغية.. تؤشر بشكل سلبي على الثقة التي يسعى المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية إلى زرعها داخل الأوساط الجمعوية الأمازيغية.
فالمعهد الملكي للثقاة الأمازيغية نجح بفضل خبرة أطره وحنكة مسؤوليـه وثقل إدارته في مدة قصيرة تحقيق إنجازات ضخمة، إلا أن هذا المجهود لم يستثمر من طرف الحكومة للدفع بمسلسل إدماج الأمازيغية ورسم إستراتيجية عقلانية لتدبير التعددية الثقافية واللغوية التي تميز مجتمعنا.
إن مطالب الحركة الأمازيغية لم تعتد تختزل في اللغة والثقافة والدسترة بقدر ما أصبحت شمولية، إذ تؤكد على مطلب تقسيم الثروة والسلطة والقيم والرموز.. ضمن "الجيل الجديد" من المطالب الأمازيغية، كما أن هذه الحركة أصبحت بدورها رقما هاما في كل معادلة تهم المستقبل السياسي للمملكة، الشيء الذي يجب على الدوائر الرسمية المسؤولة الأخذ بعين الاعتبار بمطالبها وانتظاراتها في الأجندة السياسية المقبلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين