الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأعجاز العلمي في القرآن

محمد باقر الحسيني

2007 / 10 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لقد وجد نفسه في المكان الصحيح , وظهر من تصرفاته رضاه الكامل عن هذا العمل الذي اتاح له ممارسة اختصاصه , وضمن له حياة كريمة له ولأسرته في العراق . هاهو الآن بين طلابه اليمنيين الذين يكنّون له حبا وتقديرا يطفح من عيونهم , فهو كما تخيلوه أحد الناجين من أهوال الحروب , وهو بالتأكيد مر من تحت القصف الأمريكي والأيراني والأمريكي , ويشمون منه رائحة شواء اللحم البشري المنبعثة من ملجأ العامرية . لقد قدر هذا التجاوب فأندفع بحماسة لتوفير المادة الدسمة لدروسه الشيقة والمعززة بالصور التوضيحية لمحركات البنزين والديزل , مستعملا المجسمات والطباشير الملون لتوضيح الأشياء المهمة التي يجب ان ينتبه اليها التلميذ . وطارت شهرته بسرعة من قسم المحركات الى عمادة المعهد التقني الذي يدرس فيه . فعينت له العمادة مساعدا لأمتصاص الخبرة وأكتسابها وتثبيتها في ارض اليمن . وأرتاح لهذا التقدير الذي عمم الأحترام واشاعه حتى بين الطلاب المشاغبين , قأصبح الصف هادئا مخصصا للعلم والمعرفة فقط . وقد راقه ان المساعد معروف لدى اساتذة المعهد بجده ومواظبته وذكائه , فهو يفتقد للنزعة العدوانية ونزق الشباب الذي يتلبس البعض كي يظهروا انهم أفضل من الأساتذة الأجانب . لكنه وجده من الناحية الأخرى شابا متدينا بلحية غير مغالية لاتفارق الحوقلة والأستغفار والبسملة الخفيفة شفاههه , حتى ان الأستاذ أستغرب منه أختياره لأختصاص محركات السيارات . فهو قد حفظ القرآن منذ صباه , وتفقه مبكرا , ودرس بعض من العلوم الدينيه , حتى كاد أن يسأله لماذا لم يتجه لان يكون أمام جامع مثلا أو يدخل قسم اللغة العربية او كلية علوم الدين او قسم الفلسفة في الجامعة وهو بهذا التوقد من الذكاء وسرعة الحا فضة والبديهيه ؟. لقد لاحظة الأستاذ خلال المحاضرة وهو يدون ملاحظاته عليها , اسوة بأي تلميذ متحمس يلتهم المادة الدراسية ويطلب المزيد . وبعد أن تأكد الأستاذ من اهمية موضوع المحاضرة من خلال الأنتباه الكلي شرع بصوته الواثق وبنبرة اعلى بتقديم المادة قائلا : المحرك هو مصدر الطاقة الذي يحول الطاقة الحرارية الناتجة من احتراق الوقود ( بنزين ـ ديزل ) الى طاقة حركية على شكل دورة . ويعمل المحرك حسب مبدأ الأشواط الأربعة . وهي شوط السحب حيث ينسحب الهواء والوقود أو الهواء فقط بنسبة أختلاط 1 بنزين 15 هواء او 1 ديزل 19 هواء . وشوط الدفع حيث يرتفع المكبس وينضغط الهواء , فينفجر الخليط أنفجارا هائل يؤدي الى دفع المكبس الى الأسفل بقوة وسرعة عاليتين منتجا شوط الأنفجار ( الطاقة) فينفتح في نهاية هذا الشوط صمام العادم الذي يسمح للدخان المتبقي من الخروج الى الخارج .... . وأنتهت المحاضرة بعد تقديم بعض التوضيحات الضرورية , وأجاب عن بعض الأسئلة , وبدأت الفرصة الفاصلة بين الدرس النظري والعملي , استغلها المساعد لمناقشة الأستاذ عن المحاضرة , فتبادلا الأبتسامات الخفيفة اظهارا للود والأحترام .
ـ مع الأحترام للمجهود الكبير وجودة المادة والتقديم الجيد لكني ارى انها تحتوي على أخطاء اساسية جسيمة .
ـ جسيمة .. أخطاء .. ماهي؟ .
ـ تقول ان المحرك هو مصدر الطاقة وهذا مناف للحقيقة , فلا يجب ان تبتعد التعابير عن الواقع , فالله جل تعالى هو مصدر الطاقة , والمحرك وسيلة لأظهار المعنى الرباني هذا .
ـ نعم .. هذا طبيعي .. هو خالقنا ومصدرنا والهنا ... لا لا يوجد خلاف . نحن لا نستطيع ذكر الله تعالى في الميكانيك بين العدد والمفاتيح .. نعم تلك تعابير مجازية .
ـ لا استاذ .. لكي نعيش ونعمل علينا فهم الموجود والموجودات من مصادرها الحقيقية , فالمحرك لم يكتشفة الفرنسي أوتو ولا الألماني ديزل , أنه موجود في كتاب الله العزيز بكل تفاصيله .
ـ بكل تفاصيله ؟
ـ نعم بكل تفاصيله , خذ مثلا الأشواط الأربعة التي ذكرتها قبل قليل في محاضرتك , فالله تعالى ذكرها في سورة فصلت ( وقدر فيها أقواتها في اربعة أيام سواء للسائلين )(1) , وذكر شوط السحب في سورة القمر ( يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقو من سقر )(2) .
ـ لا لا هذه المعاني ليست لها علاقة بالأشواط ولا بالميكانيك , وانت تفصل بدلة على موضة زر كما يقال عندنا في العراق .
ـ الظاهر يبدوا ذلك , فقد ارتكب المفسرون أخطاء كبرى ندعوك ياأستاذ معنا لأكتشافها , فهم لجأوا للظاهر من الكلام , وللغة , ولاسباب النزول في التفسير , فلو نظر شاعر الى الشمس مثلا , ونظر لها في نفس الوقت عالم فلكي , فأنهما سيقولان عنها أشياءا مختلفة , فنحن أوكلنا التفسير للغويين وليس للعلماء والمهندسين وخبراء الفلك والميكانيك . خذ مثلا شوط الدفع الذي يلي شوط السحب فان الله قد ذكره في سورة الطور ( ماله من دافع)(3) ومع الأسف فسر ذلك بالمعنى الظاهري ايضا, لاننا اعطينا التفسير للزمخشري الأعرج , الذي لايعرف تثبيت مسمارا في باب بيته المحطم . اما لو تمعن مهندس ميكانيكي وفسر تلك الآيه لأكتشف لا محالة الحدافة ( الفلاي ويل) , لانها هي التي تختزن الحركة وترجعها لعمود المرفق ( الكرنك).. لا حظ ماله من دافع , اما شوط الأنفجار فليس من العسير ملاحظة المعنى الكامن خلف الآية التي تشير له ( فقلنا أضرب بعصاك الحجر فأنفجرت منه أثنتا عشرة عينا ) (4)ومن هذا المعنى نستطيع اكتشاف أثنتي عشرة نوعا من انواع الطاقة التي لم نكتشف منها سوى الطاقة الحرارية والحركية داخل المحرك , اما شوط العادم فقد اشارت اليه الآية القرآنية في سورة الدخان ( فأرتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين) (5).
ـ ان ماتقوله يمكن ان يقوي الأيمان في القلوب , لكنه لا يفيدنا في فهم مادة الدرس , لانه درس فني وليس درس ديني .
ـ بالعكس ياستاذ , ان في القرآن حقائق نحن في صدد اكتشافها والتعبير عنها بالأعجاز العلمي في القرآن , فلو تمعنا في ديمومة أحتراق الغازات في الشمس والذي لم نعرف له تاريخا محددا , نجد ان نسبة الأحتراق هي 1 الى 15 كما ذكرته انت في محرك البنزين بالضبط , ونجد في نفس الوقت ان عدد ايات سورة الشمس هي 15 آيه , كما ان اول سورة نزلت هي سورة العلق وتحتوى بسملتها حسب الكتابة القرآنية على 19 حرف والسورة على 19 آية , وهذا الرقم هو نفس نسبة احتراق الديزل في المحرك . هل ان ذلك جاء اعتباطا ؟.. لا طبعا , ان سورا كاملة مثل سورة الحديد والدخان والقلم والأنفطار والأنشقاق هي سور علمية لاتخفى الا على جهلة العلم .وأن اردت المزيد فأن الحاسوب قد ذكر في سورة غافر ( ان الله سريع الحساب )(6) والطائرة في سورة الأسراء ( وكل الزمناه طائره في عنقه ) (7).
ـ لماذا اذن لم تصنعوا المحركات والحواسيب والطائرات مادامت مذكورة بكل تلك التفاصيل ؟.
ـ ( وما تشاؤن الا ان يشاء الله رب العالمين )(8) هذا اولا وثانيا كانت مشكلتنا وما زالت هي التفسير , لقد قلت لك ان المفسرين لم يدرسوا في حياتهم غير اللغة والأصول والفقه , فماذا تنتظر منهم ؟ , سيعطونك كلاما , اما المهندسون فأنهم سيعطونك آلات ومعامل خارجة من النص الآلهي , حتى ان العمل بمثل هذه الأمور سيعطيك متعة الأكتشاف والسمو داخل الروح الألهية .
ـ لاافهم .. ماذا علينا فعله في الدرس العملي ؟
ـ التمعن في تلك الآيات .
ـ وفي الدرس النظري ؟
ـ التأمل فيها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش
(1) فصلت اية 10
(2) القمر اية 48
(3) الطور آية 8
(4) البقرة آية 60
(5)الدخان آية 10
(6) غافر آيه 17
(7) الأسراء آية 13
(8) التكوير آية 29









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناخبون العرب واليهود.. هل يغيرون نتيجة الانتخابات الآميركي


.. الرياض تستضيف اجتماعا لدعم حل الدولتين وتعلن عن قمة عربية إس




.. إقامة حفل تخريج لجنود الاحتلال عند حائط البراق بمحيط المسجد


.. 119-Al-Aanaam




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تكبح قدرات الاحتلال