الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى الأربعين - د . حيدر عبد الشافي - مسيرة عطاء متواصل

محمد أيوب

2007 / 11 / 3
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


توطئة لا بد منها :
غاب نجم الدكتور حيدر عبد الشافي في وقت تمر فيه القضية الفلسطينية بمنعطف من أخطر المنعطفات التي مرت بها وقبل انعقاد مؤتمر الخريف الذي دعا إليه الرئيس الأمريكي بوش من أجل الاتفاق على إيجاد حل نهائي للقضية الفلسطينية، في وقت يعاني فيه الفلسطينيون من التفكك والصراع الدموي الذي أضعف الجبهة الفلسطينية الداخلية وقلل من دعم الأخوة والأصدقاء لها بعد الأحداث الدموية التي وقعت في غزة في شهر يونيو حزيران 2007م والتي أدمت قلب كل غيور على وحدة الشعب والوطن وصون القضية من أخطار العواصف المحدقة بها، في هذا الجو القاتم هاجم المرض الدكتور حيدر عبد الشافي حتى أدركته المنية في الرابع والعشرين من أيلول/سبتمبر 2007م فغاب عنا ونحن في أمس الحاجة إلى أمثاله من الرجال الذي يعملون جاهدين من أجل رأب الصدع وتوحيد الجهود لتصب في اتجاه واحد موحِّد حتى تظل جبهتنا الداخلية واحدة موحَّدة .
عرفت الدكتور حيدر عبد الشافي في النصف الأول من عقد الستينيات من القرن الماضي حين نشأت فكرة إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية لتكون بوتقة تنصهر فيها كافة جهود المخلصين من أبناء شعبنا ولتكون ناظما لكل التوجهات الفكرية والسياسية باعتبارها جبهة وطنية تضم جميع ألوان الطيف الفلسطيني، وقد بدأ الدكتور حيدر وقتها في عقد لقاءات مع أبناء شعبنا في مدن ومخيمات قطاع غزة من أجل تشكيل لجان التوعية التي تضطلع بمهمة تعريف الجماهير بماهية منظمة التحرير والغرض من إنشائها والأهداف التي تعمل على تحقيقها ، وبالفعل تم الإعلان عن قيام منظمة التحرير وتم عقد أول دورة للمجلس الوطني الفلسطيني في القدس سنة 1964م ، تلاها عقد الدورة الثانية للمجلس الوطني الفلسطيني في غزة سنة 1965م ، وقد قابل الشعب الفلسطيني في غزة هذه الدورة بحماس منقطع النظير، فقد كان قطاع غزة هو البقعة الوحيدة التي ظلت تحمل اسم فلسطين، كان الشعب الفلسطيني يتوق إلى تولي أموره بنفسه وها هي مصر جمال عبد الناصر تتيح له هذه الفرصة من خلال إنشاء منظمة فلسطينية توحد الفلسطينيين في أماكن تواجدهم المختلفة، وقد ترأس السيد أحمد الشقيري هذه المنظمة وحين زار غزة قوبل بترحاب شديد في احتفال مهيب في ساحة الكتيبة قرب جامعة الأزهر، وقد حضر الحفل عدد من قادة الثورة الجزائرية لمباركة هذا المولود الجديد.
حياته :
ولد الدكتور حيدر عبد الشافي في غزة هاشم في العاشر من يونيو حزيران سنة 1919م بعد صدور وعد بلفور بعامين تقريبا، كان والده الشيخ محيي الدين عبد الشافي مأموراً لأوقاف غزة وقد انتخب بعدها عضواً المجلس الإسلامي الأعلى كما كان والده مأمورا للأوقاف في الخليل ومسئولا عن الحرم الإبراهيمي الشريف، درس الصفين الأول والثاني الابتدائيين في مدينة الخليل وأكمل تعليمه الابتدائي وقسم من تعليمه الثانوي في غزة وأكمل دراسته الثانوية في الكلية العربية في القدس، وفي إضراب 1936م التحق بالجامعة الأمريكية في بيروت حيث أكمل دراسته الثانوية فيها ودرس الطب وتخرج في حزيران 1943م، وقد عمل بعد تخرجه طبيبا مقيما في أحد مستشفيات مدينة يافا، وقد أقنعه صديقه الدكتور بهاء النمّري أن يعمل طبيبا مع الجيش الأردني سنة 1944م حيث عمل طبيبا في الكتيبة الثانية، وقد انتقل مع الجيش الأردني من الصحراء الأردنية "منطقة الأزرق" إلى غزة وعسكروا في المغازي، وكان الجنرال جلوب باشا قائد الجيش الأردني يرغب في فتح جبهة ثانية في اليونان، ولكن ذلك لم يحدث بسبب تقدم الجبهة الأولى في فرنسا ضد الألمان.
وقد تزوج من هدى الخالدي وهي من أسرة مقدسية بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة سنة 1957م وهو أب لأربعة أبناء ، بنت وثلاثة أولاد، وله سبعة أحفاد، وقد تأثر الدكتور حيدر بوالده تأثراً كبيرا، كما تأثر في طفولته بمقتل البقال اليهودي اليمني في الخليل أثناء ثورة 1929م، شارك في تأسيس الجمعية الطبية الفلسطينيةعام1945. وغادر غزة بعد ذلك إلى الولايات المتحدة، حيث تخصص في الجراحة العامة في أحد المستشفيات الكبرى بمدينة دايتون في ولاية أوهايو، ثم عاد إلى غزة عام 1954 وكان القطاع قد وضع تحت الإدارة المصرية، حيث اعتبرت حكومة المملكة المصرية قطاع غزة منطقة خاضعة لرقابة القوات المصرية في فلسطين، عمل بعد عودته جراحاً في مستشفى تل الزهور التابع للإدارة المصرية، وخلال العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، احتلت إسرائيل غزة، ونصّبت على مدينة غزة مجلساً بلدياً لإدارة شئونها واختارت عبد الشافي ضمن أعضائه، ولكنه رفض، كما أسس جمعية الهلال الأحمر بغزة سنة 1972م وترأسها منذ تأسيسها حتى عام 2005م، كما شغل منصب مدير قطاع الخدمات الصحية في قطاع غزة من سنة 1957م حتى سنة 1960م حيث استقال من منصبه بسبب ممارسة غير أخلاقية من طبيب مصري وعدم محاكمة هذا الطبيب ومنعه من ممارسة مهنة الطب، كما شغل منصب أول رئيس للمجلس التشريعي الفلسطيني بغزة سنة 1962م حتى سنة 1965م، وقد ساهم في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1964م، وفي عام 1969م استدعاه الحاكم العسكري الإسرائيلي على أثر مظاهرات ضد الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة وتم نفيه إلى منطقة تسمى "نخل" في وسط سيناء وهي قريبة من شمال العقبة في محمية للجيش الإسرائيلي وبعد بضعة أشهر عاد إلى غزة، وبعدها تم إبعاده مع مجموعة من نابلس إلى لبنان يوم 12 سبتمر " أيلول " 1970م ، ومكثوا هناك لمدة ستة أشهر، ثم عاد إلى غزة بعد تدخل الأمم المتحدة حيث نزل في عكا واستضافته عائلة هناك حتى عودته إلى غزة، وفي عام 1967 تم تحديد إقامته في مدينة غزة من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
ترأس الوفد الفلسطيني إلى مؤتمر مدريد في تشرين الأول/أكتوبر 1991م، وقاد فريق المفاوضات الفلسطيني نحو عامين في محادثات واشنطن، وقد استقال من رئاسة الوفد بعد أن انكشفت قناة أوسلو السرية للمفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، التي قادت إلى توقيع اتفاق أوسلو عام 1993.
كما انتخب عضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني في انتخابات 1996م، وقد استقال منه بعد خلاف مع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، احتجاجاً على حالة الفساد المالي والإداري المستشرية في السلطة الفلسطينية وعلى حضور الرئيس ياسر عرفات اجتماعات المجلس التشريعي ومشاركته في نقاشات المجلس؛ فقد كان يرى أن الرئيس من حقه حضور اجتماعات المجلس بصفته رئيسا وليس من حقه المشاركة في النقاشات إلا إذا طلب منه ذلك، وقد منحه رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس في شهر نيسان/إبريل 2007م وسام نجمة الشرف الفلسطيني تقديراً لدوره في خدمة قضايا شعبه.
أعماله ونشاطاته :
بدأ حياته السياسية في بيروت عضواً في جمعية العروة الوثقى، وهي جمعية قومية ثقافية سياسية خلال الفترة منذ عام 1937 – 1940 حيث أغلقت الجمعية لأسباب أمنية، ثم التحق منذ عام 1940 – 1943 في تجمع "القوميين العرب" مع كل من المرحوم منيف الرزاز ود. صلاح عنبتاوي وكان الأب الروحي لهذا التجمع الأستاذ قسطنطين زريق، وأثناء دراسته في الجامعة تعرف إلى حركة القوميين العرب التي أبصرت النور فيها، والتحق بصفوف الحركة لبعض الوق،. وقد شغل منصب أمين سر الجمعية الطبية التي تشكلت في سنة 1943 وكان يرأسها المرحوم الحاج طاهر الخطيب من القدس ومن أعضائها سليم ياسين أحد الأطباء المشهورين ومنير وحيد وفؤاد مسلم من نابلس، ولم يكن عدد الأطباء في منطقة غزة في ذلك الوقت يزيد عن ثمانية أطباء، وبعد تخرجه من الجامعة الأمريكية ارتبط بصداقات مع القوى الديمقراطية والتقدمية ذات الطابع اليساري في فلسطين، امتدت هذه العلاقة ضمن أبعادها السياسية والأيدلوجية إلى ما بعد النكبة عام 1948 حيث استمر على نهجه هذا طوال ممارسته لمهنة الطب، وقد جمع بشكل متوازن بين الفكر والممارسة فكان طبيباً للفقراء ومناضلاً ديمقراطياً عنيداً في الدفاع عن حقوقهم وأهدافهم الوطنية.
وبعد نكبة 1948م عمل هو وأعضاء الجمعية الطبية على العناية بجموع اللاجئين وتقديم المساعدات في مجالات الإسكان والخدمات الطبية والتعليمية وقد حققت الجمعية إنجازا كبيراً في هذه المجالات حيث أن عدد اللاجئين كان أربعة أضعاف عدد سكان قطاع غزة الذي لم يتعد آنذاك 20 ألفاً، وقد شكل نزوح اللاجئين إلى القطاع عبئا كبيراً، مما استدعى مساهمة فريق الأمم المتحدة في دعم الجهود المحلية .
وفي مارس عام 1955م هبت الجماهير الفلسطينية في قطاع غزة في أول انتفاضة عرفها قطاع غزة ضد المشروع الأمريكي لتوطين اللاجئين في سيناء حيث رفع المتظاهرون شعار " يسقط مشروع الإسكان يا عملاء الأمريكان، و "لا توطين ولا إسكان... يا عملاء الأمريكان"، وقد كان الدكتور حيدر عبد الشافي واحداً من الرموز الوطنية في القطاع التي التحمت بالجماهير إلى أن تراجعت الولايات المتحدة الأمريكية عن مشروعها بعد أن أعلن القائد الخالد جمال عبد الناصر رفضه لمؤامرة التوطين استجابة منه لانتفاضة غزة الأولى.
أسس الدكتور حيدر جمعية الهلال الأحمر عام 1969 بعد العدوان الصهيوني سنة 1967م من أجل التصدى للمشاكل التي حدثت بعد الاحتلال للحد منها والمساهمة في حلها، وقد عملت الجمعية في مجالين : تقديم عناية فعالة في المجال الصحي من جهة وساهمت في رفع معنويات الجمهور في ظل العدوان من جهة أخرى ، كما ساهمت الجمعية في النهوض بالنشاط الثقافي في قطاع غزة حيث شجعت الكتاب من خلال برنامج يدعم نشر أعمالهم وتشجيع اللقاءات الثقافية لمناقشة أعمال الكتاب الناشئين وقتها، وللجمعية فروع كل مناطق القطاع، في رفح وخان يونس والمنطقة الوسطى والشمال إضافة إلى مقرها الرئيس في غزة، وقد وقعت اشتباكات بين أنصار اليسار وأنصار جماعة الإخوان المسلمين في غزة" المجمع الإسلامي"، الذي انبثقت منه حركة حماس فيما بعد، وتم الاعتداء على جمعية الهلال الأحمر وحرقها، باعتبارها رمزا لليسار في نهاية سبعينات القرن الماضي.
تركت هذه الاشتباكات جروحا في الجسد الفلسطيني لفترة ليست قليلة، خصوصا وأنها تكررت بعد سنوات في الضفة الغربية وخصوصا في جامعة النجاح الوطنية في مدينة نابلس، بين نشطاء الحركة الإسلامية والطلبة والأكاديميين اليساريين، وامتدت إلى داخل مدينة نابلس نفسها وقد تعرض أحد المدرسين اليساريين للاعتداء عليه وتم إلقاؤه من الدور الثاني في الجامعة .
وعلى الرغم من كل هذه المواجهات والخلافات الأخرى التي عصفت بالساحة الفلسطينية بين فصائل منظمة التحرير الفلسطينية العلمانية نفسها وبينها وبين الحركة الإسلامية، على خلفية توجهات قيادة المنظمة برئاسة ياسر عرفات السلمية نحو إسرائيل، فقد اعتبرت كل الفصائل أن د . حيدر عبد الشافي شخص فوق الخلافات، يساهم في رأب الصدع الوطني.
ومن أهم نشاطاته في المجال السياسي :
1 - ساهم في تشكيل الجبهة الوطنية في أوائل نوفمبر 1956م وكان من أبرز قادتها في مواجهة العدوان الثلاثي على مصر وفلسطين وسقوط قطاع غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي، وبسبب المقاومة في الداخل والضغوط السوفيتية انسحب المحتلون من مصر في 23 ديسمبر سنة 1956م ومن قطاع غزة في يوم 7 مارس 1957م حيث حلت قوات الطوارئ الدولية محل قوات الاحتلال، وقد أدرك سكان القطاع أن هناك مؤامرة لتدويل قطاع غزة فخرج الآلاف في مظاهرات متوالية عمت كل أنحاء قطاع غزة وكان شعار المتظاهرين : غزة غزة عربية .. مش حتكون دولية ، كما طالب سكان القطاع بعودة الإدارة المصرية، استمرت المظاهرات لمدة أسبوع حتى عادت الإدارة المصرية إلى القطاع يوم 14 مارس 1957 م .
2 - كان الدكتور حيدر واحداً من عشرة أعضاء فازوا في الانتخابات الجماهيرية عن مدينة غزة في انتخابات المجلس التشريعي الأول، وتم عقد الدورة العادية الأولى للمجلس التشريعي يوم السبت 22/6/1962، وقد انتخب في الجلسة الأولى رئيسا للسلطة التشريعية، وقد أصدر مع زملائه بيانا أكد فيه أن مهمة المجلس التشريعي تنحصر في إبراز الكيان الفلسطيني حرصا على وحدة الشعب الفلسطيني التي باتت مهددة بالزوال وقد قدم مع زملائه مشروع قانون يعتبر قطاع غزة موطنا لكل فلسطيني .
3 - في 28/5/1964 عقد المجلس الوطني الفلسطيني الأول في القدس وتم انتخاب المرحوم احمد الشقيري رئيسا للمؤتمر وحيدر عبد الشافي نائباً للرئيس، وفي منتصف عام 1964، تم اختياره عضواً في أول لجنة تنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
4- ترأس وفد المفاوضات في مدريد وأدار المفاوضات لمدة 22 شهرا، تنقل خلالها بين عدة مدن من بينها واشنطن، وكان على اتصال مع قيادة المنظمة المقيمة في تونس، وظل متمسكا بقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، كأساس وحيد للحل، ولم يكن يدري بأنه كان يغرد في واد، بينما كانت قيادة المنظمة تغرد في واد آخر.
5 - بدأ تحركا لتأسيس إطار يضم "الديمقراطيين الفلسطينيين" وتجمع حوله العشرات ممن تركوا أحزابهم باحثين عن دور لهم في مرحلة ما بعد أوسلو، وقد عقد الدكتور حيدر عدة اجتماعات في مناطق مختلفة، ولكن الأمر لم ينجح لأن العناصر التي تجمعت حوله بدأت تلهث وراء مصالحها فانضم بعضهم إلى السلطة بينما انضم آخرون إلى المؤسسات الأهلية التي كان الغرب يقدم لها الدعم المالي بعد أن تركوا مبادئهم خلف ظهورهم .
6 - استقال من منصبه كنائب في المجلس التشريعي الفلسطيني احتجاجا على الفساد المالي والإداري الذي بدأ يستشري في جسد السلطة الفلسطينية.
7 - ساهم في تأسيس المبادرة الوطنية وكان يهدف إلى تحقيق موقف فلسطيني موحد يرتكز إلى مبادئ الديمقراطية، وقد حث الفلسطينيين على انتخاب الدكتور مصطفى البرغوتي الذي حاول د . مصطفى البرغوتي الاستفادة من دعم د . حيدر له ووضع صورته بجانب صورة الدكتور حيدر له في حملته الدعائية أثناء حملة انتخابات الرئاسة .
8 - ساهم في تأسيس القيادة الوطنية الفلسطينية عام 1974 م ولجنة التوجيه الوطني عام 1979 ودعا إلى احترام مبادئ الشرعية الدولية وحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي استنادا إلى إقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل قي حدود الرابع من حزيران.
9 - ترأس "الجبهة الوطنية في قطاع غزة" التي قادت العمل الوطني خلال الفترة ما بين 1980 – آذار 1988 وقد حلت محلها "القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة" في أعقاب الاتفاق بين المنظمات الفلسطينية.
10 - اعتقلته السلطات الإسرائيلية بتهمة تأييد سياسات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي أسسها صديقه وزميله الطبيب الدكتور جورج حبش.
11 – اعتزل العمل السياسي في آخر أيامه، وقد قلده الرئيس محمود عباس وسام نجمة الشرف الفلسطيني في أبريل 2007م تقديرا لدوره الكبير في النضال الوطني الفلسطيني.
أفكاره وقناعاته :
كان المرحوم يملك حسا إنسانيا منذ طفولته، وهو يرفض اللجوء إلى العنف، فقد بكى في طفولته عندما سمع بقتل العائلات اليهودية في الخليل .
وقد ترأس الوفد الفلسطيني إلى مفاوضات مدريد والمكون من حنان عشراوي، صائب العاجز، فيصل الحسيني، وغسان الخطيب،لاعتقاده أن مجرد الاعتراف بقيادة فلسطينية قائمة يتضمن اعترافا بالحق الفلسطيني، ويبقي الباب مفتوحا للحديث عن تجسيد الحق الفلسطيني بغض النظر عن تشدد إسرائيل، وهو يرى أن اتفاقية أوسلو ركيزة أساسية تجسد الحق الفلسطيني ويستند عليها الكفاح الفلسطيني المستمر لتحقيق الحق الفلسطيني.
كما يعتقد الدكتور حيدر أن غياب النظام هو السبب الرئيسي في مشاكل المجتمع الفلسطيني وفي عرقلة الكفاح الوطني الفلسطيني، وقد عرف مفهوم النظام كما يلي :
1 - احترام وتفعيل وتطوير القانون لخدمة الصالح العام.
2 - تقديم الصالح العام على المصالح الذاتية والعائلية والحزبية.
3 - تحديد الأولويات على طريق النفع العام.
4 - تحديد الأدوار والاختصاصات للقوى العاملة في المجتمع.
5 - تنظيم الطاقات والقدرات المتوفرة لدى الجمهور وتكريسها لخدمة المجتمع.
6 - تقييم علمي وعملي للطاقات المتوفرة وتحديد أساليب تطويرها واستثمارها للصالح العام.
وقد انتقد انتشار القيم السلبية والفردية والعائلية والحزبية مؤكدا أن المجتمع الفلسطيني يقف على مفترق طرق، فقد عمقت هذه القيم الشرخ في المجتمع الفلسطيني وأججت نيران الصراع الفئوي في المجتمع ، وللخروج من هذه الأزمة اقترح الدكتور حيدر لقاء كافة القوى المنظمة على الساحة إضافة إلى عدد محدد من الشخصيات المستقلة للتشاور حول كيفية التصدي للتحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني بهدف التوصل إلى قرارات ديمقراطية ملزمة للجميع حتى يتمكن الجميع من تجاوز واقع التشرذم وهيمنة التطلعات الفردية والعائلية والحزبية الضيقة وتغليب الصالح العام بما يضمن المستقبل الفلسطيني، وقد اقترح بعض الإجراءات التي يعتقد أنها ستضعنا على الطريق الذي يمكن أن يوصلنا إلى أهدافنا الوطنية، من هذه الاقتراحات :
1 - إنشاء قيادة وطنية موحدة تتوحد فيها التنظيمات الفلسطينية حسب وزنها في المجتمع ، إضافة إلى عدد متفق عليه من الشخصيات المستقلة .
2 – مناقشة وضع الانتفاضة بأسلوب ديمقراطي للتوصل إلى قرارات ملزمة للجميع .
وهو يعتقد أن سلبيات اتفاق أوسلو أدت على الانتفاضة الحالية التي اندلعت لتؤكد على :
1 – أن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية أثبتت عدم جدواها لأن إسرائيل استثمرتها لصالحها فزادت وتيرة الاستيطان وشنت المزيد من الاعتداءات على الشعب الفلسطيني .
2 – وأن علينا أن نقاتل دفاعا عن حق تقرير المصير.
وقد انتقد سلبيات الانتفاضة وعاطفيتها وفقدانها للنظام ، ولتفعيل الانتفاضة اقترح ما يلي :
1 – أن ينحصر العمل العسكري في حدود الدفاع عن النفس ومقاومة الاستيطان واغتصاب الأراضي وهدم البيوت وتجريف الأشجار والمزارع وبذلك نؤكد للعالم أننا ندافع عن أنفسنا ووجودنا وبذلك نضمن تأييد العالم لنا وتعاطفه معنا.
2 – تمكين الشعب الفلسطيني من الصمود بما يضمن وضع حد لعدوان إسرائيل وتطلعاتها التوسعية.
3 – التزام السلطة بقانونية التصرف بالمال العام بما يساعد الجماهير الفلسطينية على الصمود.
وفاته :
توفي الدكتور حيدر في الرابع والعشرين من شهر سبتمبر سنة 2007 عن عمر يناهز الثامنة والثمانين بعد صراع مع المرض، وقد نعته جهات محلية وعربية ومن داخل الخط الأخضر، وقد شاركت الفصائل الفلسطينية جنبا إلى جنب في تشييع جنازته وأصدرت بيانات تؤكد فيها على مناقب الفقيد وإن كانت هذه التنظيمات تحاول الاستفادة من هذه المناسبة بما يخدم وجهة نظرها، ومع ذلك يبقى الدكتور حيدر في حياته وبعد مماته أكبر من التطلعات الحزبية الضيقة، يظل وطنيا غيورا على المصلحة العامة عاملا من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية لتجاوز حالة التمزق والضعف التي أوصلتنا إليها الصراعات الحزبية، وقد نعى الدكتور دوف حنين عضو الكنيست الإسرائيلي عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة الدكتور حيدر عبد الشافي، وقد أكد في بيانه أن وفاة الدكتور حيدر تشكل خسارة كبيرة لعائلته ولشعبه وللحركة الوطنية الفلسطينية لأنه مناضل حقيقي ضد الاحتلال منذ اليوم الأول حتى تحول إلى رمز من رموز النضال الفلسطيني .
تغمد الله الفقيد برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جناته وعوضنا عنه خير العوض .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الألمانية تعتدي على متظاهرين مناصرين لغزة


.. مواطنون غاضبون يرشقون بالطين والحجارة ملك إسبانيا فيليب السا




.. زيادة ضريبية غير مسبوقة في موازنة حزب العمال تثير قلق البريط


.. تصريح الأمين العام عقب المجلس الوطني الثاني لحزب النهج الديم




.. رسالة بيرني ساندرز لمعارضي هاريس بسبب موقفها حول غزة