الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التكفير وثقافة البتر

سليم بن حيولة

2007 / 11 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في كل مرة يخرج علينا البعض بفتيا جديدة تتضمن تكفير هذا الشاعر أو ذاك الكاتب وهي قضية قديمة وليست بالجديدة وبقدر قدمها بقدر ما يوجد فيها من طرافة تدل على طغيان النظرة الدينية المتطرفة المكفِّرة لكل مخالف لها في مقابل النزعات الأخرى، كما تعبر عن الدوران الفارغ للعقل العربي الحالي الذي يبدو أنه لم يتخلص من ترسبات الماضي التكفيري ولم يجد بعد طريقه نحو التقدم، فقد ضيعها منذ أيام الفيلسوف الأندلسي"ابن رشد" الذي عرف الغرب كيف يستفيد من أفكاره التي رفض مكاشفة العامة بها، فلما خرجت من بين يديه لقي ما يعرفه كل واحد منا من قبل حكام ذلك الزمان، ويبدو أن حكام يومنا هذا اكتشفوا السر الذي يضمن لهم الديمومة ولحكمهم الاستمرار فوظفوا أمثال أولئك الذين ألَّبوا الناس على ابن رشد الذي عرف أن الحرية واتساع الأفق تكمن في مدى إنسانية التفكير وتيقن أن اللغة هي التي تخلق الواقع وتضمن له الاستمرار، الأمر ذاته عرفه الدكتور أمين الخولي في مصر وهو زوج الدكتورة عائشة عبد الرحمان والذي قال: وهو-للأسف- الحاصل اليوم حيث غدت الألفاظ تملكنا وتحدد أطرنا في التعامل مع الواقع ومع ذاتية الإنسان، وللأسف كذلك أن يتم فصل أمين الخولي من الجامعة فيما يسمى بـ"حركة التطهير"، بعد أن صودرإشرافه على رسالة الطالب محمد أحمد خلف الله" حول القصص القرآني، ولعل أبرز فتنة تعرض لها مفكر هي فتنة نصر حامد أبوزيد الذي طُلقت منه زوجته "إبتهال يونس" والذي يعيش حاليا في منفاه بهولندا وكله شوق لأن يعود إلى موطنه ومرتع صباه ويسترجع ذكريات طفولته ويمشي بجانب النيل مع إخوته كما يتمنى هو فعلا قبل أن يسلم الروح، ويبقى أكبر شوق يعانيه هو الشوق إلى طلبته الذين فُرِّق بينه وبينهم مما يحز في نفسه كثيرا.
وكما يفعلون الآن مع الشاعر "حلمي سالم" حيث اتُهم بالإساءة للذات الإلهية، وقد أغفلوا أن المعالجة لا تتم بهذا الشكل لأن كلامه لو كان يحتمل الكفر من تسعة وتسعين وجها بينما يحتمل الإيمان من وجه واحد فيجب علينا حمله على الإيمان كما يقول الشيخ محمد عبده الذي كان في يوم من الأيام شيخا للأزهر، إذن فليُحمل شعره على الإيمان لا على الكفر، لأننا بالتكفير نعرقل مسيرة الأمة العربية ونحجر على طلابنا النجباء ونسيء لأساتذتنا الأكفَّاء ونفتح علينا أبواب الويل والأعاصير ونعرض الأمة لشتى أنواع البؤس والاضطهاد، وإنه لا فرق عندي بين هذا التصرف وبين رمي المتطرفين اليهود بالحجارة على كل من يمشي بسيارته يوم سبتهم. وتبقى الجامعات الغربية تتلقف هؤلاء أو يذهبون دون رجعة ونواصل نحن مسيرتنا العمياء .
وتبقى مشاكل الأمة الحقيقية هي آخر المفكَّر فيه، ويبقى واقنا بائسا والمواطن العربي مسكينا، وفي رأيي فإنه في حالتي نصر حامد أبوزيد وحلمي سالم كان الأجدر أن نقيم حوارا بناء معهما وأن نحترم حرية الإبداع وأن نتخلص من عقدة البتر التي تلاحق الثقافة العربية منذ القديم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة