الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صفات لا تنمحي

محمد أبوعبيد

2007 / 11 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


المحظوظ في "الشرق" هو من تناقل الناس عنه حسن السمعة والصيت، "والمنحوس" من هو على النقيض. ليس من المبالغة القول إن ما يميز عمومنا هو انعدام التسامح، وملاحقة الأشخاص بصفات لاصقتهم في الماضي، وتخلوا عنها في ما بعد إما طواعية، أو نتيجة عقاب استحقوه.

المجرم، مثلاً، تظل صفته هذه لصيقته حتى بعد رحيله، وتورث لنسله، فيقال هؤلاء أبناء المجرم الفلاني، وأولئك أحفاده. ليس الأمر غريباً في شرقنا، فكما البيت والأرض
والمال يرثها الناس، ومثلما يرثون الأفكار والمعتقدات ولو كانت بالية عفنة، فإنهم يورّثون صفات السلف للخلف، متجاوزين أنه لا تزر وازرة وزر أخرى.

وفق المنطق، يمحو العقاب جرم الشخص، ونيله يسقط أية صفة كان يستحقها، مثل مجرم، لص، معتدٍ. ويصح الاعتقاد في هذا الوارد أنه في اللحظة التي ينهي الشخص العقوبة التي نالها بما يناسب طبيعة الجرم أو الذنب، فإنه يخرج من سجنه كمولود جديد إن كانت نيته عدم تكرار ما قام به أو ما شابه ذلك.

لكن كثيرنا لايعنيه مبدأ العقاب ولا الأصل الذي بُني عليه، ذلك أن لسان العربي يظل مهيمنا على القوانين والمحاكم، ويبقى باحثا عن أسماء يتسلى بعلكها وعلك ما وُصمت به ليل نهار، وبلعب دور وكالات الأنباء في نشرها للوارد والشارد .

كأنه لا جدوى من العقاب في الشرق ما دام من نزلت به العقوبة القانونية، يظل مطاردا بعقوبات نفسية ولفظية يطبقها عليه المجتمع من حوله. وهذا السلوك الاجتماعي يحمل خطرا متمثلاً في إمكانية عودة من عوقب إلى ارتكاب ما يوجب العقاب مرة أخرى، نظراً لكون "الوصمة" خياله اللازق به.

حتى في الممارسات التي لا توجب العقوبات الوضعية والدنيوية، لايسلم المرتد عن ماضيه من الأفواه التي تذكره بماضيه، وتعرّف الآخرين به. فإن بدأ أحدهم، مثلا، في تأدية فريضة الصلاة بمواعيدها بعد أن تجاوز الخمسين أو الستين من عمره، سيطل علينا من يقول ويذكّر بأن ذلك الشخص "أفنى" معظم سنوات عمره من دون صلاة، بدلا ً من الدعاء له بالخير .

ولعل المرء يتخيل كيف لو أن هذا الذي سيق مثلا ً كان معاقراً للخمر والميسر، فلا ريب في وجود من سيتطوع ويذكر الناس أن هذا الذي يصلي كان أكبر "سكًير" ومقامر . ليتنا نتطوع في كشف المناقب كما نسارع في التذكير بالمثالب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الغارديان: نتنياهو يخوض حربا على جبهتين ولا توجد نهاية في ال


.. فلسطينيون يؤدون صلاة العيد بين المنازل المدمرة في خان يونس




.. قوات الاحتلال تقمع الأهالي في البلدة القديمة بالقدس المحتلة


.. مناسك الحج.. رمي جمرة العقبة الكبرى في مشعر منى




.. كيف تمت عملية سجن روستوف الروسي؟