الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مناجاة لفتى الفتيان

كفاح حسن

2007 / 11 / 8
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


في ذكرى إستشهاد وضاح

رغم مرور ثلاث سنوات على وداع وضاح لنا، لا زال ألم فراقه محفورا في القلب. و كأن الأيام تزيد من الجرح نزفا، بدلا من أن يندمل.

فأي حزن لايعادل حزن فقدانه في قلوب محبيه الحقيقيين. فلقد ترك وضاح مكانه محفورا وسط قلوبهم. فهو فتى الفتيان الذي أبا أن يترجل أو يتراجع. فلقد أحرق كل سفنه، و أبقى على مركبه الأخير الذي قاده إلى الصعود إلى منصة الخالدين.

وفي ذكرى إستشهاده ، جمعت كل مالدي من قصاصات و رسائل و برقيات وصلتني لحظة إرتطام الرصاصات الطائشة بجسده المتصلب. و أتاح قرائتها ما بعد الصدمة بتمعن و روية. و إكتشفت للوهلة الأولى، بأن النعي الذي نشرته في يوم إستشهاد وضاح قد نشر في كل المواقع بدون حذف أو تحريف، ما عدى موقع الطريق، حيث تم حذف مقطع من مقالتي، و التصرف في جمل أخرى وردت في المقال، مما أدى إلى تحريف الصورة التي حاولت رسمها في مقالتي. إن الإقتطاع يثير في صدري الوساوس لأنه تم في فقرة حساسة وردت في مقالتي. و أترك للقاريء اللبيب أن يقرأ مقالتي "غادرتنا..لتسكن قلوبنا" في المواقع التي نشرتها، ليكتشف بنفسه نفس الوساوس التي راودتني و تراودني.

لقد تركنا وضاح في ظروف صعبة، إزداد تعقدها بعد إستشهاده. حيث إنحسر دور اليسار العراقي في العملية السياسية. فلقد جرى تهميشه و تحجيمه، ليتحول إلى ديكور في التشكيلة السياسية.

و لقد أشرت سابقا إلى إن إنحسار دور اليسار يتحمل مسؤليته اليسار و قواه العاملة في العراق. فلا يمكننا تحميل أعداء اليسار مسؤولية ضعف اليسار، لقد كان على اليسار أن يستوعب الوضع في البلاد، و أن يرسم سياسته ليكون وسط الأحداث و الجماهير، بدلا من التهميش.

لقد أراد اليسار المساهمة في العملية السياسية و لكنه لم يتقن شروط اللعبة السياسية. و ترك الساحة فارغة للآخرين لينفردوا بدورهم فيها، و للقوى الظلامية أن تملي على الناس إرادتها الظلامية. و بدلا من السياسة الواقعية، لجأ اليسار ـ كعادته القديمةـ إلى رسم سياسته على قياس مسطرة لا تنطبق على قياس البلد. و لهذا يجد القاريء عند قرائته لمشروع اليسار السياسي، أو البرنامج الذي طرحه ح ش ع للخروج من الأزمة السياسية في البلد، إلى إن اليسار يتشبث في الحديث عن البديهيات و العموميات المعروفة، دون أن يتوغل في عمق الأحداث، ليضع النقاط على الحروف، و ليسمي الأشياء بمسمياتها.

إن العهد الظلامي الذي يعيشه البلد حاليا لا يمكن إنهائه إلا في إنقاذ بلدنا من بلدنا من براثن القوى الظلامية بمختلف ألوانها الشوفينية و الطائفية و النخبوية و الإقليمية. و في بناء نظام حكم حضاري قائم على إحترام حرية و حق الإنسان بعدم تصنيفه على أساس المعتقد أو القومية أو الطائفة أو الحزب.

إن الكيان السياسي الذي جرى بنائه بعد الإحتلال الأمريكي البغيض لبلدنا قائم على أسس طائفية و ظلامية تقذف بالبلاد إلى عصر ظلامي لايقل قتامة عن ما عاشته بلادنا بعد إكتساح هولاكو لعاصمة الرشيد. كما و إن الأحزاب السياسية التي حكمت أو تشكلت بعد الإحتلال ماهي إلا سكاكين تقطع أوصال الوطن، و ترميه في مصير ظلامي مأساوي.

فالبلد يفتقر اليوم إلى حزب عراقي يضم في دفته مختلف أصناف العراقيين و مشاربهم، ما عدى أحزاب اليسار العلمانية. و بيد هذه الأحزاب وحدها الفرصة ـ إن أرادت ـ لإنتشال البلد من هذه الهاوية التي وصل إليها. إن قوى اليسار قادرة ـ إن أرادت ـ على إستعادة دورها المفقود إذا هي لجأت إلى سياسة واقعية و فعالة تفهمها الجماهير و تثق بها.

و قبل أن يودعنا وضاح كان يحلم بهذا الدور لليسار، و لكن الأحداث و تسارعها أغرقته في العمل اليومي الروتيني الذي أبعده عن منال هدفه الستراتيجي. و لقد حاول وضاح من خلال عمله في البرلمان العراقي أن يلعب دورا يوضح فيه دور متميز لليسار، إلا إن الرصاصات إختطفته من وسط أعماله و أحلامه..ففقدته أحلامه كما إفتقدناه نحن.

لقد علمتنا النظرية الماركسية بالثقة بالمستقبل، و إلتقاط بصيص النور، وسط الظلام الدامس. و لكن النظرية تبقى رمادية إذا لم تقترن بالواقع. و بصيص النور في العراق هو الجيل الجديد الذي ينشأ اليوم وسط أنهار الدم و رياح الحقد، هذا الجيل سينتفض ضد الواقع الظلامي، و يختار طريق المسقبل ، طريق السلم و التعايش. و هنا يحتاج هذا الجيلإلى تيار يساري علماني قوي و قريب من الجماهير. و سيكون وضاح و الشهداء الآخرين عوامل تزيد من ثقة الجماهير بالشهداء.

فإلى فتى الفتيان وضاح عهد بأننا سنحمل أحلامه على كواهلنا، و سوف لن نكل في السعي لتحقيقها.

أخوك المفجوع
كفاح حسن
السويد
تشرين الثاني 2007
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفيديو مجتزأ من سياقه الصحيح.. روبرت دي نيرو بريء من توبيخ


.. الشرطة الأميركية تشتبك مع المتظاهرين الداعمين لغزة في كلية -




.. حشود غفيرة من الطلبة المتظاهرين في حرم جماعة كاليفورنيا


.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس




.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب