الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام السياسي في لبنان.. كيف يتم احتواؤه؟

محمد مصطفى علوش

2007 / 11 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


على الرغم من أن لبنان بلد متعدد الطوائف على خلاف الدول العربية ذات الأغلبية السنية ، فإنه لم يخلو هو أيضأ من اعتماد الإستراتجية الجديدة المطبقة من قبل الأنظمة العربية الحاكمة في احتواء الإسلاميين أصحاب النهج الوسطي المؤمن بالديمقراطية والتعددية وتبادل السلطة ، إما بإقصائهم قسراً عبر تلفيق ملفات أمنية لهم كما هو الحال في مصر مع جماعة الإخوان المسلمين أو بالتضيق عليهم بما يسن من قوانين وتشريعات تحرمهم دون غيرهم من التمثيل الحقيقي لشرئحهم الشعبية كما هو حاصل الآن في الأردن مع جبهة العمل الإسلامي . أما في لبنان فإن الأمر يختلف في التكتيك عن ممارسة الأنظمة العربية وان كان يتماهي معها في الإستراتجية بشكل يتناسب مع الخصوصية اللبنانية.

ولعل من الفوراق التي يمكن ان تضم الى ما ذكر آنفاً ، أنه في الوقت الذي تعتمد هذه الإستراتجية أنظمة وحكومات فإنه في لبنان وبحكم خصوصيته المذكورة يتم ترجمة هذه الإستراتجية من قبل تيار سياسي تحول وبفعل عدة متغيرات داخلية وخارجية ليصبح المرجعية السياسية الشرعية للطائفة السنية بعد أن أصبح التيار الأكثر نفوذا على الساحة الداخلية للطائفة التي كانت تتقاسمها الزعامات السنية السياسية تاريخياً .

فمع وصول رفيق الحريري لرئاسة الوزراء وهو يحاول ان يشكل حالة استقطاب واسعة داخل الشرائح اللبنانية. ورغم تعرضه لسلسة من الضغوطات سواء على يد منافسيه داخل الطائفة من الزعامات السنية أو على يد الأجهزة السورية الموجودة في لبنان ، فقد أستطاع الحريري أن يستحوذ على نسبة اعجاب عالية ، تكرست أكثر فأكثر بعد استشهاده .
التيار والإسلاميين بعد الاغتيال

لم تكن الزعامات السياسية السنية التاريخية هي وحدها من تجد في مشروع رفيق الحريري الخطر على مصالحها بل تعدى ذلك إلى الحركات الإسلامية المنتشرة على الأرض اللبنانية من اخوانين وتحريرين وسلفيين حيث أن قلقاً ما كان يراود الحركات الإسلامية التي ذاقت الأمرين على يد الأجهزة السورية من أن يكون الحريري امتداد لمشروع سوري أو أمريكي . وقد استطاعت الأجهزة السورية تأليب هذه التيارات على الحريري عبر إيحائها بأنه وراء طرح مشروع الزواج المدني في لبنان أو أنه وراء الدفع لإعدام أفراد المجموعة التي اغتالت رئيس جمعية الأحباش "الشيخ نزار الحلبي" واستمر الحال بين تيار المستقبل وعلى رأسه الحريري الأب وبين الحركات الإسلامية بين مد وجزر حتى وقع الاغتيال الذي قلب كل الموازين والتوازنات السياسية حيث اعتبر الاغتيال وعلى امتداد الساحة السنية هو استهداف للنفوذ السني في لبنان لا سيما أن علاقات الحريري الدولية والعربية الواسعة استحوذت على إعجاب أهل السنة دون استثناء بمن فيهم الكارهون لوجود الحريري أصلا في لبنان.

هذا الفراغ الذي أحدثه اغتيال الحريري والذي لحق به انسحاب القوات السورية من لبنان أربك الساحة السنية المكبوتة فظهرت حالة انفلاش كبيرة في نشأة الحركات الإسلامية وتمددها بحيث تأسست حركات واندمجت حركات على حساب الحركات الباقية ، وخصوصاً بعد وقوع حرب تموز الذي زادت من الإستقطاب السياسي لهذا المحور او ذاك حيث ولدت "جبهة العمل الإسلامي" واللقاء الإسلامي المستقل" ، فضلاً عن التراخيص التي حازت عليها حركات وجمعيات على رأسها "حزب التحرير" و"الجماعة الإسلامية".

بالمقابل لم يكن "سعد الدين الحريري" ليدع هذا التعاطف الشعبي العارم التي تكرس باستشهاد والده يمر دون أن يسخره لخدمة المشروع الذي كان يحلم به الأب وخصوصاً أن الوصي السوري رحل من لبنان والمناطق التي كان يُحرم على الحريري دخولها سواء في طرابلس أو عكار أو الضنية أصبح من السهل له أن يتجول فيها دون أية وصاية.

وبناء عليه فقد عمل التيار على استقطاب الساحة السنية على امتداد انتشارها الجغرافي في لبنان ، وبما أن عموم الساحة السنية لا سيما في الشمال حيث الخزان السني يغلب عليها التعاطف مع الحركات الإسلامية أو الإنتماء اليها كان لا بد من التقارب أو التحاور مع الحركات الإسلامية التي يمكن تصنيفها ضمن فئتين ، الفئة الأولى تضم الجماعة الإسلامية (كبرى الحركات الإسلامية السنية وصاحبة برنامج سياسي وسطي غير مكتمل الملامح) وحزب التحرير(امتداد لحزب عالمي إلا أن وجوده في لبنان ضعيف قياساًُ على غيره ، وهو حزب راديكالي يتعدى القطر والوطن) ، و"جبهة العمل الإسلامي" التي لا تختلف كثيراً عن الجماعة الإسلامية سوى في أمرين (دعمها العلني والمباشر لحزب الله ولخط المقاومة في فلسطين والعراق ، وعداؤها الظاهر لتيار المستقبل وخطه السياسي) ، "اللقاء الإسلامي المستقل" الذي وئد قبل ان يولد والذي لم يكتب له اي بصمة سياسية لكثرة مكوينه واختلافات مرجعياتهم وتوجهاتهم التي تصل حد التناقض. في حين يمكن ان نضع تحت خانة الفئة الثانية ما دون ذلك من تجمعات وجمعيات ووقفيات تتفاوت في الحجم والانتماء ، قاسمها المشترك أنه لا برنامج سياسي لديها ولا تسعى لممارسة دور سياسي على غرار أصحاب الفئة الأولى ، ويعج بها الشارع السني من بينها "جماعة الدعوة والتبليغ"، الجمعيات الخيرية الإسلامية و"التيارات السلفية" الباقية إذا ما استثنينا سلفيي "اللقاء الإسلامي المستقل" .

بالنسبة للفئة الثانية فقد تم احتواؤها لناحية تقريب اصحابها ورموزها والجلوس معهم وتقديم الدعم السياسي كما هو الحال مع بعض الرموز السلفية التي تعلن تأيدها العلني لتيار المستقبل لإعتبارات عديدة ، وقد ظهر ولاؤها المطلق للتيار في الإنتخابات النيابية السابقة.

أما الفئة الأولى فإن العلاقة بين تيار المستقبل ومكوناتها تختلف من تيار الى آخر ففي الوقت الذي لم يستطع التيار ان يستقطب "حزب التحرير" لجانبه في المعركة السياسية التي يخوضوها رغم الترخيص واللقاءات المتكررة بينهما ، فإن مستوى العداء والتوتر بين التيار وجبهة العمل الأسلامي يرتفع يوما بعد يوم في الوقت الذي يزداد التقارب ويرتفع التنسيق بين الجبهة وحزب الله على أكثر من صعيد.

وبين هذا وذاك تبقى الجماعة الإسلامية التي تتأرجح في خياراتها السياسية منذ استشهاد الحريري الآن ، ورغم حرصها الشديد على التقارب مع تيار المستقبل في الوقت الذي تحافظ فيه على مسافة قربها من حزب الله فإن التيار استطاع تحجيمها ، ولم يكن راغباً في مشاركتها أي نفوذ سياسي بعد أن وجد الفرصة المناسبة لاحتكار التمثيل السني سياسياً بحيث بات قادر على حصر المرجعية السياسية السنية فيه، هذا ما لوحظ في الإنتخابات النيابية سواء في لبنان عموما أو في بيروت مؤخراً.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القوى السياسية الشيعية تماطل في تحديد جلسة اختيار رئيس للبرل


.. 106-Al-Baqarah




.. 107-Al-Baqarah


.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان




.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_