الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سؤال يحمل مضمون الأزمة : لماذا تفشل كل التحالفات السياسية والحزبية ؟

محمود الزهيري

2007 / 11 / 12
المجتمع المدني


لعل الغريب في الأمر في مجتمعاتنا المتخلفة , وهكذا نحب أن نصف تلك المجتمعات التي نعيش فيها وبين ظهراني أهلينا , والذين دائماً مانصفهم بالتخلف والرجعية , وذلك بالرغم من أن أهلينا ومواطنينا هم الذين دبروا لنا من الضروريات الحياتية , لكي يكون لنا شأن بين المثقفين والمفكرين والعلماء والكاريزمات في جميع الميادين وعلي أخص الوجوه الكاريزمات السياسية الموجهة لدفة سفينة الحياة السياسية في الإتجاه الجالب للعدالة الإجتماعية وتوزيع الحقوق والواجبات بين المواطنين بالسوية , من غير تفرقة بين مواطن وآخر بسبب من الأسباب الخطيرة , التي تحمل علي أسباب دينية , أو أسباب أيديولوجية شوفينية , والتي يكرس لها أصحاب الدعوات الدينية , والدعوات الإيديولجية الشوفينية علي حد سواء , ومن ثم فإن المجتمعات العربية / الإسلامية , مجتمعات مأزومة علي الدوام بأصحاب هذه الدعوات التي لم تجعل من الإنسان محورها الأساسي في الإلتفاف حوله وحول متطلباته الحياتية والمعيشية , وتأجيل جميع الأطروحات التي تعني به , وبمستقبله , وبمستوي الإرتقاء بحاجياته الضرورية والمعيشية وإعلاء الجانب الديني , أو الإيديولوجي علي الجوانب الإنسانية البحته والغريزية التي هي في الأساس قوام الحياة الإنسانية , من مشرب , ومأكل , وملبس , ومسكن , وعلاج ودواء , وإنما كان الإلتفاف والإنصراف حول تجميع اصحاب الفكرة الدينية , أو العقيدة الإيديولوجية الشوفينية علي تقعيد وتنظير للمصطلحات الدينية والإيديولوجية التي ستكون في المستقبل هي قوام للدولة المأمولة في عقليات ووجدانات أصحاب تلك الدعوات الدينية والإيديولوجية , ومن ثم يصبح الطرح الخاص بالإنسان غائب عن المعادلة , وتستمر المتاهة التنظيرية والتقعيدية محل دراسات وأبحاث لم ولن ينتهي البحث فيها إلا حينما تثور الفئات الإجتماعية المغيبة عن عقل ووجدان وفكر وثقافة أصحاب الدعوات الدينية , والدعوات الإيديولوجية , وذلك حينما تقوم أنظمة تلك الدول في غياب أصحاب هذه الدعوات في تهميش فئات المجتمع وتشويه طبقاته , إنتظاراً للكارثة التي ستلحق حتماً بهذه الأنظمة , وبأصحاب الدعوات هذه !!
ومن ثم يمكن أن نلخص سبب فشل التحالفات الحزبية والسياسية , إلي أسباب بسيطة في معناها ولكنها تحمل مضمون تلك الأزمة في أن , هذه الأحزاب والتحالفات تأتي محملة بأفكاروأراء وتصورات لها خلفية دينية , أو أيديولجية شوفينية عنصرية تنفي الآخر والمخالف للفكرة والعقيدة والتصور الحزبي أو السياسي , ومن ثم تصبح الفكرة في حد ذاتها فكرة تفريق لا فكرة جاذبة أو جامعة للأفكار والرؤي والتصورات , التي تكرس لخير الإنسان وسعادته الآنية لا المؤجله , فحسب التصور الديني , أن هناك في الآخرة حيث الثواب والعقاب الإله الحتمي في الإيمان به , أن كل من يصبر ويتحمل الأذي , ويصبر علي الفقر والجوع والمرض , له الثواب الأوفي من الله يوم القيامة , حيث الجنة الآخروية هي الثواب الأوفي والقيمة الإلهية المثلي , ومن ثم تكون الفكرة وطرحها في الحياة السياسية تعتبر معوق خطير من معوقات التنمية الإجتماعية المبتناة علي أسس تنموية إقتصادية خاضعة لخطة وموازنة هدفها الإنسان في جميع مراحلها وتصوراتها النهائية , ومن ثم تصبح كافة الحلول مؤجلة للآخرة , وهذه الفكرةى تمثل عقيدة دينية راسخة لدي جميع التيارات والجماعات الدينية من أقصاها إلي أقصاها .
أما أصحاب الفكرة أو العقيدة الإيديولوجية فهم لايختلفون شيئاً عن أصحاب الطرح الديني حتي في تعاملهم مع الآخر السياسي , أو الحزبي , فهو يمثل بالنسبة لهم الآخر بجميع مايضفيه اصحاب الفكرة الدينية علي الآخر من نعوتات وصفات !!
فعلي الساحة السياسية والحزبية تجد العداءات قائمة علي قدم وساق بين المنتمين للتيارات السياسية والحزبية , بل ,اصحاب الرؤي الفكرية والثقافية المبنية ثقافتهم علي بني عتيقة من ثقافات المجتمع الأبوي الذكوري المختزل لإرادات جميع الأفراد المنتمين له في القبيلة والعشيرة , أو الأسرة , في شخصه فقط , حيث لاتصبح هناك رؤية صائبة أو فكرة ثاقبة , أو نظرية متوجبة الإحترام والتقدير , إلا الخاصة به وحده فقط وهذه المفاهيم الذكورية الأبوية إنصرفت إلي الأحزاب والتيارات السياسية , ليشكل كل زعيم حزب أو زعيم تيار سياسي الدور الفاعل لمفاهيم امجتمع الذكوري صاحب نظرية الأسرة الأبوية لينتقل الصراع بين التيارات والأحزاب السياسية , حول من يصبح هو صاحب الأسرة الأبوية الذكورية لكي تتم عملية الخصاء الفكري , والختان العقلي للجميع ويبقي هو صاحب الرأي الأوحد والصحيح , ومن ثم تطور هذا المفهوم لتصطبغ به الدول ليقوم الرئيس أو السلطان أو الأمير أو الملك بدور المتولي شوؤن الأسرة الأبوية الذكورية ساحباً هذا المفهوم علي كيان الدولة , لتختزل كافة المؤسسات والأجهزة الحكومية في شخص الحاكم الأبوي الذكر لتصير الدولة من وجهة نظره ورأيه وتدار بمفهوم وعقلية الأسرة الأبوية الذكورية !!
وعلي خلفيات المجتمع الأبوي الذكوري تنشأ الصراعات بين التيارات السياسية والدينية , حال كون هذه التيارات والأحزاب أيديولوجية عقائدية , وليست سياسية , ومن ثم يتم اللعب علي مشاعر ووجدانات المواطنين المأزومين سواء بعودة الخلافة الإسلامية في أعلي المراحل الدعوية الدينية الإسلامية , أو تطبيق الشريعة الإسلامية في مراحلها القطرية مروراً بالتطبيقات الخاصة بالشريعة الإسلامية في باقي الدول العربية والإسلامية ووصولاً للدولة العظمي صاحبة الخلافة والإمامة العظمي , والتي تمثل حلم من الأحلام الكبري للمسلمين والمختزل في العقلية والوجدان فقط والغائب عن أرض الواقع الدولي المعاصر والمعاش في عالم التكتلات والأحلاف القوية ممثلة في الدول العظمي كالولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي , ودول أخري كالصين والهند , والتي تقدمت وتخلف العرب / والمسلمين , بسبب الإبتعاد عن الأطروحات السياسية المهتمة بالإنسان في متطلباته الحياتية والغريزية الضرورية , والإهتمام بالإيديولوجيات فقط من ناحية التنظير والتقعيد , ومن ثم كان من نتيجية ذلك الإبتعاد عن الفئات الإجتماعية التي أصبحت مغيبة عن الحياة السياسية , والحزبية , ومن ثم غابت الجماهير عن تلك الأحزاب والتيارات السياسية صاحبة الإيديولوجية , ومن ثم كان من أهم الملامح الدالة علي ذلك , التكالب علي الخارجين والمنفصلين عن التيارات والأحزاب السياسية السياسية , بالرغم من تحميلهم بأفكار ومعتقدات أيديولوجية مغايرة لتلك التيارات والأحزاب السياسية , وهذا يؤكد علي جريمة الغرض الشخصي المستتر بالإديولوجيات المكذوبة , ومن ورائها مصالح وأغراض شخصية صادقة في البحث عن المصلحة للمؤدلجين دينياً وسياسياً , حيث تكون المصلحة هي الهدف والإيديولوجيا هي الوسيلة !!
وخلاصة ذلك أن من أسباب فشل كافة التحالفات والتكتلات الحزبية والسياسية , يكمن في حقيقة أن االصراعات ليست سياسية , وإنما إيديولوجية , وتعاظم الدور الشخصي , وغياب الفئات الإجتماعية من المسألة , وتعاظم دور المجتمع الأبوي بداية من الأسرة ومروراً بالمجتمع الأصغر وصولاً للدولة , ومن ثم ستكون كل التحالفات السياسية والحزبية فاشلة , وستنتقل المجتمعات والدول من سئ لأسوأ , إنتظاراً للكوارث والنكبات علي جميع الأصعدة , يتوجب علينا من الآن إذا لم نكن أسري الإيديولوجيات أن نبصق في وجوه أصحاب الأقنعة الإيديولوجية الكاذبة !!
فهل سيقول عنا البعض , اننا نستحق أن يبصق في وجوهنا ؟!!
وهل سيستمر العرب والمسلمين أساري للأصنام الإيديولوجية , ومغيبين للإنسان من المعادلة السياسية / الحياتية ؟!!
أو : متي سنؤمن بالإنسان ونكفر بالأصنام والجاهليات الإنسانية ؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. صعود أقصى اليمين بالجولة الأولى من الانتخابات يثير ق


.. مصير المعارضة والأكراد واللاجئين على كفيّ الأسد وأردوغان؟ |




.. الأمم المتحدة تكشف -رقما- يعكس حجم مأساة النزوح في غزة | #ال


.. الأمم المتحدة: 9 من كل 10 أشخاص أجبروا على النزوح في غزة منذ




.. فاتورة أعمال العنف ضد اللاجئين والسياح يدفعها اقتصاد تركيا