الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المتقاعدون وقانونهم الجديد

جاسم العايف

2007 / 11 / 25
المجتمع المدني


أولئك الذين يقفون بطوابيرهم أمام المصارف الحكومية، مرة كل شهرين، بأجسادهم الهزيلة وغضون وجوههم التي مستها السنوات من اجل الحصول على مستحقاتهم التقاعدية، بعد عمر ابتلعته وظائف وأعمال اقل ما يقال انها كانت مضنية مملوءة بالمشقة والمخاطر والعذابات .. عسكريون عايشوا الموت في شعاب الأرض العراقية ، ومنهم من حمل ندوبا او عوقا مذ أيام الحروب الطويلة وسنواتها المتعاقبة المرة القاسية ، موظفات وموظفون عصف بهم الحصار وسنواته السوداء وخرجوا من دوائرهم بسمعة بيضاء نظيفة ناصعة..ورثة لمتقاعدين موتى أو قتلى أو مفقودين إلى الأبد ..وغيرهم. كانوا يأملون إنصافا في خريف أعمارهم وكانت أمانيهم معلقة بقانون التقاعد الجديد، وقد صدر مؤخرا وهو المعني بتنظيم شؤونهم وحلموا برفع غبنهم الطويل وإزاحة ستائر الحرمان عنهم فما هو حقا هذا القانون.. ؟ وما مدى استفادة المتقاعدين القدامى منه ؟؟ وهل هو بمستوى طموح الأغلبية منهم وهل فيه مخصصات خاصة مجزية لتلك السنوات التي بقيت خلفهم ولن يستعيدوها قطعا ، و هل يتناسب وغلاء الحياة الراهنة واسعارها الملتهبة ، وهل يحقق ميزة لهم مع صنوهم الموظف حاليا والذي سيتقاعد لاحقا؟ والاهم هل يحقق القانون العدالة والأنصاف للمتقاعدين ، خاصة الدرجات الدنيا من السلم الوظيفي ، وهم يعيشون مشكلات مختلفة أهمها الجانب الاقتصادي والاجتماعي والصحي، وفي زمن نأمل أن نبني فيه وطنا يعتمد على أسس العدالة الاجتماعية الإنسانية التي تحقق الرفاهية لمواطني العراق اعتمادا على ما يمتلكه من ثروات و خيرات والكثير من المعنين بالأمر الآن لديهم إطلاع وبينات واضحة ، وسبق لهم ان استخدموها ضد الأنظمة السابقة كورقة مهمة رابحة بهذا الشأن، وبالرغم من إن الارتفاعات الكبيرة في أسعار النفط حاليا كان يجب إن تصب في صالح الشعب العراقي ، ولتظهر أثارها في زيادة الدعم الحكومي لحاجات ومتطلبات العيش الكريم للمواطن العراقي .. إلا ان العكس هو الحاصل حيث ازدادت معاناة والآم العراقيين من الطفرات التي تشهدها تكاليف المعيشة لفئات اجتماعية واسعة ، و معاناة شريحة المتقاعدين تنبئ بالوضع العام الذي يعيشه باقي أفراد المجتمع العراقي ، والذي وصل معدل شرائح كثيرة منه بمستوى أو دون خط الفقر في مؤشر خطير على سوء وتخبط الوضع الاقتصادي والغلاء المعيشي في العراق ، و لايمكن الركون إلى واقع فيه راتب تقاعدي لا يحسب الأحوال المعيشية الصعبة الحالية ، وكان المفروض ان تصب مواد القانون في صالح المتقاعد الذي أنهكته الظروف الحالية وقد أفنى عمره ليخدم وطنه وأدى واجبه بحرص و إخلاص .. لذا فالمطلوب بناء رؤى وتطبيقات عملية لقاعدة اجتماعية واقتصادية سليمة لتنطلق من خلالها القوانين وتشريعاتها ، فلماذا يحرم المتقاعد من مخصصات الزوجية والأطفال مثلا ؟ وكيف يمكن ان يجاري راتب المتقاعد طفرات الأسعار الراهنة واللاحقة والتي تزداد بتواتر ؟..وهل ستتغير الرواتب التقاعدية كلما تغيرت أو اختلفت الظروف الاقتصادية؟ وهل ستجاري رواتب المتقاعدين نسب التضخم الراهنة ؟..وهل عالج القانون الجديد موضوع المتقاعدين القدامى بأنصاف وإهتمام وتقدير ؟ وهل يطبق على جميع موظفي الدولة ومنهم العسكريون ومنتسبو قوى الأمن الداخلي من الذين حولهم بريمر ((شحاذين)) يتقاضون الدفعات الشهرية ؟..وهل القانون الجديد سيسري على المتقاعدين القدامى؟ وهم خدموا الدولة وقاموا بنفس الواجبات ، والمتقاعدون القدامى تعرضوا لظروف صعبة وقاسية و أضطر بعضهم او اغلبهم الى بيع بيته او مقتنياته.. و الراتب التقاعدي في الواقع ليس منة من أحد لأنه أساسا قد تم أستقطاع نسبة كبيرة منه من راتب الموظف خلال سنوات خدمته.
كرة المتقاعدين الثقيلة آلآن في مرمى مجلس النواب العراقي الذي اعاد نائب رئيس الجمهورية الدكتور طارق الهاشمي القانون إليه بعد ان استخدم صلاحياته الدستورية ورفض التوقيع على القانون بصيغته الحالية ، بالنظر لعدم تحقيقه العدالة بين المتقاعدين كما ذكر الناطق الرسمي بأسمه .. فهل سينظر مجلس النواب العراقي في القانون وفي الملاحظات الكثيرة التي قيلت بشأنه وفي أسباب رفض التوقيع عليه؟ ؛ وهل سيضع مجلس النواب العراقي أمامه تساؤلات مشروعة طرحتها جمعيات المتقاعدين و المتقاعدون ذاتهم خاصة من الدرجات الوظيفية الدنيا الذين يشكلون ثلاثة ارباع المتقاعدين ولعلهم اكثر من ذلك ؟؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدكتور محمد أبو سلمية: هناك تعذيب شبه يومي في السجون الإسرا


.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: الأوضاع في غزة كارثية ج




.. جهاز الشاباك: حذرنا بن غفير والأمن الوطني من استمرار الاعتقا


.. شهادات أسرى غزة المفرج عنهم حول التعذيب في سجون الاحتلال




.. مواجهة شبح المجاعة شمالي غزة بزراعة البذور بين الركام