الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-إسلام- الجالية

أحمد عصيد

2007 / 12 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


زُرت هولندا بدعوة من جمعيات مدنية ينشط فيها مغاربة أمازيغيون من الجالية، كان موضوع اللقاء هو "الإسلام و الديمقراطية"، و كان هدف النشطاء المنظمين للقاء هو معرفة الطرق الناجعة لمواجهة التطرف الديني للإسلاميين بالمهجر، و البحث عن حلول لمعضلة الإندماج التي تشغلهم، خاصة بعد أن أصبح معظم أبنائهم مهدّدين بالإستقطاب من طرف مجموعات دينية تستعمل المسجد لاصطياد ضحاياها من الشباب الذين يعانون تمزقا داخليا مصدره التربية التي يتلقونها داخل أسرهم بالأساس. بدأ المشكل قبل سنوات عندما تمّ تسريح عدد كبير من العمال المغاربة الذين كانوا يعملون بالمعامل الهولندية و لدى الشركات الكبرى بسبب تفاقم الأزمة الإقتصادية التي سببتها العولمة، مما جعل هؤلاء العمال يتواجدون بين عشية و ضحاها في بطالة مزمنة ألقت بهم داخل المساجد بأعداد كبيرة، فصاروا لقمة سائغة في أفواه الخطباء الذين يعملون بتنسيق مع مجموعات إرهابية، و النتيجة هي أنّ معظم مرتادي المساجد أصبحوا يحملون أفكارا غريبة غاية في العنف ضدّ المجتمع الهولندي، و لأن الكثير منهم كان يصطحب أبناءه إلى المسجد فقد أصبح جزء هام من أبناء الجالية المزدادين بهولندا حاملين لمعتقد غريب عن وطنهم الأصلي المغرب و عن هولندا ، ولكنه معتقد و ثيق الصلة بعوالم العربية السعودية و باكستان و أفغانستان و غيرها من البؤر المتوتّرة، و جحور التطرّف الوهّابي.
هكذا لم يعد إسلام الجالية هو الإسلام الذي عرفه الجيل الأول من المهاجرين، أصبح إسلاما مختلفا تماما، إسلام خطباء المساجد المفوّهين و الجُهال، إسلام المجموعات الغامضة التي لا تمارس أي عمل ظاهر رغم أنها تتصرف في ملايين الأورو شهريا بغير حساب، إسلام أولائك الذين جعلوا دروس اللغة العربية تتحول كليا إلى دروس في التطرف و الكراهية و تحجيب طفلات لا يتجاوزن السادسة و الثامنة من عمرهن، و جعلوا أعضاء آلاف العائلات المغربية الأمازيغية ينهلون أسبوعيا من "علم" خطيب الجمعة و هو يدعو الله أن يُرمّل نساء الكفار و يُيتّم أبنائهم و يجعل أموالهم غنائم للمسلمين، قبل أن يبتز المصلين و المصليات الذين يغادرون المسجد و قد تركوا كمية كبيرة من الذهب و المال فوق بساط على الأرض دون أن يعرفوا حقيقة ما يريده بها الإمام و الذين وراءه. إسلام جعل مغاربة المهجر يعيشون يوميا على إيقاع القنوات الإرهابية التي تضخّ في أدمغتهم مقادير هائلة من الفكر الظّلامي الذي يدفعهم و أبناءهم إلى مزيد من الكراهية لوطنهم الأصلي المغرب، " الذي لا يطبق الإسلام على حقيقته"، و لوطنهم المضيف لهم هولندا البلد العريق في الحريات، و يجعل اندماجهم أو عودتهم إلى وطنهم من ضروب المستحيلات.
إن إسلام الجالية إسلام لاإنساني، إسلام غريب و لا متسامح، إسلام لا يستحقّ أكثر من المواجهة و إعلان الحرب عليه من طرف الجميع داخل الدول الغربية الديمقراطية إلى أن يعود إلى باديته الأصلية، لإنقاذ أبناء جاليتنا من مستقبل مظلم.
عُدت من هولندا مهموما بأوضاع الجالية التي تمزق أبناؤها بين آفتي المخدرات و التطرف الوهابي، حيث تصل أزمة الهوية ذروتها عندما لا يجد آلاف الشباب أية بوصلة للإهتداء، فتتخاطفهم أيادي المتطرفين الذين ينعمون بكل الوسائل المادية للإيقاع بضحاياهم بدون كبير عناء. فالمسجد في بلاد المهجر لا يمثل مكانا للتعبد بقدر ما يعتبر ملجأ من التمزق الروحي و الضياع الذي يعصف بالجيل الجديد على الخصوص، حامل الجنسية الهولندية بدون أي شعور بالإنتماء. فداخل المسجد يستطيع الخطيب السوري أو الأردني أو السعودي أو حتى المغربي أحيانا أن يهب المرجعية، و يهب الإنتماء، فيخرج المسلم المغربي كما لو أنه ولد من جديد، مسلما حقيقيا ذا قضية مقدسة، و هي "إعلاء كلمة الله" وسط مجتمع من الكفار و المفسدين، و عندما يعجز المسلم الجديد عن تحقيق أي شيء في وسط مجتمع صناعي حسم منذ قرون في مرجعيته الديمقراطية و العلمانية، تتجه أنظاره ـ بتأطير من الخطيب طبعاـ إلى المشرق، بلد النور و مهبط الوحي و مسرح الأنبياء، حيث توجد معارك تستحق التضحية فيها بالنفس و المال، هكذا يوجّه الخطيب أبناء المغاربة للموت في مجاهل لا يعرفونها، مرسلا أبناءه إلى أكبر الجامعات في أوروبا و أمريكا لتلقّي أعلى الشواهد في "علوم المادة"، (علوم الكفار).
لا شك أن مغاربة الداخل لديهم من الشواغل و الهموم ما ينسيهم معاناة مغاربة الخارج الذين تُركوا لمصيرهم، لكن هذا لا يمنع من طرح السؤال حول سياسة الدولة تجاه الجالية، التي تحولت إلى مجرد مورد للعملة الصعبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان


.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل




.. شاهدة عيان توثق لحظة اعتداء متطرفين على مسلم خرج من المسجد ف


.. الموسى: السويدان والعوضي من أباطرة الإخوان الذين تلقوا مبالغ




.. اليهود الأرثوذكس يحتجون على قرار تجنيدهم العسكري