الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة الدبدوب السوداني تكشف عقدة الدونية الإسلامية*

محمد عثمان ابراهيم

2007 / 12 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وليد علي **
إن حاجة المدرسة البريطانية جيليان جيبونز لعفو رئاسي لتفادي 15 يوماً من الحبس بسبب ( التجديف ) علي خلفية تسمية ( دبدوب ) هو علامة بينة علي السخف في علاقة المسلمين بالدول الغربية فحتي صمويل هنتنغتون و هو ينظر للصدام الوشيك للحضارات في أخريات القرن الماضي لم يكن ليتنبأ بقصة ممتدة علي هذا النحو من السوريالية.
بدأت القصة عادية تماماً فقد قدمت جيبونز طلاب فصلها ذوي السابعة من العمر للعبة دبدوب سيأخذها كل واحد منهم مرة إلي بيته طوال العام كحيوان أليف للفصل.
سألت عن إسم له فسماه الأطفال محمد . كتبت جيبونز للآباء لإبلاغهم بهذا النشاط و لم يعترض أحد بالطبع . لكن أتي يوم استدعتها فيه الشرطة ثم اعتقلتها بتهمة ( الإساءة للدين).
و عند هذه النقطة يخيم الغموض . لماذا تلقي تهمة (التجديف) علي جيبونز في حين إن الأطفال هم من قاموا باختيار الإسم ؟ و ربما بشكل أكثر أساسية ما هو المسيء في تسمية دبدوب بمحمد؟ بالتأكيد هذا هو اسم أعظم نبي في الثقافة الإسلامية لكنه أكثر الأسماء شعبية في العالم و هو إسم متداول جداً في السودان. في الحقيقة فقد ذكر أحد تلاميذ جيبونز إن الدب سمي عليه هو.
ليس هناك دليل علي أن الأطفال أرادوا للدمية أن تمثل النبي لكن حتي لو حدث ذلك في أسوا الحالات فإن هذا ليس التشبيه الأسوا الذ يمكن أن يتخيله الواحد. هذا ليس مشابهاً لقصة الرسوم الدنماركية الساخرة . ماذا لو تمت تسمية خنزير بمحمد؟
بالرغم من ذلك وبعد سجن جيبونز الأسبوع الماضي إعترض متظاهرون علي إن هذا ليس كافياً و اصروا بحماقة تستعصي علي الفهم علي إنه يجب قتلها بل طالب البعض منهم بإعدامها رمياً بالرصاص . كانوا يهتفون " لا تسامح بل إعدام " ثم حولوا الأمر إلي قضية جيوسياسية " العار ، العار علي بريطانيا".
و هنا ، فيما يبدو ، مفتاح هذه المهزلة العبثية. فإذا كانت جيبونز سودانية أو حتي مواطنة غير غربية فلم يكن سيحدث هذ ا الجدل. في الحقيقة لم يكن المسلمون عدائيون في تسمية في تسمية لعبهم و ( أطفالهم ) بأسماء الأنبياء فلسنوات قامت الجمعية الإسلامية في بريطانياببيع دمية أسميت ( آدم الدب المصلي) في حين انه في الولايات فإن مؤسسة إسلامية للوسائط الإعلامية تواصل إنتاج أفلام فيديو للأطفال تقوم بدور البطولة فيها شخصية تسمي أيضاً آدم ( إسم أول نبي في الإسلام).
كل ما في هذه القصة ليست له علاقة بدمية الدبدوب لكن كل شيء هنا لديه علاقة بالمشاعر المناهضة للغرب و هي حقيقة كشف عنها بوضوح رد فعل شيوخ سودانيين كبار وصفوا تصرف جيبونز بأنه " عمل محسوب و حلقة جدبدة من دوائر التآمر علي الإسلام".
هذا خطاب يصعب تصديقه جداً خصوصاً بالنظر إلي حب جيبونز للسودانين و رغبتها القديمة في مساعدتهم في التعليم.
هذا النوع من ردات الفعل يكشف عن ذهنية محاصرة تضع العالم الإسلامي في وضع الضحية في وجه مؤامرة كونية و بشكل أكثر خصوصية مؤامرة غربية .
كمردود لهذا فإن الغرب لابد و أن لديه دور قاهر و وحيد في الخيال التآمري و هو موجود لقهر المسلمين و يتخذ قراراته السياسية لتدمير الإسلام فقط و كأنه ليس للغرب مصالح خاصة به هو نفسه.
هناك جهل في إفتراض أنه لابد أن إهانة المسلمين هي الهدف الأساسي للآخرين لكن بصورة أعمق فإن هذا إفتراض يعبر عن عقدة دونية.
هذه البارانويا ( الخوف المرضي ) الخانقة ليست علامة علي الواثق بذاته بل هي علامة علي المهان. و النتيجة هي الكشف عما يبدو أنه حاجة ملحة للتعرض للإحراج و من ثم إلقاء اللوم علي الحضارة الغربية.
و بالقيام برد فعل عنيف يشعر المهان بإحساس كاذب بالسمو .إنهم يقومون بإصلاح حالتهم بالإعتداء و الدليل علي إنهم يقومون بذلك هي أن رد فعلهم ضعيف في العادة.
إبان غضبة الكاريكاتيرات الدنماركية أحرق متظاهرون في باكستان دمي لبوش و أحرقوا مطعماً من سلسلة (كي إف سي) لوجبات الدجاج السريعة وهم يشجبون ( الكاريكاتيرات الأمريكية ! ).
و منذ أكثر من سنة واحدة بقليل شهدنا شيوخاً متصنعي الفهم يطالبون بقتل البابا لتجرؤه علي وصف الإسلام بأنه عنيف بالوراثة و بإشارتهم تلك فإنهم فشلوا حتماً في إدراك المعني الذي رمي إليه.
بالطبع فإن الأقلية القليلة هي التي تمارس هذا النوع من السلوك و كثير من المجموعات الإسلامية أدانت كل من هذه التظاهرات مثلما طالبوا بإطلاق سراح المدرسة جيبونز بل هناك مجموعات إسلامية أنشأت للدفاع عنها علي موقع ( فايس بوك ) علي الإنترنت لكن المشكلة بالنسبة للعالم الإسلامي إن هذا الحدث المعزول عالي الصوت بشكل يمثل فيه منظر المسلم أمام الناس.
في النهاية فإن المسلمين هم الذي سيخسرون ، الشعور المصطنع بكونهم ضحية بالرغم من كونه مريح عاطفياً فإنه مثبط و مريح للذات.
بتمسكنا بهذا الشعور و تخيلنا لأنفسنا كضحايا حتي في حين أننا لسنا كذلك فإننا في النهاية نجعل من أنفسنا ضحايا.
* نشر المقال بصحيفة ( سيدني مورننج هيرالد ) يوم 6 ديسمبر الحالي
http://www.smh.com.au/news/opinion/sudanese-teddy-saga-lays-bare-islamic-inferiority-complex/2007/12/05/1196812821147.html
** مؤلف و أكاديمي أسترالي مسلم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب