الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من صكوك الغفران, وعد بلفور إلى سايكس بيكو!(بلفور الكردي

سيامند إبراهيم

2007 / 12 / 21
القضية الكردية


أن تمنح وعد إلهي مقدس كما هي في صكوك الغفران, والتي كانت تسمح لمن يشارك في الحروب المقدسة التي شارك فيها المؤمنون المسيحيون في الغرب سيذهبون إلى الجنة بحسب قداسة البابا (أوربان) في القرون الوسطى, وأن يقوم ملالي وآيات النظام الإيراني بتصنيع مصاحف ومنحها لمقاتلي الحرس الثوري الإيراني وعد كل فارسي بقتل كردي في إيران بالذهاب إلى جنات الفردوس فهذا شيء آخر من الضحك على اللحى؟! وأن يقوم وزير خارجية انكلترا بإصدار وعد بلفور بحسب رؤية جلالة الملكة, ويجمع ويلملم شتات اليهود من أنحاء العالم, وتتحول الأرض الدينية التي نظف روحها وأعاد توازنها الأخوي صلاح الدين الأيوبي, لتتحول هذه البقعة المقدسة بين الديانات الثلاث المثال الحي على المحبة والتسامح, ثم تتحول هذه الأرض إلى دولة صهيونية تقوم على رؤية مقيتة وهي نظرية (شعب الله المختار) ويتحول كل شيء في هذه الأرض المباركة إلى كيان عنصري يستلب كل شيء وكل هذا تحقق حسب (وعد بلفور) , وبالمناسبة فإن ورقة بلفور التي وجدت نسخة منها بيعت ب( 170 ألف دولار) لأحد هواة جمع الأشياء النادرة. وهكذا تجولت الجغرافيا بكافة معطياتها إلى لون واحد, إلى هوية طاغية تؤذي كل شيء تحت حكمها, وتبقى هاجساً للوافد الجديد الململم من شتى البقاع, في هذه البقعة منحت الكثير للعنصر الآخر المستلب حقه, تحولت هذه الجغرافيا إلى كيان غير منسجم على الرغم من الجذر الواحد في العرق السامي, والأرومة الواحدة, لكن في حالة الأكراد فالأكراد لم يأتوا أويهاجروا إلى (كردستان) أو إلى الدول التي نعيش بين ظهرانيها بحسب وعد (بلفور) أو (صكوك الغفران) بل هو شعب يعيش على أرضه التاريخية مع بقية شعوب المنطقة منذ آلاف السنين, الشرق الأوسط الذي كان يعيش في صراع إمبراطوريات كثيرة, فالصراع الفارسي البيزنطي استمر لقرون طويلة, وقد أنهكت البلاد والعباد, وزالت شعوب وامبراطويات كانت تسمى (جبابرة الشرق), وانتهت ممالك حكمت في فترات تاريخية معينة باسم ممالك آرامية, وبقي الشعب الكردي بثقله وألمه بالرغم من التقسيم السايكس بيكوي الذي أصاب الشرق في أشد مقتلة حيث فرق الشعوب والأهل والعشائر التي كانت ولا تزال تشكل الامتداد الاجتماعي الواحد ما بين أكراد سورية وتركيا إلا هذا الشريط الذي أصبح صدئً وزاد من الجور والتململ خلفه, وزرع اليهود للأتراك في الخمسينيات من القرن الماضي ملايين الألغام. ولم يستطع أحد أن يشفي هذه العلل و المرض المزمن في قلب الشرق, فمن وعد بلفور إلى سايكس بيكو إلى فكر جديد مشتق من رؤى وخيالات (فيخته) الفيلسوف الألماني وذلك في كتابه (روح الأمة) حيث يركز على اللغة والعنصر الأصيل وتمجيد العرق الواحد مما أثر كثيراً في رائد البعث (ساطع الحصري) الذي أخذ لب وروح هذه النظريات النازية وأصبحت هي الدينامو في توليد العناصر المختلفة في تأسيس روح القومية العربية العنصرية, وهي من نفس النبع الذي شربت منه الكمالية حيث رأى في أوروبا والعنصر الأوربي المثال الأفضل من النموذج العثماني المتخلف, وهنا تحولت الأرض التي يعيش عليها منذ قرون طويلة وإن اختلفت الغزوات الأولى من لكردستان غزوات تسحق كل شيء, تزيل الآخر,لغة وثقافة الآخر تحت شتى المسميات, وازدادت بطون هذه العنصريات المتشكلة والتي أصبحت بفضل العنصر الكردي إلى دول حديثة وقوية حدة وشرهة في التهام كل شيء يطالب بالحقوق التي نادت بها, وإن نسيت وداست فوق الوثائق والوعود التي قدموها للأكراد في تركيا والعراق وإيران, فقد تنصل كمال أتاتورك عن الوعود التي قطعها للزعماء والشيوخ الأكراد إن هم ساعدوا الترك في حربهم ضد اليونان فسيعطونهم حقوقهم كاملة, وحتى قبل استرجاع الجيش اليوناني لأراضيهم والتي هي تاريخياً جزء من الإمبراطورية البيزنطية قبل أن يفتحها (محمد الفاتح) وتصبح الآستانة من عاصمة بيزنطية رومية تاريخية إلى عاصمة لجحافل غزاة أتوا من تركمنستان ولملموا أبناء القوميات الأخرى ثم أصبحوا إمبراطورية توسعت واحتلت الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحت ستار الدين والدين منهم براء؟! وهكذا ذهبت الوعود في أوامر ضربت الأكراد والأرمن بالحديد والنار وتبخر كل شيء؟! لكن ثمة قانون راسخ وهو عدم موت حق الشعوب في الحياة وتشكيل دولتها على أرضها, وهذه الحقوق والقوانين أقرتها قوانين الأمم المتحدة من حق الشعوب أن تنفصل عن بعضها البعض وهذا ليس نوع من تهديم الكيان الواحد أو تقطيع أوصال الجسد الواحد, بل أن تعيش جميع الأطراف جانب بعضها البعض بروح أخوية أفضل من العيش في دار واحدة وتنتشر بينهم النزاعات وتزداد الخلافات بين أبناء العرق المختلف, فتشيكوسلوفاكيا, انفصلت وتشكل كيانين بدون إراقة نقطة دم من الطرفين, وليس عيباً أن يعلن الأكراد في أقليم كردستان العراق عن إعلان الدولة الكردية وهم الذين يدافعون عن شعبهم وكيانهم منذ عشرات السنين, وبحسب رأي الكاتب السعودي حسين شبكشي الذي كتب في جريدة الشرق الأوسط في يوم 27-10= مقالاً بعنوان (بلفور كردي) وفيها يركز على وحدة الجغرافيا ويقدم مجموعة من النصائح السياسية للأكراد ويرى في إعلانهم لحلمهم في إقامة دولة كردية خطر كبير, ويستغرب عن إعلان الدولة الكردية ويقول (تبدو مسألة الإعلان عن الدولة الكردية مسألة وقت وتفاصيل...), ويبدي الصحافي السعودي استغرابه عن علامات خطر شهية لإعلان الأكراد الدولة الكردية, و"توسيع " رقعتها وتحديداً في تركيا وسورية, وهنا المفارقات والجهل الذي يعيش فيه هذا الصحافي الجاهل في معرفة الحقائق ومطالب الشعب الكردي في سورية وتركيا, وهي لا تتعدى الاعتراف بالقومية الكردية في الدستور, والحقوق الثقافية والسياسية, فكيف يكتب صحافي في جريدة محترمة بهذا الجهل والأحكام المسبقة البعيدة كل البعد عن الواقع. ثم يستطرد في عالم من الخيال السياسي البعيد عن الواقع "عن جاهزية المجتمع الدولي للاستماع لمطالبها والتكيف معها, "ويحاولون أخذ كل ما يمكن أخذه وسط انشغال العالم بالمستنقع الكبير الموجود في العراق. ونقول إذا كان الأكراد يطالبون الدول التي تحكمهم بحقوقهم في الفيدرالية أو الحقوق الثقافية الكردية السورية, أو حتى الانفصال في إيران والعراق, وتركيا وهذا حق مشروع لكل الشعوب كما هي حق للشعوب العربية حيث عشرات الكيانات الكبيرة أو الصغيرة مثل دول الخليج, فهكذا تفكير قمعي من جانب الأقلام الصحافية العربية والتركية الأكثر كراهية للكرد وخاصة في صحيفتي (ملليت, وحرييت) التركيتين, إذاً علينا ألا ننسى أن الكتابة بروح أخوية ومنطقية لبث روح التسامح ونشر رسالة المحبة والاعتراف بالآخر.

-الشرق الأوسط – العدد 10560 – السبت – 27 – 10- 2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصفدي: الأونروا ما زالت بحاجة إلى دعم في ضوء حجم الكارثة في


.. مفوض الأونروا: 800 ألف من سكان رفح يعيشون في الطرقات.. ومناط




.. المغرب يفتح بحثاً قضائياً للتحقيق في تعرض مواطنين للاحتجاز و


.. بريطانيا تحطم الرقم القياسي في عدد المهاجرين غير النظاميين م




.. #أخبار_الصباح | مبادرة لتوزيع الخبز مجانا على النازحين في رف