الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجد لذكرى أنتفاضة تشرين الثاني عام 1952

عبدالحسين الساعدي

2007 / 12 / 21
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


لقد جاءت حكومة ( مصطفى العمري ) عام ألف وتسعمائة وأثنان وخمسين ، أثر رحيل حكومة ( نوري السعيد ) ، لتهيء الأجواء المناسبة لتمرير المشاريع والمعاهدات الأستعمارية التي وقف الشعب العراقي ضدها من خلال وثباته التي أستطاعت أن تهز عرش النظام الملكي ، حيث بدأت تتوالى عليه الضربات الموجعة من كل صوب وحدب ، كما كان من مهام هذه الحكومة تعطيل الحياة الحزبية ، وتعطيل الصحف ، ومحاربة الحركة الوطنية ، التي قويت شوكتها في المعارك الوطنية والطبقية ، وباتت تقلق الحكام المرتمين في أحضان الدول الأستعمارية الكبرى ، إلا أن البوصلة كانت تشير بإتجاه غير الذي تريده هذه الحكومة ، حيث كانت هناك تحت السطح ، جملة من التناقضات التي أخذت تمور وتنتظر أن تنفجر .
لقد كان لقرار عمادة كلية ( الصيدلة والكيمياء ) في السادس والعشرين من الشهر العاشر عام ألف وتسعمائة وأثنان وخمسين ، القاضي بتبديل فقرة في أحدى مواده ، بحيث يبقى الطالب في صفه عند رسوبه في عدد من الدروس ، وإعادة أمتحانه في كل المواد ، بعد أن يحق للطالب الأنتقال الى الصف الآخر ، وإعادة أمتحانه في الدروس التي رسب فيها فقط ، وأضاف فقرة جديدة بأن يسري مفعول هذا النظام على كل الصفوف بأثر رجعي ، وكان على أثر هذا القرار إن أعلن الطلبة تصديهم لمحاولة العمادة ، وبدأوا بأضرابهم البطولي الشهير ، وقد أستجابت كليات الطب ، التجارة والأقتصاد ، الحقوق ، ودار المعلمين العالية ، وكلية الملكة عالية ، والعلوم ، والآداب ، والهندسة ، والثانويات ، الى جانب تضامن القوى الوطنية ،والديمقراطية والشعبية معهم ، ونتيجة إصرار الطلبة المضربين وصمودهم وتضامن الجماهير الشعبية ، والقوى الوطنية ، وتأييدها ، والذي أستمر أثنان وعشرين يوماً ، تراجعت عمادة الكلية ، وسحبت قرارها الجائر ، وبعد هذا النصر الذي تحقق للطلبة عادوا الى مواقع الدراسة ، إلا أن الحكومة المجروحة بكبريائها ، وأنتقاماً من الطلبة الناشطين ، أرسلت في اليوم التالي من نهاية الأضراب مجموعة من الشقاة وهم يحملون الأدوات الجارحة ، الى كلية الصيدلة للأعتداء على الطلبة ، الذين عرفوا بنشاطهم الفعال ، إبان الأضراب البطولي ، وقام هؤلاء الشقاة بالأعتداء على الطلبة ، نقل على أثر هذا الأعتداء مجموعة من الطلبة الى المستشفيات ، قرر الطلبة الرد على هذا الأعتداء السافر بأستئناف إضرابهم في الثاني والعشرين من شهر تشرين الثاني عام ألف وتسعمائة وأثنان وخمسين ، وأنطلقت التظاهرات في العاصمة بغداد لتمتد الى العديد من الألوية الأخرى كالنجف ، وكربلاء ، والبصرة ، وقد سقط العديد من الشهداء والجرحى ولا سيما لواء العمارة .
أستمرت المظاهرات بالرغم من الأجراءات الوحشية والهمجية ، وسقط عدد من الشهداء والجرحى ، وسيطرت الجماهير الشعبية الغاضبة والطلبة المضربون على الشوارع ن فأسقطت على أثر ذلك حكومة ( العمري ) ، وحاول النظام تشكيل حكومة برئاسة ( جميل المدفعي ) ، إلا إن الجماهير الغاضبة حالت دون تشكيل هذه الحكومة ، فقد أفشلتها وأماتتها وهي في المهد ، عندها أضطر النظام الى أعلان الأحكام العرفية ، وأخذت الدبابات تجوب الشوارع ، وتم الزج بالجيش لمواجهة الجموع الشعبية التي خرجت على النظام ، وعندها كُلف رئيس الأركان ( نور الدين محمود ) بتشكيل حكومة عسكرية ، ومنحت كل الصلاحيات التي يتمتع بها النظام ، وغداة تسلم الجيش السلطة بدأت حملة أعتقالات شرسة ضد الآلاف من الجماهير والناشطين ، وظلت الجماهير مسيطرة على الشارع حتى يوم الرابع والعشرين من شهر تشرين الثاني ، بيد أن نزول الجيش حسم الموقف لصالح النظام فأنسحبت الجماهير على أمل القيام بعمل لاحق متى ما توافرت الظروف لذلك .
لقد فقد الشعب الفرصة التاريخية في أنتصار الأنتفاضة الباسلة في تحقيق ( الحرية / والديمقراطية / والأستقلال / والسيادة الوطنية ) بصورة مؤقتة ، ولكن أماني الشعب تحققت في ثورة الرابع عشر من تموز عام ثمانية وخمسين المجيدة ، وبها طويت صفحة غير ناصعة في تاريخ العراق الحديث .
المجد كل المجد لشهداء أنتفاضة تشرين الثاني 1952
المجد كل المجد للشعب العراقي الأبي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وصلت مروحيتان وتحطمت مروحية الرئيس الإيراني.. لماذا اتخذت مس


.. برقيات تعزية وحزن وحداد.. ردود الفعل الدولية على مصرع الرئيس




.. الرئيس الإيراني : نظام ينعيه كشهيد الخدمة الوطنية و معارضون


.. المدعي العام للمحكمة الجنائية: نعتقد أن محمد ضيف والسنوار وإ




.. إيران.. التعرف على هوية ضحايا المروحية الرئاسية المنكوبة