الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من ثقافة التخلف: المرأة و حساب الأرقام

محيي هادي

2007 / 12 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تشكل نسبة النساء في المجتمع أكثر من النصف. فهي الأخت و هي البنت و هي الزوجة، و هي بشكل خاص الأم. و إذا كانت المرأة تشكل بشكل عام ألنصف في أي مجتمع يعيش في سلام و بدون حروب، فإن نسبتها إلى الرجال تزداد و تصبح أضعاف أعدادهم إذا كان المجتمع يعيش حالة حرب، أو خارج توا منها. و المجتمع العراقي عاش حروبا كثيرة أيام طغيان البعث الأهوج، قتلت المئات من آلاف الرجال. و شرد الوضع الإرهابي مئات من الآلاف الأخرى. وبالنتيجة صارت نسبة النساء العراقيات تفوق على الرجال كثيرا. هذا هو واقع حال المجتمع العراقي.

و الأم العراقية هي الحجر الأساس في بناء مجتمعنا، فإذا كان الحجر جيدا كان المجتمع جيدا أيضا، و إذا كانت الام جاهلة فإنها لا تنتج إلا الجهل. فعن طريق حليب الأم (المرأة) يصل كل شيء. فقطرة الحليب تغذي الحب، و تدعو للسلام. و قطرة الحليب ترسخ الكراهية و الحقد. و قطرة الحليب تنشر العلم و تقضي على الجهل أو بالعكس تخنق العلم و تفشي الجهل. و هكذا فإن المرأة الأم هي في النتيجة العنصر الأهم في المجتمع و منها نحصل على النتائج الإيجابية أو السلبية: فهي حاملة للشعوذة، و مروجة لها، إذا كان المجتمع يعلمها الشعوذة و الخرافات. و هي تحمل العقدة الدونية إذا كان المجتمع يعاملها على أنها دونية، دون الرجال. و هكذا ترى المجتمع العراقي و أفراده لهم هذه العقدة الدونية تجاه المجتمعات الأخرى. و الأم تعمق الخوف إذا كان المجتمع خائفا، و هذا ما رأيناه في زمن بعث الإرهاب. أما الآن فالذي نراه شعوذة باسم الدين. و ترى الفرد العراقي الآن تائها في هذه الشعوذة و مشردا في دونية الضياع في المهجر.
قبل بضعة أعوام، وقبل سقوط الصنم، كنت قد زرت أصدقاء لي في مدينة برلين، عاصمة ألمانيا. و في هذه المدينة استطعت أن أشتري مجموعة من الكتب التاريخية و الأدبية و الدينية المطبوعة باللغة العربية. و بسبب شرائي لكمية جيدة من الكتب فإن البائع قد أهداني كتابا عنوانه: "التحفة الرضوية في مجربات الإمامية"، كاتبا، بقلم الحبر الجاف، في الصفحة الأولى الداخلية للكتاب إهداءا: "نسألكم الدعاء". شكرت البائع على هذه الهدية "التحفة" و ودعته مع أصدقائي راجين له الموفقية و داعين له بالسلامة. فعلا أن الكتاب هو "تحفة" مملوءة بقضايا لا يمكن أن يصدقها إلا أفراد مجتمع متخلف.

إن مؤلف هذا الكتاب هو "محمد الرضي الرضوي" الذي يقول أنه من نسل مؤلف كتاب "أمالي المرتضى"، الذي بدوره هو أخ للرضي جامع كتاب نهج البلاغة. في طيات الكتاب الأول يمكنك أن تجد الغث الكثير من الشعوذات و الطلاسم و الأدعية التي يقول عنها الكاتب بأنها مجربة في الشفاء من الأمراض و في الحصول على الغنى و إرضاء الحبيب و التغلب على الأعداء و اكتساب الأصدقاء و هلم جرا.

و على الغلاف الخارجي من الكتاب كتب الناشر هذه الجملة: "يحتاج هذا الكتاب الغني و الفقير و الصحيح و المريض و ذو الولد و العقيم و المسافر و المقيم من الشيعة الإمامية", و في داخل الكتاب أضيفت الكلمات: "فهو منهم و إليهم".... لاحظ كلمتي الشيعة الإمامية....

و في داخل الكتاب، و تحت عنوان "تنبيه لقراء الكتاب"، كتب الكاتب: "و لهذا و ذاك لم أبح بهذا الكتاب لأهل الشك و الإرتياب و لا للمنحرفين عن سبيل المؤمنين..". و أعتقد جازما بأن الكاتب لا يعني بمؤمنيه إلا الذين يقبلون بالشعوذة و الطلاسم و الخرق الخضراء التي تباع في ضريح هذا الإمام أو ذلك.

و الحقيقة أن من يقرأ مثل هذا الكتاب يجد أن هناك أضعاف من شعوذاته و خرافاته تسيطر على عقول أفراد المجتمع العراقي، لا و ليس على عقول أفراد مجتمعنا فقط، بل و على عقول المجتمعات الاسلامية قاطبة. و هناك أيضا مئات الكتب لكتاب آخرين من بلدان عديدة بشعوذات أخرى، مشابهة أو متباينة.

**
ما يهمني، مما وجدته في الكتاب المذكور، لكتابة موضوع هذا المقال، هو أن الكاتب قد كتب في الفصل الخامس، و تحت عنوان: "مما جرب في معرفة عفة المرأة و عدمها"، ما يلي:
"وجدت في مخطوطات للمرحوم جدي العالم الرباني السيد مرتضى الرضوي الشهير بالكشميري طاب ثراه: إذا أردت أن تعلم أن الإمرأة عفيفة أم فاسدة فاحسب اسمها و اسم أمها بالجمل الكبير أولا و اسقط من الجميع ثلاثة ثلاثة، فإن بقي واحد فهي فاسدة، و إن بقي إثنان فهي عفيفة، و إن بقي ثلاثة فهي متهمة، صحيح مجرب. انتهى"

**
و حساب الجمل، مثلما ذكره محقق الكتاب أو ناشره، هو:
أ (1)، ب (2) ، ج (3)، د(4)..... هـ (5) و (6) ز (7).... ح (8) ط (9) ي (10)
ك (20)، ل (30)، م (40)، ن (50)..... س (60)، ع (70)، ف (80)، ص (90)، ق (100)
ر(200)، ش(300)، ت(400).. ث(500)، خ(600)، ذ(700)، ض(800)، ظ (900)، غ(1000).

و يلاحظ القارئ أن لحساب الجمل ترتيب الحروف العربية: أتجد، هوز.. إلخ. و أنه لا توجد تاء مربوطة، فبدلا عنها ستكون الهاء.
و هكذا بعدما عرفنا أرقام الحروف، لنعطي أمثالا من أسماء نساء كان لهن شأن في المجتمع الاسلامي.

1) فاطمه بنت خديجه
فاطمه
80 + ا + 9 + 40 +5 يساوي 135
خديجه
600+4+10+3+5 يساوي 622
135+622 يساوي 757
لنسقط من المجموع ثلاثة ثلاثة لنرى ان الناتج الباقي سيكون (1).
ماذا يعني هذا؟؟

2) زينب بنت فاطمه
زينب
7+10+50+2 يساوي 69
فاطمه
80 + ا + 9 + 40 +5 يساوي 135
المجموع يساوي 204
لنسقط من المجموع ثلاثة ثلاثة لنرى ان الناتج الباقي سيكون (3).

يظهر أن الكاتب قد كتب حساباته بدون تدقيق و بدون أن يعطي لنا امثلة على ما نقل و كتب في هذا الشأن.

**

مهما يكون الأمر فإن مثل عقلية هذا الكاتب المذكور لا زالت متفشية في أوساط مجتمعنا، و يكون التفشي أكبر إذا قال القائل أنه من نسل النبي (أي عن طريق فاطمة بنت محمد). و تتقبله النساء قبل الرجال.
فهل حقا أن المرأة في مجتمعنا تكون فاسدة او متهمة بسبب اسمها و اسم أمها؟؟
و أخيرا يجب أن تعلم المرأة العراقية أن مجتمعنا يتفشى فيه القول الذي معناه: " المرأة شر كلها، و شر ما فيها أنه لا بد منها". أي أن المرأة ليست فاسدة أو متهمة فحسب بل و أنها شر كلها.
و بهذا فإن أية امرأة توافق على هذا المنطق تجاهها فهي تستحق ذلك، و ما أصابها من مصيبة و كوارث فهي مما كسبت بعقلها و بالموافقة على دونيتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عظة الأحد - القس كاراس حكيم: فترة الصوم المقدس هي فترة الخزي


.. عظة الأحد - القس كاراس حكيم: السيد المسيح جه نور للعالم




.. عدد العائلات المسيحية في مدينة الرقة السورية كان يقدر بنحو 8


.. -فيديو لقبر النبي محمد-..حقيقي أم مفبرك؟




.. -روح الروح- يهتم بإطعام القطط رغم النزوح والجوع