الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيان رابطة العقلانيين العرب

فاضل عباس
(Fadhel Abbas Mahdi)

2007 / 12 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


البيان الصادر عن المؤتمر العام الذي‮ ‬عقدته مجموعة من المثقفين العرب في‮ ‬باريس خلال الفترة من ‮٤٢ ‬إلى ‮٧٢ ‬نوفمبر ‮٧٠٠٢ ‬يستحق الوقوف والتمعن فيه لما تضمنه من تحليل وتشخيص لواقع‮ »‬الخراب‮« ‬في‮ ‬العالم العربي،‮ ‬والحلول‮ »‬العقلانية‮« ‬للخروج من هذا المأزق المستفحل،‮ ‬وتوجهه نحو وقف الاستبداد بكافة أشكاله داخل المجتمع العربي،‮ ‬وإذا حللنا هذا البيان ومعطياته نجده‮ ‬يركز على الجوانب التالية‮:‬
أولا‮: »‬تفسير الخراب العربي‮ ‬بأدوات عقلانية وإعادة بناء ما تخرب بوسائل عقلانية‮«. ‬وهنا‮ ‬يتفق التحليل الذي‮ ‬جاء به البيان مع الواقع في‮ ‬المجتمع العربي‮ ‬فهزيمة حزيران‮ (‬يونيو‮) ٧٦٩١ ‬لا‮ ‬يختلف احد على رفضها وضرورة علاجها ولكن أين وقع الخطأ؟ فأسباب الهزيمة تعود في‮ ‬جذورها إلى حالة الاستبداد السياسي‮ ‬وسلطة الرأي‮ ‬الواحد وغياب التعددية والحريات والديمقراطية،‮ ‬وبدلاً‮ ‬من البحث في‮ ‬الحلول العقلانية لمعالجة هذه المشكلة وبالعودة إلى الأسباب العقلانية كانت المصيبة الكبرى هي‮ ‬تراجع حالة الحداثة والتغيير التي‮ ‬جاءت بعد الاستقلال من خلال تحليل ساذج،‮ ‬إن الهزيمة ترجع إلى الابتعاد عن الدين كما روجت جماعة الإخوان المسلمين وبثت في‮ ‬أوساط المجتمعات العربية،‮ ‬ومن هنا كان التراجع من خلال ظهور تيارات الإسلام السياسي‮ ‬وانتشار الفكر التكفيري‮ ‬والطائفي‮ ‬والحجز على الحريات العامة والشخصية،‮ ‬ومن ضمنها حقوق المرأة،‮ ‬علماً‮ ‬بان حالة الهزيمة أو الانتصار لها أسبابها المادية وعوامل وظروف ليست ذات طبيعة دينية‮. ‬فهناك في‮ ‬التاريخ الاسلامي‮ ‬هزائم حدثت لدول تحكم باسم الشريعة الإسلامية فكما سقطت الدولة في‮ ‬صدر الإسلام والدولة العباسية والأموية والفاطمية سوف تسقط الأنظمة التي‮ ‬لا تواكب الحداثة والتطور،‮ ‬وهذا‮ ‬يوضح ان أسباب هزيمة حزيران ليس لها علاقة بالإسلام،‮ ‬ويكون التراجع بعد الهزيمة لم‮ ‬يحقق اي‮ ‬أهداف تنموية للمجتمع العربي‮ ‬بل واصل هزيمة حزيران وبطريقة أخرى‮.‬
ثانياً‮: »‬إعادة الاعتبار إلى الثقافة النقدية‮«‬،‮ ‬لا‮ ‬يمكن ان تكون هناك ثقافة نقدية في‮ ‬مجتمع تحكمه اللاءات الكثيرة والممنوعات العديدة،‮ ‬فكل نقد‮ ‬يعتبر مساساً‮ ‬بالإسلام وتبدأ القوى الاسلاموية في‮ ‬الهجوم والشتائم ضد الآخرين،‮ ‬وفي‮ ‬الجانب الآخر تعتبر بعض الأنظمة العربية كل نقد هو مساس بالاستقرار وثوابت النظام؛ وبالتالي‮ ‬فان التهديد والاعتقال والقتل خارج القانون هو وسيلة تلك الأنظمة لوقف النقد ضد هذه الأنظمة،‮ ‬ومن هنا فان احد أهم أسباب الخراب العربي‮ ‬هو‮ ‬غياب ثقافة النقد وعدم القبول بالرأي‮ ‬الآخر،‮ ‬وبالتالي‮ ‬فان الحركات التكفيرية وحركات الإسلام السياسي‮ ‬لا تمتلك أكثر من شعارات تحصنها برفض توجيه النقد لها واعتبار من‮ ‬ينتقدها خارجا على الإسلام،‮ ‬بينما هم‮ ‬يمارسون البرغماتية السياسية بكافة أشكالها وإن خالفت تعاليم الإسلام‮!!‬
ثالثاً‮: »‬الاستناد إلى معطيات الحضارة الإنسانية‮«‬،‮ ‬لا‮ ‬يمكن لأي‮ ‬مجتمع أن‮ ‬يتوقف عند موقف واحد في‮ ‬التاريخ ويحاكي‮ ‬جميع الظروف والمستقبل بذات الأدوات والوسائل؛ فالحضارة الإنسانية تشمل كل ما أنجزه البشر على مر عقود من الزمن،‮ ‬ولا‮ ‬يوجد تفضيل لهذه الحضارة على أخرى بل جميع الحضارات صنيعة الشعوب،‮ ‬وهي‮ ‬تؤدي‮ ‬وظيفة تاريخية في‮ ‬فترة معينة تؤدي‮ ‬من خلالها إلى تراكم في‮ ‬منجزات البشرية بما‮ ‬يخدم كل شعوب الأرض،‮ ‬فلا احد‮ ‬يختلف على دور الحضارة العربية الإسلامية في‮ ‬منجزاتها،‮ ‬ولكن،‮ ‬لا‮ ‬يمكن القبول بالتوقف عند هذه المحطة ورفض الحضارة الغربية الحالية وما تنجزه على صعيد البشرية‮. ‬فالعرب والمسلمون هم‮ ‬يعيشون اليوم ويتنقلون ويستفيدون من منجزات الحضارة الغربية‮. ‬فكيف نناقض الواقع بخطابات التيار الاسلامي‮ ‬الذي‮ ‬يرفض عملياً‮ ‬هذه المنجزات من خلال رفضه لعوامل قيام هذه الحضارة الغربية والتي‮ ‬هي‮ ‬أسس مادية وليست روحية‮!! ‬فالقبول بمنافع الحضارة،‮ ‬الحضارة الغربية،‮ ‬ليس هو الأساس ولكن القبول بالأسس التاريخية ومقومات قيام الحضارة هو الأساس لأنها تشكل منهجا لقيام حضارة أخرى بديلة‮.‬
هذا البيان مهم فنحن بحاجة إلى رابطة العقلانيين العرب،‮ ‬ولكن ما كان‮ ‬ينقصه انه لم‮ ‬يتطرق بشكل واسع إلى دور بعض الأنظمة العربية القمعية في‮ ‬الخراب العربي‮. ‬وهو من العوامل المهمة في‮ ‬طرح العلاج للوضع الراهن،‮ ‬وكذلك نأمل من كل المثقفين والعقلانيين العرب أن‮ ‬يكونوا ضمن خارطة الطريق الصحيحة لتصحيح الخراب العربي‮ ‬وهو عدم ترك الشارع العربي‮ ‬لنزوات الحركات التكفيرية والإسلامية المتطرفة وبعض الأنظمة العربية القمعية‮. ‬
بل إن العمل الحقيقي‮ ‬يكون من أزقة المنامة والرياض والرباط والقاهرة وبغداد ودمشق،‮ ‬فنحن بحاجة إلى تطبيق هذه المبادئ وتنوير المواطن العربي‮ ‬بهذه الحقائق،‮ ‬وهي‮ ‬مهمة الأحزاب العربية العقلانية في‮ ‬نشر هذا الوعي،‮ ‬ونقولها مرة أخرى بالنزول إلى الشارع ومشاهدة معاناة المواطن العربي‮.‬










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عظة الأحد - القس كاراس حكيم: فترة الصوم المقدس هي فترة الخزي


.. عظة الأحد - القس كاراس حكيم: السيد المسيح جه نور للعالم




.. عدد العائلات المسيحية في مدينة الرقة السورية كان يقدر بنحو 8


.. -فيديو لقبر النبي محمد-..حقيقي أم مفبرك؟




.. -روح الروح- يهتم بإطعام القطط رغم النزوح والجوع