الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الناس والكتابة

صبيحة شبر

2007 / 12 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الكتابة هي وسيلة للتعبير عن النفس وآلامها ، وقضاياها المختلفة ، بطريقة الحروف والكلمات ، بالإضافة الى طريقة ثانية للتعبير عما يريده الإنسان ويوجعه ، ويفرحه وهي الطريقة الشفهية ، بان نعبر عن أنفسنا بواسطة الكلام ، ولكن هل الإنسان مخلوق منفرد ، يهمه أن يعبر عن نفسه فقط ؟ دون الاهتمام ببني جنسه من البشر ؟ او انه لايبالي بما يحدث للبشرية من هموم ، قلا يتضامن معها ، ولا يعبر عن تأييد إخوته بالكلام المفيد المعبر ؟ الإنسان مخلوق اجتماعي ، لايحيا بمفرده ، وإنما يجد في نفسه حاجة كبيرة الى التوافق مع الآخرين ، والعيش معهم في مجموعات متجانسة يشد بعضها بعضا ،ويقف معه في الأفراح على قلتها وفي الملمات على كثرتها
هل يهتم الشخص منا ، بما يعبر عن همومه هو ، دون الاهتمام بهموم الآخرين وأوجاعهم ؟ هل تستقيم الحياة ان وجدنا أنفسنا نكتب مقتصرين على التعبير عن أنفسنا فقط ؟ لماذا نكتب اذن ؟ أليس رغبة في العثور على من يفهمنا ، ويقف بجانبنا ان لم يكن بالفعل ، فعن طريق اللسان ، وهو احد أنواع التضامن ، فالكتابة عن هموم البشر وعن قضاياهم المختلفة ، هو احد نوعي المواجهة لشرور العالم ، والتصدي لها، ووصفها من طرق التخفيف عنها ، فالكاتب لايقتصر على الكتابة عن همومه الذاتية ، ويكتفي ان يعيش في برج عاج ، وكأنه يقول للناس جميعا : ابتعدوا عني ، ميزة الكاتب الحي ان يعيش مع الملايين مهتما بأوجاعهم ، مناضلا عن قضاياهم المختلفة ، مدافعا عن حقوقهم التي هي حقوقه كإنسان في هذه الكتلة المتجانسة من البشر والمختلفة مع بعضها البعض في وقت واحد.
كيف يمكن للكاتب ان يقتصر على ذاتيته ، وان يترك المواضيع الأخرى على رحبها وكثرتها ؟ هل يسكت قلمه ان تعرض وطنه الى العدوان ؟ هل يصاب بالخرس إن رأى أحدا ، يعتدي على حقوق الآخرين ويسلبها منهم ، هل يكتفي بالتفرج ان وجد إن إخوته قد تعرضوا للإبادة مثلا؟ هل يكسر قلمه ان كثرت من حوله المظالم وعاش رغم ذلك سعيدا ؟ كيف يمكن للكاتب ان يدع قلمه ساكتا والشرور تتفاقم من حوله باستمرار ، أليس من واجبه ان يعري الظالمين ، وان يبرز أنواع الاستبداد كي يحاربها بالقلم ؟ ان كان غنيا ساكنا في أجمل القصور ، هل يكتفي بغناه ؟ الا يفضح المستغلين السارقين عرق البشر وتعبهم ، ليزدادوا ثروة ، ان تمتع بالصحة ، أليس من واجبه ان يكشف أنواع المرض التي يئن من آلامها الآلاف من أخوته الأعزاء ، ولا يجدون لها دواء ؟ ان كان سعيدا بالحب ، هل تكفيه هذه السعادة ؟ أليس من واجبه ان ينقب عن أسباب تعاسة البشر ، وان الآلاف منهم لم يتذوقوا طعم الحب على أنواعه الأبوي والامومي والأخوي او ذلك الآتي من علاقات الصداقة والفهم المشترك ، ان كان مجتهدا في عمله محبوبا من رؤسائه ،هل ينظر الى نفسه فقط ، متجاهلا آلاف الناس ممن تخرجوا من خيرة الجامعات ولم يجدوا عملا ، فظلوا يجوبون الشوارع بحثا عن فتات تقيهم ألم الجوع ، ان متعه الله بشريك حياة مخلص في السر والعلن ، هل يتفرج على قصص في الخيانة ،تجري على مسرح الحياة ، ويتمتع أبطالها بتقديرنا وحبنا رغم أننا نكرر آلاف المرات أننا لانحب الخيانة ؟ ان كان الكاتب قد كفاه الله الحاجة ، وجعل كتبه تطبع وتوزع في أنحاء العالم ، هل تفرحه نجاحاته ؟أليس من واجبه ان ينظر الى المبدعين في أنحاء الوطن العربي ، يعانون من ضيق اليد ، فتتكدس إبداعاتهم دون ان يجرؤ احدهم على التفكير في طباعتها ؟
دعكم من الكتابة عن همومكم الشخصية أيها السادة ، وانزلوا الى هذا العالم المتناقض ، واعلموا ان الملايين من الناس يعانون من أدواء شتى ، فقدان الحواس الخمس أهونها ، وعيشوا الحياة الواسعة ، بكل ما فيها من أفراح وأتراح ، واعلموا انكم جزء من هذه الحياة التي لاتستقيم الا بالناس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليوم الثاني من قمة مجموعة السبع تركز على التوتر مع الصين


.. حرب شوارع وقصف إسرائيلي بالمروحيات والبوارج على رفح




.. ساري عرابي: نتنياهو يشعر أن تاريخه تلطخ بفشل السابع من أكتوب


.. ما مدى واقعية توصية جيش الاحتلال بإنهاء عملية رفح والتوجه لل




.. الجفاف في المغرب يتسبب بنقص بأعداد الأضاحي