الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول مقولة: الدين لله والوطن للجميع

عاصم بدرالدين

2007 / 12 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حول مقولة "الدين لله والوطن للجميع"

سمير م. أبو شقرا - عاصم بدرالدين
هناك أخطاء لها دور بارز في حياة الإنسان.. بعضها دفع للنجاح وبعضها أدى لكوارث!! فلا ننسى أن اكتشاف أمريكا جاء عن طريق الخطأ..حيث اعتقد ((كولومبس)).. أنه فى طريقه لآسيا لكنه وجد نفسه في النهاية على أرض جديدة.. ومات دون أن يعرف أنها القارة الأمريكية!!

ولا ننسى أن حريق لندن الشهير سنة 1666م كان بسبب خطأ بسيط ارتكبه ((خباز)) بالمدينة !!

وإذا كان فى مصر يحكى أن شخصا اشترى ((الترومواي)) فإنه في باريس حدث أن اشترى شخصا ((برج إيفل)).. عن طريق الخطأ!!

تلك الأخطاء كانت محض عفوية.. أو جاءت عن طريق الصدفة، لكن عندما يصبح تحريفاً لقضية أو قلباً للواقع.. فذلك يستدعي وفقة تأمل.. خصوصاً أن من يستعيده هنا مفكرون ومؤرّخون لهم وزنهم في عالمنا العربي.

لولا أهمية التاريخ والتأريخ لما كان جهد آلاف المؤرخين في البحث عن الحقائق.. ومن هنا يأتي ردنا أو بمعنى أخر توضيحنا لخطأ أصبح شائعاً جداً بين أوساط المثقفين والكتاب العرب.

1- كتب المفكر برهان غليون في مجلة الآداب البيروتية بحثاً بعنوان "من العلمانية إلى العلمنة"، وذلك في العدد 10/11 تشرين الأول (أكتوبر) - تشرين الثاني (نوفمبر) 2007 (وقد نشر البحث لاحقاً في الحوار المتمدن بالعنوان نفسه وفي العدد 2068 بتاريخ 14/10/2007)، وقد أورد الأستاذ برهان في أحد هوامشه الجملة الآتية: "شعار "الدين لله والوطن للجميع" الذي أطلقه سعد زغلول هو المثال الأوضحُ لهذه الصيغة من التعايش بين الدولة والدين كما برزتْ في الثقافة السياسية العربية الحديثة، وهو شعار لا يزال صالحاً إلى اليوم."

(ملاحظة: الهوامش لم تُنشر في الحوار المتمدن ولكن يمكن الاطلاع عليها من عدد مجلة الآداب المذكور أعلاه الصفحة السادسة والعشرين تحديداً).

2- كتب الأستاذ هشام الطوخي مقالاً تحت عنوان "لدي حلم ...!! I have a dream" نشر في الحوار المتمدن ( العدد: 2140 في 25/12/2007)، أما في شفاف الشرق الأوسط فنشر تحت عنوان "من وحي مارتن لوثر كنغ: لدي حلم" (24/12/2007) أورد في مقدمته الآتي: "قبل مائة عام تقريباً، أعلن أحدُ المصريين العِظام، والذي نعيش اليوم فى أرضنا على ما تبقى من ثمار الحرية التي نثر بذورها جيله، أن " الدين لله والوطن للجميع "."(في إشارة منه إلى سعد زغلول).

3- كتب الأستاذ صالح القلاب مقالاً نُشر في جريدة الرأي الأردنية بتاريخ 11/12/2005 تحت عنوان "الدين لله والوطن للجميع!" أردف في أخره الآتي: "«الدين لله والوطن للجميع».. هذا الشعار رفعه القائد القبطي الكبير مكرم عبيد في ذروة مواجهة المصريين للاستعمار البريطاني والآن فعلى أهل مصر وأهل الأردن وفلسطين ولبنان وسوريا والعراق ان يكون شعارهم، بينما مــرض الطائفية والتـمذهب بدأ يستشري على هذا النحو: «الدين لله والوطن للجميع»." (يمكن الإطلاع على المقالة من أرشيف الكاتب الموجود في الموقع الإلكتروني للصحيفة).

4- كتب الشهيد سمير قصير في كتابه "تاريخ بيروت" الصادر عن دار النهار عام 2006 (الطبعة الأولى) وتحديداً في الصفحة 189 الأتي:"(....)وبين اليازجي الأب واليازجي الأبن إمتد أثر بطرس البستاني،رائد الوطنية الوطنية العربية السورية وموسوعي النهضة الذي أطلق عليه لقب المعلم.وكان هو أيضاً لغوياً ومعجمياً ومربياً وصحافياً.وكان الحدث الذي شكل إنعطافة في حياته مشابهاً لما حدث مع اليازجي،وهو لقاؤه بالإرسالية الأميركية في بيروت حيث علّم العربية.

اشترك في ترجمة الكتاب المقدس وشغلته أيضاً إهتمامات أخرى دنيوية للغاية؛ واستطاع أن يحتفظ باستقلاله الذاتي حيال المرسلين مع أنه إعتنق البروتستانتية.إبان الحرب الأهلية التي إندلعت عام 1860، ترجم كتاب روبنسون كروزو إلى العربية ثم أصدر مجلة بين أيلول/ سبتمبر 1860 ونيسان / إبريل 1861 بعنوان نفير سوريا.

وفي 1870، أصدر مجلة ذات طابع موسوعي تدعى الجنان ثم صحيفة يومية: الجنة وكان يحررها أبنه سليم، ومجلة أسبوعية الجنينة، عهد بها إلى قريبه سليمان وهو المترجم العتيد للإلياذة والوزير العتيد في إسطنبول. وفي غضون ذلك، افتتح بطرس البستاني في 1863 مدرسة للتعليم العام وأرادها أن تجّسد ليس فقط تنوع المعارف والدروس (في العربية والتركية والإنكليزية والإغريقية واللاتينية...) بل أيضاً إرادة العيش المشترك التي كان يدعو إليها.

كانت مدرسته أول مؤسسة علمانية تربوية في الشرق وأطلق عليها اسم المدرسة الوطنية، تعبيراً عن المبادئ التي يؤمن بها. ولكن عملها الأبرز يبقى موسوعة دائرة المعارف بأجزائها الستة والتي عمل عليها بين 1870 و 1882،ثم أضاف إليها خلفاه بعد موته سليم وسليمان خمسة أجزاء أخرى. ولا ننسى أيضاً القاموس المهم الذي وضعه وهو محيط المحيط. لكن ما خلّد البستاني ليس عمله الموسوعي بل جملة بسيطة جعلها شعاراَ له في أعلى صحيفته نفير سوريا وهي :"الدين لله والوطن للجميع"."

في مراجعة بسيطة لبعض التواريخ الواردة في الإقتباسات المشار إليها أعلاه:

ولد سعد زغلول عام 1859 وتوفي عام 1927 (حسب اليوكيبديا).
ولد مكرم عبيد عام 1889 وتوفي في عام عام 1961 (حسب الهيئة العام للإستعلامات المصرية).

ولد بطرس البستاني عام 1819 وتوفي عام 1883 (حسب اليوكيبديا)، وقد أصدر مجلة "نفير سوريا" في أيلول 1860 وتوقفت عن الصدور في نيسان عام 1861 وأتخذت من مقولة "الدين لله والوطن للجميع" شعاراً لها وضعته في أعلى الصحيفة (حسب سمير قصير).

وفي عام 1860 تاريخ صدور المجلة كان سعد زغلول يبلغ من العمر سنة واحدة (!) أما مكرم عبيد فلم يكن قد وُلد بعد...

إذاً مقولة "الدين لله والوطن للجميع" تعود إلى المعلم بطرس البستاني وقد قيلت عام 1860 على أبعد تقدير،وقد إقتبسها منه سعد زغلول لاحقاً،أما فيما يتعلق بمكرم عبيد، فقد يكون الأستاذ صالح القلاب قد تاه بين مقولة "الدين لله والوطن للجميع" ومقولة "اللهم يا رب المسلمين والنصارى اجعلنا نحن المسلمين لك وللوطن أنصاراً، واجعلنا نحن نصارى لك، وللوطن مسلمين" التي أشتهر بها عبيد.

وعطفاً على المقدمة،ليس الهدف من هذا الرد/البحث، تسجيل نقاط،إنما توضيح مقولة خالدة في الذاكرة العربية نظراً لبعدها.. لذلك من حق قائلها، حتى بعد وفاته، أن يأخذ حقه...

شكراً

المركز اللبناني العربي للأبحاث

ٍ سمير م. أبو شقرا - عاصم بدرالدين

LARC - المركز اللبناني العربي للأبحاث

http://leb4all.yix.org











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah