الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معارك الأهوار ( معارك هور الغموكة ) الحلقة الأولى

عبدالحسين الساعدي

2008 / 1 / 3
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


لقد شكلت الردة السوداء التي حلت في العراق منذ التآمر والغدر بقيادة الحكم الجمهوري الأول عام ألف وتسعمائة وثلاثة وستين ، ووأد ثورة تموز المجيدة ، المقدمة الحقيقية التي سبقت ومهدت لمجيء حزب البعث وصعوده الى السلطة ، فقد كانت مرحلة الأخوين عبدالسلام وعبدالرحمن محمد عارف وأزلام هذين العدين من أسوأ المراحل التي مر بها العراق ، حيث فتح الباب على مصراعيه أمام القوى الأقليمية والعالمية للتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد ، مما سبب في غياب الهوية الوطنية ، وتشديد الخناق ومحاربة القوى الوطنية والقومية التقدمية ، فقد أجهزت السلطة القمعية على القوى الثورية والديمقراطية الفاعلة على الساحة السياسية ، فضلاً عما كانت تقوم به من أعمال عدوانية عسكرية ضد الحركة القومية الكوردية في كوردستان العراق .
لذا فقد حاول اليسار العراقي الى جانب القوى الوطنية والديمقراطية الأخرى من ( توأمة ) النضال الوطني والديمقراطي مع النضال التحرري المشروع للحركة القومية الكوردية التي كانت تقود النضال المسلح ضد المشروع القومي الشوفيني للسلطة الحاكمة ، وقد تجسد ذلك من خلال الشعار الوطني المطروخ آنذاك ( الديمقراطية للعراق ...والحكم الذاتي الحقيقي لكوردستان ) ، والذي شكل بحق مطلب الشعب العراقي بعربه وكورده ، لقد حاولت القوى الثورية الأستفادة من التجربة الثورية المسلحة في كوردستان العراق والعمل على ( تعريقها ) ونقلها الى مناطق أخرى من العراق ، لا سيما في أهوار الجنوب ، وتمت فعلاً دراسة المنطقة وإمكانية العمل المسلح هناك ، وأعتماداً على الجماهير الفلاحية المسحوقة من أبناء تلك المناطق ، الذين كانوا يرزحون تحت نير الأقطاع الذي عاد لينتعش من جديد إبان فترة الحكم العارفي .
أنتفض فلاحو منطقة ( الغموكة ) العائدة لناحية ( الدواية ) من قضاء ( الشطرة ) في محافظة ( ذي قار) وتحديداً في هور أبو عجول وهو العوينة ، وبدأوا بمقاومة السلطة والأقطاع ( الذي يحاول أقتناص الفرصة ليلعب من جديد دور السند للسلطة الدكتاتورية ) على حد سواء ، وذلك بقيادة اليسار العراقي المتمثل بالحزب الشيوعي العراقي بقيادة عزيز محمد ، والجناح المنشق عنه المسمى الحزب الشيوعي / القيادة المركزية بقيادة عزيز الحاج (رمزي ) ، وللفترة الممتدة من بداية عام ألف وتسعمائة وسبعة وستين ، وحتى نهاية عام ألف وتسعمائة وثمانية وستين عند مجيء البعث الى السلطة حيث أجهز على آخر معاقل الثوار ، وشهدت هذه الفترة جملة من المعارك الخاطفة والناجحة مع القوات الحكومية بالرغم من التفاوت الشاسع والكبير بين القوتين من حيث العدة والعدد ، وشكلت المعارك الخاطفة السريعة التي خطط لها وأدار بعضها الشهيد المهندس خالد أحمد زكي الكوردي الأصل علامة بارزة في جملة المعارك التي دارت هناك .
لقد حمل المناضلون أحلام شعبهم في الخلاص من ليل الدكتاتورية والحكم العسكراتي العارفي ومن ثم الحكم البعثي في حدقات أعينهم ، فقد جمعهم هذا الهدف بالرغم من الأختلاف فيما بينهم من حيث مناطق سكناهم وتباينهم الطبقي ، وقد آثروا حياة القساوة والتحمل والصبر والتضحية بالنفس على العيش الرغيد ، فقد هجروا مدنهم وحياة الترف والبحبوحة التي كان بعضهم ينعم بها لا سيما الشهيد خالد أحمد زكي الذي ترك ماكان ينعم به من لذةالعيش في لندن حيث كان يعمل الى جانب الفيلسوف ( برتوراند رسل ) ، فضلاً عن الآخرين أمثال الشاعر مظفر النواب وأمين خيون وعقيل حبش ومحسن حواس وسيد جاسم ( أبو فائق ) وحمد أعطية الذي قالت أمه للأمن ( أكص ثداياي إذا حمد سجل بعثي ) ، وهيفاء زنكنة وكريم مزهر وتحسين أل نايف ولفتة طلب ، والمئات غيرهم ، وبالرغم من قمع الأنتفاضة من قبل سلطة البعث إلا أن جذوتها ظلت مستعرة في نفوس الثوار والوطنيين ، فضلاً عما كانت تشكله من إلهام للشعراء والأدباء أنعكس في نتاجهم الأدبي وهم يسعون جميعاً لبناء عراق خال من الظلم والأضطهاد .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طائرات بوينغ: لماذا هذه السلسلة من الحوادث؟ • فرانس 24 / FRA


.. رفح.. موجات نزوح جديدة وتحذيرات من توقف المساعدات | #غرفة_ال




.. جدل الرصيف الأميركي العائم في غزة | #غرفة_الأخبار


.. طلاب فرنسيون يطالبون بالإفراج عن زميلهم الذي اعتقلته الشرطة




.. كتائب القسام تقصف مدينة بئر السبع برشقة صاروخية